العنف يطغى على احتجاجات أميركا وإجماع سياسي على رفضه

• حظر التجول يمتد إلى مدن جديدة... والولايات تستدعي قوات الحرس الوطني... وترامب يلوم اليسار الراديكالي

نشر في 01-06-2020
آخر تحديث 01-06-2020 | 00:05
وسط إجماع سياسي على رفض العنف والشغب واتهامات رسمية لمندسين بإخراج التظاهرات المستمرة منذ 5 أيام عن مسارها السلمي، وسعت الولايات الأميركية عمليات حظر التجول ودفعت بالمزيد من القوات للسيطرة على الوضع المتأجج في المدن الكبرى ومنع خروجه عن نطاق السيطرة.
توسعت أعمال العنف والنهب في الولايات المتحدة لتطغى على الاحتجاجات العرقية التي خرجت بتوقيت سياسي دقيق وبشكل غير متوقع في ظل تفشي وباء كورونا بعد مقتل المواطن الأسود جورج فلويد خنقاً تحت ركبة الشرطي الأبيض ديريك شوفين، الذي فصل من الخدمة ووجهت له تهمة القتل غير العمد.

ولجأ حكام الولايات الأميركية إلى تصعيد اللهجة وفرض حظر التجول وإعلان الطوارئ واستدعاء المزيد من قوات الحرس الوطني لاحتواء غضب المحتجين.

ووسط تزايد رعب السكان من حالة الفوضى وخروج الوضع عن نطاق السيطرة، قررت السلطات في مينيابوليس ولوس أنجلس وأتلانتا وشيكاغو ودنفر وفيلادلفيا وبيتسبرغ وسياتل وكليفلاند وكولومبوس وبورتلاند وميامي وميلووكي وروتشستر بنيويورك حظر التجوال.

وقام حكام لايات جورجيا وكنتاكي وأوهايو وويسكونسن وكولورادو ويوتا وواشنطن وكاليفورنيا وتينيسي وميسوري وتكساس، باستدعاء قوات الحرس الوطني للمساعدة في إخماد الاحتجاجات التي تحولت إلى عنف في العديد من المناطق.

وفرض رؤساء البلديات في معظم أنحاء الولايات المتحدة حظر التجول ليلاً بعد أعمال تخريب، بما في ذلك لوس أنجلس وكاليفورنيا وسياتل وواشنطن وبورتلاند وأوريغون أتلانتا وجورجيا ودنفر وساوث كارولينا وفيلادلفيا وبنسلفانيا.

وفي مدينة إنديانابوليس، عاصمة ولاية إنديانا، أكدت الشرطة مقتل أحد المحتجين وإصابة اثنين آخرين في إطلاق نار لم توضح ملابساته والجهة المسؤولة عنه.

ومن لوس أنجلس إلى ميامي إلى شيكاغو بدأت الاحتجاجات سلمية قبل أن ينفلت عقالها بعدما أوقف المتظاهرون حركة المرور وأشعلوا الحرائق واشتبكوا مع قوات مكافحة الشغب التي أطلق بعض أفرادها قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاصات البلاستيكية في محاولة لاستعادة النظام.

وأثار مشهد تدفق المحتجين على الشوارع إحساساً بأزمة في الولايات المتحدة بعد أسابيع من إجراءات العزل العام بسبب وباء فيروس كورونا التي أطاحت بالملايين من أعمالهم وأثرت بدرجة كبيرة على الأقليات.

واشنطن ومينيسوتا

وفي العاصمة واشنطن، تجمع مئات المتظاهرين بالقرب من مبنى وزارة العدل وهم يهتفون "أرواح السود لها قيمتها". وتوجه كثيرون منهم في وقت لاحق إلى البيت الأبيض حيث اشتبكوا مع الشرطة.

وقبل استدعاء الحرس الوطني لفض تجمع مئات المتظاهرين بالقرب من مبنى وزارة العدل وهم يهتفون "أرواح السود لها قيمتها"، قال الرئيس دونالد ترامب أمس الأول، إنه لو كان المتظاهرون الذين تجمعوا في ميدان لافاييت المواجه للبيت الأبيض في الليلة السابقة خرقوا السياج "لوجدوا في استقبالهم الكلاب شديدة الشراسة وأشد الأسلحة التي رأيتها فتكاً على الإطلاق".

وأضاف ترامب، في مركز كينيدي الفضائي في فلوريدا، إنّ "وفاة جورج فلويد في شوارع مينيابوليس مأساة خطيرة، لكن ذكراه أساء إليها مشاغبون ولصوص وفوضويّون"، داعيًا إلى "المصالحة، لا الكراهية، وإلى العدالة، لا الفوضى".

