بورصة الكويت تعاني شُح التحاليل والتقارير والتوصيات

• شركات الاستثمار تقلّص نماذج أعمالها رغم وجود 44 مؤسسة تمتلك رُخصاً

نشر في 13-09-2020
آخر تحديث 13-09-2020 | 00:04
بورصة الكويت
بورصة الكويت
ثمة مشكلة يواجهها المستثمرون في بورصة الكويت ومعظم المهتمين بالشأن الاقتصادي، تتمثل في محدودية البيانات والتقارير والمؤشرات الاقتصادية، بالرغم من حصول 33 شركة استثمارية على رخصة مستشار استثمار، إضافة إلى 4 بنوك محلية، و7 شركات تعمل في نشاط خدمات الاستشارات المالية، ليصبح المجموع 44 جهة مرخّصة، والمسموح لها من هيئة أسواق المال وإعمالاً للمادة الثالثة بالإدلاء بأيّ توصيات أو تحليلات ومشورات تخصّ الأسهم المدرجة، وفيما عدا ذلك يضع نفسه تحت طائلة الإجراءات القانونية، ومن بينها الإحالة إلى النيابة العامة، لكنّ أغلب تلك الشركات لم نرَ لها أي دور بارز أو تنفيذ في تقديم تلك الخدمة، على الرغم من حصولها على التراخيص اللازمة، بعدما كانت تصدر العديد من التوصيات والتحليلات قبل نشوب الأزمة المالية العالمية في عام 2008.

فمن المعروف أن أيّ قرار استثماري لا بُدّ أن يستند إلى مجموعة من البيانات، أو المؤشرات الحديثة والتفصيلية، التي يفضّل أن تعود كلّها إلى ميزانيات الشركات لقياس وتحليل أداء الشركات، الذي يحدد المؤشرات والبيانات والمعلومات كافة المتعلقة بأداء الشركات، والتي تساعد بشكل كبير في فرز الغثّ والثمين من هذه الشركات، والتي تساهم بشكل كبير في تحديد وقراءة الأسعار والتنبؤات المستقبلية والتخطيط لتحديد الوجهة الاستثمارية. وأضافت المصادر أن صناعة الاستشارات المالية تقدّر بملايين الدولارات، وتعتمد الشركات في جميع أنحاء العالم، بشكل كبير، على شركات الاستشارات، لتحافظ وتعزّز وجودها في عالم يتزايد فيه التنافس بشكلٍ كبير، وتميّز بوجود أوجه وتخصصات متعددة، كإصدار الاستشارات المالية ودراسات الجدوى والمشروعات وغيرها، لافتة الى أن الاستشارات المالية تعرف بأنها الآراء والتوصيات المبنية على الأبحاث والدراسات والتحليلات الاقتصادية والمالية بشأن دراسات الجدوى وتحديد القيم الحالية أو المستقبلية المتوقّعة للأوراق المالية التي يتم تقديمها للعملاء.

مخرجات عدة

وقالت مصادر استثمارية لـ «الجريدة» إنه على الرغم من توافر العديد من المخرجات التي ترمي الى وجود التقارير والتحاليل الفنية، فإنّ هناك شحا كبيرا فيها، مقارنة بالأعوام التي كانت تسبق نشوب الأزمة المالية العالمية في نهاية عام 2008، ومن هذه المخرجات حصول العديد من الخريجين على شهادات من الجامعات الأجنبية والمحلية التي تؤهلهم لذلك، إضافة الى الدورات والتدريبات التي تقوم بها المؤسسات والهيئات، مثل الدورات والبعثات التي تشرف عليها الهيئة العامة للاستثمار بعد التخرّج، إضافة الى أن العديد من الكويتيين حاصلون على شهادات المحلل المالي المعتمد (CFA)، وشهادة ماجستير إدارة الأعمال (MBA) المعُترف بها دولياً، وهي مصممة لتنمية المهارات المطلوبة للمهن المختلفة في مجال الإدارة والأعمال، وهناك العديد من الحاصلين على شهادات الدكتوراه في مجالي الاستثمار والاقتصاد، وبالتالي هناك وفرة في العنصر البشري الذي يعد أهم ركيزة في تقديم هذه الخدمة.

