قاتل والده ينتحر بعد العثور على قبر في غرفته!

ارتكب جريمته البشعة من أجل المخدرات ودفن الجثة تحت السرير

نشر في 17-05-2020
آخر تحديث 17-05-2020 | 00:00
No Image Caption
دارت أحداث هذه الجريمة المروعة في إحدى المناطق الشعبية بمحافظة الجيزة في مصر، وأدمت القلوب بتفاصيلها المأساوية، وراح ضحيتها الأب المسالم، بطعنات غادرة من نجله مدمن الأقراص المخدرة، وتوهم الجاني أنه سيفلت من العقاب، ويضلل العدالة بإبلاغه عن اختفاء والده، وحين أدرك أن الشرطة ستلاحقه، انطلق بدراجته النارية وانتظر قدوم القطار، قبل أن تتطاير أشلاؤه فوق القضبان.
ضاق الأب بسلوكيات ابنه الوحيد، وكثرة طلبه للمال لشراء أقراص مخدرة، وهدده بطرده من المنزل، وأمره بالبحث عن عمل، والاهتمام بطفلته المريضة، وأن يبتعد عن أصدقاء السوء، لكن الشاب صم أذنيه عن نصائح أبيه، وسول له الشيطان أن ينتقم منه، دون وازع من ضمير، وخطط لتنفيذ جريمته النكراء، ولعبت برأسه الأوهام تحت تأثير المادة المخدرة، وسقط المجني عليه مضرجاً في دمائه.
بدأت خيوط هذه المأساة منذ سنوات، عندما رزق الحاج صابر وزوجته الأولى بطفلهما الوحيد، وحينها كان موظفاً بسيطاً في إحدى المؤسسات الحكومية، وكرس حياته لإسعاد أسرته الصغيرة، وأصر أن يكمل "سامي" تعليمه، ولكن الأخير اكتفى بحصوله على مؤهل متوسط، وتنقل من عمل إلى آخر، حتى استقر في مهنة "نقاش" وتزوج من ابنة أحد الجيران، وأقام في شقة بمنزل والده.

أصدقاء السوء

اقرأ أيضا

في أحد الأيام، رحلت زوجة الحاج صابر، إثر معاناة طويلة مع المرض، وتوافد أهل المنطقة لمواساة جارهم الطيب، وبعد انتهاء مراسم العزاء، صعد صابر إلى شقته، وأغلق عليه الباب، وتملكه الأرق طيلة هذه الليلة، بينما حاول إبنه أن يخفف عنه، ويخرجه من عزلته دون فائدة، فقال له: "إلى متى ستتحمل هذه الوحدة؟" فأجابه قائلاً: "لقد سئمت الحياة بعد وفاة والدتك، ولا أريد منك سوى أن تتحمل مسؤولية زوجتك وطفلتك، وتهتم بعملك بدلاً من إضاعة الوقت مع أصدقاء السوء".

فؤجئ سامي بتلميحات والده، لكنه لم يعلق بشيء وهبط إلى شقته غاضباً، ونادى على زوجته، وأمرها بأن تكف عن الشكوى لأبيه، لكنها ظلت واجمة، وتنظر إليه نظرات غريبة، فسألها عن الأمر، فأجهشت في البكاء وقالت: "سوسن مريضة وحالتها سيئة" وكانت الطفلة راقدة في فراشها، وقد أصابتها نزلة برد حادة، وأسرع سامي لإحضار الطبيب، وقال الأخير: "ابنتك مصابة بالتهاب رئوي، وتحتاج إلى علاج مكثف ورعاية تامة".

ذهب سامي لإحضار الدواء، وحين عاد وجد والده جالساً مع حفيدته، وطمأنه قائلاً: "سوسن بخير والأطفال في سنها يتعرضون لهذه الأمراض" وأعطاه نقوداً كي يشتري لها ما تحتاجه من طعام، ونصحه مرة أخرى أن يهتم بأسرته وعمله، ويكف عن تناول الأقراص المخدرة، حتى لو تطلب الأمر أن يذهب إلى مصحة لعلاج الإدمان، وينقذ نفسه من الهلاك في بحر السموم.

