هل تنجح مساعي الحد من التسلح بين الولايات المتحدة والصين وروسيا؟

نشر في 09-06-2020
آخر تحديث 09-06-2020 | 00:00
 ذي دبلومات إلى أي حد تستطيع الصين والولايات المتحدة وروسيا التحكم في المنافسة القائمة بينها عن طريق الحد من التسلح؟ هذا السؤال ليس نظرياً فحسب، بل تبدو إدارة ترامب جدّية في احتمال أن تُهدد روسيا والصين بالأدوات الاقتصادية والعسكرية إذا رفضتا الحضور إلى طاولة المفاوضات، حتى أنها ذهبت إلى حد الانسحاب من «معاهدة الأجواء المفتوحة» والتهديد بالانسحاب من اتفاقية «ستارت» الجديدة. كان جزء كبير من معاهدات الحد من التسلح الحديثة ثنائياً بطبيعته، لكن تحمل منطقة المحيط الهادئ تاريخاً من المساعي الناجحة والمتعددة الجوانب للحد من التسلح على شكل «معاهدة واشنطن البحرية» وما بعدها، كذلك تترافق مجموعة من المعاهدات في العصر النووي (بما في ذلك «معاهدة الأجواء المفتوحة» و«معاهدة منع الانتشار النووي») مع جوانب متعددة.

يفصّل تقرير صادر عن «معهد أبحاث السلام والسياسة الأمنية» عدداً من الطرق التي تسمح للقوى العظمى الثلاث بالاستفادة من الحد من التسلح وكيفية التخطيط لهذا الهدف، وتتعدد المجالات التي تجعل الحد من التسلح مفيداً لتلك القوى، إذ تتفوق الصين بكل وضوح في مجال الصواريخ المتوسطة المدى، لا سيما ميدانياً، أما روسيا والولايات المتحدة، فتملكان مخزونات نووية تتجاوز أكبر التقديرات المرتبطة بترسانة الصين أو بخططها المرتقبة في هذا الإطار، وفي الوقت نفسه، لا تتعامل الصين بمستوى شفافية مقارب من روسيا أو الولايات المتحدة في ما يخص ترسانتها النووية لأنها تخشى أن تُمهّد هذه الخطوة لإطلاق أول ضربة ناجحة. تُعتبر أنظمة الدفاع الصاروخي الأميركية أكثر تقدماً بكثير من أنظمة روسيا والصين، وهي تُهدد دوماً بزعزعة علاقات الردع النووي، وعلى نطاق أوسع قد تتطلب زيادة القوات البحرية التقليدية الصينية في مرحلة معينة التعاون لرسم حدود بناء السفن، تُعتبر العلاقة بين روسيا والصين حسنة في الوقت الراهن، لكن يبقى سقف ميزانية الدفاع الصينية أعلى بكثير من الميزانية الروسية، مما يعني أن أي ضوابط متبادلة ستصبّ في مصلحة روسيا على الأرجح.

لا خطب في محاولة التعاون في مسائل محددة رغم توسّع المنافسة عموماً، إذ يسهل أن نتصوّر عقد سلسلة من الاتفاقيات المتداخلة التي تفيد البلدان الثلاثة عبر الحد من توسّع الترسانات الصاروخية المتوسطة المدى وحصر نطاق النمو النووي الصيني، تزامناً مع توسيع هامش الشفافية والحد من التعقيدات وتقليص نطاق الأنظمة الدفاعية الصاروخية الأميركية، حيث تكون المعاهدات غير المتكافئة التي تفرض واجبات مختلفة على المشاركين فيها معقدة لكنها قد تنجح في بعض الحالات، فبموجب «معاهدة واشنطن البحرية» مثلاً، وافقت اليابان على تخفيض حصتها لمصلحة بريطانيا العظمى والولايات المتحدة مقابل تنازلات حول تحصين قواعدها في منطقة المحيط الهادئ.

لكنّ هذه الاحتمالات ليست مؤكدة بأي شكل، وهي لا تعني حتماً أن الولايات المتحدة قد تحقق النجاح عبر بذل جهود خرقاء واستعمال أسلوب الإكراه، إذ تتعدد العوامل التي تعوق نجاح المساعي المتعددة الجوانب للحد من التسلح وتكثر سلبيات المقاربة التي تطبّقها إدارة ترامب في هذا المجال.

* روبرت فارلي

back to top