هل يكبح جو بايدن اليساريين في حال انتخابه رئيساً؟

نشر في 20-07-2020
آخر تحديث 20-07-2020 | 00:00
 شيكاغو تريبيون تكمن نقطة قوة المرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية جو بايدن في دماثته المدروسة، فهو يشبه شخصية العم المتقدم في السن في المسلسلات التلفزيونية الكوميدية، فينهض عن كرسيه الجلدي بلطف لإنهاء السخافات الحاصلة من حوله.

أما الرئيس دونالد ترامب، فهو الرجل الهمجي الصاخب الذي انتُخِب لتلقين المؤسسة السياسية في واشنطن الدروس بأصعب الطرق، ولن يتوقف عن كتابة تغريداته الجنونية واللاذعة ومهاجمة كل من يعارضه، لكنّ الأوساط السياسية تردّ عليه بأقسى الطرق أيضاً.

يريد بايدن أن يطرح نفسه بصورة الرجل اللطيف الذي يعارض ترامب، أو الرجل المُسنّ الذي يحب المثلجات ويسرد أعماله البطولية حين كان منقذاً بحرياً، فهو لا يبدو عدائياً بأي شكل عندما يتواصل مع الناخبات المؤثرات في الضواحي، حيث يرفعن لافتات ترفض الكره على أمل التصدي للحملات الهجومية التي تطاول أزواجهنّ وأولادهنّ.

يقترح بايدن السلام على المواطنين، لكنّ وعده الانتخابي الضمني للولايات المتحدة هو ما يلي: يكفي أن تنتخبوا بايدن رئيساً وتتركوا الديمقراطيين يسيطرون على مجلس النواب ويحكمون مجلس الشيوخ كي نعود جميعاً إلى الوضع الطبيعي، بغض النظر عن معناه، أي إلى حقبة ما قبل ترامب، ففي حال انتخاب بايدن قد يهدأ مرتكبو الشغب ويمتنعون عن تدمير التاريخ الأميركي.

لكن بغض النظر عن الخيارات التي سيقوم بها الناخبون، يجب أن يطرحوا أولاً سؤالاً منطقياً: هل سيتمكن بايدن، في حال انتخابه رئيساً، من ردع حلفائه في معسكر اليسار المتطرف فيما يسعون إلى توسيع نفوذهم؟ لن يتمكن من فعل ذلك طبعاً، فهو ليس قوياً بما يكفي لتحقيق هذا الهدف، حتى لو أراد ذلك.

لكنّ بايدن والديمقراطيين ومؤيديهم في وسائل الإعلام لا يريدون التطرق إلى هذه المواضيع، بل يفضلون تحويل الانتخابات إلى استفتاء حول ترامب وفيروس كورونا. إنها خطوة سياسية ذكية!

فشل ترامب في التعامل مع الفيروس، فتفاخر في البداية بسهولة معالجة المشكلة، لكن كان الواقع مغايراً، فسرعان ما بدا ضائعاً وغاضباً ومرتاباً ووافق أخيراً على وضع قناع على وجهه منذ بضعة أيام، ولو كان الرئيس من الحزب الديمقراطي لما تردد الجمهوريون في مهاجمته بالقوة نفسها، حيث يحظى الديمقراطيون بدعم صحيفتَي "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست"، وهما لا تترددان في مهاجمة ترامب بوتيرة متواصلة وقاسية، لكنّ العرض الذي يقدّمه بايدن للأميركيين في حملته مختلف.

هو يفترض أن انتخابه يعني وضع حد للإرهاق الذي أصاب المواطنين، لأن السياسة في السنوات الثلاث الأخيرة كانت تتمحور فعلياً حول إرهاق الناخبين، وسيتوقف حينها هجوم وسائل الإعلام والجماعات الأميركية من أصل إفريقي، وسيسترجع البلد وضعه الطبيعي بدرجة معينة، وفي حال انتخاب بايدن، سيسمع الناس على الأرجح أخباراً مختلفة وإيجابية عن فيروس كورونا، بمعنى أنّ جو بايدن يبذل قصارى جهده في هذا المجال ويجب أن يساعده الناس بدل الضغط عليه.

لكن هل تتعلق الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل بترامب وبايدن أم أنها تتخذ بُعداً أوسع اليوم؟

يتطلع بايدن للوصول إلى البيت الأبيض ويخطط معسكر اليسار، عن طريق ألكسندرا أوكاسيو كورتيز ومجموعتها النسائية الرباعية التي انتُخِبت في مجلس النواب الأميركي في عام 2018، لإعادة بناء الولايات المتحدة بطرقٍ لم يحلم بها باراك أوباما.

سبق أن أثبت هذا المعسكر رغبته في استئصال الرأسمالية واستعداده لتغيير التعامل مع الشرطة (عبر وقف تمويلها مثلاً) في المدن التي تشهد أعمال عنف ويحكمها رؤساء بلدية ديمقراطيون، ولن تضطر النُخَب الديمقراطية الثرية في المدن للقلق من هذا الوضع، إذ يكفي أن يستعين هؤلاء بحراس أمن، مثلما يستعينون بمدرّسين خاصين في المدارس الخاصة لأولادهم.

في حال انتخاب بايدن، لن يتوقف معسكر اليسار عن استعمال حملات المقاطعة لإسكات المعارضين لأنها مقاربة فاعلة، ومن المعروف أن تنوع الآراء يطرح تهديداً عليهم، إذ تكشف الأحداث التاريخية أن اليساريين يهتمون بشكلٍ أساسي بفرض سيطرتهم واستعمال قوة الحكومة لإخضاع الناس، ويشعر رؤساء الشركات بالرعب من إلغائهم، ومن المتوقع أن تتابع الجامعات انهيارها ويستمر تدمير التاريخ الأميركي لأن التماثيل بنظر المتعصبين مرادفة للأصنام وسيكون إسقاطها رمزاً لإعادة صياغة التاريخ.

عند سؤال رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي، الديمقراطية عن ولاية كاليفورنيا، عن رأيها بأعمال الشغب والتماثيل، أجابت: "الناس يفعلون ما يريدونه"! وبالطريقة نفسها، سيفعل جو بايدن ما يريده ويصبح رئيساً صُوَرياً ويترك مهمة اتخاذ القرارات لليساريين!

* جون كاس

* «شيكاغو تريبيون»

back to top