كان سامي قد تزوج منذ عشر سنوات من إحدى فتيات المنطقة، واستقر به الحال في عش الزوجية البسيط، واتفقا على السير معاً وتخطي العقبات، ورُزقا طفلة باتت محور حياتهما، ولكن الخلافات تفجرت بينهما، إثر إدمانه الأقراص المخدرة، وأضحى الشجار اللغة السائدة بينهما، وتبدلت حياة الشاب الوديع، وصار أسيراً للسموم، التي أهلكت ما تبقى من قواه التي خارت، ويفرح بحصوله على عمل لتنفيذ أعمال النقاشة في إحدى الشقق مقابل مبلغ مالي سرعان ما ينفقه على "الكيف" ومصروفاته الشخصية ثم يلجأ بعدها للاقتراض من والده.

حياة زائفة

حاول الموظف البسيط تقويم سلوكيات نجله وطالبه بضرورة الاعتناء بصحته والاهتمام بتوفير نفقات أسرته، لكن دون جدوى، حتى ضاق الأب بأحوال ابنه الوحيد، واستشعر اليأس من تقويم سلوكه المنحرف، ولكنه لم يستطع أن يقف مكتوف الأيدي، أمام حفيدته سوسن التي ملأت حياته ببراءتها، وظل يغدق عليها بالهدايا، ويتكفل بكل ما تحتاجه، لاسيما بعد التحاقها بالمدرسة الابتدائية.

دارت الأفكار في رأسه، وأراد أن يضع حدا لحياته الزائفة في عالم الإدمان، وقد أصابه الفزع على ابنته، واستأنف عمله من جديد، ليوفر كل متطلبات أسرته، وحين تماثلت سوسن للشفاء، غمرته السعادة، وقرر الاحتفال بهذه المناسبة، ودعا جميع أفراد أسرته وبعض أصدقائه للغداء، وحينها اقترب منه أحد أقاربه، وقال: "هل ستترك والدك غارقاً في أحزانه؟ فقال: هذه رغبته أن يعيش وحيداً"، فقال الرجل: "لقد وجدت له عروسة مناسبة لتعيش معه بقية عمره، فهل تمانع في ذلك؟ فأجابه سامي: المهم أن يقتنع والدي بالزواج مرة أخرى".

كانت كوثر أرملة خمسينية، توفى زوجها منذ سنوات، ولم تنجب منه، وتمت بصلة قرابة للحاج صابر، واقتنع الأخير بأنها الزوجة المناسبة، لاسيما أنه على أبواب التقاعد، وبلوغ سن الستين، واتفق مع أهلها على الاكتفاء بعقد القران دون إقامة حفل زفاف، وفي إحدى الليالي، توقفت سيارة أمام منزل الحاج صابر، ونزلت العروس بصحبة عريسها، ومعها بعض حقائبها، وصعدا إلى الطابق الأخير، ومن خلفهما أطلقت زوجة سامي زغرودة مدوية، فنهرها العريس قائلاً: "كفي عن هذا الهراء".

ارتضت كوثر أن تعيش مع زوجها حياة هادئة، وكانت طبائعهما لا تميل إلى إثارة المشاكل، وكلاهما خاض تجربة الفقد، ويبحثان عن الاستقرار في خريف العمر، وفي هذا الوقت بدأ صابر في إنهاء إجراءات تقاعده، وحصل على مكافأة نهاية الخدمة، وأراد استثمارها في مشروع، يدر عليه دخلاً شهرياً، ولكن كوثر اقترحت عليه أن يودع نقوده في أحد البنوك، حتى يريح نفسه من عناء العمل، وراقت له الفكرة، بينما ابنه سامي شعر أن زوجة أبيه، تريد حرمانه من المساعدات المالية التي يأخذها بين حين وآخر من والده.

