أزمة ليبيا: زحمة مبادرات... وواشنطن تبقى على مسافة

• تقارير عن سيطرة «الوفاق» على طريق إمداد إلى سرت
• أبوظبي لأنقرة: الحسم العسكري سراب

نشر في 12-06-2020
آخر تحديث 12-06-2020 | 00:03
مقاتلون موالون لـ «الوفاق» وتركيا يحتلفون بعد السيطرة على مواقع لحفتر في طرابلس أول الشهر الجاري (رويترز)
مقاتلون موالون لـ «الوفاق» وتركيا يحتلفون بعد السيطرة على مواقع لحفتر في طرابلس أول الشهر الجاري (رويترز)
وسط تقارير متضاربة عن استمرار تقدم حكومة «الوفاق» الليبية باتجاه مدينة سرت الاستراتيجية لقوات المشير خليفة حفتر، تعقدت خيوط العملية السياسية مع كثرة اللاعبين والمبادرات في نزاع بدا أنه تحول بالكامل إلى حروب بالوكالة يغيب عنه «الهمّ الليبي».
يبدو أن الوضع في ليبيا انزلق إلى ما يشبه "السيناريو السوري" مع فارق أساسي وجوهري هو عدم وجود أي مؤسسات للدولة العميقة في ليبيا بعد سقوط النظام الفريد للعقيد السابق معمر القذافي.

وتواجه العملية السياسية الهادفة لإيجاد حل زحمة من المبادرات الإقليمية والدولية وعدة وسطاء. إلى جانب المهمة المتعثرة للأمم المتحدة، أعلنت الجزائر استعدادها للوساطة، وكذلك طرح الرئيس التونسي قيس سعيّد مبادرة للحل مع بعض العشائر الليبية، وكل هذه المساعي إلى جانب "إعلان القاهرة" الأخير وقبله "إعلان برلين" لم تنجح بالتوصل إلى أي اختراق.

وأمس، كشف وزير الخارجية التونسي نور الدين الري، أنّ بلاده أعدت مبادرة حول الملف الليبي وستطرحها بمجلس الأمن الدولي.

وأبدت الولايات المتحدة المزيد من الاهتمام بالأزمة مع الاحتفاظ بمسافة عن الصراع. وأجرى الرئيس دونالد ترامب، أمس الأول، مشاورات هاتفية مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بعد أن تناول القضية الليبية مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في وقت سابق، إذ يدعم كل منهما أحد طرفي الصراع في البلد العربي.

وذكر البيت الأبيض، أن ترامب أشاد بجهود السيسي لدفع المصالحة السياسية في ليبيا. وقال الجانب المصري إن الرئيس الأميركي دعم وقف إطلاق النار المنصوص عليه في "إعلان القاهرة".

وفي وقت سابق، رحب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو باستئناف المحادثات التي تقودها الأمم المتحدة بين الطرفين المتحاربين في ليبيا، بعد تسارع الأحداث الميدانية إثر تقدم قوات حكومة "الوفاق"، بزعامة فايز السراج على حساب قوات "الجيش الوطني" بزعامة المشير خليفة حفتر، ودعا إلى تسريع المفاوضات للتوصل إلى وقف لإطلاق النار.

مصر والإمارات

في هذه الأثناء، أعرب وزيرا الخارجية الإماراتي والمصري، عبدالله بن زايد وسامح شكري، عن قلقهما من التطورات التي تشهدها ليبيا بسبب استمرار القتال، وعبرا خلال اتصال هاتفي، مساء أمس الأول، عن إدانتهما الشديدة لـ "تعريض حياة المدنيين الأبرياء للخطر من جماعات مسلحة مدعومة من قوى خارجية، وعلى الأخص حول مدينة سرت وجوارها".

وأكد الوزيران مجدداً "ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، والالتزام بالعملية السياسية تحت إشراف الأمم المتحدة، تماشياً مع مسار مؤتمر برلين وإعلان القاهرة"، وشدداً على أن "الحل السياسي هو الحال الوحيد المقبول لإنهاء الصراع وتحقيق الاستقرار الذي يلبي تطلعات الشعب الليبي".

في موازاة ذلك، قال وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، إن "المبادرة المصرية بشأن ليبيا أضحت في صلب العمل السياسي العربي والدولي لإعادة الاستقرار إلى هذا البلد".

