ابن الملك يكشف سر بكاء الشيوخ ويفتح باب الندامة (13 - 30)

عقاب يحمل الشاب بين مخالبه ويطير به إلى جزيرة وسط البحر

نشر في 08-05-2020
آخر تحديث 08-05-2020 | 00:03
عقاب يحمل الشاب بين مخالبه ويطير به إلى جزيرة وسط  البحر
عقاب يحمل الشاب بين مخالبه ويطير به إلى جزيرة وسط البحر
توقفت شهرزاد في الليلة السابقة عند حكاية الشيوخ العشرة الذين استقدموا شابا لخدمتهم، لكنهم طلبوا منه ألا يسألهم عن سر بكائهم أبداً، وعندما توفوا الواحد تلو الآخر، وبقي أخيرهم حذر الشاب من فتح الباب المغلق بأربعة أقفال من الفولاذ. وفي هذه الحلقة تواصل شهرزاد حكاية الشاب بعد أن قرر فتح الباب.
قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد أن الشيخ الذي بقي من العشرة قال للشاب احذر أن تفتح هذا الباب فتندم حيث لا ينفعك الندم، ثم تزايدت العلة على الشيخ فمات، فغسّله الشاب بيده وكفنه ودفنه عند أصحابه، وقعد الشاب في ذلك الموضع وهو مختوم على ما فيه وهو مع ذلك قلق يتفكر فيما كان فيه الشيوخ، وبينما هو يتفكر يوماً من الأيام في كلام الشيخ ووصيته له بعدم فتح الباب، إذ خطر بباله أنه ينظر إليه فقام إلى تلك الجهة وفتش حتى رأى باباً لطيفاً قد عشش عليه العنكبوت وعليه أربعة أقفال من البولاد، فلما نظره تذكر ما حذره منه الشيخ فانصرف عنه، وصارت نفسه تراوده على فتح الباب وهو يمنعها مدة سبعة أيام، وفي اليوم الثامن غلبت عليه نفسه وقال لابد أن أفتح الباب وأنظر أي شيء يجري علي منه فإن قضاء الله تعالى وقدره لا يرده شيء، ولا يكون أمر من الأمور إلا بإرادته، فنهض وفتح الباب بعد أن كسر الأقفال، فلما فتح الباب رأى دهليزاً ضيقاً فجعل يمشي فيه مقدار ثلاث ساعات، وإذا به قد خرج على شاطئ نهر عظيم فتعجب الشاب من ذلك، وصار يمشي على ذلك الشاطئ وينظر يميناً وشمالاً وإذا بعقاب كبير قد نزل من الجو فحمل ذلك الشاب في مخالبه وطار فيه بين السماء والأرض إلى أن أتى به إلى جزيرة في وسط البحر فألقاه فيها وانصرف عنه ذلك العقاب فصار الشاب متحيراً في أمره ولا يدري أين يذهب.

جيش النساء

اقرأ أيضا

فبينما هو جالس يوماً من الأيام وإذا بقلع مركب قد لاح له في البحر كالنجمة في السماء فتعلق خاطر الشاب بالمركب لعل نجاته تكون فيه وصار ينظر إليه حتى وصل إلى قرية، فلما وصل رأى زورقاً من العاج والأبنوس ومجاذيفه من الصندل والعود، وهو مصفح جميعه بالذهب الوهاج، وفيه عشر من الجواري الأبكار كأنهم القمار، فلما نظرنه الجواري طلعن إليه من الزورق وقبلن يده، وقلن أنت الملك العريس، ثم تقدمت إليه جارية وهي كالشمس الضاحية في السماء الصافية وفي يدها منديل حرير فيه خلعة ملوكية وتاج من الذهب مرصع بأنواع اليواقيت. فتقدمت إليه وألبسته وتوجته وحملته على الأيدي إلى ذلك الزورق فوجد فيه أنواعاً من بسط الحرير الملون ثم نشرن القلوع وسرن في لجج البحر قال الشاب: فلما سرت معهم اعتقدت أن هذا منام، ولا أرى أين يذهبن بي، فلما أشرفن على البر رأيت البر قد امتلأ بعساكر لا يعلم عدتهم إلا الله سبحانه وتعالى وهم متدرعون، ثم قدموا إليّ خمسة من الخيل الموسومة بسروج من ذهب مرصعة بأنواع اللآلئ والفصوص الثمينة، فأخذت منها فرساً فركبته. ولما ركبت انعقدت على رأسي الرايات والأعلام ودقت الطبول وضربت الكاسات ثم ترتبت العساكر ميمنة وميسرة، وصرت أردد هل أنا نائم أو يقظان ولم أزل سائراً لا أصدق بما أنا فيه من الموكب، بل أظن أنه أضغاث أحلام حتى أشرفنا على مرج أخضر فيه قصور وبساتين وأشجار وأزهار وأطيار تسبح الواحد القهار فبينما هم كذلك وإذا بعسكر قد برز من بين تلك القصور والبساتين مثل السيل إذا انحدر إلى أن ملأ ذلك المرج، فلما دنوا مني وقفت تلك العساكر، وإذا بملك منهم قد تقدم بمفرده راكباً وبين يديه بعض خواصه مشاة، فلما قرب الملك من الشاب نزل عن جواده، فلما رأى الملك نزل عن جواده نزل الآخر، ثم سلما على بعضهما أحسن سلام، ثم ركبوا خيولهم فقال الملك للشاب سر بنا فإنك ضيفي فسار معه الشاب وهم يتحدثون والمواكب مرتبة وهي تسير بين أيديهما إلى قصر الملك، ثم نزلوا ودخلوا جميعاً. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