الطريق المسدود

عاد سامي إلى سيرته الأولى، وتقاعس عن العمل أياما طويلة، حتى ضاقت زوجته بتصرفاته غير المبالية، واشتعلت الأزمات بينهما، ووصلت إلى طريق مسدود، بينما تمكن الإدمان من حياته، وبات يخلط بين الأوهام والحقيقة، وعدم الاكتراث بما حوله، وقررت المرأة أن تغادر المنزل مع طفلتها، وطلبت من أهلها الانفصال عن هذا الزوج الغافل، وانتهت المفاوضات إلى طلاقها، وحينها لم يكترث المدمن بشيء، وخيل له الشيطان أن تحرر من قيود الزواج، ورفض الإنفاق على طفلته، وحينها لجأت طليقته للقضاء، وصدر الحكم بإلزامه بنفقة شهرية.

تلاشت أوهام سامي في الحرية دون قيود، ووجد نفسه محاصراً بالالتزامات من جديد، ولكن أصدقاء السوء أوعزوا إليه أن يطلب من والده المساعدة، باعتباره ابنه الوحيد، وحذروه من أن زوجة أبيه ستستحوذ على جزء كبير من ميراثه، وحتى يأتي هذا اليوم عليه أن يأخذ حقه كاملاً دون نقصان، ولعبت الأفكار الدنيئة في رأسه، وابتلع مزيداً من الأقراص المخدرة، حتى بات يخلط بين الجد والهزل مع جيرانه، وينطلق بدراجته النارية بأقصى سرعة، ويدور في شوارع المنطقة، ويعود إلى منزله في ساعة متأخرة من الليل، ويظل نائماً حتى الغروب.

سئم الحاج صابر من سلوكيات نجله الطائش، ورفض منحه أي مبالغ أخرى، وتصاعدت حدة الخلافات بينهما، وتدخل الأهل لفض النزاع، وأخذوا عهدا على سامي أن يثوب إلى رشده، وأنه قد بلغ الثلاثين من عمره، ولم يعد صبياً صغيراً، وعليه أن يعتمد على نفسه، ويتحمل مسؤولية طفلته، ومن جانبه قال والده: "لن أتأخر في مساعدة ابني الوحيد، ولكن عليه أن يعدني بأن يقلع عن الإدمان، ويفكر في مستقبله، وحينها سأعطيه كل ما يطلبه".

انتهت المفاوضات بين سامي ووالده، دون أن يحصل الإبن الطائش على المال، ووجد نفسه في دائرة مغلقة، وعجز عن التفكير في الخروج من هذا المأزق، واستبعد أن يفي والده بوعده في منحه المال، إذا أقلع عن المخدرات، وأن هذا كلام لا طائل من ورائه، وقد حاول أكثر من مرة أن يتخلص من الإدمان دون فائدة، بل أن الأيام التي يعمل فيها، كان ينفق أجره في شراء السموم، بل أنه كان معرضاً للحكم عليه بالسجن، لولا أن والده يسدد نيابة عنه نفقته الشهرية لطليقته، بدافع إنساني يتعلق بحفيدته التي لا ذنب لها في هذه الأزمات.

فكر سامي أن يستميل زوجة أبيه لصفه، وأن تقنع والده بمساعدته، ولكنها أخبرته أنها لا تريد أن تتدخل بينهما، ونصحته أن يثبت لوالده استقامته، وحينها لن يتخلى عنه، وأنها تتمنى مساعدته لأنه بمنزلة الإبن الذي حرمت من إنجابه، وتريد أن تقضي بقية حياتها في هدوء، ووعدته أنها لن تدخر جهداً في تصفية الأجواء بينهما، مقابل أن يعدها بالإقلاع عن المخدرات.

انطلق الشاب المستهتر بدراجته النارية بأقصى سرعة، ورأسه تدور بأفكار متضاربة، وكلما عجز عن التفكير، زاد سخطه على أبيه، وبات في طريق بلا عودة، وقد جرفه تيار الإدمان بعيدا عن طوق النجاة، حتى أصحاب العمل كفوا عن تشغيله معهم، لعدم قدرته على تحمل التعب، وتعرض للسخرية من زملائه، وهو ينصرف قبل انتهاء ساعات الدوام، وبكتفي بالحصول على أجر نصف يوم، وحين يعاود الكرة لا يجد إلا أبواباً موصدة.

