عودة المحاكم للعمل ضرورة يكفلها الدستور ومتطلبات الحياة

• تتطلب لعملها قراراً من مجلس الوزراء يستثني مرافقها من التعطيل
• 4 دوائر مهمة لنظرها هي الجزائية والأسرة والمستعجلة وطعون الانتخابات

نشر في 15-05-2020
آخر تحديث 15-05-2020 | 00:05
قصر العدل
قصر العدل
في الوقت الذي أعلنت السُّلطات الصحية تخفيف القيود، عقب انتهاء فترة عيد الفطر، بات من الضروري على المسؤولين في المحاكم العمل على وضع خطة شاملة للبدء التشغيلي لعمل المحاكم، على أن تبدأ على مراحل في المحكمة الكُلية مع بداية يونيو المقبل، لنظر بعض القضايا المهمة، كقضايا الجنايات والجنح والأحداث وقضايا الأسرة والمستعجلة، وأخيرا قضايا الطعون الانتخابية المرتبطة بقانون الانتخاب.

ويأتي توقف عمل المحاكم في البلاد، إثر القرار الصادر في 11/3/2020 من مجلس الوزراء، بتعطيل العمل في الوزارات والدوائر الحكومية والمؤسسات والهيئات العامة اعتبارا من 12/3/2020 حتى 23/3/2020، على أن يُستأنف العمل في 26/3/2020، وقرر مجلس الوزراء تكليف بعض الإدارات العمل على بعض الأعمال الضرورية، منها صرف الرواتب.

وفي 12/3/2020 أصدر وزير العدل وزير الأوقاف قرارا واستنادا إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 11/3/2020، باستثناء عمل بعض الإدارات خلال هذه الفترة، منها النيابة العامة وجميع النيابات الجزئية والتخصصية، وكذلك فيما يخص الأقسام المعنيَّة، بتسيير عمل أمناء سر الجلسات لقضايا تجديد الحبس فقط والكفالات.

تكدس الطعون

وخشية تكدس الطعون في أول يوم عمل بالمحاكم، لرفعها بسبب ضياع مواعيدها بفترة العطلة، أصدر مجلس الأمة في 24/3/2020 القانون رقم 5/2020 بشأن تعديل قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 38/1980، وقرر إضافة المادة 17 مكرر، بما يحفظ تلك المواعيد من الضياع، ويجعل لكل متقاضٍ الاحتفاظ بالأيام التي كانت لديه قبل فترة التوقف. وأكد القانون وقف المواعيد الإجرائية في قوانين المرافعات والإجراءات والمحاكمات الجزائية وإجراءات الطعن بالتمييز اعتبارا من 12/3/2020.

وقد اعتبرت المذكرة التفسيرية للقانون 5/2020 بشأن تعديل قانون المرافعات، أن الفترة التي تعيشها المحاكم هي فترة توقف قررها مجلس الوزراء لمواجهة تداعيات فيروس كورونا، وقررت أن زوال تلك الفترة لمجلس الوزراء يكون من قبل مجلس الوزراء وحده، الأمر الذي يثير تساؤلا قانونيا عن إمكانية مباشرة المحاكم لجلساتها، رغم عدم إعلان مجلس الوزراء انتهاء الإجراءات وإزالة قرار التعطيل للمرافق، ومن بينها مرفق المحاكم.

استئناف العمل

وحرصا على تطبيق المادة 166 من الدستور، والتي تكفل حق التقاضي، وحتى لا يكون مرفق القضاء معطلا لفترات أطول، فإنه يتعيَّن استئناف العمل في المحاكم، وعدم توقفها، تحقيقا لحق التقاضي بعد فترة عيد الفطر، وهو ما يتطلب معه صدور قرار من مجلس الوزراء، باستثناء المرافق التي تسيِّر دور العدالة، ممثلة بقطاع المحاكم في البلاد، من قراراته السابقة في تعطيل وتوقف المرافق العامة، وأن يترك للمجلس الأعلى للقضاء التقرير مع رؤساء المحاكم النظر في عقد الجلسات التي يراها ضرورية بهذا الوقت، وبما يتفق مع الاشتراطات الصحية التي قررها وزير الصحة بكتابه الموجَّه إلى رئيس المجلس الأعلى للقضاء في 30/3/2020.

ومن دون ذلك الاستثناء من مجلس الوزراء لعمل مرافق المحاكم، بما يشمل موظفيها الخاضعين لديوان الخدمة المدنية، فإن شبهة البطلان ترد على أعمال المحاكم وعلى الأحكام القضائية التي تصدر منها، لمخالفتها أحكام المواد 114 و115 و116 من القانون رقم 38/1980 بشأن المرافعات، والمادة 17 مكرر من القانون رقم 5 /2020 المضافة لأحكام القانون رقم 38/1980 بشأن المرافعات، والمادة 165 من الدستور و13 من قانون تنظيم القضاء و176 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية.

