بيلاروسيا: المصانع الحكومية تتمرد على ألكسندر لوكاشينكو

تواصُل التظاهرات والمعارضة مستعدة للحكم وقمة أوروبية استثنائية غداً قد توسع العقوبات

نشر في 18-08-2020
آخر تحديث 18-08-2020 | 00:00
متظاهرون معارضون للوكاشينكو في مينسك أمس الأول (رويترز)
متظاهرون معارضون للوكاشينكو في مينسك أمس الأول (رويترز)
لا تزال بيلاروسيا تشهد منذ أيام احتجاجات، هي الأكبر على الإطلاق، وتهدف لإطاحة الرئيس ألكسندر لوكاشينكو، الذي يحكم البلاد منذ عام 1994، بعد أن أعلن فوزه بالرئاسة للمرة السادسة على التوالي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة المثيرة للجدل، التي خيمت عليها اتهامات بالتزوير، وأعلنت المصانع و«تلفزيون بيلاروسيا العام» إضراباً عاماً، احتجاجاً عليها.
أخذت التظاهرات الاحتجاجية في بيلاروسيا على إعادة انتخاب ألكسندر لوكاشينكو رئيساً للجمهورية فترة سادسة منحى مغايراً، أمس، مع بدء مصانع عدة و«تلفزيون بيلاروسيا العام» إضراباً عاماً بدعوة من المعارضة، في حين رفض لوكاشينكو الدعوات إلى إعادة الانتخابات، مؤكّداً في الوقت نفسه استعداده لتقاسم السلطة وتعديل الدستور، ولكن ليس تحت ضغط الشارع، والذي ردت الشرطة عليه بإجراءات صارمة وعنيفة.

وتجمع، أمس، في العاصمة مينسك، آلاف العمال أمام مصنع آليات ثقيلة ومصنع جرارات زراعية، وكذلك أمام مقر «تلفزيون بيلاروسيا العام»، رافعين أعلام المعارضة الحمراء والبيضاء، ومردّدين شعارات مندّدة بالسلطة.

وردد المتظاهرون أمام مصنع الآليات الثقيلة عبارات «ارحل» و«لن ننسى، لن نسامح».

وتوقّف آلاف العمال عن العمل أيضاً في مصنع الجرارات الزراعية، الذي يصدّر إنتاجه إلى كل الدول السوفياتية السابقة ويعد مصدر فخر للبلاد.

وتوجه لوكاشينكو على متن مروحية إلى مصنع الآليات الثقيلة، أمس، للقاء عمال. وفي حين كان يحاول تبرير العنف، الذي قابلت به الشرطة التظاهرات الأسبوع الماضي، صاح عمال «ارحل! ارحل!».

وقال لوكاشينكو، رداً على تلك الدعوات: «أقول لكم في هذا الصدد: يمكن لكم أن تواصلوا الصياح»، مضيفاً أن «بيلاروسيا نظمت انتخابات ولن يكون هناك أخرى».

كما قلّل من حجم الحراك الاحتجاجي، مؤكداً أن المصانع في البلاد تعمل بمجملها رغم الدعوات للإضراب.

كما رفض لوكاشينكو الدعوات إلى إعادة الانتخابات، قائلاً: «لا ينبغي لأحد أن يتوقّع الضغط علي للقيام بشيء ما». وأضاف أنه مستعد لتقاسم السلطة وتعديل الدستور عبر استفتاء، لكنه لن يفعل ذلك تحت ضغط المحتجين أو عبر التظاهرات في الشارع.

ودعا إلى إعادة توزيع السلطة في البلاد من خلال العملية الدستورية. وقال: «لا يمكن إعطاء هذا الدستور لجهات غامضة لا نعرفها. لأن ذلك سيخلق مشاكل».

وجرت التظاهرة من دون توقيفات، وفي خطوة استثنائية، نقلتها وسائل الإعلام الحكومية بشكل حيادي أو إيجابي.

وحسب موقع «توت» الإلكتروني، أعلن عمال في مصنع بيلاروسكالي للبوتاس أيضاً نيتهم الإضراب عن العمل. ويستخدم البوتاس في صناعة السماد الزراعي، وهو أيضاً مصدر كبير للعائدات في بيلاروس، أحد أكبر منتجيه عالمياً.

وأول من أمس، وصف لوكاشينكو المتظاهرين بأنهم «خراف يقودها مؤثرون أجانب». وقال إن حلف شمال الأطلسي (ناتو) العسكري الغربي يحشد قواته قرب حدود بلاده.

وأعلن الجيش البيلاروسي أنه بدأ مناورات حربية مكثفة قرب الحدود مع ليتوانيا العضو في الناتو حتى الخميس المقبل.

ونفت أوانا لونغسكو، المتحدثة باسم «الناتو»، ادعاءات لوكاشينكو الخاصة بوجود قوات إضافية للحلف على حدود الجمهورية السوفيتية السابقة.

