الملك يكتشف الحقيقة فيعدل عن قتل ولده (15- 30)

قناع حرير يخدع التاجر ويتسبب في طلاق زوجته

نشر في 11-05-2020
آخر تحديث 11-05-2020 | 00:02
ألف ليلة وليلة
ألف ليلة وليلة
تستكمل شهرزاد فى هذه الحلقة حكاية الوزير السابع، فى محاولة منه لثني الملك عن قتل ولده، بعد أن قبّل الأرض بين يديه، وقال أيها الملك أمهلني حتى أقول لك هذه النصيحة، فإن من صبر وتأنّى أدرك الأمل ونال ما تمنى، ومن استعجل يحصل له الندم، وأنا أيها الملك أعرف من كيد النساء ما لا يعرفه أحد غيري وقد بلغني من ذلك حديث العجوز وولد التاجر فقال له الملك: وكيف كان ذلك يا وزير؟
فقال: بلغني أيها الملك أن تاجراً كان كثير المال وكان له ولد يعزّ عليه، فقال الولد لوالده يوماً من الأيام يا والدي أتمنى عليك أمنية تفرج عني بها، فقال له أبوه ما هي يا ولدي حتى أعطيك إياها ولو كانت نور عيني لأبلغك به مقصودك، فقال له الولد أتمنى عليك أن تعطيني شيئاً من المال أسافر به مع التجار إلى بغداد لأتفرج عليها، وأنظر قصور الخلفاء لأن أولاد التجار وصفوا لي ذلك وقد اشتقت أن أنظر إليها، فقال له والده يا بني من له صبر على غيبتك، فقال له الولد أنا قلت لك هذه الكلمة ولا بد من المسير إليها برضا أو بغير رضا فإنه وقع في نفسي وجد لا يزول إلا بالوصول إليها.

الدار العجيبة

اقرأ أيضا

ولما كانت الليلة التاسعة والخمسين بعد الخمسمئة قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن ابن التاجر قال لأبيه لابد من السفر والوصول إلى بغداد، فلما تحقق منه ذلك جهز له متجراً بثلاثين ألف دينار وسفره مع التجار الذين يثق بهم ووصى عليه التجار، ثم إن والده ودعه ورجع إلى منزله ومازال الولد مسافراً مع رفقائه التجار إلى أن وصلوا إلى مدينة بغداد دار السلام، فلما بلغوها دخل الولد سوقها واكترى له داراً حسنة مليحة أذهلت عقله وأدهشت ناظره فيها الطيور تغرد والمجالس يقابل بعضها بعضاً وأرضها مرخمة بالرخام الملون وسقوفها مذهبة باللازورد المعدني، فسأل البواب عن مقدار أجرتها كم في الشهر فقال له عشرة دنانير فقال له الولد هل أنت تقول حقاً أو تهزأ بي فقال له البواب والله لا أقول إلا حقاً، فإن كل من سكن هذه الدار لا يسكنها إلا جمعة أو جمعتين. فقال له الولد وما السبب في ذلك، فقال يا ولدي كل من سكنها لا يخرج منها إلا مريضاً أو ميتاً وقد اشتهرت هذه الدار بهذه الأشياء عند جميع الناس فلم يتقدم أحد إلى سكنها وقد قلت أجرتها لهذا القدر فلما سمع الولد ذلك تعجب منه غاية العجب، وقال لابد أن يكون لهذه الدار سبب من الأسباب حتى يحصل فيها ذلك المرض أو الموت، ثم تفكر الولد في نفسه واستعاذ بالله من الشيطان الرجيم وأزال ذلك الوهم من خاطره وسكنها وباع واشترى ومضى عليه مدة أيام في الدار، ولم يصبه شيء مما قال له ذلك البواب، فبينما هو جالس يوماً من الأيام على باب الدار إذ مرت عليه عجوز شمطاء كأنها الحية الرقطاء، وهي تكثر من التسبيح والتقديس وتزيل الحجارة والأذى من الطريق، فرأت الولد جالساً على الباب فنظرت إليه وتعجبت من أمره، فقال لها الولد يا امرأة هل تعرفينني أو تشبهين عليّ.

