سليمان الشطي: القراءة كالسباحة تستلزم الممارسة

«التلقي الناجح يمر بـ 3 مراحل هي الاستماع ثم المعرفة فالمتعة»

نشر في 19-08-2020
آخر تحديث 19-08-2020 | 00:01
د. سليمان الشطي
د. سليمان الشطي
قدم د. سليمان الشطي محاضرة بعنوان "تجربة في التلقي الثقافي"، ضمن فعاليات معرض الكتاب الافتراضي "E-Raf"، وكان د. الشطي اختير كشخصية المعرض.

في البداية، قال الشطي: "تجربة في التلقي الثقافي، دائما يتحدث الكبار عن تجربتهم، فهل هذا الحديث إخبار أم توجيه، ومن المهم ونحن نتحدث عن التلقي أن نقول إن القراءة لحظة متعة، والمعرفة متعة، والقراءة لا يمكن أن نتعلمها مثل السباحة، وممارستها كفيلة بتحقيق المتعة، أنت تمر بمتعة التلقي الناجح بثلاثة أمور أولا أن تحس أنك مستمع، ثم تأتيك المعرفة، ثم تصبح متعة المعرفة. ماركيز له عبارة يقول فيها: الحياة ليست ما يعيشه أحدنا، وإنما هو ما يتذكره وكيف يتذكره، وكيف يرويه".

تجربة

وتابع الشطي: "أنا سأروي جانبا من هذه التجربة، أنا اخترت كلمة التلقي لسبب، لأن التلقي أشمل، ولا شك أن القراءة أعمق، نركز عليها في العادة، ولكن لا يجب إهمال جوانب التلقي الأخرى، وعندما نبدأ ونقول إننا في بحثنا المعرفة نستمتع ونأخذ كل هذه الوسائل، أول شيء يأتي السماع، وفكرة السماع سابقة في الزمن، مؤثرة في الإنسان، وتبدأ بأننا نريد أن نجرب ما نسمع، فنسمع الناس يتحدثون ويأخذون، فعندما أتكلم عن تجربة السماع، ويسبقها تجربة الحياة، ثم المشاهدة، ثم القراءة، أبدأ في السماع. وفي القديم كنا في كل يوم، وفي كل أمسية، خاصة في الشتاء، نتحلّق حول امرأة عجوز، أمام المدفأة تحكي لنا الحكايات، كانت تقدم لنا دهشة شعبية، ودهشة معرفية، كانت هي بداية معرفة الفن القصصي، والأفق الشعبي الذي من خلاله كانت تقدم القيم العليا، الحق مثلاً، وتعري الفساد، تنبه الغافل، وتذكر الناسي، وكنت مدهوشا وأنا استمع لتلك الحكايات، كانت هذه البوابة الأولى على فن القص".

وتحدث الشطي بعد ذلك عن الغناء، وقال: "في القديم أيام الأسطوانة الحجرية، كنا نتابع سماع الأغاني من خلالها، وأشير إشارة مهمة إلى التلقي الثقافي من خلال السماع، فالأغنية الكويتية التي وضع جذورها عبدالله الفرج في القرن 19، كانت عبارة عن ارتكاز على القصيدة العربية، فالغناء الكويتي قائم على الشعر العربي، إذن ثقافة السماع هنا ثقافة ومتعة".

ثم انتقل إلى سماع آخر، وهو أيضا عن طريق الإذاعة؛ كنا نستمع، ونتحلق ليلا لنستمع قصة ألف ليلة وليلة، وأدى ذلك إلى الحصول على الكتاب، وكنت أستلقى ليالي وأحتضنه مندهشا، من السماع إلى القراءة، ومن ثم أصبحت الإذاعة ثم التلفزيون فالوسائل الأخرى تكملة لهذا الخط.

السينما

وأكد الشطي أن السماع لا يغنيك عن المشاهدة، فهناك وسائل الثقافة المرئية، فعلى سبيل المثال نأخذ السينما، متسائلاً: ماذا فعلت السينما ثقافيا؟ قديما لم تكن لدينا سينما مفتوحة، فكانت في المنازل، وكان هناك تقليد وهو أن الذي يؤجر شريطا لا بد أن يفتح الباب للجيران حتى يشاهدوا، فكان يُبحث في كل مكان عن البيوت التي لديها سينما.

وعلق: "الذي يهمني في هذا الجانب، هو ما الذي أخذته من السينما، أخذت أشياء كثيرة، ومن أهمها الشخصيات التاريخية، وأختار شخصية واحدة فقط وهو سراج منير، وعنترة بن شداد، هذا التلازم دفعني إلى أن أبحث عن عنتره الذي رأيته في السينما، ومنها انتقلت إلى قراءة الكتب، وهكذا جذبني هذا الخيط السحري".

