إيمانويل ماكرون في بغداد دعماً لسياسة النأي بالعراق عن المحاور

● برهم صالح: لا نريد أن نكون ساحة لصراع الآخرين
● مصطفى الكاظمي : سيادتنا خط أحمر

نشر في 03-09-2020
آخر تحديث 03-09-2020 | 00:04
مصطفى الكاظمي وماكرون وتحية «كورونا» في بغداد أمس (أ ف ب)
مصطفى الكاظمي وماكرون وتحية «كورونا» في بغداد أمس (أ ف ب)
قام الرئيس الفرنسي بزيارة خاطفة إلى العراق أمس، دشن خلالها مبادرة «مسيرة السيادة» لتجنيب بغداد سياسة المحاور الإقليمية والتدخلات الخارجية، في حين شدد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي على تمسّك بلاده بالحفاظ على سيادتها والابتعاد عن الصراعات.
في زيارة هي الأولى التي يقوم بها زعيم غربي للعراق منذ تولي رئيس الحكومة الجديدة مصطفى الكاظمي مقاليد السلطة، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر مشترك مع نظيره العراقي برهم صالح، في بغداد، أمس، أن العراق يواجه تحديين رئيسيين هما تنظيم «داعش» والتدخل الأجنبي.

وقال ماكرون، الذي وصل إلى بغداد بعد زيارة حافلة قام بها إلى لبنان للضغط على التيارات السياسية من أجل اعتماد إصلاحات عاجلة: إن «التدخلات الخارجية تضعف الدولة العراقية»، مطالباً المسؤولين العراقيين بـ«بناء سيادة بلدهم».

وشدد الرئيس الفرنسي على دعم بلاده الكامل لتعزيز الدولة العراقية بجميع مكوناتها.

وتابع قائلاً إن «فرنسا إلى جانب العراق لأن من مصلحة المجتمع الدولي دعم العراق»، مشيراً إلى أن بغداد تمتلك إرادة إصلاحية واضحة وفرنسا داعمة للعراق».

وأضاف: «أتيت من أجل دعم العراق في هذه الظروف التي تشكل تحدياً».

ولفت الرئيس إلى أن «العراق يمر بمرحلة مفصلية»، موضحاً أن «الحرب ضد داعش لم تنته ومازالت مستمرة، وأن مقاتلي التنظيم المتشدد لايزالون في المنطقة».

مسيرة السيادة

وقبيل قيامه بأول زيارة إلى العراق منذ توليه منصبه عام 2017 كتب ماكرون عبر «تويتر»: «في بغداد، حيث أعربت للتو عن دعمنا للعراق في هذا الوقت العصيب. هناك تحديات كثيرة فيما يتعلق بضمان سيادة العراق بكل أبعادها سواء داخل البلاد أو أي مكان في المنطقة».

وقال ماكرون خلال مؤتمر ليل الثلاثاء ـ الأربعاء في ختام زيارته الثانية للبنان خلال أقلّ من شهر: «أؤكّد لكم أنّني سأكون غداً صباحاً في العراق لكي أطلق، بالتعاون مع الأمم المتحدة، مبادرة لدعم مسيرة السيادة» في هذا البلد.

وأفادت تقارير فرنسية بأن ماكرون ينوي إعلان دعمه لسياسة العراق الخارجية التي «تبتعد عن المحاور الإقليمية» وسط تفاؤل عدة أطراف عدة بخطوات الكاظمي الرامية للجم الفصائل العراقية المسلحة الموالية لإيران والعمل على تجنب تحول بغداد إلى ساحة لتصفية الحسابات بين طهران والولايات المتحدة بالتزامن مع الانفتاح على العلاقات مع المحيط الخليجي والعربي.

دور محوري

بدوره، أكد الرئيس العراقي خلال المؤتمر المشترك مع ماكرون أنه لا يريد أن «تتحول بلادنا لساحة لصراعات الآخرين». وقال صالح: «نثمن دور فرنسا في العراق في مواجهة الإرهاب والتطرف». وأضاف: «لايزال أمامنا تحديات، ونحن بحاجة إلى دعم الأصدقاء لإعادة الإعمار في المناطق المتضررة وتجفيف منابع تمويل الإرهاب».

