ملك الهند يطارد الكوابيس والوزير شماس يبشره بغلام (17- 30)

مفسرو الأحلام حذّروه من عقوق الابن وخراب المملكة

نشر في 13-05-2020
آخر تحديث 13-05-2020 | 00:05
No Image Caption
توقفت شهرزاد فى الحلقة السابقة، عند حكاية الوزراء السبعة، الذين نجحوا في إقناع الملك بالعدول عن قتل ولده، وانتهت من سرد قصص تتناول مكائد النساء ودسائسهن، وكشف مكيدة الجارية الحسناء لابن الملك، لتنتقل في هذه الحلقة إلى حكاية أخرى من حكايات الليالي العربية، فتسرد حكاية وردخان ابن ملك الهند، ويدعى جليعاد، مع الوزير شماس، وهي تدور حول رؤيا للملك، يقوم المفسرون ومعبرو الأحلام بتفسير نصفها الأول في مصلحة الملك ونصفها الآخر ضده، ومصير المملكة بعد هذه الرؤيا.
لما كانت الليلة السبعون بعد الخمسمئة قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد، أنه كان في قديم الزمان وسالف العصر والأوان ملك من بلاد الهند، وكان ملكاً عظيماً طويل القامة حسن الصورة حسن الخلق كريم الطبائع محسناً للفقراء محباً للرعية ولجميع أهل دولته، وكان اسمه جليعاد وكان تحت يده في مملكته اثنان وسبعون ملكاً ولبلاده ثلاثمئة وخمسون قاضياً وكان له سبعون وزيراً، وقد جعل على كل عشرة من عسكره رئيساً، وكان أكبر وزرائه شخصاً يقال له شماس وكان عمره مائتين وعشرين سنة وكان حسن الخلق والطباع لطيفاً في كلامه ليناً في جوابه حاذقاً في جميع أموره حكيماً مدبراً رئيساً مع كبر سنه عارفاً بكل حكمة وأدب، وكان الملك يحبه محبةً عظيمةً ويميل إليه لمعرفته بالفصاحة والبلاغة وأحوال السياسة ولما أعطاه الله من الرحمة وحفظ النجاح للرعية.

وكان ذلك الملك عادلاً في مملكته حافظاً لرعيته مواصلاً كبيرهم وصغيرهم بالإحسان وما يليق بهم من الرعاية والعطايا والأمان والطمأنينة ومع هذا كله لم يرزقه الله تعالى بولد فشق ذلك عليه وعلى أهل مملكته فاتفق أن الملك كان مضطجعاً في ليلة من الليالي وهو مشغول البال والفكر في عاقبة أمر مملكته، ثم غلب عليه النوم فرأى في منامه كأنه يصب ماء في أصل شجرة. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

اقرأ أيضا

رعب وفزع

وفي الليلة الواحدة والسبعين بعد الخمسمئة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الملك رأى في منامه كأنه يصب ماء في أصل شجرة وحول تلك الشجرة أشجار كثيرة وإذا بنار قد خرجت من تلك الشجر وأحرقت جميع ما كان حولها من الأشجار، فعند ذلك انتبه الملك من منامه فزعاً مرعوباً واستدعى أحد غلمانه وقال له: اذهب بسرعة وآتني بشماس الوزير عاجلاً فذهب الغلام إلى الوزير شماس وقال له: إن الملك يدعوك في هذه الساعة لأنه انتبه من نومه مرعوباً فأرسلني إليك لتحضر عنده عاجلاً فلما سمع الوزير شماس كلام الغلام قام من وقته وساعته وتوجه إلى الملك ودخل عليه فرآه قاعداً على فراشه وقال له: ما الذي أقلقك أيها الملك في هذه الليلة وما سبب طلبك إياي بسرعة؟ وقص الملك عليه ما رأى قائلاً: إني رأيت في ليلتي هذه مناماً هالني وهو كأني أصب ماء في أصل شجرة، وحول تلك الشجرة أشجار كثيرة فبينما أنا في هذه الحالة وإذا بنار خرجت من أصل تلك الشجرة وأحرقت جميع ما حولها الأشجار ففزعت من ذلك وأخذني الرعب، فانتبهت عند ذلك وأرسلت دعوتك لكثرة معرفتك ولما أعلمه من اتساع علمك وغزارة فهمك، فأطرق الوزير شماس رأسه ساعةً ثم تبسم فقال له الملك: ماذا رأيت يا شماس أصدقني الخبر ولا تخف عني شيئاً؟

