منافسة شرسة بين ترامب وبايدن والفرز قد يطول

الرئيس الجمهوري يشكك بالعد ومنافسه الديمقراطي يحذره من هزيمة مذلّة في المحكمة العليا

نشر في 05-11-2020
آخر تحديث 05-11-2020 | 00:05
في ظل حالة متبادلة من الثقة بين فريقي الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومنافسه الديمقراطي جو بايدن في انتزاع الفوز بالسباق إلى البيت البيض، لم تكشف النتائج الأولية لانتخابات الرئاسة، خصوصاً في ولايات "الجدار الأزرق" الثلاث، عن فارق قد يكون حاسماً لأي منهما، مع تواصل عمليات فرز الأصوات في سباق متقارب، على نحو غير مسبوق.
للمرة الأولى منذ عام 2000، استفاق الأميركيون أمس من دون أن يعرفوا هوية الرئيس المقبل، بعد اقتراع شهد نسبة مشاركة قياسية وسط استمرار فرز الأصوات في 7 ولايات أساسية، غير أن ذلك لم يمنع الرئيس دونالد ترامب من اعتبار نفسه فائزا في مواجهة جو بايدن.

وشهدت هذه الانتخابات أكبر نسبة مشاركة منذ السماح للنساء بالتصويت، فقد أدلى 160 مليون اميركي بأصواتهم مع تقدير نسبة المشاركة بـ66.9% مقابل 59.2% في عام 2016، بحسب "يو أس إيليكشنز بورجيكت".

ووجدت الكثير من الولايات نفسها أمام كم هائل من بطاقات الاقتراع عبر البريد، وقد يستغرق فتح المظاريف ومسح البطاقات بالسكانر أياما عدة في بعض المدن.

وقال آل شميد المسؤول في مدينة فيلادلفيا التي تعتبر معقلا للديمقراطيين في ولاية بنسيلفانيا الأساسية لمحطة "سي ان ان": "إذا تواصلت الوتيرة نفسها فسنتوصل إلى النتائج كاملة في اليومين المقبلين".

وقد قام المرشحان بتصريحين مقتضبين خلال الليل؛ فقرابة الساعة 02.20 فجرا، أدلى الرئيس الأميركي من البيت الأبيض بتصريح مبهم هدد فيه باللجوء إلى المحكمة العليا لوقف فرز الأصوات.

وقال ترامب: "صراحة، لقد فزنا بالانتخابات" لكنه تحدث لاحقا عن عملية "تزوير" من دون أن يعرض أي دليل ملموس، مضيفاً: "سنلجأ إلى المحكمة العليا ونريد وقف فرز الأصوات".

واستدعى ذلك ردا من معسكر بايدن الذي اعتبر كلام الرئيس الجمهوري "فاضحا" و"غير مسبوق".

وقال فريق حملة المرشح الديمقراطي: "إنها محاولة متعمدة لحرمان المواطنين الأميركيين من حقوقهم الديمقراطية" مؤكدا أنه مستعد "لمعركة" قضائية" في حال لجأ ترامب الى المحكمة العليا.

وقال الجمهوري كريس كريستي المدعي العام الفدرالي السابق الذي اسدى النصح لترامب تحضيرا للمناظرات الرئاسية: "هذه الحجة لا أساس لها بتاتا".

وأعرب جو بايدن، في المقابل، عن تفاؤله، مشددا على أنه في طريق الفوز، داعيا الأميركيين إلى الصبر. وقال أمام أنصاره في معقله ويلمينغتون في ولاية ديلاوير: "حافظوا على إيمانكم... سنفوز!"

ويخيم شبح عدم اليقين لأيام طويلة ومعارك قضائية محتدمة، حاليا على أكبر قوة في العالم تشهد أساسا أزمات صحية واقتصادية واجتماعية كبرى.

وباتت هوية الرئيس المقبل الذي سيحلف اليمين الدستورية في 20 يناير، رهنا بنتائج عدة ولايات أساسية.

وهذا السيناريو أكثر تعقيدا من عام 2000 عندما كانت النتيجة رهنا بولاية فلوريدا وحدها، وفي تلك الفترة، تدخلت المحكمة العليا بعد أكثر من شهر على الانتخابات لوضع حد لإجراءات إعادة فرز الأصوات واحتسابها والبت لمصلحة الجمهوري جورج دبليو بوش.

لكن الشيء المؤكد أن المد الديمقراطي الذي كان يأمل به البعض في معسكر بايدن لتسجيل انتصارات تاريخية في كارولاينا الشمالية او تكساس، لم يتحقق.

فقد احتفظ الرئيس الجمهوري بفلوريدا التي سبق وفاز فيها عام 2016 مكذبا نتائج استطلاعات الرأي، كما كسب أوهايو التي فاز فيها منذ عام 1964 كل المرشحين الذين وصلوا الى الرئاسة، وظفر أيضا بتكساس المعقل الجمهوري الذي كان يبدو في أحد الأوقات مهددا.

