امرأة تنتقم من زوجها الغيور بالضربة القاضية

منعها من زيارة أهلها وحين طلقها للمرة الثالثة تزوجت صديقه

نشر في 20-05-2020
آخر تحديث 20-05-2020 | 00:00
امرأة تنتقم من زوجها الغيور بالضربة القاضية
امرأة تنتقم من زوجها الغيور بالضربة القاضية
نطق القاضي بالحكم، بعدم أحقية الأب في حضانة ابنه، بينما غادرت الأم قاعة المحكمة، ومعها طفلاها وزوجها، وتركت زوجها السابق يجر ساقيه المتعبتين، ويفكر في هذه النهاية المأساوية لقصة حب جارفة، ويسير بلا هدى في شوارع القاهرة، ولا يدري كيف سيعيش أيامه المقبلة، وقد تلقى درساً قاسياً لغيرته الزائدة وسلوكياته الغريبة، وفقد صديق عمره وزوجته وطفله، وانهارت حياته الأسرية، وأصابع الاتهام تحاصره من كل جانب.
لم يستغرق النظر في الدعوى أكثر من جلسة واحدة، عندما بدأت حكاية "عايدة وسامي" قبل نحو خمس سنوات، عندما التحق بالعمل كمهندس في إحدى الشركات، والتقى مصادفة أول فتاة خفق لها قلبه، وكانت صديقة لشقيقته الصغرى، وتقدم لخطبتها من أهلها، وتعرف عليها عن كثب، ووجد فيها مواصفات مثالية لشريكة العمر، وفي كل يوم يكتشف أنها ليست فائقة الجمال فقط، بل تتمتع بعقل متزن وخفة ظل، ووعدها بتحقيق أحلامها، وأنه لن يغضبها يوماً، وكان شرطه الوحيد أن تتفرغ تماماً لبيتها، وأن تكرس جهدها ووقتها لتربية أطفالهما في المستقبل.

لم تعترض عايدة على طلب خطيبها، لاسيما أنها لم ترغب في استكمال تعليمها بعد حصولها على شهادة الثانوية العامة، وكانت لديها قناعة بأن الزوج مسؤول عن نفقات المنزل، وعليها أن تتكفل بترشيد النفقات، وهذا أفضل من الضغوط التي يسببها عمل الزوجة، وعدم القدرة على التوفيق بين عملها وبيتها، ولكن القلق ساورها من غيرة خطيبها الزائدة، وطلبه الغريب بألا تخرج من المنزل من دون إذنه، بل إنه يهاتفها عدة مرات خلال اليوم، ليسألها عن مكانها، وحاولت أن ترضيه قدر ما تستطيع، وامتثلت لأوامره بدعوى أنه يخاف عليها من السير بمفردها.

ليلة العمر

تأهبت عايدة لليلة العمر، وتلاحقت أصوات الزغاريد في منزل أسرتها، وعلقت الزينات على واجهة البناية، وتوافد المهنئون من الأهل والجيران، واكتملت مراسم الزفاف في إحدى البواخر الراسية على ضفاف نهر النيل، ومرت أيام الزواج الأولى، والعروسان ينعمان بحبهما الذي فاضت به مشاعرهما، وحرص كلاهما على أن يرضي الآخر، ويوفر له الراحة والاستقرار.

وبعد انتهاء شهر العسل في مدينة الإسكندرية الساحلية، عاد العروسان إلى شقة الزوجية في القاهرة، وهما مقبلان على حياتهما الجديدة في سعادة، وأدركت عايدة أن زوجها لا يحب الخروج من المنزل، ويأتي بعد العمل مباشرة، ويتناول معها الغداء، وحين تطلب منه الذهاب إلى زيارة أهلها، يقول مبتسما: "أنا لا أحب الزيارات العائلية المتكررة، وإذا أرادوا زيارتنا فسأرحب بهم، ولديك هاتف للاتصال بهم والاطمئنان عليهم"، وتكرر رفضه لدعواتهم في مناسبات متفرقة، مما جعلها تشكو لأمها من هذا الأمر الغريب، وأن غيرته الزائدة جعلته يحيطها بسياج من العزلة، وكأنها تعيش مع سجان لا يكف عن مراقبة تصرفاتها، ويخشى من هروبها في أي وقت، ولا تدري ماذا يدور في ذهنه، وهل الزواج يعني أن تنقطع صلة الزوجة بالعالم الخارجي!

