نافذة المعرفة النفطية: قصة أقرب إلى الحقيقة

نشر في 02-11-2020
آخر تحديث 02-11-2020 | 00:30
 أحمد راشد العربيد مطلق وثنيان ومعصومة... ثلاثة من الكويتيين الذين عاشوا حقبة النفط من الخمسينيات حتى نهاية التسعينيات، كانوا يعملون لتكون الكويت في طليعة الدول النفطية بالعالم، وكانوا يتلقون التشجيع والنصح والإرشاد لبلادهم الكويت من العم برقان، ويلهمهم لعطاء أكثر.

في اليوم الأول من العمل لمطلق اندلع حريق في حقل العم برقان، وبالتحديد في بئر برقان 1، واشتعلت النار التي كاد مطلق أن يموت فيها. ولكن، أنقذه مهندس إنكليزي الجنسية قائلاً: هذا هو الساحر ذو الألف أعجوبة وأعجوبة.

عكف مطلق وثنيان ومعصومة مجتهدين بحثاً عن بعض هذه الأعاجيب، ليتجاذبوا الحديث عنها بين الفينة والأخرى، رأوا بأم أعينهم أن الحريق تحول إلى دخان وخرجت منه سوائل متعددة الألوان.

كان المهندس الإنكليزي يعرف أسرار هذا الساحر المارد، وكانت معصومة تسهب في الحديث عن هذه الأعاجيب وتحدث الحريم عنها بعد الدوام بكثرة، وكان الكويتيون الثلاثة يتعلمون الجديد كل يوم من الأيام، وبدأوا جميعاً باكتساب الخبرة من الأعاجيب، حتى عرفوا كيف يتم إنتاج النفط ومشتقاته، وكيف يتم التكرير في المصافي، حتى تمكن الكويتيون من صناعات النفط وتسابقوا في كل بقاع العالم، وغدت الكويت بلداً نفطياً يملك صناعات نفطية على أرضه وخارجها، مما جعل الإعلام الغربي والشرقي يعتبرها عاصمة النفط في العالم. وتطورت الصناعة النفطية في العالم واستخدمت تقنيات حديثة زادت في إنتاج العالم بشكل مضاعف، بفضل علم وتقنيات ما يسمى بعلم النانو، وهو أحد مشاريع مبادرتنا الذي يسرع من تطور الاقتصاد الوطني؛ "براحة النانو مصدر دخل رديف".

هذه الأعجوبة تفتح جيلاً جديداً من التحدى والفكر لأبناء الكويت لاستخراج صناعات حديثة من هذا المارد صديقة للبيئة ومطابقة لما يحتاج إليه الإنسان في العصر الجديد.

نشأ علم النانو في الخمسينيات من القرن الماضي وتطور بشكل سريع، في غضون الأربعين عاماً الماضية، ويقوم هذا العلم على فكرة تصغير مكونات المواد وإعادة تنظيمها ودمجها بغيرها من مواد، بما ينتج عنه مواد جديدة ذات خواص وقدرات جديدة فائقة لا تتوافر للمواد الأولية.

تبنت مبادرة "الكويت عاصمة النفط في العالم" تأسيس مركز صناعي عملاق يقوم على تصنيع المنتجات النانوية المبتكرة، من أجل دعم الصناعات الوطنية بمنتجات متميزة تحقق قيمة عالية مضافة، وتشكل مصدراً رديفاً للنفط.

تعتبر المواد المتراكبة القائمة على تكنولوجيا النانو أحد أهم المخرجات المتميزة والفريدة التي تهدف إلى تخليق مواد جديدة يتم توظيفها في حل العديد من المشاكل الراهنة في قطاعات الصناعات الرئيسية، ومن بينها الصناعات النفطية.

تعتبر ذرة الكربون إحدى الذرات المكونة لهذا الكون، وهي الذرة القابلة للتلاحم مع كل الذرات والاندماج معها لتشكيل مواد أخرى. ذرة الكربون هي الذرة الرئيسية في تركيب النفط، ولهذا يطلق عليها العلماء اسم أميرة الذرات.

وحيث إن الكويت حباها الله بمخزون نفطي كبير، وإن هذا المخزون هو مادة النفط التي تكون إحدى ذراته؛ فإن الكويت سوف تنعم بحياة الرغد والرفاهية لأجل غير مسمى.

ولما أدركنا نحن المبادرين في مبادرة "الكويت عاصمة النفط في العالم" ما أنعم الله علينا من ثروات طبيعية تكون رديفاً لثروتنا الأولى، اتفقنا على تأسيس مشروعنا الأول ليكون كما يلي:

يتم تدعيم معهد الكويت للأبحاث العلمية ليكون مركزاً بحثياً/ صناعياً ضخماً تتفرع منه معامل أبحاث متنوعة ويضم العديد من الصناعات الضخمة والمتطورة القائمة على تقنيات النانو المتقدمة، وذلك في مجالات منها على سبيل المثال لا الحصر: قطاع الطب والدواء، قطاع الطاقة، قطاع إنتاج مواد البناء والمواد الإنشائية والهيكلية، وكذلك قطاع إنتاج المكونات الإلكترونية والكمبيوتر، وكذلك توفير فرص عمل لأبناء دولة الكويت وشبابها الخريجين، ورفع مستوى الفرد الكويتي المعيشي، والاستغلال الأمثل للنفط كمورد استراتيجي صناعي، ونقل التقنيات الحديثة إلى الكويت وتطويرها، والوصول بالكويت من خلال "براحة النانو" لتكون الأولى في العالم لتصنيع مواد النانو المبتكرة وإنشاء مدينة لاحتضان كافة العاملين في الأبحاث، والمراكز الأخرى تنتقل بالعاصمة عن طريق جسر جابر، والمساهمة في معدلات التنمية وتأسيس بنية استثمارية صلبة تسمى "براحة النانو" تضم جميع مرافق الأبحاث، من خلال تسويق مخرجات المجمع الصناعي المبتكرة في الأسواق العالمية وإيجاد مصدر إضافي لدخل الدولة، حيث إن حجم إيرادات صناعات النانو يفوق إيرادات النفط ومشتقاته بعدة أضعاف، وخلق مركز تجاري عالمي على أرض الكويت يرمي الى إنتاج وتصدير سلع المنتجات النانوية وتعزيز وترسيخ مفهوم "صُنع في الكويت"، والتركيز على صناعة المنتج الاستراتيجي لكل دول العالم، وإضافة بعد أمني واقتصادي وسياسي عالمي للكويت كنتيجة لحجم وأهمية وضرورة تدفق تلك المخرجات النانوية إلى العالم.

back to top