فلما سمعت كلامه هرولت إليه وسلمت عليه وقالت له كم لك ساكناً في هذه الدار؟ فقال لها يا أمي منذ شهرين فقالت: من هذا تعجبت وأنا يا ولدي لا أعرفك ولا تعرفني ولا شبهت عليك بل إني تعجبت من أنه لا أحد غيرك يسكنها إلا ويخرج منها ميتاً أو مريضاً، وما أشك أنك يا ولدي مخاطر بشبابك هلا طلعت القصر ونظرت من المنظرة التي فيه ثم إن العجوز مضت إلى حال سبيلها فلما فارقته العجوز صار الولد متفكراً في كلامها وقال في نفسه أنا ما طلعت أعلى القصر ولا أعلم أن به منظرة، ثم دخل من وقته وساعته وجعل يطوف في أركان البيت حتى رأى في ركن منها باباً لطيفاً معششاً عليه العنكبوت بين الأشجار، فلما رآه الولد قال في نفسه لعل العنكبوت ما عشش على هذا الباب إلا لأن المنية داخله، فتمسك بقول الله تعالى قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ثم فتح ذلك الباب وطلع في سلم لطيف حتى وصل إلى أعلاه.

وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

المنظرة

وفي الليلة الستين بعد الخمسمئة قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الغلام طلع السلم حتى وصل إلى أعلاه فرأى منظرة فجلس فيها يستريح ويتفرج، فنظر إلى موضع لطيف نظيف بأعلاه مقعد منيف يشرف على جميع بغداد، وفي ذلك المقعد جارية كأنها حورية فأخذت بمجامع قلبه وذهبت بعقله ولبه وأورثته ضر أيوب وحزن يعقوب فلما نظر الولد وتأملها بالتحقيق قال في نفسه لعل الناس يذكرون أنه لا يسكن هذه الدار واحداً إلا مات أو مرض بسبب هذه الجارية، فيا ليت شعري كيف يكون خلاصي فقد ذهب عقلي ثم نزل من أعلى القصر متفكراً في أمره فجلس في الدار فلم يستقر قراره ثم خرج وجلس على الباب متحيراً في أمره وإذا بالعجوز ماشية وهي تذكر وتسبح في الطريق. فلما رآها الولد قام واقفاً على قدميه وبدأها بالسلام والتحية، وقال لها يا أمي كنت بخير وعافية حتى أشرت عليّ بفتح الباب، فرأيت المنظرة وفتحتها ونظرت أعلاها فرأيت ما أدهشني، والآن أظن أني هالك وأنا أعلم أنه ليس لي طبيب غيرك، فلما سمعته ضحكت وقالت له لابأس عليك إن شاء الله تعالى، فلما كلمته بذلك الكلام قام الولد ودخل الدار وخرج لها وفي كمّه مئة دينار وقال لها خذيها يا أمي وعامليني معاملة السادات للعبيد وبالعجل أدركيني وإذا مت فأنت المطالبة بدمي يوم القيامة.

حيلة العجوز

فقالت له العجوز حباً وكرامة، وإنما أريد منك يا ولدي أن تساعدني بمعاملة لطيفة فيها تبلغ مرادك، فقال لها وما تريدين يا أمي؟ فقالت أريد منك أن تعينني وتروح إلى سوق الحرير وتسأل عن دكان أبي الفتح بن قيدام فإذا دلوك عليه، فاقعد على دكانه وسلم عليه وقل له أعطيني القناع الذي عندك مرسوماً بالذهب فإنه ما عنده في دكانه أحسن منه، فاشتري منه يا ولدي بأغلى ثمن واجعله عندك حتى أحضر إليك في غد إن شاء الله تعالى، ثم إن العجوز انصرفت وبات الولد تلك الليلة يتقلب على جمر الغضب، فلما أصبح الصباح أخذ الولد في جيبه ألف دينار وذهب بها إلى سوق الحرير وسأل عن دكان أبي الفتح فأخبره به رجل من التجار، فلما وصل إليه رأى بين يديه غلمانه وخدماً وحشماً ورأى عليه وقاراً وهو في سعة مال ومن تمام نعمته تلك الجارية التي ما مثلها عند أبناء الملوك ثم إن الولد لما نظره سلم عليه فرد عليه السلام ثم أمره بالجلوس عنده، فقال له الولد يا أيها التاجر أريد منك القناع الفلاني لأنظره فأمر التاجر العبد أن يأتيه بربطة من الحرير من صدر الدكان فأتاه بها ففتحها وأخرج منها عدة قناعات فتحير الولد من حسنها ورأى ذلك القناع بعينه فاشتراه بخمسين ديناراً وانصرف به مسروراً إلى داره.

وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

القناع

وفي الليلة الواحدة والستين بهد الخمسمئة، قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الولد لما اشترى القناع من التاجر أخذه وانصرف به إلى داره وإذا هو بالعجوز قد أقبلت فلما رآها قام لها على قدميه وأعطاها ذلك القناع، ثم قالت له أحضر لي جمرة نار فأحضر الولد النار فقربت طرف القناع من الجمرة فأحرقت طرفه ثم طوته كما كان وأخذته وانصرفت به إلى بيت أبي الفتح فلما وصلت طرقت الباب فلما سمعت الجارية صوتها قامت وفتحت الباب، وكانت للعجوز صحبة بأم الجارية وهي تعرفها بسبب أنها رفيقة أمها فقالت لها الجارية وما حاجتك يا أمي إن والدتي خرجت من عندي إلى منزلها، فقالت لها العجوز يا ابنتي أنا عارفة أن أمك ليست عندك وأنا كنت عندها في الدار، وما جئت إليك إلا خوف فوات وقت الصلاة فأريد الوضوء عندك فإني أعلم منك أنك نظيفة ومنزلك طاهر فأذنت لها الجارية بالدخول عندها.

فلما دخلت سلمت عليها ودعت لها ثم أخذت الإبريق ودخلت بيت الخلاء ثم توضأت وصلت في موضع، وقامت بعد ذلك للجارية وقالت لها يا بنتي أظن أن هذا الموضع الذي صليت فيه مشى فيه الخدم وأنه نجس فانظري لي موضعاً آخر لأصلي فيه فإني أبطلت الصلاة التي صليتها، فأخذتها الجارية من يدها وقالت لها تعالي يا أمي صلي على فراشي الذي يجلس عليه زوجي، فلما أوقفتها على الفراش قامت تصلي وتدعو وتركع، ثم غافلت الجارية وجعلت ذلك القناع تحت المخدة من غير أن تنظرها، ولما فرغت من الصلاة دعت لها وقامت فخرجت من عندها، فلما كان آخر النهار دخل التاجر زوجها فجلس على الفراش فأتته بطعام فأكل منه كفايته وغسل يديه ثم اتكأ على الوسادة وإذا بطرف القناع خارج من تحت المخدة فأخرجه من تحتها، فلما نظره عرفه فظن الجارية بالفحشاء فناداها وقال لها من أين لك هذا القناع، فحلفت له أيماناً وقالت له إنه لم يأتني أحد غيرك، فسكت التاجر خوفاً من الفضيحة، وقال في نفسه متى فتحت هذا الباب افتضحت في بغداد. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

سر القناع

وفي الليلة الثانية والستين بعد الخمسمئة قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن التاجر قال في نفسه متى فتحت هذا الباب افتضحت في بغداد لأن ذلك التاجر كان جليس الخليفة، فلم يسعه إلا السكوت ولم يخاطب بكلمة واحدة وكان اسم الجارية محظية فناداها وقال لها قد بلغني أن أمك راقدة ضعيفة من وجع قلبها وجميع النساء عندها يتباكين عليها وقد أمرتك أن تخرجي إليها فمضت الجارية إلى أمها فلما دخلت الدار وجدت أمها طيبة فجلست ساعة وإذا بالحمالين قد أقبلوا عليها بنقل حوائجها من دار التاجر فنقلوا جميع ما في الدار من الأمتعة فلما رأت ذلك أمها قالت يا بنتي أي شيء جرى لك، فأنكرت منها ذلك ثم بكت أمها وحزنت على فراق ابنتها من ذلك الرجل.