تساؤلات عدة دارت في عقل العروس الحسناء، وحاولت إقناع سامي بشتى الوسائل أن يكون لها قدر من الحرية، وليس هناك مبرر لحبسها في المنزل، أو الخروج معها كظلها، وكان رده جاهزاً: "هل ينقصك شيء؟ على الزوجة أن تطيع زوجها، ويكفي أنني أكرس حياتي من أجلك، ولا أخرج من المنزل إلا للذهاب إلى العمل، وأقضي معك بقية اليوم".

والحقيقة أن سامي كان يحب زوجته حباً مرضياً، ويغار عليها لجمالها، ولديه هاجس متعلق برؤيته الخاصة للمرأة، إذ فقد أمه عندما كان طفلاً، وتزوج والده من أخرى، وعانى قسوتها وإيذاءها البدني والنفسي له، وتحريضها الدائم لوالده ليحسن تربيته، وعاملته كخادم في المنزل، لكنه استطاع التفوق في دراسته، وتأهل للالتحاق بالجامعة، وحينها قرر أن يترك المنزل، ويبحث عن عمل يحرره من أغلال زوجة أبيه.

وترسخت هذه العقدة النفسية في داخله، وبات لا يرغب في الزواج، ولكن المصادفة التي جمعته بعايدة، قلبت موازين حياته، وخفق قلبه لأول مرة، وحينها كان في زيارة لوالده المريض، ووجدها جالسة مع شقيقته، وبدأ يتحرى عنها، وتقدم لخطبتها، وحين اطمأن لأخلاقها وطبائعها، سرد عليها رحلة شقائه مع زوجة أبيه، وأنه لا يرغب في افتعال المشاكل، ويحلم أن يربي أطفاله، ويضمن لهم حياة سعيدة، حتى لا يرثون مأساته التي عاشها.

الغيرة القاتلة

حاولت عايدة أن تجد معنى لتصرفات زوجها، وتحدثت معه أكثر من مرة، ليسمح لها بالخروج بمفردها، واعتبرت أن غيرته الزائدة أمر طبيعي، مما جعلها تطيل الجلوس أمام المرأة، والاهتمام بزينتها، لكنها أحست أن جمالها نقمة دفعتها إلى العيش خلف أسوار عالية، وأن سجانها لا يعترف بحقها المشروع في ممارسة حياتها بشكل طبيعي، وباءت محاولاتها بالفشل لإقناعه بأنها قادرة على حماية نفسها.

وفي كل مرة ينصت إليها مبتسماً، ثم يدخل إلى الغرفة، ويرتدي ملابس الخروج، ويقول لها: "أمامك دقائق لتجهزي لنخرج معاً"، وحينها تتملكها مشاعر متضاربة، وتمتثل لأوامره، وتطرد هواجسها من رأسها، وما سيحدث لها بعد ذلك، ولكن القلق يساورها في العيش مع هذا الزوج الغريب الأطوار، والذي يغدق عليها بالهدايا ولا يرفض لها طلباً، عدا شيء واحد، هو أن يحررها من قيودها، ولازمها إحساس بالخوف الغامض من هذا الرفض والمراوغة حتى لا تخرج بمفردها لزيارة أهلها، بينما يصطحبها إلى المنتزهات ودور السينما، وكأنه يؤدي واجباً مفروضاً عليه، ولا يكف عن النظر في ساعته، والتململ من مرور كل هذا الوقت خارج المنزل.

