وفاة جليعاد وتنصيب ابنه وردخان ملكاً (20 - 30)

الملك يوصي ولده بعشر خصال فيها نجاته

نشر في 17-05-2020
آخر تحديث 17-05-2020 | 00:00
No Image Caption
تستكمل شهرزاد في هذه الحلقة، حكاية الملك العادل والملك الجائر، التي بدأتها في الحلقة السابقة على لسان وردخان ابن الملك جليعاد أمام العلماء والحكماء، ويرد فيها على أسئلة شماس. وتوقفت فيها عندما ذهب التاجر إلى أرض الملك الجائر وقوله لست بتاركك تأخذ معيشتك من أرضي حتى تفدي نفسك بهذا المال جميعه.
في الليلة الثمانية والثمانين بعد الخمسمئة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الملك الجائر قال للتاجر الذي يريد أن يشتري الجواهر من أرضه لا يمكن أن تأخذ معاشاً من أرضي حتى تفدي نفسك بهذا المال وتهلك، فقال الرجل في نفسه: وقعت بين ملكين وقد علمت أن جور هذا الملك عام على كل من أقام بأرضه، فإن في أرضه هلاكي وذهاب المال لا بد منهما ولم أصب حاجتي، وإن أعطيته جميع المال كان هلاكي عند الملك صاحب المال ولا بد منه وليس لي حيلةٌ سوى أن أعطيه من هذا المال جزءاً يسيراً وأرضيه به وأذهب عن نفسي وعن هذا المال الهلاك وأصيب من خصب هذه الأرض قوت نفسي حتى أبتاع ما أريد من الجواهر وأكون قد أرضيته بما أعطيته وآخذ نصيبي من أرضه هذه وأتوجه إلى صاحب المال بحاجته فإني أرجو من عدله وتجاوزه ما لا أخاف معه عقوبة فيما أخذه هذا الملك من المال خصوصاً إذا كان يسيراً. ثم إن التاجر دعا الملك وقال له: أيها الملك أنا أفدي نفسي وهذا المال بجزء صغير منه منذ دخلت أرضك حتى أخرج منها، فقبل الملك منه ذلك وخلى سبيله سنة فاشترى الرجل بماله جميعه جواهر وانطلق إلى صاحبه، فالملك العادل مثال للآخرة والجواهر التي بأرض الملك الجائر مثل الحسنات والأعمال الصالحة والرجل صاحب المال مثل من طلب الدنيا والمال الذي معه مثال الحياة للإنسان، فلما رأيت ذلك علمت أنه ينبغي لمن طلب المعيشة في الدنيا ألا يخلي يوماً عن طلب الآخرة فيكون قد أرضى الدنيا بما ناله من خصب الأرض وأرضى الآخرة بما يصرف من حياته.

الجسد والروح

اقرأ أيضا

قال الشماس: فأخبرني عن الجسد والروح سواء في الثواب والعقاب أو إنما يختص بالعقاب صاحب الشهوات وفاعل الخطيئات، قال الغلام: قد يكون الميل إلى الشهوات والخطيئات موجبات للثواب بحبس النفس عنها والتوبة منها والأمر بيد من يفعل ما يشاء وبعدها تتميز الأشياء، على أن المعاش لا بد منه للجسد، ولا جسد إلا بالروح، وطهارة الروح بإخلاص النية في الدنيا والالتفاتات إلى أن ينفع في الآخرة فهما فرسا رهان ورضيعا لبان ومشتركان في الأعمال وباعتبار النية تفصيل الإجمال وكذلك الجسد والروح مشتركان في الأعمال وفي الثواب والعقاب وذلك مثل الأعمى والمقعد اللذين أخذهما رجل صاحب بستان وأدخلهما فيه وأمرهما ألا يفسدا به ولا يصنعا فيه أمراً يضر به. فلما طابت أثمار البستان قال المقعد للأعمى: ويحك أني أرى أثمار طيبة وقد اشتهيناها ولست أقدر على القيام إليها لآكل منها فقم أنت لأنك صحيح الرجلين وائتنا منها بما نأكل، فقال الأعمى: ويحك قد ذكرتها لي، وقد كنت عنها غافلاً ولست أقدر على ذلك لأني لست أبصرها، فما الحيلة في تحصيل ذلك، فبينما هما كذلك إذ أتاهما الناظر على البستان وكان رجلاً عالماً فقال له المقعد، ويحك يا ناظر إنا قد اشتهينا شيئاً من هذه الثمار ونحن كما ترى أنا مقعد وصاحبي هذا أعمى لا يبصر شيئاً فما حيلتنا؟

