هل يدعم المجتمعان الأميركي والصيني نوعاً جديداً من الحرب الباردة؟

نشر في 22-06-2020
آخر تحديث 22-06-2020 | 00:00
 ذي دبلومات مع استمرار تدهور العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والصين، بدأ المحللون يُجمِعون على نشوء «نوع جديد من الحرب الباردة»، باعتباره السيناريو الأقرب إلى الواقع في السياسة العالمية المستقبلية، لكن تفترض هذه النظرية أن يسمح المجتمعان لقادتهما بتحضيرهما لتلك المنافسة، فما نسبة حصول ذلك؟

إذا كان العالم يتجه إلى حرب باردة جديدة، يجب أن نراجع طريقة بدء الحرب الباردة القديمة وإنهائها، فوفق أحدث التحليلات، يبدو أن المجتمعات هي التي تحدد مسار هذه المواجهات العالمية: من واجب الشعب أن يشارك في هذه الجهود ويتحمل أعباء المنافسة المطولة بين القوى العظمى، لذا من المنطقي أن نتساءل عن طريقة تجاوب الشعبَين الصيني والأميركي مع «الدعوة إلى التسلّح» لإطلاق ذلك النوع الجديد من الحرب الباردة.

لا يسهل أن يكسب الطرفان دعماً اجتماعياً دائماً وواسعاً للأعباء المرتبطة بأي حرب باردة جديدة، ففي النصف الأول من القرن العشرين، غداة الحرب العالمية الأولى وفي أعقاب الكساد الكبير، امتنع المجتمع الأميركي والأوساط السياسية الأميركية عموماً عن دعم دور الولايات المتحدة ومسؤولياتها في الشؤون العالمية، لكتها حصدت الدعم المحلي اللازم لإرساء نظام دولي جديد بعد الحرب، حيث يؤدي الأميركيون دوراً محورياً، وحتى خلال الحرب الباردة.

في خضم الحرب التجارية مع الولايات المتحدة في الزمن المعاصر، تابع المسؤولون الصينيون القيام باستثمارات خارجية مباشرة مع شركات أميركية وأوروبية في الصين، كذلك يخفي الإجماع المباشر بين الحزبَين الجمهوري والديمقراطي حول الصين في الولايات المتحدة درجة كبيرة من الاختلاف في المواقف والمصالح، حتى بين أكثر الأطراف عدائية تجاه الصين.

قد تبدو هذه التناقضات مُحيّرة للوهلة الأولى، لكنها تشير إلى عائق كبير أمام كسب دعم اجتماعي واسع لأي نوع جديد من الحرب الباردة: ثمة تداخل عميق حتى الآن بين الصين والولايات المتحدة، وهو لا يقتصر على التجارة بل يشمل المجال الاجتماعي أو الثقافي أيضاً، وحتى لو كان قادة البلدين اليوم مستعدين لدفع المجتمعَين إلى منافسة جديدة ومتعددة الأجيال على طريقة الحرب الباردة، من المبرر أن يشكك المجتمعان الصيني والأميركي بصوابية هذا الخيار.

وسيكون أي نوع جديد من الحرب الباردة مكلفاً جداً وقد يترافق مع مخاطر كبرى فتبقى فرص «الفوز» ضئيلة، لكن يرتفع في المقابل احتمال دفع ثمن باهظ من خلال خسارة الثروات والنفوذ والامتيازات، وفي نهاية المطاف ستواجه الصين والولايات المتحدة على المدى الطويل تحديات أكثر خطورة من تضارب المصالح والقيم بين الطرفين، منها مشاكل عالمية مُلحّة مثل التغير المناخي أو انتشار الأوبئة أو التغيرات التكنولوجية الكبرى.

رغم استمرار وباء «كوفيد-19» اليوم، تخوض الصين والولايات المتحدة سباقاً نحو القاع، إذ تُروّج القوى النافذة لنظريات المؤامرة حول أصل فيروس كورونا تزامناً مع تصاعد الدعوات إلى دعم المواجهة الحتمية بين القوى العظمى، لكن إذا استنتج المجتمعان الأميركي والصيني أن تحركات قادتهما التي تُمهّد لحرب باردة جديدة فقد تُضعف ازدهار البلدين وقوتهما وأمنهما بدل تحسين الوضع فيهما، ومن المنطقي أن يفضّلا الانسحاب من هذه المنافسة الوجودية في القرن الحادي والعشرين.

* مات فيرشين وهانز مول

* «دبلومات»

back to top