وذكرت أنه مع اتساع الشبكة العنكبوتية، كان من المفترض تزايد هذه التقارير والتحاليل المالية، سواء على مواقع الشركات نفسها، أو التي يتم تقديمها الى العملاء والمستثمرين، سواء كانت على الصعيد العام أو الخاص، فهناك شركات يمكن لها أن تقدم هذه الخدمات مقابل فرض رسوم مالية يستطيع العميل من خلالها بناء قراره الاستثماري، بدلا من الانصياع للتقارير والتحاليل من الأبواق غير المتخصصة، والتي لا تحمل المؤهلات والقدرات لتقديم تلك الخدمات.

أسباب التراجع

وأوضحت المصادر أن الأزمات المتعاقبة التي مر بها السوق المحلي خلال الفترة الماضية، تسببت في تعرّض شركات الاستشارات لخسائر بمعدلات كبيرة، لا سيما بعد انصراف العديد من الشركات في السوق المحلي عن الشركات المحلية التي تقدّم هذه الخدمات، خصوصاً أن بعضها قدّمت استشارات لم تكن دقيقة، الأمر الذي انعكس بشكل سلبي على القرارات الاستشمارية، وتكبّد الخسائر الناجمة عن ذلك، مما ترتّب عليه تراجع منسوب الثقة والمصداقية في أعمالها، وتوقّف العديد من البيوت الاستشارية عن إصدار تقاريرها.

وبيّنت أن قطاع الاستشارات المالية مرتبط بشكل كبير بالقطاع المالي، ونتيجة لتراجع سيولة القطاع المالي بشكل عام، انعكس ذلك سلبا على قطاع الاستشارات المالية، لافتا إلى أن تراجع إيرادات قطاع الأعمال أدى إلى خسائر قطاع الاستشارات المالية، إضافة إلى المنافسة المحتدمة بين شركات الاستشارات المالية نفسها.

حرق العمولات

وأشار إلى أن شركات الاستشارات المالية تعاني «حرق العمولات» بين الشركات الصغيرة الحجم، التي تنافس بأقل الأسعار لاقتناص العروض من الشركات، دون الاهتمام بالمنتج النهائي وجودته، بما يؤثر في النهاية على كفاءة عمل شركات الاستشارات بالسوق المحلية.

توصيات «غير معتمدة»

وترى المصادر أن الملاءة المالية لشركات الاستشارات المالية، تضررت بقوّة خلال الأعوام الماضية، جراء حرب الأسعار، وتدني بعض الشركات بأسعارها لاقتناص أعمال جديدة.

ولفتت الى أن الفترة الماضية شهدت انخفاض كفاءة عمل العديد من الكيانات، بما أدى إلى ظهور ما يشبه توصيات «غير معتمدة»، ما أوجب على الجهات الرقابية بالسوق التدخل لتنظيم الصناعة، وإلزام الشركات القائمة بتوفير الحد الأدنى من الكفاءات المهنية والحوكمة، والبقاء للأصلح والأكثر قدرة على تقديم خدماته.

وأضافت أن الفترة الماضية شهدت تهافت عدد كبير من المحللين على إقامة الدورات التدريبية في التحليل المالي والفني، وتغيَّرت استراتيجية توصيات الأسهم، من خلال توصيات بالمتابعة، مع ذكر عبارة أن هذه دعوة ليست للشراء للهروب من مساءلة هيئة أسواق المال، بعد الإحالات السابقة التي تمَّت إلى النيابة، بسبب توصيات على أسهم معيّنة.