الأعمى والمقعد

فقال لهما الناظر: ويحكما لستما تعلمان ما عاهدكما عليه صاحب البستان من أنكما لا تتعرضان لشيء مما يؤثر فيه من الفساد فانتهيا ولا تفعلا، فقالا له: لا بد لنا من أن نصيب من هذه الثمار ما نأكله فأخبرنا بما عندك من الحيلة فلما لم ينتهيا عن رأيهما، قال لهما: الحيلة في ذلك أن يقوم الأعمى ويحملك أيها المقعد على ظهره ويدنيك من الشجرة التي تعجبك ثمارها حتى إذا أدناك منها تجني أنت ما أصبت من الثمار فقام الأعمى وحمل المقعد وجعل يهديه إلى السبيل حتى أدناه إلى شجرة فصار المقعد يأخذ منها ما أحب ولم يزل ذلك دأبهما حتى أفسدا ما في البستان من الشجر وإذا بصاحب البستان قد جاء وقال لهما: ويحكما ما هذه الفعال؟ ألم أعاهدكما على أن لا تفسدا في هذا البستان؟ فقالا له: قد علمت أننا لا نقدر أن نصل إلى شيء من الأشياء لأن أحدنا مقعد لا يقوم والآخر أعمى لا يبصر ما بين يديه فما ذنبنا؟ فقال لهما صاحب البستان: لعلكما تظنان أني لست أدري كيف صنعتما وكيف أفسدتما في بستاني كأني بك أيها الأعمى قد قمت وحملت المقعد على ظهرك وصار يهديك السبيل حتى أوصلته إلى الشجر، ثم أنه أخذهما وعاقبهما عقوبةً شديدةً وأخرجهما من البستان. فالأعمى مثال للجد لأنه لا يبصر إلا بالنفس والمقعد مثال للنفس التي لا حركة لها إلا بالجسد وأما البستان فأنه مثال للعمل الذي لا يجازي به العبد والناظر مثال للعقل الذي يأمر بالخير وينهي عن الشر، فالجسد والروح مشتركان في الثواب قال له الشماس: قد صدقت وأنا قبلت قولك هذا فأخبرني أي العلماء عندك أحمد؟ قال الغلام: من كان بالله عالماً وينفعه علمه قال الشماس: ومن ذلك ؟ قال الغلام: من يلتمس رضا ربه ويتجنب سخطه قال فأيهم أفضل؟ قال الغلام: من كان بالله أعلم قال الشماس: فمن أشدهم اختباراً؟ قال: من كان على العمل بالعلم صباراً قال الشماس: أخبرني من أرقهم قلباً ؟ قال: أكثرهم استعداداً للموت وذكراً وأقلهم أملاً لأن من أدخل على نفسه طوارق الموت كان مثل الذي ينظر في المرآة الصافية فإنه يعرف الحقيقة ولا تزداد المرآة إلا صفاء وبريقاً. قال الشماس: أي الكنوز أحسن ؟ قال: كنوز السماء قال: أحسن قال: تعظيم الله وتحميده قال: فأي كنوز الأرض أفضل؟ قال: اصطناع المعروف. قال: فأي الكذب أحسن مع أنه كله قبيح؟ قال الغلام: الكذب الذي يضع عن صاحبه الضرر ويجر النفع قال: وأي الصدق قبيح وإن كان كله حسناً ؟ قال الغلام: كان الإنسان بما عنده وإعجابه به، قال: وما أقبح القبيح؟ قال الغلام: إذا أعجب الإنسان بما ليس عنده، قال: فأي الرجال أحمق؟ قال الغلام: من كان ليس له همة إلا في شيء يضعه في بطنه. . وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وصية جليعاد