واتهم ترامب «اليسار الراديكالي» ببث الفوضى، وقال خلال فعالية في فلوريدا: «لن يتم السماح لمجرمي اليسار الراديكالي والبلطجية وغيرهم في جميع أنحاء بلادنا وفي جميع أنحاء العالم بإشعال النيران في المجتمعات».

وذكر أن «أنتيفا»، وهي شبكة من الأشخاص «المناهضين للفاشية» الذين غالبا ما يروجون للفوضوية المسلحة، تقف وراء الاضطرابات.

وتم استنفار الحرس الوطني في ولاية مينيسوتا بكامله للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية بعد أربع ليال من أعمال الحرق والنهب والتخريب في أجزاء من منيابوليس، أكبر مدن الولاية، وكذلك في مدينة سان بول المتاخمة، وهي عاصمة مينيسوتا.

وإذ وجه وزير العدل وليام بار أصابع الاتهام إلى محرضين متطرفين، شدد حاكم مينيسوتا تيم وولز على أن حشد جنود الحرس الوطني في الولاية البالغ عددهم 13 ألفاً كان ضرورياً لأن محرضين من الخارج يستغلون الاحتجاجات على موت فلويد في نشر الفوضى، قائلاً: "نحن نتعرض للهجوم".

وليتمكن من استعادة سيطرته على الوضع، طلب وولز مساعدة وزارة الدفاع (البنتاغون)، التي وضعت وحدات للشرطة العسكرية في حالة تأهب لتتمكن من التدخل إذا احتاج الأمر، خلال مهلة أربع ساعات. وقانونياً، لا يمكنها التدخل إلا في حال عصيان.

ولم يمنع نشر 2500 شرطي وجندي من الحرس الوطني مساء الجمعة وفرض منع للتجول في مينيابوليس، تفاقم الوضع في المدينة التي شهدت عمليات نهب وإضرام حرائق عمداً. وقامت السلطات باعتقال نحو 1400 متظاهراً في 17 ولاية.

وفي ظل انتشار أعمال النهب على نطاق واسع، أعلنت شركة أمازون لتجارة التجزئة تعديل مساراتها في عدد من المدن بينها شيكاغو وإغلاق مقرات توصيل، خصوصاً بعد انتشار مقاطع مصورة لعمليات شغب وسلب لمتجر أبل في واشنطن.

في حين دعم عمدة نيويورك شرطة المدينة بعد اقتحام مركبة لتجمعات متظاهرين، دان المرشح الديمقراطي للرئاسة جو بايدن أمس العنف في الاحتجاجات، معتبراً أن حق الأميركيين في "الاحتجاج على الوحشية لا ينطبق على إحراق المدن والتدمير المجاني لها"، مؤكداً أن "العنف الذي يعرض حياة الناس للخطر ليس كذلك. العنف الذي يطال الأعمال التي تخدم المجتمع ويغلقها ليس كذلك".

انقسام وتوبيخ

ووسط تخوف المسؤولين في نحو عشر مدن من ازدياد أعمال العنف، الذي لم تشهده الولايات المتحدة الأهليّة منذ عقود، انقسم المتظاهرون حول أعمال العنف في ظل "الفوضى" التي تعم مينيابوليس.

وفي حين لم تمنع عبارة "من فضلك لا تحرق هناك أطفال يسكنون في الطابق العلوي" التي كتبت على لافتة معلقة على أحد المتاجر المحصنة في مينيابوليس، مرتكبو أعمال النهب من شق طريقهم إليه.

وقال شاب أميركي من أصل إفريقي، إن "السبب الوحيد لوجودنا هنا هو أن الشرطة تواصل قتل السود في جميع الأنحاء"، مؤكداً أنه جاء للتظاهر "بسلام" مع الأصدقاء.

وصرح جيري وهو أميركي أبيض يبلغ من العمر 29 عاما جاء للتعبير عن "تضامنه" أن "هناك جورج فلويد كثر في كل مدينة". وتساءل "ماذا يفترض بنا أن نفعل: نجلس ونتحمل؟".

وأكدت طالبة شابة سوداء "إنه أمر مخيف، لكنه ضروري" معتبرة أن التظاهرات السلمية لم تؤد إلى نتيجة. وأضافت "أحياناً نحتاج إلى الشر من أجل الخير".

ويعتقد آخرون أن العنف لا يجدي. وتقول فاي وهي امرأة سوداء تبلغ من العمر 34 عاماً وتعيش في مكان قريب "إنهم يزيدون الأمور سوءاً، سيعطون الشرطة أسباباً جديدة لإطلاق النار علينا".

وتعارض هذه الشابة التي تعيش فوق متجر محصن وتخشى فكرة الاحتراق، سلوك بعض السكان، وقالت "كنت متعاطفة مع القضية ولكني لا أريد أن أفقد كل أشيائي".

back to top