سيكولوجية الفاسد

نشر في 06-11-2020
آخر تحديث 06-11-2020 | 00:02
 د.عدنان العنزي لا يختلف اثنان أن السبب الرئيس وراء فساد الفاسد هو الطمع والجشع، ولكن في مقالي هذا أبحث عن تبريرات الفاسد لنفسه، وما هو عذره لكي يتقبل ذاته كفاسد، فقد قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن".

فكل إنسان مسلم مهما كانت درجة تدينه، لا يقر بالمعصية دون أن يصاحبها تبرير يرضيه ويعتمد عليه في تصرفاته غير الأخلاقية، فالفاسدون في نظري تندرج مبرراتهم تحت أربع فئات: أصحاب أول فئة ينظرون إلى الموضوع على أنه حق مشروع لهم وامتياز لا يحق لأحد محاسبتهم عليه، والثانية ينطلق منتموها من مبدأ "التجارة شطارة" وكل فرد اكتسب شيئاً فهو له ويستحقه، أما الفئة الثالثة فتعمم الفساد وتعتقد أن كل الأفراد فاسدون لو أتيحت لهم الفرصة، والمقولة المشهورة "كلنا فاسدون... ولا أستثني أحداً" هي أفضل مبرراتهم، أما الفئة الأخيرة فهم الأتباع الذين يطيعون الأوامر، والمبدأ لديهم هو إذا لم أكن أنا المنفذ فالمؤكد غيري سينفذ ويستفيد، فلماذا لا نستفيد نحن، حتى يأتيهم اليقين: "وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ".

النوع الأول أشدهم خطورة ولا يمكن ردعهم وإيقاف انتهاكاتهم المتكررة بسبب نظرتهم للموضوع على أنه حق لهم كحق اليهود المزعوم في فلسطين يجب الحفاظ عليه والدفاع عنه.

وذوو الفئات السابقة لو وجدوا رادعاً يمنعهم ورقابة صارمة حيادية وتطبق القانون على الجميع لأصبحوا صالحين رغماً عنهم، ولكن "من أمن العقوبة أساء الأدب"، وصدق من قال:

إنَّ الفَسَادَ بِأَرْضِ قَومِي مِهْنَةٌ أَضْحَتْ تَزَاوَلُ فِي الضُّحَى وَتُعَلَّمُ

تَلْقَى مِن التَّقْدِيرِ مَـا يَعْلُو بِهَا مِمَّن قَد امْتَهَنُوا المَجَـــالَ فَعُظِّمُوا

قُدُرَاتُهُمْ تَحْمِي حِمَـاهُمْ يَقْظَةً وَطَرَيْقــــــــــَةً تَخْفَى عَلَى مَـنْ يَحْـلـــُمُ

يَا وَيْلَ مَنْ يَسْعَى إِلَى إِيْقَاعِهمْ يومـــــــاً وَمَن لِوقُوعِـهِـــمْ يَتَوَّهُــــــــــمُ.

back to top