الدوائر الضرورية

والدوائر القضائية التي قد يكون من الضروري عقدها في هذه الأوقات ترد في أربعة مجالات، هي:

1- الدوائر الجزائية

يجب أن تحدد دوائر لعقد قضايا الجنح والجنايات وجرائم الأحداث لنظر القضايا التي يوجد بها متهمون محبوسون، وتحديدا ممن كشفت عنهم الأزمة، وهو ما قد يستلزم النظر في أمر حبسهم أو إطلاقهم من قبل قاضي الموضوع، أو القضاء ببراءتهم، أو إدانتهم بما تحقق تلك الإدانة الردع العام، ويحدد نوع تلك القضايا رئيس المحكمة، منها: قضايا مخالفة الحظر الجزئي أو الحجر المؤسسي والمنزلي ومخالفة قانون الجزاء، كإذاعة الأخبار الكاذبة، وكذلك مخالفة قانون الجرائم الإلكترونية.

2- دوائر الأسرة

يتعيَّن أن توفر جلسات لنظر قضايا الأسرة، حتى تتولى النظر في قضايا النفقات والحضانة والأوامر على عرائض بشأن الرؤية، لأن الواقع كشف عن حاجة المتقاضين التي لا تحتمل التأخير في الحصول على أحكام نفقة الزوجة، وكذلك نفقة الأبناء والحضانة، وأيضا الرؤية، واستمرار إغلاق المحاكم ربطاً باستمرار الأزمة يعني تعطيل حق التقاضي إلا في أيام غير محصورة بميعاد، بما يضر حقوق الأفراد التي تتسم بالطارئة.

3- دوائر المستعجل

يجب أن تحدد جلسات لنظر القضايا المستعجلة، حتى تتولى نظر قضايا ندب الخبير بصفة مستعجلة لبعض الأحداث والوقائع التي يخشى زوالها في الوقت الحالي، خصوصا مع انشغال مراكز الشرطة، كالمخافر، في إثبات الحالة لديها، ولأنها منشغلة لمواجهة تداعيات فيروس كورونا ومتابعة إجراءات الحظر وضبط المخالفين.

كما أن الحاجة للدوائر المستعجلة تكمن في إعادة التيار الكهربائي، بعد كشف الواقع عن قطع التيار الكهربائي من العديد من مُلاك العقار، فضلا عن نظر القضاء المستعجل النزاعات التي تقوم على دفع أي اعتداء أو ضرر لا يمكن تأجيله، ويحدد جدول المحكمة عددا لهذا النوع من القضايا.

4- دائرة طعون جداول الانتخابات

نتيجة للمواعيد الواردة في قانون الانتخاب، والتي تسمح للأفراد ولمن له مصلحة بالاعتراض على الجداول الانتخابية والطعن عليها أمام القضاء، يتعيَّن على المحاكم تمكين مَن له مصلحة الطعن على الجداول أمام قاضي الطعون للنظر فيها والفصل في موعد أقصاه شهر يونيو من كل عام. وحيث إن الواقع العملي كشف عن وجود عدد من الطعون على جداول الناخبين، بواقع ثمانية طعون، فإن الأمر يستوجب تحديد جلسات لنظرها والفصل فيها، لتنقية الجداول من الطعون والاعتراضات التي قد تؤثر على سلامة العملية الانتخابية المقبلة.

استئناف إدارة التنفيذ

كشفت تداعيات أزمة فيروس كورونا ضرورة استئناف بعض أقسام إدارة التنفيذ، ولا يحتاج عمل تلك الإدارة إلا إلى قرار من وزير العدل مباشرة، لكونها إدارة تابعة للوزارة.

ومن الخدمات التي يجب على إدارة التنفيذ توفيرها حاليا لأهميتها، هي إنذارات عرض الأجرة أو عرض مفاتيح للراغبين بتسليم العين في قضايا إيجار العقارات في السكن الخاص أو المحال التجارية التجارية أو الاستثمارية، وكذلك عمل أقسام إيداع الإنذارات القضائية المرتبطة بمسائل الإيجارات، أو حتى التي تتصل بالعقود الدورية بين المتعاقدين في بعض العقود.

كما يكشف الواقع عن ضرورة تنفيذ بعض الأحكام، واتخاذ إجراءات التنفيذ، كأحكام النفقات والحضانة والرؤية، واتخاذ إجراءات تنفيذ لها، كالحجز على الراتب أو الحجز على المركبات وتسلم المبالغ المودعة بملفات التنفيذ.

عقد الجلسات وإصدار الأحكام من دون صدور استثناء من مجلس الوزراء يرتب بطلانها
back to top