ثم إن العجوز بعد مدة من الأيام جاءت إلى الجارية وهي في المنزل فسلمت عليها باشتياق وقالت لها ما لك يا ابنتي يا حبيبتي قد شوشت فكري ودخلت على أم الجارية فقالت لها يا أختي ما الخبر وما حكاية البنت مع زوجها فإنه قد بلغني أنه طلقها فأي شيء لها من الذنب يوجب هذا كله، فقالت له أم الجارية لعل زوجها يرجع إليها ببركتك فادعي لها يا أختي فإنك صوامة قوامة طول ليلك، ثم إن البنت لما اجتمعت هي وأمها والعجوز في البيت وتحدثن مع بعضهن قالت لها العجوز يا بنتي لا تحملي هماً إن شاء الله تعالى أجمع بينك وبين زوجك في هذه الأيام ثم خرجت إلى الولد وقالت له هيئ لنا مجلساً مليحاً فإني آتيك بها في هذه الليلة فنهض الولد وأحضر ما يحتاجان إليه من الأكل والشرب وقعد في انتظارهما فجاءت العجوز إلى أم الجارية وقالت لها يا أختي عندنا فرح فأرسلي البنت معي لتتفرج ويزول ما بها من الهم والغم ثم ارجع بها إليك مثل ما أخذتها من عندك. فقامت أم الجارية وألبستها أفخر ملبوسها وزينتها بأحسن الزينة من الحلي والحلل وخرجت مع العجوز وذهبت أمها معها إلى الباب، وصارت توصي العجوز وتقول لها احذري أن ينظرها أحد من خلق الله تعالى، فإنك تعلمين منزلة زوجها عند الخليفة ولا تتعوقي وارجعي بها في أسرع وقت، فأخذتها العجوز إلى أن وصلت بها إلى منزل الولد والجارية تظن أنه منزل العرس، فلما دخلت الدار ووصلت إلى قاعة الجلوس. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

سذاجة الجارية

وفي الليلة الثالثة والستين بعد الخمسمئة قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الجارية لما دخلت الدار ووصلت إلى قاعة الجلوس وثب الولد إليها وعانقها وقبل يديها ورجليها فاندهشت الجارية من حسن الولد وتخيلت أن ذلك المكان وجميع ما فيه من مشموم ومأكول ومشروب منام فلما نظرت العجوز اندهاشها قالت لها اسم الله عليك يا ابنتي فلا تخافي وأنا قاعدة لا أفارقك ساعة واحدة، وأنت تصلحين له وهو يصلح لك فقعدت الجارية وهي في شدة الخجل، فلم يزل الولد يلاعبها ويضاحكها ويؤنسها بالأشعار والحكايات حتى انشرح صدرها وانبسطت فأكلت وشربت ثم أخذت العود وغنت وفي الصباح قالت العجوز للجارية كيف كانت ليلتك يا سيدتي فقالت لها كانت طيبة بطول أياديك وحسن تعريضك ثم قالت لها قومي نروح إلى أمك، فلما سمع الولد كلام العجوز خرج لها مئة دينار وقال لها خليها عندي هذه الليلة فخرجت العجوز من عندهما ثم ذهبت إلى والدة الجارية وقالت ابنتك تسلم عليك وأم العروس قد حلفت عليها أنها تبيت عندها هذه الليلة فقالت لها أمها يا أختي سلمي عليهما وإذا كانت الجارية منشرحة لذلك فلابأس ببياتها حتى تنبسط وتجيء على مهلها ما أخاف عليها إلا من القهر من جهة زوجها، ومازالت العجوز تعمل لأم الجارية حيلة بعد حيلة إلى أن مكثت سبعة أيام وكل يوم تأخذ من الولد مئة دينار. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

سبب الفراق

وفي الليلة الرابعة والستين بعد الخمسمئة قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن أم الجارية قالت للعجوز هات لي ابنتي في هذه الساعة فإن قلبي مشغول عليها وقد طالت مدة غيبتها وتوهمت من ذلك فخرجت العجوز من عندها غضبانة من كلامها ثم جاءت إلى الجارية ووضعت يدها في يدها ثم خرجتا من عند الولد وهو نائم على فراشه إلى أن وصلتا إلى أم الجارية فالتفتت أمها إليها ببسط وانشراح وفرحت بها غاية الفرح وقالت لها يا بنتي إن قلبي مشغول بك ووقعت في حق أختي بكلام أوجعتها به فقالت لها قومي وقبلي يديها ورجليها فإنها كانت لي كالخادم في قضاء حاجتي وإن تفعلي ما أمرتك به فما أنا ابنتك ولا أنت أمي فقامت من وقتها وصالحتها ثم إن الولد قام فلم يجد الجارية لأنه استبشر بما ناله لما بلغ مقصوده ثم إن العجوز ذهبت إلى الولد وسلمت عليه وقالت له ماذا رأيت فقال لها نعم ما فعلتيه من الرأي والتدبير ثم قالت له تعال نصلح ما أفسدناه ونرد هذه الجارية إلى زوجها فإننا كنا سبب الفراق بينهما.