فرح كبير

فأجابه الوزير شماس وقال له: أيها الملك أن الله تعالى سيرزقك ولداً ذكراً يكون وارثاً للملك عنك من بعد طول عمرك غير أنه يكون فيه شيء لا أحب تفسيره في هذا الوقت لأنه غير موافق لتفسيره ففرح الملك بذلك فرحاً عظيماً وزاد سروره وذهب عنه فزعه وطابت نفسه وقال: إن كان الملك كذلك من حسن تأويل المنام فكمل لي تأويله إذا جاء الوقت الموافق لكمال تأويله فالذي لا ينبغي تأويله الآن ينبغي أن تؤوله لي إذا آن أوانه لأجل أن يكمل فرحي لأني لا أبتغي بذلك غير رضا الله سبحانه وتعالى.

مفسر الأحلام

فلما رأى شماس من الملك أنه صمم على تمام تفسيره احتج له بحجة دافع بها عن نفسه فعند ذلك دعا الملك بالمنجمين وجميع المعبرين للأحلام الذين في مملكته فحضروا جميعاً بين يديه وقص عليهم ذلك المنام وقال لهم أريد منكم أن تخبروني بصحة تفسيره فتقدم واحداً منهم وأخذ إذناً من الملك بالكلام فلما أذن له قال: اعلم أيها الملك أن شماس وزيرك ليس بعاجز عن تفسير ذلك وإنما هو احتشم منك وسكن روعك ولم يظهر لك جميع التأويل بالكلية ولكن إذا أذنت لي بالكلام تكلمت فقال له الملك: تكلم أيها المفسر بلا احتشام وأصدق في كلامك فقال المفسر: أعلم أيها الملك أنه يظهر منك غلام يكون وارثاً للملك عنك بعد طول حياتك، ولكنه لا يسير في الرغبة بسيرك بل يخالف رسومك ويجور على رعيتك ويصيبه ما أصاب الفأر مع السنور، فاستعاذ الملك بالله تعالى وقال: وما حكاية السنور والفأر؟

الفأر والسنور

فقال المفسر، إن السنور هو القط سرح سرحة من الليالي إلى شيء يفترسه في بعض الغيطان فما وجد شيئاً وضعف من شدة البرد والمطر اللذين حصلا في تلك الليلة فأخذ يحتال لنفسه بشيء فبينما هو دائر على تلك الحالة إذ رأى وكراً في أسفل شجرة فدنا منه وصار يشمشم ويدندن حتى أحس أن داخل الوكر فأراً فحوله وهم بالدخول عليه لكي يأخذه فلما أحس به الفأر أعطاه قفاً وصار يزحف على يديه ورجليه لكي يسد باب الوكر عليه فعند ذلك صار السنور يصدر صوتاً ضعيفاً ويقول: لم تفعل ذلك يا أخي وأنا ملتجيء إليك لتفعل معي رحمة بأن تقربي في وكرك هذه الليلة لأني ضعيف الحال من كبر سني وذهاب قوتي ولست أقدر على الحركة وقد توغلت في هذا الغيط هذه الليلة وكم دعوت بالموت على نفسي لكي أستريح وها أنا على بابك طريح من البرد والمطر وأسألك أن تأخذ بيدي وتدخلني عندك وتأويني في دهليز وكرك لأني غريب ومسكين وقد قيل: من أوى بمنزله غريباً مسكيناً كان مأواه الجنة يوم الدين فأنت يا أخي حقيق بأن تكسب أجري وتأذن لي في أن أبيت عندك هذه الليلة إلى الصباح ثم أروح إلى حال سبيلي. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

الغدر والخيانة

وفي الليلة الثانية والسبعين بهد الخمسمئة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن السنور قال للفأر: استسمحك بالمبيت عندك هذه الليلة ثم أروح إلى حال سبيلي، فلما سمع الفأر كلام السنور قال له: كيف تدخل وكري وأنت عدو لي بالطبع ومعاشك من لحمي وأخاف أن تغدر بي لأن ذلك من شيمتك لأنه لا عهد لك، فأجاب السنور قائلاً: إن الذي قلته من المواعظ حق ولست أنكر عليك ولكن أسألك الصفح عما مضى من العداوة الطبيعية التي بيني وبينك لأنه قد قبل من صفح عن مخلوق مثله صفح خالقه عنه وقد كنت قبل ذلك عدواً لك وها أنا اليوم طالب صداقتك وقد قيل: إذا أردت أن يكون عدوك لك صديقاً فافعل معه خيراً، وأنا يا أخي أعطيك عهد الله وميثاقه إني لا أضربك أبداً ومع هذا ليس لي قدرة على ذلك فثق بي وأقبل عهدي وميثاقي.

