نحو إصلاح حقيقي مستدام

تخيلوا معي لو تم العبث ببرمجة خلية النحل وأمكن تخريب البرمجة الربانية للنحل التى بموجبها تترسَّم وظائف النحل وتتوزع أعمالها لتنتج العسل وتكيف الخلية بما يتناسب مع حاجاتها وتدافع عنها لو تم العبث في البرمجة لتضاربت الوظائف وتصادمت الأعمال وتقاتلت مجاميع النحل والنتيجة انهيار خلية النحل وتلاشيها وموت الجميع.يجب ضرب القوارض لا الفاسدين فقط، بل لا بد من القضاء على الفاشلين والخائبين في جميع المواقع والوظائف، وأسهل طريقة لذلك هي النفخ في روح المادة ٩٨ من الدستور التي ظلت جنينا في بطن الدستور والتي تنص على «تتقدم كل وزارة فور تشكيلها ببرنامجها إلى مجلس الأمة، وللمجلس أن يبدي ما يراه من ملاحظات بصدد هذا البرنامج».ولم تقدم أية حكومة برنامج عملها فور تشكيلها وكأن هذه المادة طلسم عصيّ على الفهم، كيف تقدم الحكومة برنامج عمل لأربع سنوات فور تشكيلها، وقد قلنا إن المشرع عندما قال فور تشكيلها فإنه يعني ما يقول ولا يلغو، ولم أجد جوابا شافيا لدى القانونيين عندنا، ووجدت تفسير ذلك في تجارب الدول الديمقراطية ذات الأحزاب التي يضع برامجها ويقترحها منظمات المجتمع المدني بما فيها الأحزاب، وتتحول إلى برامج عمل بمعايير زمنية وكمية، وتأتي الحكومة بناء عليها لأنها تنال ثقة البرلمان على أساس برنامج العمل، والكويت لا تأخذ بنظام الأحزاب ولكن توجد منظمات المجتمع المدني والنُشطاء الذين يملكون باحترافية عالية اقتراح الأهداف والبرنامج بعد إنضاجها نقاشا في أجواء إعلامية وبحثية حرة، مما تجد معه القيادة السياسية برنامج العمل في متناولها، وتم اختيار الحكومة بناء على هذا البرنامج وتقدمه الحكومة فور تشكيلها.برنامج العمل مستحق وهو المحصِّن والمبطِّن لأي توجه وجهد إصلاحي لذلك أقترح أن توجه القيادة السياسية منظمات المجتمع المدني والنُّشطاء وذوي الخبرة لوضع برنامج العمل، وليكن هو الشغل الشاغل للرأي العام هذه الأيام، وكما أشرت في مقال سابق بأنه في ظل برنامج العمل لن يجرؤ ذوو العطالة وضعاف الخبرة والذكاء على الدخول في العمل الحكومي في كل مستويات المسؤولية، وسيترشد الأداء الحكومي والبرلماني ويلملم أصحاب السرك الانتخابي من ذوي العطالة والبطالة عدتهم ويذهبون إلى حيث ذهبت أم قشعم.