مصطفى عطية : المعرفة النقدية أساس التواصل بين المبدع والناقد

أكد أن المشهد الثقافي في الخليج العربي ثري ونشيط

نشر في 04-11-2020
آخر تحديث 04-11-2020 | 00:02
شكلت تجربة المفكر والأديب مصطفى عطية حالة فريدة ومتميزة بين الإبداع الأدبي والبحثي، إذ وزع اهتماماته على العديد من المجالات: القصة، والرواية، والمسرح، وأدب الطفل، والنقد الأدبي، والحضارة الإسلامية، وأصدر 35 كتاباً، ولديه أكثر من 15 كتاباً تحت الطبع.
وفي حواره مع «الجريدة» أكد عطية أن إقامته الطويلة بالكويت ساهمت في ولوجه عالم الأدب، إذ أنجز معظم إنتاجه الإبداعي والنقدي والفكري بها، مضيفا أنه امتلك الكثير من الرؤى التي راكمتها الخبرة والتأمل عبر مسيرته الإبداعية، كما أنه ارتبط بالنقد الأدبي حباً فيه ثم تخصصاً، وإلى تفاصيل الحوار:
• بين الإبداع والعمل البحثي مسيرة متنوعة فهل تحدثنا عنها؟

- ولُدتُ في مدينة الفيوم، جنوب القاهرة، وفيها محل إقامتي، وإن كنت واصلت دراساتي العليا في القاهرة، كما أنني أقيم في الكويت منذ أكثر من ربع قرن، حيث أعمل وأعيش فيها، وفي الكويت أنجزت معظم إنتاجي الإبداعي والنقدي والفكري، وأصدرت 35 كتاباً، منوعة ما بين الإبداع (القصة والرواية والمسرح وأدب الطفل)، والنقد الأدبي، والفكر الإسلامي، والحضارة الإسلامية، وعندي أكثر من 15 كتاباً تحت الطبع.

أما عن ذاتي، فأنا أديب في الأساس، كاتب للقصص، ومن خلال عشقي للأدب عامة، ولجت مجالات عديدة ،إذا تلاقت بتكويني الأساسي، فكتبت القصة والرواية، والمسرحية، وأيضاً أدب الطفل، ثم ولجت عالم النقد الأدبي حباً فيه ثم تخصصاً، إذ حصلت على الدكتوراه في النقد الأدبي، وترقيت في تخصصي فحصلت على الأستاذية، بجانب دراسات مواصلة دراساتي العليا في الإسلاميات إذ حصلت على دبلوم الدراسات العليا من معهد الدراسات الإسلامية بالقاهرة، وأيضاً درست في دار القرآن الكريم بالكويت أربع سنوات، ثم سنتين في معهد الدراسات الإسلامية، وهو بمنزلة دراسات عليا نوعية أيضاً في الكويت.

وعندي كتب عديدة في مجالات الفكر الإسلامي تقترب من عشر كتب، كما كتبت بحوثاً في المجالات الفكرية، كذلك في ميدان الدراسات الحضارية. فيمكن أن تلخّصني في عبارة واحدة إنني أديب مبدع، ثم صرت ناقداً، وتعمقت باحثاً في الفكر الإسلاميات، والحضارة، وقضاياهما، والأهم عندي أنني أبحرت في هذه المجالات في خطوط متوازية، دون أن يطغى مجال على آخر، ولا أخذني أحدها بعيداً عن الآخر.

حديث الساعة

• في كتابك "وسطية الإسلام في حياتنا الفكرية "والذي صدر حديثًا؛ خلصت فيه إلى أن "هناك أموراً تتعلق بالخطاب الديني الراهن ماهي؟

- يطرح هذا الكتاب رؤية تتمحور حول: أهمية النهج الوسطي، والفهم الصحيح للإسلام في تجديد قضايا الفكر الإسلامي، واتصالها بأمور الواقع المعاصر، في ضوء الأفكار المطالبة بتجديد الخطاب الإسلامي، ومعالجته لمستجدات فكرية، واجتماعية، وثقافية، وسلوكية تظهر كل يوم، وهو دون شك حديث الساعة في الأمة كلها، وكل من له شأن يدلي بدلوه فيه من منظوره ورؤيته، وفي ضوء ثقافته، ووفق علاقته، وتماسه مع هؤلاء الأفراد، وما بين الغلو والتفريط، تظل الوسطية هي الغالبة على عموم الناس، لأن المجتمعات بفطرتها تميل إلى الموقف الوسطي وتنحو إلى الاعتدال.

انغلاق ثقافي

• يرى البعض أننا نمر بمرحلة من الإنغلاق الثقافي، إذ نواجه ثقافة متصلبة لا تنافس تحديات المستقبل والحاضر، مارأيك فى ذلك؟

- لا يوجد إنغلاق ثقافي في العالم العربي، بل هناك انفتاح إلى أقصى مدى، عبر شبكة الإنترنت والقنوات الفضائية، وإنما هناك أفكار وتيارات تتماوج، لكن صداها في التغيير الواقعي قليل، وهذا عائد إلى أسباب عديدة، منها البيروقراطية في المؤسسات، وتصارع الجيل القديم مع الجديد، وأن الأفكار ذاتها يؤمن بها قلة، وليست كثرة، فيظل تأثيرها محدوداً.