فقال الفأر: كيف أقبل عهد من أُسست العداوة بيني وبينه وعادته أن يغدر بي ولو كانت العداوة بيننا على شيء من الأشياء غير الدم لهان علي ذلك، ولكنها عداوة طبيعية بين الأرواح وقد قيل: من استأمن عدوه على نفسه كان كمن أدخل يده في فم الأفعى فقال السنور وهو ممتلئ غيظاً قد ضاق صدري وضعفت نفسي وها أنا في النزاع وبعد قليل أموت على بابك ويبقى إثمي عليك لأنك قادر على نجاتي مما أنا فيه وهذا آخر كلامي معك.

فعند ذلك خرج الفأر إلى السنور وأدخله في وكره سحباً فأقام عنده إلى أن اشتد واستراح وتعافى قليلاً فصار يتأسف على ضعفه وذهاب قوته وقلة أصدقائه فصار الفأر يترفق به ويأخذ بخاطره ويتقرب منه ويسعى حوله وأما السنور فإنه زحف إلى الوكر حتى ملك المخرج خوفاً أن يخرج منه الفأر فلما أراد الخروج قرب السنور وعلى عادته فلما صار قريباً منه قبض عليه وأخذه بين أظافره وصار يعضه وينثره ويأخذه في فمه ويرفعه عن الأرض ويرميه ويجري وراءه وينهشه ويعذبه فعند ذلك استغاث الفأر وطلب الخلاص من الله وجعل يعاقب السنور ويقول: أين العهد الذي وعدتني به وأين قسمك التي أقسمت بها؟ هذا جزائي منك وقد أدخلتك وكري واستأمنتك على نفسي ولكن صدق من قال: من أخذ عهداً من عدوه لا ينبغي لنفسه نجاة ومن قال: من أسلم نفسه لعدوه وكان مستوجباً لنفسه الهلاك ولكن توكلت على خالقي فهو الذي يخلصني منك. فبينما هو على تلك الحالة مع السنور وهو وجد أن يهجم عليه وينهش فيه ويفترسه وإذا برجل صياد معه كلاب جارحة معودة بالصيد فمر بهم كلب على باب الوكر فسمع فيه معركةً كبيرةً فظن أن فيه ثعلباً يفترس شيئاً فاندفع الكلب منحدراً ليصطاده فصادف السنور فجذبه إليه فلما وقع السنور بين يدي الكلب التهى بنفسه وأطلق الفأر حياً ليس فيه جرح وأما هو فإنه خرج به الكلب بعد أن قطع عصبه ورماه ميتاً وصدق في حقهما قول من قال: من رحم رحم آجلاً ومن ظلم ظلم عاجلاً.

هذا ما جرى لهما أيها الملك، فلذلك لا ينبغي لأحد أن ينقض عهد من استأمنه ومن غدر وخان يحصل له مثل ما حصل للسنور لأنه كما يدين الفتى يدان ومن يرجع إلى الخير ينل الثواب، ولكن لا تحزن أيها الملك ولا يشق عليك ذلك لأن ولدك بعد ظلمه وعسفه ربما يعود إلى حسن سيرتك وأن هذا لعالم الذي هو وزيرك شماس أحب أن لا يكتم عليك شيء فيما رمزه إليك وذلك رشد منه وقيل أن أكثر الناس خوفاً أوسعهم علماً وأغبطهم خيراً فأذعن الملك عند ذلك وأمر لهم بإكرام جزيل، ثم صرفهم وقام ودخل مكانه وصار يتفكر في عاقبة أمره.