وفي الليلة التاسعة والثمانين بعد الخمسمئة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الشماس توجه للملك وقال: أيها الملك أنت ملكنا ولكن نحب أن تعهد لولدك بالملك من بعدك ونحن الرعية فعند ذلك حث الملك من حضر من العلماء والناس على أن ما سمعوه منه يحفظونه ويعملون به وأمرهم أن يمتثلوا أمر ابنه فإنه جعله ولي عهده من بعده ليكون خليفة على ملك والده وأخذ العهد على جميع أهل مملكته من العلماء والشجعان والشيوخ والصبيان وبقية الناس ألا يتخلوا عليه ولا ينكثوا عليه أمره، فلما أتى على ابن الملك سبع عشر سنة مرض الملك مرضاً شديداً حتى أشرف على الموت وقال لأهله: هذا داء الموت قد نزل بي فادعوا إلي أقاربي وولدي وأجمعوا إلي أهل مملكتي حتى لم يبقى منهم أحد إلا ويحضر فخرجوا ونادوا الناس حتى حضروا ودخلوا على الملك، ثم قالوا له: كيف أنت أيها الملك وكيف ترى نفسك من مرضك هذا؟ قال لهم الملك: إن مرضي هذا هو القاضي، ثم قال لابنه: ادن مني فدنا منه الغلام وهو يبكي بكاءً شديداً والملك قد دمعت عيناه وبكى كل من حضر ثم قال الملك لولده: لا تبك يا ابني فإني لست بأول من جرى له هذا الأمر المحتوم لأنه جار على الجميع فاتق الله وأعمل خيراً يسبقك إلى الموضع الذي تقصده جميع الخلائق ولا تطع الهوى واشغل نفسك بذكر الله في قيامك وقعودك ويقظتك ونومك واجعل الحق نصب عينيك وهذا آخر كلامي معك والسلام. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة التسعين بعد الخمسمئة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الملك جليعاد لما أوصى ولده بهذه الوصية وعهد له الملك من بعده قال الغلام لأبيه: قد علمت يا أبي أني لم أزل لك مطيعاً ولوصيتك حافظاً ولأمرك منفذاً ولرضاك طالباً وأنت لي نعم الأب فكيف أخرج بعد موتك عما ترضى به وأنت بعد حسن تربيتي مفارق ولا أقدر على ردك وعلى هذا حفظت وصيتك وصرت بها سعيداً وصار لي النصيب الأكبر.

فقال له الملك وهو في غاية الاستغراق من سكرات الموت: يا ابني إلزم عشر خصال ينفعك الله بهن في الدنيا والآخر وهن: إذا اغتظت فاكظم غيظك وإذا بليت فاصبر وإذا نطقت فاصدق وإذا وعدت فأوف وإذا حكمت فأعدل وإذا قدرت فاعطف وأكرم قوادك وأصفح عن أعدائك وأبذل معروفك لعدوك وكف أذاك عنه. والزم أيضاً عشر خصال أخرى ينفك الله بها في أهل مملكتك وهن: إذا قسمت فأعدل وإذا عاقبت بحق فلا تجر وإذا عاهدت فأوف بعهدك وأقبل النصح وأترك اللجاجة وإلزم الرعية بالاستقامة على الشرائع والسنن الحميدة وكن حاكماً عادلاً بين الناس حتى يحبك كبيرهم وصغيرهم ويخافك غانيهم ومفسدهم.

ثم قال للحاضرين العلماء والأمراء الذين كانوا حاضرين عهده لولده بالملك من بعده: إياكم ومخالفة أمر ملككم وترك الاستماع لكثيركم فإن في ذلك هلاكاً لأرضكم وتفريقاً لجمعكم وضرراً لأبدانكم وتلفاً لأموالكم فيشمت بكم أعداؤكم وها أنتم علمتم ما عاهدتموني عليه فهكذا يكون عهدكم مع هذا الغلام والميثاق الذي بيني وبينكم وبينه وعليكم بالسمع والطاعة لأمره لأن في ذلك صلاح أحوالكم واثبتوا معه على ما كنتم معي فتستقيم أموركم ويحسن حالكم وها هو ذا ملككم وولي نعمتكم والسلام.

ثم بعد هذا اشتدت به سكرات الموت والتجم لسانه فضم إليه ابنه وقبله ثم قضى نحبه فناح عليه جميع رعيته وأهل مملكته ثم أنهم كفنوه ودفنوه بإكرام وتبجيل وإعظام.

