عبدالله غليس: «البيان» تعاني قلة الدعم المالي

أكد أنها مجلة عريقة لا تستحق جحود «الإعلام» و«الوطني للثقافة» تجاهها

نشر في 27-08-2020
آخر تحديث 27-08-2020 | 00:03
أكد رئيس تحرير مجلة البيان الصادرة عن رابطة الأدباء، د. عبدالله غليس أن الكتاب الورقي هو الأصل، وهو المعتمد والمُقدّم عند القرّاء، مشيراً إلى أن الكتاب الإلكتروني أسهل نقلاً وأسرع انتشاراً، لكن القراءة منه ليست مريحة كالمطبوع. وقال غليس، في حوار مع «الجريدة»، إن «البيان» مجلة علمية غير محكّمة، لكنها تشترك مع المحكّمة في أنها لا تنشر المادة الضعيفة، معتبراً أن برامج التواصل خدمت المجلة والأديب المُنتج، لكنها أضرّت بالقارئ... وفيما يلي تفاصيل الحوار:
● كيف تستطيع مجلة البيان ضمان استمرارها في زمن عدم رواج المطبوعات الورقية؟

- مهما تطورت سُبل القراءة سيبقى الكتاب الورقي هو الأصل، وهو المعتمد والمُقدّم عند القرّاء، ومع أن الكتاب الإلكتروني -أو نسخة الـ(PDF)- أوفر وأسهل نقلاً وأسرع انتشاراً، فإن القراءة منه ليست مريحة كالمطبوع، فلا يلجأ إلى الإلكتروني إلا المضطر غالباً.

● ما الخطوات التي قمتم بها لتطوير المجلة؟

- خطوات التطوير التي قمنا بها تنقسم إلى قسمين: إدارية، وفنية، ففي جوانب التطوير الإداري قمنا بتغيير هيئة تحرير المجلة، وكانت معايير الاختيار هي التخصص والتمكّن والخبرة، مع توسيع التوزيع داخليّاً وخارجيّاً، وكان التوزيع الخارجي معمولاً به لكننا وسّعناه أكثر، وفي الداخلي تعاونّا مع إدارة المكتبات العامة في المجلس الوطني، فطلبنا منها توزيع أعداد المجلة على المكتبات العامة في أغلب مناطق الكويت، وقاموا بذلك مشكورين، كما ضاعفنا الجهد في برامج التواصل نشراً للمواد واستقبالاً لها، فكان العائد من ذلك كبيرا.

أما عن التطوير الفني، فوضعنا معيارين للنشر، هما اتصال المادة المنشورة بالأدب، فلا ننشر ما كان بعيداً عن الأدب وأدواته (أقصد اللغة بجميع فنونها)، لأن المجلة أدبية، وتصدر من رابطة الأدباء، فمن غير المنطقي أن يصدر العدد وليس فيه من مواد الأدب إلا النزر اليسير وبقية المواد ثقافية بعيدة عن الأدب، وهذه المواد المنوّعة بإمكان كاتبها نشرها في أماكنَ كثيرة ومنها الصحف اليومية التي تُخصّص ركناً للثقافة، أما المواد الأدبية المتخصّصة فلا يجد كاتبها مكاناً يستقبلها -أو يليق بها- إلا المجلات المتخصّصة، ولا توجد في الكويت مجلات متخصّصة -غير مجلة البيان- إلا مجلات النشر العلمي (المحكمة)، وهي مجلات أنشئت لترقيات الأساتذة في المقام الأول، ولها معايير تحول دون نشر كثير من المواد لا سيما الدراسات القصيرة والمقالات والمواد الإبداعية كالشعر والقصة. والمعيار الآخر، جودة المادة المنشورة، فلا ننشر المادة الضعيفة مجاملةً لصاحبها، ومع أننا واجهنا كثيراً من الحرج بسبب عدم المجاملة، إلا أن هذا الأمر صار مقبولاً مع صدور أعدادٍ تَظهر عليها الجِدّة والتغيير الواضح.

