تقرير ساكسو بنك: النفط الخام يربك الجغرافيا السياسية

نشر في 01-06-2020
آخر تحديث 01-06-2020 | 00:03
 النفط الخام يربك الجغرافيا السياسية
النفط الخام يربك الجغرافيا السياسية
يُظهر ارتفاع أسعار النفط الخام بعد انهيارها إلى ما دون الصفر في 20 أبريل، العلامات الأولى للتوقف. ويأتي ذلك بعد أن وصل سعر عقود خام غرب تكساس الوسيط الآجلة إلى مستوى المقاومة 35 دولارا، وفشل خام برنت في تحدّي سعر 37.2 دولارا للبرميل، وهما مستويان يعتبران تصحيحاً بنسبة 38.2 في المئة لعمليات البيع في الفترة بين شهري يناير وأبريل.

وخلال الشهر الماضي، شهدت أسعار عقود خام غرب تكساس الوسيط المستحقة في شهر مايو تراجعاً مؤقتاً نحو المنطقة السلبية، وهو ما شكّل المساهم الأكبر لدعم الارتفاع اللاحق للأسعار.

وحسب تقرير لـ«ساكسو بنك»، وجهت أحداث 20 أبريل موجة صدمة في السوق العالمي للنفط، حيث أدرك المنتجون ضرورة اتخاذ إجراء دراماتيكي لإنقاذ السوق من مزيد من المعاناة. وربما أدى ذلك إلى ما أظهره المنتجون الرئيسيون خلال شهر مايو من امتثال قوي وسريع.

وكشفت الوكالة الدولية للطاقة في آخر تقاريرها الشهرية عن أسواق النفط انخفاض حجم العرض العالمي بنحو 12 مليون برميل يومياً في مايو، ليصل إلى أدنى مستوياته في 9 سنوات عند 88 مليونا. وفي الوقت نفسه، أشارت التوقعات إلى انتعاش الطلب من انخفاض عند 22 مليون برميل يومياً على أساس سنوي في مايو إلى انخفاض بمعدل 13 مليونا يومياً في يونيو.

وجاء الدعم من الانخفاض السريع، وغير الطوعي غالباً، في إنتاج النفط الصخري الأميركي، والذي تتوقع الوكالة الدولية للطاقة أن يصل إلى 2.8 مليون برميل يومياً على أساس سنوي عام 2020. ولطالما استقطبت الخطوات السابقة التي اتخذتها مجموعة أوبك بلس لتخفيض الإنتاج نوعاً من التردد، حيث خاطر أعضاء المجموعة بمنح حصة أكبر من السوق للمنتجين في أميركا الشمالية. وتبخّرت هذه المخاطر مع الركود الذي تعرّض له خام غرب تكساس الوسيط ودفع العديد من المنتجين إلى الخسارة، مما أجبرهم على وقف الإنتاج.

وبعد الوصول المحتمل إلى مرحلة التوطيد، يجدر بنا التفكير في العوامل التي قد تؤدي إلى تجدد الضعف، وتوجد العديد من المخاطر، أهمها:

• تخفيف قيود الحجر الصحي تثير مخاوف بشأن عودة تفشي فيروس كورونا.

• مدى قدرة أوبك بلس على الحفاظ على مستوى الالتزام الحالي المرتفع.

• يأمل المنتجون الأميركيون المتقشفون زيادة الإنتاج مع عودة أسعار خام غرب تكساس الوسيط لتتخطى 30 دولارا للبرميل.

• التغيرات الطارئة بعد الوباء في سلوكيات المستهلك العالمية (عدد أقل من رحلات الطيران، وعمل أكثر من المنزل).

وقد يشير أي ارتفاع فوق عتبة 35 دولارا للبرميل في عقود خام غرب تكساس الوسيط الآجلة لشهر يوليو إلى امتداد محتمل نحو 40 دولارا للبرميل، بينما ينبغي أن يظهر الدعم عند 30 دولارا للبرميل. ولن تبرز مخاوف وقوع تصحيح أعمق ما لم تتراجع الأسعار إلى أقل من 28 دولارا للبرميل.

وبغض النظر عن مخاطر نشوب حرب اقتصادية بين أميركا والصين، فضلاً عن الانتعاش الضعيف في الطلب أكثر من التوقعات، فإن تركيز أسواق النفط سيتجه في مطلع يونيو نحو فيينا مجددا، حيث تجتمع أوبك وأوبك بلس لمناقشة الخطط المستقبلية.

