يوسف ناصر: ذائقة الجمهور تغيرت وعلى الشاعر مواكبتها

«ثمة أغانٍ سطحية ومزاجية ومهللة تعتمد على الإثارة فقط»

نشر في 17-07-2020
آخر تحديث 17-07-2020 | 00:05
لم يتوقف عطاء الشاعر الكبير يوسف ناصر خلال أشهر الإغلاق التي فرضتها جائحة «كورونا»، فواجه الأزمة بسيف الكلمات وإقبال الشعراء، وتعاطى مع تداعياتها بحسه الفكاهي وأسلوبه السهل الممتنع، قائلاً «مليت أنا مليت من قعدتي في البيت»، مؤكداً في كل مناسبة قدرته الكبيرة على إيضاح دور القصيدة ضمن أجواء الفزعة، وحول المزيد من التفاصيل كان لـ«الجريدة» معه هذا اللقاء:
• للشاعر دوره في الأزمات والكوارث... هلّا حدثتنا عن عطائك في مواجهة الجائحة؟

- قدمت عدداً من الأعمال المواكبة لجائحة "كورونا" بتكليف من وزارة الإعلام، حازت إعجاب الجمهور ولامست مشاعره وشاركته الأزمة، ومنها أغنية "مليت أنا مليت من قعدتي في البيت"، وغناها المطرب خالد الملا من ألحان أنور عبدالله، وكان لها وقع جميل في نفوس المستمعين نظراً إلى وصفها مشاعرهم ببساطة ودقة، كما قدمت "نرفع لكم العقال" بصوت المطرب محمد البلوشي وألحان يوسف المهنا، وتغنت هند البلوشي بأغنيتي "حبيبتنا الكويت" التي لحنها حمد الخضر، وجميعها كانت مساهمة فنية ووطنية تعكس محبتنا وتقديرنا لوطننا الحبيب خاصة بالأزمات.

• هل تفضل كتابة الأغنية الوطنية أكثر من غيرها؟

- أستمتع حين أكتب عن الوطن، وهو أحد أكثر أنواع الكتابة التي تتميز بالصدق، لكنني أحب كتابة الأغنية العاطفية بجميع أنماطها، وطنية أو رومانسية طربية أو شعبية، فحب الوطن هو بالنهاية حب وإخلاص، لذلك يندرج تحت الأغنيات العاطفية التي تنضج في ظروف خاصة كالأزمات والمحن، وهنا تنجلي المشاعر الحقيقية ويطفو الحب الراسخ على السطح ليزين الأشياء ويكشف جمالها وأصالتها.

• لماذا أغلب أعمالك باللهجة العامية؟

- أفضّل الكتابة بالعامية لأن المطربين لايقبلون على القصائد باللغة الفصحى، والشاعر الذي يريد الاستمرار والحفاظ على جمهوره لابد أن يواكب العصر، وقد مررت بفترات متباينة منذ بدأت مشواري الفني قبل 50 عاماً، واختلاف كبير طرأ على الساحة وذائقة الجمهور الذي يبحث عن الأغنية الخفيفة السهلة البسيطة والسريعة أيضاً، أما القصيدة فلا تواكب الذوق العام حالياً.

الصمود والبقاء

• هل التخلي عن القصيدة يضمن للفنان البقاء؟

- الفنان المتطور يستطيع الصمود والبقاء والنجاح رغم تعاقب الأجيال، واعتمد في مشواري الطويل على إتقان أدوات الكتابة الغنائية والخبرة الطويلة، والبحث عن المفردة التي تتماشى مع الظروف الحالية بشرط الصدق والجمالية.

• وما تقييمك لواقع الأغنية العاطفية الشبابية؟

- للأسف التغيرات التي طرأت على عصرنا الحالي قادت الأغنية العاطفية للخروج عن مسارها، وهو ما طغى على جمالية الأغنية وأفقدها الصدق والتأثير الطويل، فنجد أعمالاً سطحية مزاجية مهللة ليس لها هدف أو رسالة مجرد مجموعة من الكلمات المتراصة لصنع موسيقى، وهو أمر سهل يستطيع أي فرد أن يضع بعض الكلمات ويغنيها ولكنها لا تتسم بالعمق أو التماسك فقط تعتمد على الإثارة، وهذا ليس فناً.