● وماذا عن المخطوطات الأدبية التي بدأت المجلة تنشرها؟

- من ضمن التطويرات الفنية التي طبّقناها في المجلة نشرُ المخطوطات الأدبية الصغيرة، لأن المخطوط الصغير متروك عند المحققين بسبب أنهم يحارون في نشره، فهو صغير لا يمكن إظهاره في كتاب مستقل، والمجلات العلميّة المحكمة لا تستقبله في الغالب إما لصغر حجمه، إذ يريدون عدد صفحات معينا، أو لأن بعض المجلات لا يعتمد التحقيق في الترقية، وقد نشرنا مخطوطات قديمة وذات قيمة علميّة، وسنجمعها وننشرها في كتاب مستقل إن شاء الله.

● ما المشاكل التي تواجهونها في النشر؟

- المجاملة أكبر عائق للإصلاح، ونحن عندما خضنا الانتخابات رفعنا راية التغيير، ووعدْنا بالإصلاح، وصوّت لنا كثيرٌ من الأدباء لأجل هذا الأمر، فلا يَحسن بنا ألّا نغيّر شيئاً عندما نصل، فكانت الشجاعة في تطبيق القرار المدروس مطلوبة، والذي حصل أن بعض القوم اعتاد على أن المجلة تنشر له كلَّ ما يكتبه بلا نظرٍ في جودة محتوى مادته، لاسيما إذا كان صاحب المادة عضواً في الرابطة فيجاملونه لهذا، أو قد تدخل الأمورُ الانتخابية في الموضوع لأن رئيس التحرير -غالباً- من مجلس إدارة الرابطة، ولا يصل إلى هذا المكان إلا بانتخاب من أعضاء الرابطة، فيخجل من رفض مادةِ عضوٍ أوصلَه إلى رئاسة التحرير فيكون النشرُ أقلَّ ما يقدّمه إليه من مكافأة، أو حتى لا يخسر صوته إذا كان يفكّر في الترشّح للانتخابات القادمة... فعندما فعّلنا هذا النهج الجديد وجدتُ حرجاً من الذين أعتذر إليهم لعدم نشر موادهم، فكان الأمر جديداً عليهم وثقيلاً علي. وقد اقترح علي بعض الزملاء نشرَ المادة الضعيفة دعماً لكاتبها -خاصة إذا كان كويتياً- ووزرها عليه، لكنني كنتُ أرفض هذا الأمر لأن تداعياته خطيرة، أولها: أن هذه مجلة نخبويّة لها تاريخ عريق، ولها ثقلها في الوطن العربي، وتمثّل الأدب في الكويت والقائمين عليه فلا يَحسن أن نظهره للعالم ضعيفاً من أجل مجاملة شخص أو اثنين. وثانياً: أننا إذا نشرنا له أوهمناه بأن هذا المستوى هو المستوى العالي فلا يطوّر في نفسه فيبقى ضعيفاً، وثالثاً: أن الناشئة عندما يرون هذه المادة منشورةً في مجلة أدبية تصدر من رابطة أدباء سيظنون أن هذا هو المستوى الأدبي المطلوب ثم سيجعلون منه نموذجاً يحاكونه، والواجب علينا أن نخلق النموذج الصحيح بنشر المواد الجيدة.

● ما تصنيف مجلة البيان؟ وما الفرق بينها وبين المجلات العلمية المحكمة؟

- مجلة البيان مجلة علمية غير محكمة، وهي تشترك مع المحكّمة في أنها لا تنشر المادة الضعيفة البتّة، بل إنها -الآن- أرصن من كثير من المحكمات، وتنفرد عنها بالمرونة في عدد صفحات المواد، فليس من شروط النشر في البيان عدد صفحات معين، كما أنها تمتاز بالتنويع في النشر، فهي تنشر الدراسات، وتحقيق المخطوطات، والمقالات، كما تنفرد عنها بنشر الأدب الإبداعي: الشعر والقصة... فالمستفيد منها أكثر من المستفيد من المجلات المحكمة، كما تتميز عن المحكمة بأنها شهرية لا فصلية.

