الفريضة الدستورية الغائبة

ولَتَولَّدَ تيار عارم لا يمكن لقوى الفساد مواجهته، ولانفضحت كل الأساليب التي تعوق تحقيق المطالب، وهي مطالب مجتمعية واضحة ترفدها عبقرية الأشخاص المخلصين من ذوي الخبرة والكفاءة.فالتعليم واضحة مطالب إصلاحه وترقيته، والصحة هناك تجارب وأساليب تحلِّق بالمستوى الصحي الى القمة من حيث الوقاية والعلاج بأقل النفقات، وتوفير الإسكان سيكون آية من آيات الإبداع والسرعة في الإنجاز، وقل ذلك عن الأمن والاقتصاد بالقضاء على الخلل الهيكلي في مصادر الدخل، وتشوه بُنية الموازنة، وإفلات القطاع الخاص من واجباته المجتمعية بدفع الضرائب وتوفير فرص العمل، وكل هذا محكوم ومنظم بموجب الدستور بوجود برنامج العمل الحكومي اللامفكَّر فيه طيلة الحياة الدستورية في الكويت.وقد اجتهدت في مقالي الفائت بتفسير تقديم الحكومة برنامج عملها فور تشكيلها للمجلس لنضع القطار على سكة الحديد فتشرع منظمات المجتمع المدني في بناء برنامج العمل وانهمام الوعي الشعبي به، وآثرت في مقالي إظهار معنى فور تشكيلها وما الشروط الموضوعية التي تتطلبها الفورية في بناء وإبداع برنامج العمل على قاعدة ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وقلت إن ذلك يتطلب تحرك منظمات المجتمع المدني في السنوات الأربع التي تسبق عمر الحكومة الجديدة لوضع برنامج العمل حسب ما تستجد من قضايا، فتارة يطغى الموضوع الاقتصادي وتارة الاجتماعي وتارك الأمني أو كوكتيل من كل هذه القضايا، فتقوم منظمات المجتمع المدني كأوعية للرأي والاجتهاد بمهنية عالية بإبداع واقتراح برامج العمل بعد أن تشبعه نقاشاً وتقييماً في جو علمي ونقاشي حر، فيكون هذا هو الرحم الطبيعي لولادة برنامج العمل الحكومي الذي تأتي الحكومة والمجلس على خلفيته، فتترشد العملية السياسية طولا وعرضا لأن برنامج العمل سيتضمن تحقيق أهداف محكومة بمعايير كمية وزمنية، وتوجد منظمات محتمع مدني في غاية الاحتراف مع وعي وشعور شعبي ضاغط ومجلس أمة معنيّ بهذا البرنامج ومنشغل بتفاصيله بالدرجة الأولى.هنا تتخلَّق البيئة الصحية للأداء السياسي الراشد للحكومة والبرلمان، وكذلك أداء رقابة الرأي العام، وقبل ذلك ترشيد اختيار أعضاء البرلمان.