تحولت حياة عايدة إلى جحيم، وصارت سجينة بين جدران الشقة، وتنتظر من سجانها أن يطلق سراحها، وحاولت أن تقضي وقتها في أعمال المنزل، ومشاهدة التلفزيون، والحديث مع أهلها عبر الهاتف، وظلت تبرر لهم عدم زيارتها لهم بأن زوجها يخاف عليها، وخفف عنها أنها ستصير أماً بعد شهور قليلة، وتحاملت على نفسها من أجل المولود المنتظر، وزاد اهتمام زوجها بتلبية طلباتها، والعمل على راحتها، وهو لا يخفي سعادته، والتفكير في مستقبل طفله، وتجهيز غرفة خاصة له.

لم تقتصر سعادة الزوج الغيور على انتظار طفله الأول فقط، بل اطمأن أن زوجته ستكرس جل وقتها لطفلها ومنزلها، وستنتهي الخلافات بينهما حول رغبتها في زيارة أهلها، فقد أصابته زوجة أبيه بعقدة لا سبيل لشفائه منها، لا سيما أن والده وقف مكتوف الأيدي إزاء تحريضها وقسوتها، ورغم أنه قرر العيش في سكن مستقل، فإنه ارتبط بأشقائه من أبيه بعلاقة وثيقة، ولم تفلح محاولات أمهم في التفرقة بينهم، لا سيما أنه كان الشقيق الأكبر لهم، حتى أصيب والده بمرض عضال، وبات طريح الفراش، حتى وافاه الأجل، وبقيت علاقته بزوجة أبيه تشوبها كراهية متبادلة.

ولادة متعسرة

ومرت الشهور بطيئة في انتظار المولود، وعانت عايدة آلام الولادة المتعسرة، واضطر سامي للانقطاع عن العمل لرعايتها، وذهب بها إلى أحد المستشفيات الخاصة، وتجمع الأهل والأقارب حوله، وأخبره الطبيب بقدوم طفله المنتظر، ولكن الأم ستبقى فترة في العناية الفائقة، لأن حالتها سيئة، وتضاربت مشاعر الزوج بين الفرح بطفله الأول، والحزن لمعاناة زوجته، وانقطعت علاقته بالعالم الخارجي، وظل يقيم في المستشفى حتى تماثلت عايدة للشفاء.

حاولت والدة عايدة إقناع سامي بأن ابنتها بحاجة لمن يرعاها بعد شهور الحمل والولادة، ولكنه رفض أن تذهب إلى بيت أسرتها خلال فترة النقاهة، وطمأن حماته أنه أخذ إجازة طويلة من عمله، حتى يكون بجوار زوجته، واستأذن منها لإنهاء إجراءات خروجها من المستشفى، وبعد دقائق اصطحبها وطفلهما إلى المنزل، وأدركت عايدة أن سجانها سيمارس من جديد هوايته المفضلة، ويمنعها من الخروج بمفردها، أو حتى مع طفلها، وانسالت دموعها في صمت.

وحانت الفرصة للزوج الغيور، ليحسم خلافه مع زوجته، عندما فوجئ بزيارة غير متوقعة من حماته وبعض أفراد أسرة عايدة، واستقبلهم بحفاوة مصطنعة، ولكنهم بادروا بعتابه لمنعها من زيارتهم، وأنه يقطع صلة الرحم، وهذا شيء غير مقبول، وانتظر سامي حتى انتهوا من حديثهم، وساد الصمت لحظات، ثم قال: "أنا أخاف على زوجتي أكثر منكم، ولم أقصر في حقها، وعليها أن ترعى طفلنا، وهذا أفضل من الثرثرة والنميمة، وبيتي مفتوح لكم لزيارتها، فأهلاً بكم في أي وقت"، وبعدها نهض واقفاً إيذاناً بانتهاء الزيارة، فصرخت الأم قائلة: "ابنتنا ستذهب معنا ولن تعيش معك"، فقال لها: "هل تريدين أن تدمري حياة ابنتك، دعيها وشأنها إنها سعيدة معي"، وهنا قالت عايدة: "اذهبي يا أمي واطمأني أنا بخير".