ثم رجعوا والغلام معهم فألبسوه حلة الملك وتوجوه بتاج والده وألبسوه الخاتم في إصبعه وأجلسوه على سرير الملك فسار الغلام فيهم بسير أبيه من الحكم والعدل والإحسان مدة يسيرة ثم تعرضت له الدنيا وجذبته بشهواتها فاستغنم لذاتها وأقبل على زخارف أمورها وترك ما كان قلده به أبوه من المواثيق ونبذ الطاعة لوالده وأهمل مملكته ومشى فيما هو هلاكه واشتد به حب النساء فسار لا يسمع بامرأة حسناء إلا ويرسل إليها ويتزوج بها. فلما رأوا منه ذلك وعاينوا ما هو منطو عليه من ترك النظر في أمورهم وإهماله لأمور دولته وأمور رعيته تحققوا أنهم عن قليل يحل بهم البلاء فشق ذلك عليهم وأقبل بعضهم على بعض يتلاومون فقال بعضهم لبعض: امشوا بنا إلى الشماس وقالوا له: أيها العالم الحكيم، هذا الملك قد أدهشته الدنيا بلذاتها وختنته بأشطانها فأقبل على الباطل وسعى في فساد مملكته تفسد العامة ويصير أمرنا إلى الهلاك وسببه أننا نمكث شهراً كاملاً وأياماً ما نراه ولا يبرز إلينا من عنده أمن لا للوزير ولا لغيره ولا يمكن أن ترفع إليه حاجةً ولا ينظر في حكومة ولا يتعهد حال أحد من رعيته لغفلته عنهم وأننا قد أتينا إليك لنخبرك بحقيقة الأمور ولأنك أكبرنا وأكمل منا وليس ينبغي أن يكون بلاء في أرض أنت مقيم بها لأنك أقدر الناس على إصلاح هذا الملك فانطلق وكلمه لعله يقبل كلامك ويرجع إلى الله.

فقام الشماس ومضى إلى حيث اجتمع بمن يمكنه الوصول إليه وقال له: أيها الولد الجيد أسألك أن تستأذن لي في الدخول للملك لأن عندي أمراً أريد أنظر وجهه وأخبره به وأسمع ما يجيبني به عنه، فأجاب الغلام قائلاً: والله يا سيدي منذ شهر لم يأذن لأحد في الدخول عليه ولا أنا فطول هذه المدة ما رأيت له وجهاً ولكن أدلك على من يستأذنه لك وهو أنك تتعلق بالوصيف الفلان الذي يقوم على رأسه ويأخذ له الطعام من المطبخ فإذا خرج إلى المطبخ ليأخذ الطعام اسأله عما بدا لك فإنه يفعل لك ما تريده.

فانطلق الشماس إلى باب المطبخ وجلس قليلاً وإذا بالوصيف أقبل وأراد الدخول إلى المطبخ فكلمه شماس قائلاً له: يا بني أحب أن اجتمع بالملك لأخبره بكلام يخصه فمن فضلك إذا فرغ من غدائه وطابت نفسه أن تكلمه لي وتأخذ لي منه إذناً بالدخول عليه لكي أكلمه بما يليق به فقال الوصيف سمعاً وطاعةً فلما أخذ الوصيف الطعام وتوجه إلى الملك وأكل منه وطابت نفسه قال له الوصيف: إن شماساً واقفاً بالباب يريد منك الإذن في الدخول فأذن الملك بإدخاله عليه. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وردخان يعتذر