وأوضح أن العراق يتطلع للقيام بدور محوري، مشدداً على ضرورة أن تكون المنطقة في حالة أمن واستقرار من خلال تعزيز دور بغداد.

وتابع: «لا نريد أن يكون العراق ساحة للصراع بل يجب احترام سيادة العراق وعدم التدخل بشؤونه الداخلية».

تعاون ثنائي

ولاحقاً، التقى ماكرون الكاظمي. وشكر رئيس الوزراء العراقي ماكرون على اهتمام باريس بدعم العراق وقيامه بـ«مبادرة السيادة»، مجدداً تأكيده في عدة مناسبات على أن السيادة العراقية خط أحمر لا يسمح بالمساس به.

وقال الكاظمي إن بلاده تطلع لشراكة مهمة مع فرنسا في كل المجالات. وأشار رئيس الوزراء إلى أنه بحث مع الرئيس الفرنسي سبل التعاون في عدة مجالات من بينها الدفاع والطاقة والمواصلات.

بدوره، أكد ماكرون أنه بحث عدة قضايا مع الكاظمي في مقدمتها الحفاظ على سيادة العراق ومنع التدخلات الخارجية بالإضافة إلى التعاون الثنائي في المجال العسكري والدفاعي. ولفت إلى استعداد باريس لتقديم المساعدة في مجال الطاقة والمواصلات ودعم المشروعات المهمة مثل «مترو بغداد».

وشدد ماكرون على دعم باريس الانتقال السياسي إلى الديمقراطية في العراق مع قرب التحضيرات للانتخابات المبكرة منتصف العام المقبل.

وردّاً على سؤال بشأن الجهاديين الفرنسيين المسجونين في العراق، قال الرئيس الفرنسي، إنّ «أولئك الذين اختاروا بحرية أن يذهبوا للقتال في ساحات خارجية وأن يدانوا بارتكاب أعمال إرهابية في دولة ذات سيادة يجب أن «يحاكموا في هذه الدولة».

والانتخابات المبكرة مطلب رئيسي للمحتجين الذين نظموا مظاهرات حاشدة على مدى شهور العام الماضي سقط فيها مئات القتلى برصاص قوات الأمن ومسلحين يشتبه في صلاتهم بفصائل مدعومة من إيران. وكان سلف الكاظمي، عادل عبدالمهدي، استقال تحت ضغط الاحتجاجات المناهضة للفساد والتدخل الخارجي في ديسمبر الماضي.

رسالة واهتمام

على صعيد متصل، اعتبر مسؤول عراقي إن زيارة الرئيس الفرنسي تشكل أيضا رسالة غير مباشرة إلى تركيا التي تشن حملة ضد المتمردين الأكراد في إقليم كردستان شمال العراق وتشهد علاقتها توتراً متصاعداً مع باريس واليونان بشأن حقوق استخراج المحروقات في شرق البحر المتوسط.

من جهته، قال مستشار رئيس الوزراء العراقي هاشم داوود، إن زيارة ماكرون «ترتدي أهمية كبيرة، لأنها الثالثة لمسؤول فرنسي في شهر بعد زيارة قام بها وزير الخارجية جان ايف لودريان ووزيرة الجيوش فلورانس باريلي إلى بغداد». وجاءات زيارة ماكرون بعد أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب نهاية أغسطس الماضي أنه سيسحب قواته من العراق، من دون تحديد برنامج زمني لذلك. ولا يزال يوجد حوالى خمسة آلاف جندي ودبلوماسي أميركي في العراق.

البارزاني والكاظمي

إلى ذلك، أعرب رئيس إقليم كردستان نجيرفان البارزاني، خلال اجتماع مع الكاظمي أمس، عن تفاؤله بالخطوات المتخذة من أجل تعزيز آليات العمل المشترك بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية في بغداد، مشيراً إلى أن الأكراد عازمون على استمرار العمل لاستقرار العراق. كما التقى البارزاني بالرئيس الفرنسي الذي غادر بغداد مساء أمس.

الأكراد عازمون على استمرار العمل لاستقرار العراق البارزاني
back to top