المخزون الاستراتيجي الذي خذلنا
أشرت في ١٤ فبراير الماضي في جريدة "الجريدة" بمقال سابق بعنوان "المخزون الاستراتيجي من السلع... هل يكفي 6 أشهر؟" إلى أن التعامل مع أمر مهم وحيوي للمخزون الاستراتيجي من السلع يجب أن يكون مدروساً علمياً وفنياً قبل أن يكون مجرد تصريح أو خطاب إعلامي مكرر.فخلال الأزمة الحالية ارتفعت السلع الغذائية واللوازم الحياتية في الجمعيات التعاونية التي ما فتئت تكرر الحديث عن مخزونها الاستراتيجي، الذي لم يصمد إلا أياماً، فبدأت بالتقنين من البداية وارتفعت الأسعار باطراد مع مرور الأيام، وأظهر واقع الأحداث أن مفهوم "المخزون الاستراتيجي" كمصطلح فني واقتصادي غير مستوعب من الكثير ممن يعملون في الجمعيات التعاونية، وللأسف أكثر أن وزارة التجارة وكذلك وزارة الشؤون تعانيان الفهم المرتبك والخاطئ لهذا المصطلح.
فمن أبجديات المخزون الاستراتيجي التي لا خلاف عليها أنه يجب أن تكون السلع كمخزون مملوكة ومخزنة في مخازن خاصة بالمؤسسة، لا في مخازن التجار الذين يتربصون بالمستهلك لرفع الأسعار أو احتكار السلع لأي سبب، ومن الأبجديات وجود مخازن تستوعب هذا المخزون الذي تم حسابه بدقة ليغطي المدة المخطط تغطيتها طوال مدة الأزمة. ومن الأبجديات أيضاً وجود آلية لتزويد المستهلكين باحتياجاتهم مع دمجهم في خطة المخزون الاستراتيجي لأول شهرين على الأقل من بداية الأزمة، وكذلك من الأبجديات المهمة التعويض الفوري مع وضع خطط توسيع مساحات التخزين مؤقتاً وطوال فترة الأزمة مع توزيعها جغرافيا حسب وجود المستهلكين.للأسف نفاجأ بأن يخرج أحد رؤساء الجمعيات ليقول إن في الجمعية مخازن مساحتها ٤٠٠ متر مربع، وهو يقصد حجمها ٤٠٠ متر مكعب إن كانت معلومته دقيقة، وللأسف يخرج أحد الوزراء ليأخذ صورا أمام "أكياس العيش" ليكشف سراً يفترض أنه من أسرار الدولة! وحفظ الله الكويت وشعبها ومن يحبها من كل مكروه.