الأزمة الصينية - الهندية تسخن بعد اتهام مودي بالتساهل

بكين: نيودلهي استفزتنا «عن سابق إصرار» في أخطر اشتباك حدودي منذ 1975

نشر في 21-06-2020
آخر تحديث 21-06-2020 | 00:02
جنود وأقارب أحد العسكريين الهنود الذين سقطوا في الاشتباك الحدودي مع القوات الصينية خلال دفنه بمنطقة مانيه في ولاية بهار (رويترز)
جنود وأقارب أحد العسكريين الهنود الذين سقطوا في الاشتباك الحدودي مع القوات الصينية خلال دفنه بمنطقة مانيه في ولاية بهار (رويترز)
عادت السخونة إلى أزمة الحدود الصينية - الهندية في أعالي الهملايا، خصوصاً بعد أن تعرضت الحكومة القومية الهندوسية المتشددة في نيودلهي لضغوط داخلية، واتهامات بالتساهل مع بكين التي اتهمت جارتها بالتخطيط المسبق لاستفزازها، في حين يخشى المراقبون انزلاق الأزمة إلى ساحة التنافس الصيني - الأميركي.
يبدو أن محاولات التهدئة بين الهند والصين، بعد أخطر اشتباك دموي في نصف قرن بينهما على الحدود في الهملايا، قد تعثّرت، فقد تبادل العملاقان الآسيويان الاتهامات أمس حول الحادث، في وقت وجد رئيس الوزراء الهندي القومي الهندوسي المتشدد ناريدرا مودي نفسه في قلب ضغوط داخلية، بسبب "تساهله" مع بكين.

الصين

في المقابل، ألقت الصين مجدّداً باللائمة مباشرة على الهند في الاشتباكات التي قُتل فيها 20 جنديا هنديا على الأقل وأصيب أكثر من 70.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية تشاو لي جيان: "يقع وادي غالوان في الجانب الصيني من خط السيطرة الفعلية. وتقوم قوات الحدود الصينية بدوريات منتظمة هناك منذ سنوات. ومنذ أبريل، تبني القوات الهندية بشكل أحادي عدة جسور وغيرها من البنية التحتية في المنطقة النائية، وبعد حادث استفزازي في مايو، اتفق القادة من الجانبين على أن القوات الهندية ستنسحب لما بعد خط السيطرة الفعلية، وتزيل المنشآت بعد الخط".

واتهم تشاو الجانب الهندي "بانتهاك الاتفاق يوم الاثنين في تصرّف استفزازي مخطط له سلفا، وعبرت قوات هندية خط المراقبة الفعلي، وهاجمت ضباطا صينيين وجنودا كانوا هناك للتفاوض، مما تسبب في مواجهات شرسة"، لكنّه قال: "تتطلع الصين إلى أن تعمل الهند معنا، وأن تلتزم بإخلاص بالتوافق الذي جرى التوصل إليه بين زعيمي البلدين، وتلتزم بالاتفاقات التي تم التوصل إليها بين الحكومتين، وتعزز التواصل والتنسيق بشأن التعامل الصحيح مع الوضع الراهن عبر القنوات الدبلوماسية والعسكرية".

الهند

في المقابل، اتهمت نيودلهي بكين بالسعي لإقامة إنشاءات "على الجانب الآخر مباشرة من خط المراقبة الفعلي"، وهو الاسم المعروف لترسيم الحدود بين البلدين، ورفض طلب الهند بالتوقف عن ذلك. وقالت الحكومة الهندية، في بيان، إن البلاد لن تسمح بأي تغييرات من جانب واحد على الحدود المتنازع عليها.

مودي

وكان مودي قد اتهم أمس الأول بالتقليل من خطورة الاشتباك مع القوات الصينية. وقال لزعماء المعارضة في اجتماع ضمّ جميع الأحزاب أمس الأول: "لم ينتهك أحد حدودنا، ولا يوجد أي أحد هناك الآن، ولم يتم الاستيلاء على أي من مواقعنا"، إلا أنه وجد نفسه داخل حقل ألغام داخلي، وانتشر وسم # مودي يستسلم للصين على "تويتر" أمس.

وأثار هذا التصريح تساؤلات عن مكان وجود الجنود وقت وقوع الاشتباكات، وهل كانوا في الأراضي الهندية أم في الأراضي الصينية، في منطقة يوجد بها جزء كبير من الحدود غير مُعَلَّم، وعليها لافتات "أرض مُشَاعة"، كما أن هذا التصريح يتناقض مع تأكيدات وزارة الخارجية الهندية.

وأثارت تصريحاته ردود فعل غاضبة من المحاربين القدامى في الهند والمحللين الذين رأوا أنها تعد "تنازلا" من الهند عن أراضيها تجنباً للتصعيد.

إلا أن بياناً صدر لاحقاً عن مكتب مودي انتقد "محاولات بعض الأوساط لتقديم تفسير مؤذ للملاحظات التي أدلى بها رئيس الوزراء في اجتماع جميع الأحزاب".

وأوضح البيان أن "رئيس الوزراء قال إن القوات الصينية باتت أقوى بكثير في خط السيطرة الفعلية، وأن الرد الهندي سيتناسب معها، وسترد بحزم على أي محاولات لانتهاك خط المراقبة، على عكس الإهمال الماضي لمثل هذه التحديات. أما فيما يتعلق بالانتهاك الأخير، في غالوان يوم 15 يونيو، فسببه أن الجانب الصيني كان يسعى إلى إقامة تعزيزات عبر هذا الخط، ورفض التوقف عن مثل هذه الأعمال".

وأشار البيان الى أن "رئيس الوزراء أشاد ببسالة قواتنا المسلحة التي صدّت مخططات الصينيين هناك. أما ملاحظاته بأنه لم يكن هناك حضور صيني في خط المراقبة، فيعود لنتيجة شجاعة وتضحيات قواتنا من جنود كتيبة بيهار الـ16، التي أحبطت محاولة الجانب الصيني إقامة التعزيزات، كما جاءت تصريحاته لتوضّح محاولات التعدي عند هذه النقطة في ذلك اليوم".

وقبل يومين فقط، كان وزير الخارجية الهندي سوبراهمانيام جايشانكار، قد أبلغ نظيره الصيني وانغ يي بأن الجيش الصيني حاول إقامة موقع في وادي غالاوان على الجانب الهندي من خط المراقبة الفعلي، وهو منطقة حدودية غير مُعَلَّمَة ويبلغ طولها 3488 كيلومترا. وفي تصريحات بعد المكالمة، اتهمت نيودلهي الصين بأن لديها "نية لتغيير الحقائق على الأرض بالمخالفة لكل الاتفاقات الخاصة بعدم تغيير الوضع القائم".

وأفرجت الصين عن 10 جنود هنود احتجزوا خلال المواجهة.

ويأتي ذلك بعد مفاوضات بين كبار الضباط ودبلوماسيين من أكبر دولتين من حيث عدد السكان في العالم.

ورفضت الصين تأكيد وقوع إصابات، لكن وسائل إعلام هندية قالت إن 40 جنديا صينيا على الأقل قتلوا أو أصيبوا بجروح خطيرة.

الحكومة الهندية القومية تتراجع تحت ضغوط المعارضة وتعدّل لهجتها ضد الصينيين
back to top