لكن الطريق للفوز بولاية ثانية يبقى صعبا، فلا يزال يتعين عليه الفوز بالقسم الأكبر من الولايات الأساسية الأخرى التي ساهمت في فوزه المفاجئ عام 2016.

وفي النظام الأميركي، يُنتخب الرئيس الأميركي الاقتراع العام غير المباشر أي يقوم الناخبون في كل ولاية باختيار ناخبين كبار. ويحتاج المرشح إلى 270 صوتا من أصوات كبار الناخبين للفوز في الانتخابات الرئاسية الأميركية من أصل 538.

وحتى الآن نال ترامب 213 ناخبا كبيرا، متأخرا بشكل طفيف عن بايدن (238).

وأمام بايدن سيناريوهات مختلفة لتحقيق النصر، وقد فاز المرشح الديمقراطي في أريزونا، المعقل السابق للمحافظين، وأول ولاية تنتقل من معسكر الى آخر في هذه الانتخابات مقارنة بعام 2016.

وطريق بايدن إلى البيت الأبيض يمر عبر الشمال الصناعي للبلاد. ولا يزال عليه الفوز بولايتين على الأقل من الولايات الثلاث المتنازع عليها في الشمال الصناعي "بنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن" التي سبق أن فاز فيها الملياردير الأميركي قبل أربع سنوات.

لكن في هذه الولايات قد يستمر فرز الأصوات حتى الأربعاء (أمس) أو لعدة أيام بسبب المستوى القياسي للتصويت عبر البريد خصوصاً.

في الشمال الصناعي (ويسكونسن وميشيغان) راح الفارق بين ترامب وبايدن يتقلص مع ورود بطاقات الاقتراع عبر البريد.

وفي هذه الولايات فضلاً عن بنسلفانيا، يتوقع محللون أن تكون أغلبية البطاقات التي لم تفرز بعد عائدة إلى المرشح الديمقراطي.

وفي بنسلفانيا، كان ترامب متقدماً أمس بحوالي 700 ألف صوت لكن لا تزال 1.4 مليون بطاقة اقتراع مرسلة بالبريد غير مفرزة بعد. وقد حاز بايدن حتى الآن بنسبة 78 في المئة من الأصوات عبر البريد.

ويريد ترامب اللجوء إلى المحكمة العليا بهذا الشأن خصوصاً.

فقبل موعد الانتخابات رفعت إلى المحكمة العليا عدة شكاوى حول التصويت عبر البريد. وطلب منها الجمهوريون في بنسلفانيا منع احتساب البطاقات التي ترسل في البريد قبل مساء الثلاثاء (أمس الأول) لكنها تصل في الأيام الثلاثة التي تلي موعد الانتخابات.

ورفضت أعلى محكمة في البلاد البت بهذه الشكوى على عجالة، لكن في حال كانت النتيجة متقاربة جداً، عليها أن تبحث في جوهر القضية وأن تقول ما إذا كان ينبغي احتساب البطاقات التي ترد بين يومي الأربعاء والجمعة من عدمه.

طريقة سحرية

وسعى ترامب أمس، إلى إثارة الشكوك حيال عمليات فرز الأصوات متحدثاُ عن تزوير من دون تقديم أي دليل. وكتب في تغريدة "مساء أمس كنت متقدماً في كثير من الولايات الرئيسية" مضيفاً "بعد ذلك، بدأت الواحدة تلو الأخرى تختفي بطريقة سحرية مع ظهور بطاقات انتخابية مفاجئة واحتسابها".

والبطاقات التي يتحدث عنها الرئيس هي تلك التي وصلت عبر البريد ومن الممكن أن تستمرّ عملية فرزها أياماً عدة في بعض الولايات. وأثناء الليل، تسبب تعداد هذه البطاقات بتراجع ترامب في ميشيغان وويسكونسن، وهما ولايتان رئيسيتان تعتمد نتيجة الانتخابات على أصواتهما. ويهدد هذا التعداد أيضاً تقدّمه في ولاية بنسلفانيا في الأيام المقبلة.

وأشار أيضاً إلى أن منظمي استطلاعات الرأي أخطأوا في هذه الانتخابات بشكل "تاريخي".

وبعد وقت قصير، تعهّد خصمه المرشح الديموقراطي جو بايدن في تغريدة أيضاً بأن حملته "لن يهدأ لها بال حتى احتساب كل صوت".

وحاول كل من فريقي الحملتين إقناع الرأي العام بأن مرشحه سيفوز بالانتخابات، خلال اتصالات هاتفية مع الصحافة.

هزيمة شرسة

وأعلن مستشار في حملة بايدن أنّ ترامب قد يواجه "هزيمة محرجة" في حال لجأ إلى المحكمة العليا قبل انتهاء فرز الاصوات في الانتخابات الرئاسية.

وقال القاضي السابق بون بووير "قد يواجه واحدة من أكثر الهزائم المحرجة لرئيس أمام أعلى محكمة في البلاد" في حال طلب عدم احتساب بطاقات اقتراع فرزت بعد موعد الاقتراع.

back to top