في رثاء «ألطاف»
ما قيل في الفراقِ وما كُتب تعجزه عنه التعابير والكتب، وتنتهي الأوراقُ بذرة مما نكنّهُ من ألمٍ استقرّ في صميم الفؤاد.في ذمة الله زوجتي وأم أولادي، رحلت صديقتي وغاليتي، نصفي الآخر، معينتي على هذه الحياة، يَداي وحضوري، ظلالي وراحتي، عيناي وقلبي.رحلت الإنسانة الصادقة، المتعففة، البارّة، الخيرة، الأم المثالية، الزوجة الصالحة، الصديقة المحبوبة، الموظفة المتقنة لعملها، ذات المبادئ والأخلاق العالية، صاحبة الصيت والمواقف الطيبة، المتصدقة، الكريمة، معينة المكروب والمحتاج.
كم من صفحة قد تَسع حروفي بوصفها! كم أحتاج من زمنٍ لأروي سعادتي طوال سنوات رفقتها! سأكتبُ وأكتبُ وأبقى كذلك ما حييت لأعبر عن نقطة واحدة في بحر مشاعري الحزينة لفقدانها، ولكنَّ عزائي الأول كلما اجتاح الفقد صدري وَتلبسني الوجع الصامت قوله سبحانه: "قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ"، فأقدار الله كلها خير.والثاني ما شهدتَهُ من تفاعلٍ كبير، ومحبة عظيمة لفقيدتنا الغالية التي تكللت بالدعاء لها، والتبرعات الكثيرة صدقةً عنها من أُناس أحبوها في الله، وأثنوا على عشرتها الطيبة وصيتها المحمود بينهم، وما لها من بصمة جميلة لا تُنسى في حياتهم، ومن أناس لم يعرفوها ولكن تفاعلوا مع مشاريعها الخيرية من ثناء الناس عليها.فالحمدلله أنني رزقتُ فيما مضى برفيقةٍ لا يختلف اثنان على عطائها، وخيرية أعمالها، ومحبتها لدى الجميع، وكم أنا فخورٌ بذلك رغم فقدانها المؤلم، لكنني بوركت بأن كنت ذات يوم رفيقا لإنسانة ستبقى خالدةً بالذكرِ الطيبِ. رحلت "ألطاف" وخلفت وراءها قلوبا تنبض بحبها، وألسنة تلهج بالدعاء لها، ومحبين كثرا ملؤوا الدنيا إحسانا باسمها، رحلت صباح يوم السبت، ليفجع رحيلها كل من عرفها؛ حسرة على فراق تلك المكارم، ووجداً على فقدان سيدة لطالما تغنى الناس بأخلاقها. ولعلي أستعين على حزني بفراقها، وأحاول عبثا تضميد جرح بعادها، بأن أردد دائما "الحمدلله الذي لا يحمد على مكروه سواه، عليه توكلت، وله احتسبت مصابي، فاللهم لا اعتراض على ما به أُصبت، ومنه توجعت، ورحمة الله ومغفرته وفردوسه الأعلى لمن أحببت".