وفي الليلة الواحدة والتسعين بعد الخمسمئة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الملك قال للشماس: ما أصابك حتى طلبت الدخول علي؟ فقال له: إن لي مدة لم أر وجه سيدي الملك وقد اشتقت إليك كثيراً فها أنا شاهدت أطلعتك وجئت إليك بكلام أذكره لك فقال له: قل ما بدا لك، فقال شماس: اعلم أيها الملك إن الله تعالى رزقك من العلم والحكمة على حداثة سنك من لم يرزقه أحداً من الملوك قبلك وأن الله تمم لك ذلك بالملك، ولأني قد رأيتك منذ أيام قلائل نسيت أباك ووصيته ورفضت عهده وأضعت نصيحته وكلامه وزهدت في عدله وأحكامه والرأي عندي أن تحسن النظر في عاقبتك فإنك تجد السبيل الواضح الذي فيه النجاة ولا تقبل على اللذة القليلة الفانية الموصلة إلى ورطة الهلاك فيصيبك ما أصاب صياد السمك فقال له الملك: وكيف كان ذلك؟ قال الشماس: قد بلغني أن صياداً قد أتى إلى نهر ليصطاد منه على عادته فلما وصل إلى النهر ومشى على الجسر أبصر سمكةً عظيمةً فقال في نفسه: ليس لي حاجة بالمقام هنا فأنا أمشي وأتبع هذه السمكة إلى حيث تذهب حتى آخذها وهي تغنيني عن الصيد مدة أيام فتعرى من ثيابه ونزل خلف السمكة وأخذها جريان الماء إلى أن ظفر بالسمكة وقبض عليها ثم التفت فوجد نفسه بعيداً عن الشاطئ.

الغفلة ومتابعة شؤون الرعية

لما رأى الصياد ما قد صنع به جريان الماء لم يترك السمكة ويرجع بل خاطر بنفسه وقبض عليها بيديه وترك جسده سابحاً مع جريان الماء، فما زال يسحبه الماء إلى أن رماه في وسط دوامة لا يدخلها أحدٌ ويخلص منها فصار يصيح ويقول: أنقذوا الغريق فأتاه ناسٌ وقالوا له: ما شأنك وما دهاك حتى ألقيت بنفسك في هذا الخطر العظيم؟ فقال لهم: أنا الذي تركت السبيل الواضح الذي فيه النجاة وأقبلت على الهوى والتهلكة، فقالوا: يا هذا كيف تركت سبيل النجاة وأدخلت نفسك في هذه التهلكة فقطع الرجل الرجاء من حياته وفقد ما كان بيده مما حملته نفسه عليه وهلك هلاكاً عظيماً وما ضربت لك أيها الملك هذا المثل إلا لأجل أن تدع هذا الأمر الحقير الذي فيه اللهو عن مصالحك وتنظر فيما أنت متقلدٌ به من سياسة رعيتك والقيام بنظام ملكك حتى لا يرى أحدٌ فيك عيباً.

قال الملك: فما الذي تأمرني به؟ قال الشماس: إذا كان في غد وأنت بخير وعافية ائذن للناس في الدخول عليك وأنظر في أحوالهم واعتذر إليهم ثم عدهم من نفسك بالخير وحسن السيرة، فصار وردخان يعتذر إليهم ووعدهم أن يصنع لهم ما يحبون فرضوا بذلك وانصرفوا وسار كل واحد إلى منزله ثم ان بعض زوجات الملك وكانت أحبهن إليه وأكرمهن عنده قد دخلت عليه فرأته متغير اللون متفكراً في أموره بسبب ما سمعه من كبير وزرائه فقالت: ما لي أراك أيها الملك قلق النفس هل تشتكي شيئاً؟ فقال لها: لا إنما استغرقتني اللذات عن شؤوني فما لي ولهذه الغفلة عن أحوالي وعن أحوال رعيتي وإن استمريت على ذلك فعن قليل يخرج ملكي من يدي، فأجابته قائلةً: إني أراك أيها الملك مع عمالك ووزرائك مغشوشاً فإنما يريدون نكايتك وكيدك حتى لا تحصل لك من ملكك هذه اللذة ولا تغنم نعيماً ولا راحةً بل يريدون أن تقضي عمرك في دفاع المشقة عنهم حتى ان عمرك يفنى بالنصب والتعب. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وإلى اللقاء في حلقة الغد

الأعمى حمل المقعد وأدناه إلى شجرة فصار يأخذ منها ما أحب من الثمار

وردخان يهمل شؤون الحكم والناس تشكو سوء الحال

الشماس يسدي إلى وردخان النصح ويسعى لإصلاح أموره

النساء والجواري يشغلان الملك الشاب عن أمور الحكم

إحدى زوجات الملك تحرضه على وزرائه وتتهمهم بالغش والخداع
back to top