● ما تأثير برامج التواصل على المجلة... هل نفعتها أم أضرّت بها؟

- برامج التواصل خدمت المجلةَ والأديب المُنتج لكنها أضرّت بالقارئ، فاستفادت منها المجلة لأنها سهّلت التواصل مع الأدباء فأصبح أخذ المواد وعرضها أيسرَ وأسرع، لكن القارئ الذي لا يقرأ إلا من برامج التواصل لن يستفيد كثيراً، لأن الحصول على ما فيها سريع ولكن خروجه من الذهن أسرع، كما أن ما يُنشر في المجلة أوثق وأبقى، فلا أمان لأي حساب في برامج التواصل فقد يختفي في أي لحظة.

● ما المشكلات التي تواجه مجلة البيان؟

- مجلة البيان تعاني قلة الدعم الذي تحصل عليه من وزارة الإعلام، هذا الدعم قديم جداً، وكان يغطّي مصاريف المجلة في أعوامها الأولى في الستينيات والسبعينيات.. أما الآن فلا يكفي لأن ثمن كل شيء تغيّر، فلم يعد كافياً لرواتب العاملين فيها وتكلفة الطباعة، وقبل عشرين عاماً تقريباً طبعتْها مطبعة الحكومة واستمرت في طباعتها إلى السنة الماضية عندما أوقف طباعتَها مديرُ المطبعة الجديد، وقد تواصلنا مع وزير الإعلام محمد الجبري ووعدَنا بإعادة طبعها في مطبعة الحكومة ولم يحدث شيء إلى الآن، وتواصلنا مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب إلا أنه لم يحل المشكلة، مع أنه تدخّل في طباعة مجلة العربي وحلَّ إشكالها.. أما نحن فطبعنا عددين على حساب متبرع، ثم اضطررنا إلى تقليص عدد صفحات المجلة وألغينا الصفحات الملوّنة حتى تقلّ تكلفة الطباعة.. ولا تستحق مجلة البيان هذا الجفاء والجحود من وزارة الإعلام والمجلس الوطني، فهي مستودع الأدب في الكويت منذ ستة عقود، ومن أعرق المجلات الأدبية المتخصصة في الوطن العربي.. وتكلفة طباعة أعدادها في السنة لا يصل إلى ستة آلاف دينار! وهم يبدّدون مئات الآلاف على مسلسلات ضعيفة وعلى فِرق رقصٍ لا ينظر فيها أحد.

دكتوراه ومؤلفات

تسلم د. عبدالله غليس رئاسة تحرير مجلة البيان عقب انتخابه في مجلس رابطة الأدباء، وهو حاصل على دكتوراه في اللغة العربية وآدابها. من مؤلفاته:

1- نحو النص دراسة في شعر ابن زيدون، مكتبة أهل الأثر، حولي، الكويت، 2014م.

2- علم العروض والقافية، مؤسسة جائزة عبد العزيز البابطين، الكويت، ٢٠١٨-"التناص في شعر ابن زيدون"، بحث محكم في مجلة التراث والحضارة، جامعة قناة السويس، مصر، في العدد الخاص بالمؤتمر العلمي الخامس لدراسات التراث والحضارة، ٢٠١٨.

-"الأبنية العروضية لمطالع القصيدة العربية"، بحث محكّم في مجلة عالم الفكر الكويتية، أكتوبر ٢٠١٨.

- "البنية الإيقاعية في شعر مصطفى التل (عرار)"، بحث محكّم في مجلة حوليات الآداب والعلوم الاجتماعية جامعة الكويت، عدد ديسمبر ٢٠١٨.

- التوافق بين التفعيلة العروضية والصيغة الصرفية"، مجلة البيان الصادرة عن رابطة الأدباء الكويتيين، العدد 539 يونيو 2015.

المجاملة أكبر عائق للإصلاح والبعض اعتاد نشر كل ما يكتبه بصرف النظر عن مستواه
back to top