عودة الجارية

فقال لها وكيف أفعل قالت تذهب إلى دكان التاجر وتقعد عنده وتسلم وأنا أفوت على الدكان فلما تنظرني قم إلي من الدكان بسرعة واقبض علي، واجذبني من ثيابي واشتمني وخوفني، وطالبني بالقناع وقل للتاجر أنت يا مولاي ما تعرف القناع الذي اشتريته منك بخمسين ديناراً فقد حصل ياسيدي أن جارتي لبسته فاحترق من طرفه فأعطته جاريتي لهذه العجوز تعطيه لأحد يرتيه لها فأخذته ومضت ولم أرها من ذلك اليوم. فقال لها الولد حباً وكرامة، ثم إن الولد تمشى من وقته وساعته إلى دكان التاجر وجلس عنده ساعة وإذا بالعجوز جائزة على الدكان وبيدها مسبحة تسبح بها فلما رآها قام على رجليه وجذبها من ثيابها وصار يشتمها ويسبها وهي تكلمه بلطافة وتقول له يا ولدي أنت معذور فاجتمع أهل السوق عليهما وقالوا ما الخبر فقال يا قوم إنني اشتريت من هذا التاجر قناعاً بخمسين ديناراً ولبسته الجارية ساعة واحدة فقعدت تبخره فطارت شرارة فأحرقت طرفه فدفعناه إلى هذه العجوز على أنها تعطيه لمن يرتيه وترده لنا فمن ذلك الوقت ما رأيناها أبداً. فقالت العجوز صدق هذا الولد نعم إني أخذته منه ودخلت به بيتاً من البيوت التي أدخلها على عادتي فنسيته في موضع من تلك الأماكن ولم أدر في أي موضع هو، وأنا امرأة فقيرة وخفت من صاحبه فلم أواجهه كل كل هذا والتاجر زوج المرأة يسمع كلامهما. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

التاجر يصالح زوجته والملك يشكر الوزراء

في الليلة الخامسة والستين بعد الخمسمئة قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الولد لما قبض على العجوز وكلمها من قبل القناع كما أعلمته كان التاجر زوج المرأة يسمع الكلام من أوله إلى آخره فلما اطلع التاجر على الخبر الذي دبرته هذه العجوز المكارة مع الولد قام التاجر على قدميه ثم قال الله أكبر أستغفر الله العظيم من ذنوبي وما توهمه خاطري، وحمد الله الذي كشف له عن الحقيقة، ثم أقبل التاجر وقال لها هل تدخلين عندنا، فقالت له يا ولدي أنا أدخل عندك وعند غيرك لأجل الحسنة ومن ذلك اليوم لم يعطني أحد خبر ذلك القناع فقال التاجر هل سألت أحداً عنه في بيتنا فقالت له يا سيدي إني رحت البيت وسألت فقالوا لي أن الزوجة قد طلقها التاجر، فرجعت ولم أسأل أحداً بعد ذلك إلى هذا اليوم فالتفت التاجر إلى الولد وقال أطلق سبيل هذه العجوز فإن القناع عندي وأخرجه من الدكان وأعطاه للرتي قدام الحاضرين، ثم بعد ذلك ذهب إلى زوجته وأعطاها شيئاً من المال وأرجعها إلى نفسه بعد أن بالغ في الاعتذار إليها واستغفر الله وهو لا يدري بما فعلت العجوز فهذا من جملة كيد النساء أيها الملك. فرجع الملك عن قتل ولده.

ولما كان ذات ليلة أرسل الملك إلى الوزراء يدعوهم فحضروا جميعاً، فقام إليهم الملك وتلقاهم وشكرهم على ما كان منهم من مراجعته في قتل ولده، وكذلك شكرهم الولد وقال لهم نعم ما دبرتم لوالدي في بقاء نفسي وسوف أجازيكم بخير إن شاء الله تعالى. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وإلى اللقاء في حلقة الغد

عجوز تغوي ابن الملك وتدفعه للخطيئة

أم الجارية تطلب من العجوز إحضار ابنتها

الملك يشكر الوزراء لكشفهم مكيدة الجارية

خدعة العجوز تنطلي على التاجر

ابن التاجر يسافر إلى بغداد ومعه مال وفير
back to top