وشهد مؤشر بلومبرغ للسلع الرئيسية تداولات منخفضة، حيث أعاد قطاع الطاقة بعض مكاسبه القياسية بعد الانهيار في أبريل، كما شهدت المعادن الصناعية تداولات أكثر ليونة، حيث تفاقمت التوترات بين الولايات المتحدة والصين، بالرغم من إجراءات التحفيز الجديدة التي طرحها مجلس الشعب الصيني. وسرعان ما انعكس التحدي الذي تواجهه المعادن الثمينة، حيث واصل الذهب والفضة استقطاب الطلب وسط ضعف الدولار وانخفاض العائدات الحقيقية، إضافة للتجاذبات المقلقة بين أكبر اقتصادين في العالم.

وفيما واصلت الفضة استعادة بعض خسائرها الكبيرة التي تكبدتها في مارس، خضعت مرونة الذهب للاختبار مجدداً الأسبوع الماضي. وأدى غياب زخم المتابعة من الاختراق الأخير إلى 1765 دولارا للأونصة إلى ترك السوق في حالة توتر بلغت ذروتها عندما تراجع السعر الفوري للأونصة دون 1700 دولار - ولفترة وجيزة - خلال الأسبوع الماضي. ومع ذلك، وعلى غرار فشل الارتفاع في استقطاب عمليات شراء جديدة، لم يترافق دعم الانخفاض بعمليات بيع جديدة.

وبدلاً من ذلك، سرعان ما أعيد تكوين الدعم فيما انخفضت عائدات الدولار والسندات جراء تزايد التوترات الأميركية الصينية. ويواصل المستثمرون اعتبار الذهب - والفضة مؤخراً - المعادن الأمثل للحماية. ومع الهدوء النسبي خلال الشهور الأخيرة لصناديق التحوّط، والتي يتم تداولها غالباً على خلفية التطورات الفنية للأسعار على المدى القصير، استمر الطلب المتزايد على الصناديق المتداولة في البورصة والمدعومة بالذهب. وارتفعت معدلات الملكية العالمية لهذا النوع من الصناديق دون توقف خلال الشهور الستة الماضية، وبلغت الأصول مستويات قياسية تخطت 3100 طن.

وينطبق الأمر نفسه على الفضة التي، وبالرغم من تراجعها في مارس، شهدت ارتفاعاً كبيراً في المعدل الإجمالي للحيازات نحو أرقام قياسية جديدة على أساس يومي تقريباً خلال الشهرين الماضيين. وبعد ارتفاعه بنسبة 50 في المئة منذ أدنى مستوياته في مارس عند 11.65 دولارا للأونصة، نجح المعدن في استرداد بعض المكاسب أمام الذهب.

وانتعشت نسبة الذهب إلى الفضة، والتي تعبّر عن عدد أونصات الفضة اللازمة لشراء أونصة واحدة من الذهب، من مستواها القياسي في مارس عند 125 لتصل إلى 98 حالياً، والتي ما زالت أعلى بكثير من معدلها المتوسط منذ خمس سنوات عند 80 تقريباً.

وما زالت توقعاتنا متفائلة بارتفاع أسعار المعدنين، لا سيما الآن بعد أن تقلص الفارق بين سعري الذهب والفضة. وتوجد عدة أسباب تدفعنا للاعتقاد بإمكانية تحقيق رقم قياسي جديد خلال السنوات القادمة، وهي:

• يعتبر الذهب خيار تحوّط مقابل التسييل الذي يعتمده البنك المركزي للأسواق المالية.

• الحوافز الحكومية غير المسبوقة، والحاجة السياسية لمعدلات تضخم أعلى تدعم مستويات الدَّين.

• الطرح الحتمي لضوابط العائدات في الولايات المتحدة، والتي تدفع نحو انخفاض العائدات الحقيقية.

• ارتفاع معدل المدخرات العالمية بالتزامن مع معدلات فائدة حقيقية سلبية والارتفاع غير المستدام لتقييم سوق الأسهم.

• تفاقم التوترات الجيوسياسية مع تبادل الاتهامات بشأن فيروس كورونا.

• ارتفاع التضخم وضعف الدولار.

back to top