لم يكتفِ سامي بإحراز الفوز في هذه الجولة، بل هدد زوجته إذا اشتكت مرة أخرى إلى أهلها، وقال: "عليك أن تخجلي من نفسك، فأنت أم ومسؤولة عن طفل، ومازلت تريدين الزيارات والكلام الفارغ، ولا ينقصك شيء حتى تشتكين لأمك، انتبهي إلى بيتك وطفلك وزوجك أفضل من تدمير حياتك، فساعتها لن ينفعك أحد".

همسات الشيطان

كان رفض سامي قاطعاً، حتى وصل مع عايدة إلى مفترق الطرق، واشتعلت الخلافات بينهما، وألقى عليها يمين الطلاق، ووجدت عايدة نفسها مطلقة، وتحمل طفلها وحقيبتها، وتمضي إلى بيت أسرتها في وقت متأخر من الليل، وبعد تدخل الأهل والأصدقاء، عادت إلى زوجها من جديد، ولكن الخلافات تجددت، وكانت الطلقة الثانية ثم الثالثة التي حالت بينهما إلى الأبد.

بحث سامي عن حل للخروج من هذا المأزق، وحكى لصديقه حكيم ما حدث وأنه لا يستطيع الاستغناء عن عايدة مهما كانت الأسباب، وهو يعرف ما هو حكم "المحلل" من الناحية الدينية، وأن ما ينتويه يعد استحلال شيء مؤثم، وسول له الشيطان بهمسات كالفحيح أنها الطريقة الوحيدة لاسترداد زوجته، وفي البداية تردد صديقه في قبول هذا الأمر، وقال: "واضح أنك جننت وهل توافق عايدة على ذلك؟"، والمفاجأة أنها وافقت على الفكرة، وهي لا تنوي الرجوع إلى سامي مرة أخرى. حتى لو طلقت من زوجها الجديد، لأنها أرادت أن تنتقم منه، وتسدد إليه ضربة قاضية لا ينساها طوال حياته.

ومرت الأيام والشهور من دون أن يطلق كريم زوجته، التي عوضته سنوات الشقاء والتعاسة مع زوجة متسلطة، حولت حياته إلى جحيم، فطلقها دون رجعة، وآل على نفسه ألا يتزوج مرة أخرى، ولكنه لا يدري كيف وافق على فكرة صديقه، لتمضي به الأيام مع زوجة مكتملة الأخلاق، والأوصاف، وترفض أن يطلقها، لأنها لن تعود مرة أخرى إلى سجان يريد أن يحجبها عن الناس.

ورفضت عايدة محاولات تطليقها للعودة إلى عصمة سامي، وخصوصاً أنها أصبحت متزوجة من رجل آخر، وأنجبت منه طفلاً، وتعيش معه في سعادة واستقرار، ويرعاها مع طفليها بكل حب وحنان، رغم أن أحدهما ليس من صلبه، ولا يفرق بينهما في المعاملة، فضلاً عن نفوره الدائم من المشاحنات، والسماح لها بزيارة أهلها وصديقاتها، وأيقنت أنه الزوج المثالي الذي حلمت بالعيش معه حتى آخر العمر.

وأصاب سامي اليأس، وفكّر في الانتقام من طليقته، ورفع دعوى لحضانة الطفل، ولم يكن القاضي في حاجة أكثر من جلسة واحدة، حتى يرفض هذه الدعوى لعدم أحقية الأب في حضانة ابنه، وغادرت عايدة قاعة المحكمة، مع زوجها وطفليها، بينما زوجها السابق يتحامل واقفاً، ويسير بخطوات بطيئة، ويطرق رأسه حزناً وندماً.

عايدة تعثر على السعادة المفقودة في منزل زوجها المثالي

الخلافات تشتعل بين السجان والعروس الحسناء في عش الزوجية

كريم وجد في عايدة ضالته وعوضته سنوات الشقاء والتعاسة

المحكمة ترفض دعوى الأب لعدم أحقيته في أخذ طفله من زوجته السابقة
back to top