وقال الشطي: "في ختام هذه الفقرة أشير إلى أربعة أسس أو فوائد، الفائدة الأولى أنني أحسست واستيقظت على ما يوفره التلقي من متعة، أما الفائدة الثانية فهي الصبر على القراءة، فاعتدت أن أجلس ساعات أمضيها في القراءة، وأيضا الكسب اللغوي الذي شكل السلامة اللغوية، وأخيرا الفائدة الرابعة الثقافة التاريخية، فهذه الكتب أعطتني معرفة بالشخصيات التاريخية، والرواة، وهنا تركزت نقطة مهمة، وهي بوابة التشكيل التراثي، فأخذت منه دروسا كثيرة".

مدخل مهم

وأشار إلى أن التراث أعطاه مدخلاً مهماً، وهو الكتب التي يتوجب عليه قراءتها. واستدل في حديثه بمقولة ابن خلدون، وهي تبين أن أركان الأدب أربعة، وهي كتاب الكامل للمبرد، وأدب الكاتب لابن قتيبة الدينوري، وكتاب البيان والتبيين للجاحظ، وكتاب النوادر لأبي علي البغدادي، وهذه اعتبرها أساساً وما غيرها فروع.

وأضاف الشطي أنه يضم لها كتبا أخرى جاءت بعد ذلك شبيهة، مشيرا إلى أن هذه الكتب تعطيك معارف متعددة فيها الفقة، والشعر، والتاريخ وغيرها. وذكر أن تلك هي الركيزة التي أعطاه إياها التراث من قراءته له.

ثم تطرق لفترة الخمسينيات أيام الدراسة، إذ كان معروفا تخصيص ساعتين لأي نشاط، ومن ضمنها الجوائز؛ فاشترك وفاز في جائزة القصة، وكانت الجائزة عبارة عن كتابين، وهما لمحات من تاريخ العالم لنهرو، والكتاب الثاني البؤساء.

وتابع أن تلك البدايات جعلته يتجه إلى الكتابة الأدبية والثقافية، معلقاً: "كتبت ودخلت هذا المجال، الذي قادني بعد ذلك إلى ما عرّفناه بالتخصص في البحث الأكاديمي، والسبب يعود لركيزتين، وهما الركيزة التراثية والحداثية. اتخذت طريقي، ففي الماجستير كتبت عن الرمزية وهي من معطيات العصر الحديث، وفي الدكتوراه تكلمت عن المعلقات، ومن هذين قمت بالبحث العلمي، وكان في الخطوتين دلالة شكلت شخصيتي، فأنا قريب من الحداثة بمعطياتها؛ أؤمن بالعقلانية والتجربة والحرية وحق الفرد بالاختيار، وأؤمن بأن تفكر بعقلك لا أن تجعل أحدا يفكر لك، وهذا المعطى الحداثي أنا متوقف عنده كثيرا، وأيضا قراءتي التراثية والإسلامية؛ لذلك أستطيع أن أقول إن هذه ثقافة صحية".

وأكد الشطي أنه كان حريصاً على أن يستقر في خيمة التراث، وأن يفتح كل جهاتها، حتى ينظر للعالم من حوله.

الفيلكاوي وبن طفله والحربي في أمسية شعرية

شارك الشاعر د. فالح بن طفله في الأمسية الشعرية التي أقيمت ضمن معرض الكتاب الافتراضي «E - Raf»، مع الشاعرين عبدالله الفيلكاوي، ود. مشعل الحربي، وتنوعت القصائد الملقاة في المواضيع التي تطرق إليها الشعراء.

وأنشد د. فالح مجموعة من القصائد التي اتسمت بالكثير من المفردات المستوحاة في انساق شعرية جذابة، ليقول في قصيدة في حضرة الطهر:

مدي يديكِ ولا تخافي..

وتنفسي عطر الشغافِ

وتنزَّلي كالغيث يحيي

الأرض من بعد الجفافِ

وتدللي فحروف شعري

دانياتٌ للقطافِ.

وجاءت قصيدة «اشتعال» متفاعلة مع الخيال والواقع معا، وفق احتفاء جمالي بالكلمة، لتقول في قصيدة لها:

أشعلتُ قلبي في الهوى قنديلا

ومشيتُ وحدي في الظلامِ طويلا

شابَ انتظاري للقاء ولم أجد

للدمع في ليلِ الأسى منديلا

صبري الجميلُ دعوتُهُ لكنَّهُ

ما عاد - يا حلمي الجميل- جميلا.

وعن دور الشعر في التعارف بين الثقافات، قال د. فالح: «لا شك في أن الشعر يلعب دورا مهما في التعارف بين الثقافات ومد جسور الإنسانية بين الأمم المختلفة، وهذه مهمته منذ فجر التاريخ، فالمواضيع الإنسانية العامة هي مواضيع مشتركة بين جميع البشر، لذلك كان للشعر صوت واضح في هذا الاتجاه».

وأضاف أنه أثناء الكتابة الشعرية تهمه بلا شك اللغة والمحافظة عليها، وعلى قواعدها وأصولها، ويهمه دائما التجديد في التقنية، وفي الأفكار الجديدة للقصائد. وعن جديده، قال: «أحضر لديوان جديد حاليا، فكنت منذ فترة كتبت ديواني الأول بعنوان نوافذ الروح، والآن هناك ديوان جمعته، وقريبا سيطبع».

back to top