وقاد لوكاشينكو (65 عاما)، الجمهورية السوفياتية السابقة الواقعة في أوروبا الشرقية، بين روسيا وبولندا العضو في الاتحاد الأوروبي، مدة ربع قرن، من دون أن يسمح سوى بقدر ضئيل من المعارضة.

تيخانوفسكايا

من ناحيتها، قالت سفيتلانا تيخانوفسكايا (37 عاماً)، التي حلّت في المركز الثاني بعد لوكاشينكو في انتخابات الأسبوع الماضي وحصلت على نسبة %10، إنها مستعدة لتولي دور «زعيمة الأمة» حتى إعادة الانتخابات لتأكيد فوزها بالرئاسة.

وقالت تيخانوفسكايا، التي فرت من بيلاروسيا إلى ليتوانيا، في خطاب مصوّر، نشر أمس الأول، إن الاستعدادات جارية لوضع أساس قانوني لإتاحة إعادة التصويت. وأضافت أنها لم تشأ أن «تصبح سياسية، لكن القدر أمر بأن أجد نفسي في الصف الأول لمكافحة التعسف والإجحاف».

وقالت تيخانوفسكايا متوجهةً لمؤيديها: «لقد آمنتم بي ومنحتموني القوة، أنا أشعر في كل دقيقة بالإعجاب بشجاعتكم وبتنظيمكم وبمدى قوتكم وذكائكم». وأضافت أنها تريد «الخروج من الدائرة المغلقة، التي وجدنا أنفسنا فيها منذ 26 عاماً» عند وصول لوكاشينكو إلى السلطة.

المجلس الأوروبي

وفي بروكسل، أعلن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال عن قمة استثنائية لدول الاتحاد الـ27 غداً بشأن الوضع في بيلاروسيا، في وقت تتواصل فيه الاحتجاجات المطالبة بتنحي الرئيس ألكسندر لوكاشينكو عن السلطة.

وقال ميشال: «لشعب بيلاروسيا الحق في تقرير مستقبله وانتخاب رئيسه بشكل حر. العنف ضد المتظاهرين غير مقبول ولا يمكن التسامح معه».

ألمانيا

من جهتها، هددت ألمانيا التي تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي، أمس، بتوسيع نطاق عقوباتها ضد مسؤولين بيلاروسيين، بعد العنف الذي قوبلت به التظاهرات المطالبة بتنحي لوكاشينكو.

وأعلن المتحدث باسم المستشارة الألمانية ستفين شيفرت: «ننظر باحتمال تمديد العقوبات على مسؤولين آخرين»، في البلاد ما لم يتحسن الوضع على الأرض.

وحض السلطات على التخلي عن استخدام العنف ضد المتظاهرين والإفراج «فوراً ودون شروط» عن الموقوفين والبدء «بحوار وطني بين الحكومة والمعارضة والمجتمع ... بهدف تخطي الأزمة».

ودعا الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، الرئيس البلاروسي، إلى الحوار مع المعارضة، وعدم الرهان على العنف، مناشدا الجيش البيلاروسي أيضا «عدم ارتكاب خطأ عبر استخدام العنف ضد شعبه».

لندن

وأعلنت لندن، أمس، أنها «لا تقبل نتائج» الانتخابات، مضيفةً أنها تعتزم «فرض عقوبات على المسؤولين» عن قمع التظاهرات.

وقال وزير الخارجية دومينيك راب في بيان: «لا تقبل المملكة المتحدة النتائج. نحن بحاجة ملحة إلى تحقيق مستقل من جانب منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بأوجه الخلل، التي جعلت هذه الانتخابات غير عادلة، وكذلك بالقمع المروع الذي تلاها».

زاخاروفا

وفي موسكو، اقترحت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون توجيه الدعوة إلى دعم المحتجين في الاتحاد الأوروبي، وليس للتظاهرات السلمية في بيلاروسيا.

وقالت: «متى سيطلب ماكرون من الاتحاد الأوروبي مواصلة التعبئة والوقوف إلى جانب مئات الآلاف من السترات الصفراء، الذين يسعون في تظاهرات سلمية إلى مراعاة واحترام حقوقهم وحرياتهم وسيادتهم؟ متى سيتوقف الاتحاد الأوروبي عن انتظار طلبات رؤساء الدول الأعضاء ويبدأ في التحرك بشكل استباقي لدعم الاحتجاجات في مجالاته؟».

وأضافت: «هذا هو النفاق بعينه».

وكان الرئيس الفرنسي ماكرون قال، أمس الأول، إنه يجب على الاتحاد الأوروبي مواصلة دعمه الفعال للمشاركين في الأعمال السلمية في مينسك ومدن بيلاروسيا الأخرى.

back to top