أشخاص

نشر في 21-08-2020
آخر تحديث 21-08-2020 | 00:03
 د. فهد مرزوق العنزي تهمة الخيانة أصبحت على ألسنة البعض وأفواههم كتحية الصباح أو كعلكة "أبو السهم"، وليس أيسر من إلصاقها بالناس بلا ترو ولا تدقيق، تماما كما يلصق أحدهم ورقة التواليت في يده ولا تكلفه كثير عناء ولا مشقة إن صح القول.

والطريف أن أكثر المتحمسين المتشنجين لهذه الهواية أو على الأصح لمهنة تقييم الناس وتخوينهم- وقد أصبحت في هذه الأيام مهنة- هم أكثر الناس التصاقاً بالخيانة والعمالة، وأحق من غيرهم بالتقويم والإصلاح، أو الإهمال والازدراء والإطراح.

تجد الواحد من هؤلاء أقصى طموحه أن يصل إلى بعض ما وصل إليه سيده أو صنوه في الطباع والخلق، عن طريق نهش الأعراض والأكتاف، وافتعال التشهير والافتراءات ضد الناس بالكذب والتدجيل والخداع.

تجده في هم مقيم ونصب دائم يتمرغ في وحل الرذيلة ثم لا يتورع عن إلصاقها بالناس تطمينا لنفسه وخداعا لها بأن أهل الفساد والكذب والخيانة كثيرون، وأنه ليس وحده في هذا الميدان! شعور باطني يغلي في بطن كل واحد من هذه الفئة كما يغلي الزفت أجلكم الله.

وأشد ما يثير الضحك ويسترعي الفرجة على هؤلاء المخاليق وتلاميذهم، أن الواحد منهم لا يستقر على حال، ولا على رأي، اللهم باستثناء الثبات على الاستزلام والثبات على المبدأ، مبدأ من يدفع أكثر نقف إلى جانبه أكثر! فالشريف خائن والخائن شريف، والحر عبد والعبد حر، والأبي ذليل والذليل أبي، إلى آخر المتناقضات والوجوه الكرتونية التي يلبسونها في كل حالة، حتى ليختلط عليك الأمر ولا تستطيع أن تفرق بينهم وبين القردة والببغاوات!

ليس لنا اعتراض أن تنهار سيول التهم على رؤوس البعض، اعتراضنا الوحيد، وليسمح لنا دعاة الوطنية والأخلاق أن نجرؤ على إبدائه، هو هذا الاستخفاف بعقول الناس وذاكرتهم!

وقديماً قالوا: "إذا كنت كذوبا فكن ذكوراً"!

back to top