وأشارت إلى أن هناك مواقع الكترونية ظهرت أخيرا تدعو إلى تعليم التداول في البورصة، وبعضها يدعو إلى الاستثمار، من دون التأكد من قدرة القائمين عليها على القيام بذلك، وهل لديهم المؤهلات والشهادات والخبرات التي تؤهلهم لذلك؟ إضافة إلى المنتديات التي تعد أرضاً خصبة لترويج الشائعات والمعلومات لأغراض غير سويّة.

ولفتت إلى أن العمل من خلال شركات مرخصة أفضل بكثير من تقديم هذه الخدمات بعيدا عن كيانات مؤسسية، لكونها ستخضع للمتابعة والتقييم من هيئة أسواق المال، ووزارة التجارة والصناعة، وسيقلل ذلك من أي عمليات منافية للقوانين الموضوعة من الجهات الرقابية.

تطوير القطاع

وذكرت المصادر أن هيئة أسواق المال عملت على إجراء عمليات مسح شاملة حول بعض الجهات والأشخاص الذين يمارسون أنشطة مستشار استثمار، دون الحصول على ترخيص مسبق منها، رغم إلزامها جميع الوحدات الاستشارية بضرورة الحصول على رخصة لمزاولة المهنة قبل تقديم خدماتها في السوق.

ولفتت إلى أن الفترة الماضية شهدت إحالة محللين ماليين إلى التحقيق، في ضوء رصد آراء وتحليلات مالية تحمل إيحاء وتوجيها نحو ورقة مالية بالشراء، لاسيما بعد عمل حظر التداول على المحللين الماليين أو الأفراد العاملين في هذه المكاتب الاستشارية، لمصلحتهم أو لمصلحة أحد أقاربهم، على أوراق مالية تكون محلّ أحد البحوث أو دراسة الجدوى المكلّف إعدادها قبل أن تنشر، علما بأن بعض شركات الاستشارات تتحمل جزءا كبيرا من مغامرات الشركات السابقة، لأنها لم تراع المصداقية والحيادية في عملها، بل كانت تعمل من أجل تلبية رضا العميل.

وأفادت بأن هيئة أسواق المال حظرت إصدار أي وسيط أوراق مالية مؤهل مسجل في بورصة الأوراق المالية بحوثاً عن الشركات المتداولة في السوق والاقتصاد، إلا إذا كانت لديه الموارد لمزاولة هذا النشاط ورأسماله يسمح بذلك، وكان مرخصاً له مزاولة نشاط مستشار استثمار، مؤكدة أنه ممنوع على كل الأطراف، سواء شركات استثمارية أو وساطة، إصدار أي تقرير بحثي دون الحصول على ترخيص من هيئة أسواق المال لممارسة نشاط مستشار استثمار. وأشارت إلى أن هيئة الأسواق منعت عمليات توصيات الأسهم، وأحالت محللين ماليين إلى جهات التحقيق، للقضاء على عمليات ترويج أسهم محددة بعينها لأهداف خاصة، من أجل ترقية سوق الكويت للأوراق المالية.

مؤشرات خاصة

ولفتت المصادر الى أن هناك شركات الاستثمار في العهد القديم كانت لديها مؤشرات وتقارير يومية تحليلية كانت تقوم بها وتعكف على نشرها على مواقعها الخاصة، أو عبر الجرائد اليومية مثل المؤشرات الإسلامية، ومؤشرات المنتجات الخاصة، ولكنها اندثرت، فما الأسباب التي أدت الى تخاذلها وتراجعها عن القيام بهذا الدور، بالرغم من توافر العديد من المخرجات والعوامل التي تمنحها القدرات الكافية التي تؤهلها للتميز في تقديم خدمة الاستشارات والتحاليل الفنية والمالية؟

السوق يمتلك العديد من المُخرجات لتطوير هذه الصناعة... فأين المعضلة؟

حرق العمولات وتراجع الدور المؤسسي ساهما في التوصيات «غير المعتمدة»
back to top