فرحة الملك

وبعد أربعة أشهر تحرك الجنين في بطن زوجة الملك ففرحت بذلك فرحاً شديداً وأعلمت الملك بذلك فقال: صدقت رؤياي والله المستعان ثم أنزلها أحسن المنازل وأكرمها غاية الإكرام وأعطاها أنعاماً جزيلاً وحولها بشيء كثير وبعد ذلك دعا ببعض الغلمان وأرسله ليحضر الوزير شماس، فلما حضر حدثه الملك بما صار من حمل زوجته وهو فرحان قائلاً: قد صدقت رؤياي وحصل رجائي فلعل ذلك الحمل يكون ولداً ذكراً ويكون وارثاً لملكي فما تقول يا شماس في ذلك؟ فسكت شماس ولم ينطق بجواب فقال له الملك: ما لي أراك لا تفرح فرحي ولا ترد لي جواباً يا ترى هل أنت كاره لهذا الأمر يا شماس؟ فسجد عند ذلك الوزير شماس بين أيادي الملك وقال: أطال الله عمرك ما الذي ينفع المستظل بشجرة إذا كانت النار تخرج منها؟ وما فائدة الناهل من الماء العذب البارد إذا غرق فيه وإنما أنا عبدالله ذلك أيها الملك ولكن قد قيل ثلاثة أشياء لا ينبغي للعاقل أن يتكلم في شأنها إلا إذا تمت للمسافر حتى يرجع من سفره، والذي في الحرب حتى يقهر عدوه، والمرأة الحامل حتى تضع حملها. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

جرة الناسك

وفي الليلة الثالثة والسبعين بعد الخمسئة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الوزير شماساً لما قال للملك ثلاثة أشياء لا ينبغي للعاقل أن يتكلم في شأنها إلا إذا تمت قال له بعد ذلك فأعلم أيها الملك أن المتكلم في شأن شيء لم يتم مثل الناسك المدفون على رأسه فقال له الملك: وكيف حكاية الناسك وما جرى له؟ فقال له: أيها الملك أنه كان إنسان ناسك عند شريف من أشراف بعض المدن وكان للناسك جراية في كل يوم من رزق ذلك الشريف وهي ثلاثة أرغفة مع قليل من السمن والعسل وكان السمن في ذلك البلد غالياً وكان الناسك يجمع الذي يجيء إليه في جرة عنده حتى ملأها وعلقها فوق رأسه خوفاً واحتراساً، فبينما هو ذات ليلة من الليالي جالس على فراشه وعصاه في يده إذ عرض له فكر في أمر السمن وغلائه، فقال في نفسه: ينبغي أن أبيع هذا السمن الذي عندي جميعه واشتري بثمنه نعجة وأشارك عليها أحداً من الفلاحين فإنها في أول عام تلد ذكراً وأنثى وثاني عام تلد أنثى وذكراً ولا تزال هذه الغنم تتوالد ذكوراً وإناثاً حتى تصير شيئاً كثيراً وأقسم حصتي بعد ذلك فيها ما شئت واشتري الأرض الفلانية وأنشيء فيها غيطاً وأبني فيها قصراً عظيماً وأقتني ثياباً وملبوساً واشتري عبيداً وجواري وأتزوج بنت التاجر الفلاني وأعمل عرساً ما صار مثله قط وأذبح الذبائح وأعمل الأطعمة الفاخرة والحلويات والملبوسات وغيرها وأجمع فيها الملاعب والفنون وآلات السماع وأجهز الأزهار والمشمومات وأصناف الرياحين وأدعو الأغنياء والفقراء والعلماء وأرباب الدولة وكل من طلب شيئاً أحضرته إليه وأجهز أنواع المآكل والمشارب وأطلق منادياً ينادي: من يطلب شيئاً يناله وبعد ذلك أدخل على عروسي وأقول لنفسي قد بلغت مناك وبعد ذلك تحمل زوجتي وتلد غلاماً ذكراً أفرح به وأعمل له أولاً ثم أربيه في الدلال وأعلمه الحكمة والأدب والحساب وأشهر اسمه بين الناس وأفتخر به عند أرباب المجالس وآمره بالمعروف فلا يخالفني وأنهاه عن الفاحشة والمنكر وأوصيه بالتقوى وعمل الخير وأعطيه العطايا الحسنة فإن رأيته لزم الطاعة زدته عطايا صالحة وإن رأيته مال إلى المعصية أنزل عليه بهذه العصا ورفعها ليضرب بها ولده فأصابت جرة السمن التي فوق رأسه فكسرتها فعند ذلك نزلت شقافتها عليه وساح السمن على رأسه وعلى ثيابه وعلى لحيته وصار عبرةً فلأجل ذلك أيها الملك لا ينبغي للإنسان أن يتكلم على شيء قبل أن يصير. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