مفاجأة صادمة

بدت الأجواء مستقرة داخل الشارع الضيق، وحركة المارة طبيعية، وحين عادت كوثر من زيارة أهلها، فتحت باب شقتها، ونادت على زوجها صابر، وبحثت عنه في كل مكان، وساورها القلق أن يكون قد حدث له مكروه، وأسرعت بالنزول إلأى شقة سامي، وأبلغته بإختفاء والده، وهرع الإبن يبحث عن والده، وبعد ساعات ذهب إلى قسم الشرطة، وقدم بلاغاً بغياب أبيه عن المنزل.

تفحص الضابط هيئة المبلغ عن اختفاء أبيه، وأدرك أن هذا الشاب يعاني من مرض أو يتعاطى المخدرات، وانتظر ما تسفر عنه اللحظات القادمة، وتحركت قوة الشرطة في اتجاه منزل الحاج صابر، لمعاينة الشقة، وغادروا المكان دون العثور على أدلة تقودهم لكشف غموض اختفاء العجوز، أو العثور على خيط يفضي إلى حدوث جريمة، وتكثفت التحريات عن تحركات المفقود، وكشفت أن ابنه سامي كان دائم الخلاف معه لأسباب مالية، وأن والده كان غاضباً منه، لإدمانه المخدرات.

وبعد أيام أفاقت كوثر من أحزانها، وانتبهت إلى رائحة غريبة، تنبعث في الشقة، ولا تستطيع تبيان مصدرها، وارتابت في الأمر، وأدركت أن ثمة شيئاً تعرض له زوجها المختفي، وسارعت بالذهاب إلى قسم الشرطة، للإبلاغ عن تلك الرائحة الغريبة، وبعد دقائق معدودة وصلت معها قوة من رجال المباحث وفرضوا طوقاً أمنياً حول المنزل، واقتحموا شقة سامي، الذي اختفى عن الأنظار، ووقعت أعينهم على "البطاطين" الملطخة بالدماء، وأيقن الضابط أنه أمام جريمة قتل، وأسفرت المعاينة عن وجود آثار رمال وأسمنت بأحد الأركان، قادتهما إلى غرفة الابن المختفي.

وكان رجال الشرطة على موعد مع مفاجأة صادمة، وعثروا على قبر أسمنتي أسفل السرير، وبفتحها تبين وجود جثة الأب، وبدأت رحلة البحث عن القاتل، والذي فشل في إخفاء جريمته، وحين تفشت الرائحة في أرجاء المنزل ذي الطابقين، فر هاربا بدراجته النارية، وأكد الجيران أن المجني عليه كان رجلاً مسالماً، وأجمعوا على توتر علاقته بنجله وأنهما دائما الشجار بسبب رفض الأب منح ابنه المال لشراء المخدرات، وهذه الرواية صدَّقت عليها كوثر زوجة القتيل.

وعلى مدار يوم كامل، حاول رجال المباحث تضييق الخناق على المتهم، ونشر أوصافه على الأقسام والكمائن، وتم استهدافه بمأموريات في الأماكن التي يتردد عليها، إلا أن جهود الشرطة لم تكلل بالنجاح وكأنه تحول إلى سراب، وبحلول المساء تلقى قسم الشرطة التابع لقطاع شمال الجيزة، إشارة من شرطة النجدة بالعثور على جثة على شريط السكة الحديد بدائرة قسم شرطة إمبابة تحمل أوصافاً مشابهة للمتهم المطلوب ضبطه وإحضاره على خلفية اتهامه بقتل والده، وتبين تطابقها مع الجاني، إذ أقدم على الانتحار تحت عجلات القطار لتتناثر أشلاؤه على السكة الحديدية وليسدل الستار على إحدى أبشع الجرائم التي سجلتها محاضر الشرطة المصرية خلال العام الماضي.

الأب المسالم يرفض إعطاء ابنه المال لشراء الأقراص المخدرة

زوجة سامي تطلب الطلاق عقب تدهور حالة زوجها بسبب الإدمان

زوجة الأب تبلغ عن انبعاث رائحة غريبة مجهولة المصدر

الابن العاق ينطلق بدراجته النارية بعيداً عن أعين الشرطة

الضابط ساورته الشكوك بعد معرفة أن المبلغ عن اختفاء أبيه مدمن مخدرات
back to top