وشدد قرقاش على أن "سراب الحسم العسكري الذي تريده أنقرة يطيل معاناة الليبيين، ويخالف الإجماع الدولي".

في سياق قريب، بحث وزير الخارجية الإماراتي، مع نظيره اليوناني نيكوس دندياس، تطورات الأوضاع في المنطقة وليبيا و"التدخلات التركية في منطقة البحر الأبيض المتوسط".

ورحب بن زايد باتفاقية ترسيم الحدود البحرية في البحر الأبيض المتوسط التي تم توقيعها بين اليونان وإيطاليا أخيراً، مشيراً إلى أنها "خطوة مهمة للحد من أنشطة تهريب البشر والاتجار بهم والهجرة غير الشرعية في شرق البحر الأبيض المتوسط".

مطالبة ورفض

في هذه الأثناء، دعا وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو، الولايات المتحدة إلى لعب دور أكثر نشطاً في ليبيا من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار ودعم المحادثات السياسية.

وجدد أوغلو في تصريحات أمس، موقف بلاده الرافض لـ "إعلان القاهرة" الذي أطلقه السيسي بحضور حفتر ورئيس البرلمان الليبي المعترف به دولياً عُقيلة صالح السبت الماضي، وقال إن "الدعوة لوقف إطلاق النار أو البيان المشترك بشأن ليبيا ولدا ميتين بالنسبة لنا".

لكن جاويش أوغلو قال إن بلاده تؤيد "وقف إطلاق نار ملزم برعاية الأمم المتحدة".

وسبق أن عُقد مؤتمر دولي حول ليبيا في برلين في 19 يناير الماضي، بمشاركة روسيا والولايات المتحدة وتركيا ومصر وعدد من الدول الأخرى، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.

وكانت النتيجة الرئيسية للمؤتمر نداء من المشاركين فيه لوقف إطلاق النار والالتزام بالامتناع عن التدخل في النزاع، مع مراعاة الحظر المفروض على توريد الأسلحة إلى الأطراف المتصارعة. إضافة إلى ذلك، اقترح المشاركون في الاجتماع إنشاء لجنة لمراقبة وقف إطلاق النار.

وعقدت اللجنة العسكرية "5+5" محادثات في جنيف، وضمت اللجنة خمسة ضباط كبار من حكومة الوفاق الوطني وخمسة ضباط كبار من الجيش الوطني الليبي. وقاد المحادثات المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا سابقا، غسان سلامة، ورئيس بعثة دعم الأمم المتحدة في ليبيا. وانتهت الجولة الثانية من المشاورات في 23 فبراير.

تقدم ونفي

في غضون ذلك، أعلنت القوات الموالية لحكومة "الوفاق" الليبية، المدعومة من أنقرة، السيطرة على خط إمداد رئيسي، لدعم قوات حفتر، وهو ما يمهد لمواصلتها الزحف باتجاه استعادة مدينة سرت الاستراتيجية وسط شمال البلاد والمطلة على أكبر حقول النفط.

وأكد بيان لعملية "بركان الغضب": "بسط السيطرة على خط إمداد رئيسي بطول 350 كلم بين جنوبي وغربي ليبيا، كانت تستخدمه لعام كامل ميليشيا حفتر الإرهابية".

وأوضح البيان أنه يعد "خط إمداد رئيسي لدعم العدوان على طرابلس بالمرتزقة والأسلحة والذخائر والعتاد والوقود".

يأتي ذلك بالتزامن مع اجتماع عقد السراج مع نائبه أحمد معيتيق ووزير الداخلية فتحي باشاغا، وآمري المناطق العسكرية. لكن مصدراً في "الجيش الوطني"، نفى قطع خطوط الإمداد عن بعض المناطق التي يسيطر عليها، وقال إن إعلان "الوفاق" غير منطقي.

إلى ذلك، أشار موقع إيطالي معني بتتبع مسارات الطيران الى أنه رصد توجه 3 طائرات شحن عسكرية تركية وسفينة إلى غرب ليبيا.

وكانت البحرية اليونانية حاولت، أمس الأول، اعتراض سفينة تركية يعتقد انها محملة بالسلاح متوجهة إلى ليبيا.

back to top