حكمة الوزير

وفي الليلة الرابعة والسبعين بعد الخمسمئة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الوزير قال للملك لا ينبغي للإنسان أن يتكلم على شيء قبل أن يصير فقال له الملك: لقد صدقت فيما قلت ونعم الوزير أنت بالصدق نطقت وبالخير أشرت، ولقد صارت رتبتك عندي على ما تحب ولم تزل مقبولاً فسجد الوزير شماس لله وللملك ودعا له بدوام النعم وقال: أدام الله أيامك وأعلى شأنك وأعلم أنني لست أكتم عنك شيئاً لا في العلانية ورضاك رضاي وغضبك غضبي وليس لي فرح إلا بفرحك ولا يمكنني أن أبيت وأنت ساخط علي لأن الله تعالى رزقني كل خير بإكرامك إياي فأسأل الله تعالى أن يحرسك بملائكته ويحسن ثوابك عند لقائه فابتهج الملك عند ذلك ثم قام الوزير شماس وانصرف من عند الملك.

ثم بعد مدة وضعت زوجة الملك غلاماً ذكراً فنهض المبشرون إلى الملك وبشروه بغلامه ففرح الملك بذلك فرحاً شديداً وشكر الله شكراً جزيلاً وقال: الحمد لله الذي رزقني ولداً بعد اليأس وهو الشفوق الرؤوف على عباده ثم ان الملك كتب إلى سائر أهل مملكته ليعلمهم بالخير ويدعوهم إلى منزلة فحضر له الأمراء والرؤساء والعلماء وأرباب الدولة الذين تحت أمره، هذا ما كان من أمر الملك.

وأما ما كان من أمر ولده فإنه قد دقت البشائر والأفراح في سائر المملكة وأقبل أهلها إلى الحضور من سائر الأقطار وأقبل أهل العلوم والفلسفة والأدباء والحكماء ودخلوا جميعهم إلى الملك ووصل كل منهم إلى حد مقامه. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

دعاء شماس

في الليلة الخامسة والسبعين بعد الخمسمئة قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد أن الملك لما دعا أهل المملكة دخل كل منهم على قدر مقامه ثم أشار إلى الوزراء السبعة الكبار الذين رئيسهم الوزير شماس أن يتكلم كل واحد منهم على قدر ما عنده من الحكمة في شأن ما هو بصدده فابتدأ رئيسهم الوزير شماس واستأذن في الكلام فأذن له فقال: الحمد لله الذي انشأنا من العدم إلى الوجود المنعم، ونشكر ملكنا الذي منحنا رخاء العيش والطمأنينة والعدل، فأي ملك يصنع بأهل مملكته ما صنع هذا الملك بنا من القيام بمصالحنا وأداء حقوقنا وإنصاف بعضنا من بعض وعدم الغفلة عنا ورد مظالمنا. ومن فضل الله على الناس أن يكون ملكهم متعهداً لأمورهم وحافظاً لهم من عدوهم لأن العدو غاية قصده أن يقهر عدوه وأن يملكه في يده وكثير من الناس يقدمون أولادهم إلى الملوك خدماً فيصيرون عندهم بمنزلة العبيد لأجل أن يمنعوا عنهم الأعداء وأما نحن فلم يطأ بلادنا أعداء في زمن ملكنا لهذه النعمة الكبرى والسعادة العظمى التي لم يقدر الواصفون على وصفها وإنما هي فوق ذلك وأنت أيها الملك حقيق بأنك أهل لهذه النعمة العظيمة ونحن تحت كنفك وفي ظل جناحك أحسن الله ثوابك وأدام بقاءك لأننا كنا قبل ذلك نجد في الطلب من الله تعالى أن يمن علينا بالإجابة ويبقيك لنا ويعطيك ولداً صالحاً تقر به عيناك والله سبحانه وتعالى قد تقبل منا واستجاب دعاءنا. وأتانا الفرج القريب.

وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وإلى اللقاء في حلقة الغد

أحلام الناسك تضيع هباء بضربة عصا

قصة الفأر والسنور عظة للملك جليعاد

أحد معبِّري الرؤى يخبر الملك أنه سيرزق غلاماً لكنه يخالف مسيرته

شماس يسرد للملك تفاصيل حكاية تدعو إلى التريث وعدم الاستعجال

زوجة الملك تلد غلاماً ذكراً والأفراح تعم المملكة
back to top