• وكيف ترى ظاهرة أن يكون المطرب شاملاً يكتب أعماله ويلحنها؟

- عدم التخصص ليس في مصلحة العمل الفني، فكل إنسان له موهبة وإن تعددت المواهب فلا يعني ذلك أن يفرض الفنان نفسه على العمل، فأنا لديّ خبرة بالموسيقى وألحن بعض الأعمال، لكني لا أفرض نفسي، بالعكس أعتز بنجاحي وقوتي في مجال معين، أما أن نجد المغني يدلو بدلوه فيكتب ويلحن الأغنية دون وجود تخصص أو إتقان لصنعة واحدة، هو نوع من اللهث وراء الشهرة والمكسب والرغبة في القفز على السلم ولكن سرعان ما يزول كل هذا ويبقى الفن الحقيقي.

كتابة فنية

• وما أدوات الكتابة الشعرية الغنائية؟

- أن تكون الأغنية ذات حبكة كأي نوع كتابة فنية، بأن تحتوي على بداية ونهاية وحبكة درامية، وأن يأتي تركيب الكلمات واضحاً، بعيداً عن الغموض، وأن تلمس المشاعر والقلوب وتحدث تأثيراً طويلاً وليس عارضاً.

• بمَ تنصح الفنانين الشباب في مجال الأغنية؟

- أولاً أقول لهم، إن طريق الشهرة ليس سهلاً بل شوك محفوف بالمخاطر والمتاعب، وأنصحهم بالالتزام في كتابة الأغنية وضرورة أن تتضمن رسالة راقية لأنها تدخل كل بيت ولابد أن يكون هدفها طيباً وليس شراً، وأن يطور الشاعر الغنائي نفسه بالقراءة والإطلاع وتكوين مخزون معرفي وثقافي، ولكن بالنهاية أنا لا ألومهم.

• هل ترى بمنحك لقب "شيخ الشعراء" من الجمهور والوسط الفني تكريماً أم حقاً؟

- لقب رائع وأشكر كل من أطلقه عليّ حتى لو بينه وبين نفسه، ولكن لا أدري هل لقبوني بشيخ الشعراء لاعتبارات عمرية فأنا حالياً في عقدي السابع وأعتبر شيخاً، أما إن كان عن تكريم وإشادة بمشواري الفني الممتد خمسة عقود فأنا سعيد جداً به، لأن التكريم مهم للفنان على المستوى المعنوي ويعتبر حقاً من حقوقه، لذلك أنا ممتن لتكريمي في مهرجان القرين الثقافي في دورته الأخيرة عن مجمل أعمالي.

حلاوة النجاح

• مشوارك الفني غني بالأعمال الخالدة لأجمل الأصوات... فما أقربها إليك؟

- أقربها لي هي التي لامستني شخصياً وكان لها عندي ذكرى شعرت بها ولذلك خرجت الأغنية صادقة من القلب، وتبقى في القلب، ومنها "يكفي خلاص"، و"جيتك حبيبي"، و"احسب الجايات"، و"جاني اتشكى"، وغيرها الكثير، ومن أجمل الأصوات التي أعتز بها الفنان الكبير عبدالكريم عبدالقادر، الذي شاركني بداية المشوار وتذوقنا حلاوة النجاح معاً، ونوال وأنور عبدالله وراشد الخضر ويوسف المهنا وسليمان الملا ومحمد البلوشي ومحمد عبده، وجميعهم كان لهم بصمة في حياتي.

• هل تستعد لإطلاق أعمال جديدة قريباً؟

- عندي أغنية بعنوان "عراب الهوا" متوقفة عند مرحلة التسجيل للقيثارة نوال وزوجها الملحن مشعل العروج، وأخرى للمطرب محمد البلوشي وثالثة لصفا أحمد، كما انتهيت من كتابة أغنيتين إحداهما ألحان يوسف المهنا وأخرى تلحين أنور عبدالله ولا يزال البحث عن الصوت المناسب لأدائهما.

• كيف أثرت بك أزمة "كورونا" والحجر المنزلي؟

- استفدت منها كثيراً، أهمها راحة البال والروتين الهادئ، حيث أشاهد التلفزيون وأسمتع بوقتي دون أي ارتباطات بالعمل أو الناس، وأتفقد أصدقائي المقربين عبر الهاتف وأستمتع بصحبة الأبناء والأحفاد، ولا أنشغل بكتابة نصوص جديدة مالم يتم تكليفي من وزارة الإعلام بالفترة الحالية.

جديدي مع المطربة نوال أغنية بعنوان «عراب الهوا»

لا أكتب بالفصحى لأن المطربين لا يقبلون على هذا اللون

ممتن لتكريمي في مهرجان القرين الثقافي
back to top