ظلال وأصداء

• ما الرؤى النقدية التي خلصت إليها في كتابكم النقدي "الظلال والأصداء: مقاربات نقدية في الشعر والقصة"؟

- أكدنا في هذا الكتاب أهمية الناقد المنهجي الذي يتفهم العمل، وينصفه، ويقوّمه بغض النظر عن قناعاته الفكرية، والجمالية، والفلسفية، فقد شهدنا في عقود ماضية تسيّد فئة من نقاد الواقعية الاشتراكية، الذين قاسوا كل عمل بمدى ارتباطه بمشكلات الطبقة العاملة، وقضايا الفقراء، والتبشير بالبطل، وبحتمية الحل الاشتراكي، ووضعوا في سبيل ذلك شروطاً ومقاييس فنية. والأمر نفسه كان معيار الحداثيين، إذ أشاع بعض منتسبيهم أن مذهبهم هو الخاتم في المذاهب الأدبية، وصار الاقتراب من الحداثة أو التنائي عنها معيار التجديد الشعري، علماً أنهم استقبلوا هذا المذهب بعدما خبا نوره في الغرب، وكانت مراجعات ما بعد الحداثة ونظرياتها تتحاور على الساحة الثقافية والفلسفية الغربية وتوجه أشد أسهمها بالحداثة.

•... وماهو الناقد المنهجي؟

- الناقد المنهجي هو الذي ينقذنا من التخبط بين الواقعية والحداثة، ويقوم على المعرفة المتبادلة بين الناقد والمبدع ومانعنيه أن المبدع غير مثقف نقدياً، على رغم أنه مهموم بالنقد وفي أشد الحاجة إليه، والثقافة النقدية تعني: معرفته بأسس النقد ومقاييسه ومذاهبه وطرائقه ومدارسه، ونقصد بالمعرفة أنها الدرجة الأولى من التلقي النقدي،

حتى يكون قادراً على فهم الناقد، والوعي بالمصطلحات النقدية المذكورة فلا يكون الناقد المنهجي في واد، والمبدع في واد آخر، ويغيب الاتصال الحي بينهما، والمعرفة النقدية أساس هذا الاتصال.

ثراء ثقافي

• من خلال عملكم في جامعات الخليج... كيف ترى خصوصية المشهد الثقافي في الخليج؟

- المشهد الثقافي ثري ونشيط في الخليج العربي عموماً، مع تتابع أجيال المبدعين، في شتى أشكال الإبداع الأدب والسينما والمسرح والفن التشكيلي، بجانب وجود مجلات ثقافية واسعة الانتشار، إضافة إلى سلاسل الكتب، ودعم الدولة للمبدعين، فأضحت دول الخليج منتجة للإبداع محلياً، وراعية للمبدعين العرب خارجياً.

المستوى الاجتماعي

• تمكث بالكويت منذ فترة من الزمن، إلى أي مدى أثرت البيئة الكويتية فيما تكتب؟ وماذا حققت لكم من إضافات؟

- قضيت في الكويت أعواماً ممتدة، وأجزم أن أغلب إنتاجي الأدبي والنقدي والفكري تم خلال مكوثي في الكويت، لما فيها من أجواء هادئة، بجانب امتزاجي بالمجتمع الكويتي بشكل كبير على المستوى الاجتماعي والثقافي والإبداعي، وهو ما أثّر في أفكاري، وانعكس على كثير مما كتبت في القصة والرواية، وكذلك في أدب الطفل.

الرواية الإفريقية

• نلتم جائزة الطيب صالح العالمية بالخرطوم، في النقد الأدبي عن كتابكم الذي يتناول الرواية الإفريقية وأدب ما بعد الاستعمار، نود إلقاء الضوء على ماهية أدب ما بعد الاستعمار، وأبرز قضاياه وتشابكاته الثقافية واللغوية؟

- كّل أدب ما بعد الاستعمار يمثل وجها من أوجه رصد الفترة التاريخية التي أعقبت جلاء الإحتلال الغربي، ويتقاطع في أدب ما بعد الاستعمار مفهومان أساسيان: المفهوم الأول هو" مفهوم الهيمنة"، وكان أول من استخدمه فلسفياً الفيلسوف الإيطالي" أنطونيو غرامشي"، وفسّره بأنه محاولة ناجحة لتفسير قدرة السلطة الدائمة على تشكيل مفهوم الذاتي، والقيم، والأنظمة السياسية، وشخصيات الشعب ككل، حتى بعد فترة طويلة من زوال المصدر الخارجي لتلك السلطة.

ويقابل مفهومَ الهيمنة المفهومُ الثاني وهو"التهجين" والمستمد من حقل علم الوراثة، ويعني الاختلاط بين جنس وآخر، لكن دلالته تحورت في دراسات ما بعد الكولونيالية إلى عملية اختلاط الثقافات وتمازجها من تفكيك المركزية الأوروبية، وتجاوز الفكر والذات الاستعلائية.

مشاريع مستقبلية

• ما مشاريعكم المستقبلية في حقل الكتابة والتأليف؟

- عندي مشاريع كثيرة، لإنجاز كتب في الرواية والقصة القصيرة وأدب الطفل، بجانب دراسات نقدية في الشعر والسرد، وأيضاً مشروع كبير في الدراسات الحضارية الإسلامية، حيث أعد لموسوعة كبيرة تقرأ الحضارة الإسلامية بزوايا مختلفة وجديدة.

أصدر أخيراً كتابه «وسطية الإسلام في حياتنا الفكرية»

العالم العربي يشهد انفتاحاً ثقافياً إلى أقصى مدى
back to top