مملكة النساء

وفي الليلة الخمسون بعد الخمسمئة قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملك لما أخذ الشاب سار هو وإياه بالموكب حتى دخلا القصر ويد الشاب في يد الملك، ثم أجلسه على كرسي من الذهب وجلس عنده، فلما كشف ذلك الملك اللثام عن وجهه إذا هو جارية كأنها الشمس الضاحية في السماء الصافية ذات حسن وجمال وبهاء وكمال وعجب ودلال فنظر الشاب إلى نعمة عظيمة وسعادة جسيمة وصار الشاب متعجباً من حسنها وجمالها، ثم قالت له اعلم أيها الملك أني ملكة هذه الأرض وكل هذه العساكر التي رأيتها وجميع ما رأيته من فارس أوراجل فهو من نساء ليس فيهن رجال، والرجال عندنا في هذه الأرض يحرثون ويزرعون ويحصدون ويشتغلون بعمارة الأرض وعمارة البلاد ومصالح الناس من سائر الصناعات، وأما النساء فهن الحكام وأرباب المناصب والعساكر فتعجب الشاب من ذلك غاية العجب، فبينما هم كذلك وإذا بالوزير قد دخل وإذا هي عجوز شمطاء وهي محتشمة ذات هيبة ووقار.

فقالت لها الملكة أحضري لنا القاضي والشهود، فمضت العجوز لذلك ثم عطفت على الشاب تنادمه وتؤانسه وتزيل وحشته بكلام لطيف، ثم أقبلت عليه وقالت له أترضى أن أكون لك زوجة، فقام وقبل الأرض بين يدها فمنعته فقال لها: يا سيدتي أنا أقل من الخدم الذين يخدمونك، فقالت له أما ترى جميع ما نظرته من الخدم والعساكر والمال والخزائن والذخائر فقال لها نعم فقالت له جميع ذلك بين يديك تتصرف فيه بحيث تعطي وتهب ما بدا لك، ثم إنها أشارت إلى باب مغلق وقالت له ذلك تتصرف فيه إلا هذا الباب فلا تفتحه فإذا فتحته ندمت حيث لا ينفعك الندم فما انتهت من كلامها إلا والوزير والقاضي والشهود معها.

فلما حضروا وكلهن عجائز ناشرات الشعر على أكتافهن وعليهن هيبة ووقار قال: فلما أحضرن بين يدي الملكة أمرتهن أن يعقدن العقد تزويج فزوجنها الشاب وعملت الولائم وجمعت العساكر، وأقام معها سبعة أعوام في ألذ عيش وأهنأه وأطيبه، فتذكر ذات يوم من الأيام فتح الباب وقال لو لم يكن فيه ذخائر جميلة أحسن مما رأيت ما منعتني عنه، ثم قام وفتح الباب وإذا الطائر الذي حمله من ساحل البحر وحطه في الجزيرة، فلما نظره ذلك الطائر قال له لا مرحباً بوجه لا يفلح أبداً.

الندم

فلما نظره وسمع كلامه هرب منه فتبعه وخطفه وطار به بين السماء والأرض مسافة ساعة وحطه في المكان الذي خطفه منه، ثم غاب عنه فجلس مكانه ثم رجع إلى عقله وتذكر ما نظره قبل ذلك من النعمة والعز والكرامة وركوب العسكر أمامه والأمر والنهي، فجعل يبكي وينتحب، ثم أقام على ساحل البحر الذي وضعه فيه ذلك الطائر مدة شهرين، وهو يتمنى أن يعود إلى زوجته، فبينما هو ذات ليلة من الليالي سهران حزين متفكر، وإذا بقائل يقول وهو يسمع صوته ولا يرى شخصه وهو ينادي ما أعظم اللذات هيهات أن يرجع إليك ما فات فأكثر الحسرات. فلما سمعه ذلك الشاب يئس من لقاء تلك الملكة، ومن رجوع النعمة التي كان فيها إليه ثم دخل الدار التي كان فيها المشايخ، وعلم أنهم قد جرى لهم مثلما جرى له وهذا الذي كان سبب بكائهم وحزنهم فعذرهم بعد ذلك، ثم إن الشاب أخذه الحزن والهم ودخل ذلك المجلس ومازال يبكي وينوح وترك المأكل والمشرب والروائح الطيبة والضحك إلى أن مات ودفنوه بجانب المشايخ فاعلم أيها الملك أن العجلة ليست محمودة، إنما هي تورث الندامة وقد نصحتك بهذه النصيحة فلما سمع الملك ذلك الكلام اتعظ وانتصح ورجع عن قتل ولده. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

تهديد الخادمة

وفي الليلة الواحدة والخمسين بعد الخمسمئة قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملك لما سمع حكاية الوزير رجع عن قتل ولده فلما كان في اليوم السادس دخلت الجارية على الملك وفي يدها سكين مسلولة، وقالت اعلم يا سيدي: أنك لا تقبل شكايتي وترع حقك وحرمتك فيمن تعدى علي وهم وزراؤك الذين يزعموا أن النساء صاحبات حيل ومكر وخديعة ويقصدون بذلك ضياع حقي وإهمال الملك النظر في حقي، وها أنا أحقق بين يديك أن الرجال أمكر من النساء بحكاية ابن ملك من الملوك حيث خلا بزوجة تاجر فقال لها الملك وأي شيء جرى له معها؟

قالت: بلغني أيها الملك السعيد أنه كان تاجراً من التجار غيوراً، وكان عنده زوجة ذات حسن وجمال فمن كثرة خوفه وغيرته عليها لم يسكن بها في المدائن إنما عمل لها خارج المدينة قصراً منفرداً وحده عن البنيان وقد أعلى بنيانه وشيد أركانه وحصن أبوابه وأحكم إقفاله، فإذا أراد الذهاب إلى المدينة قفل الأبواب وأخذ مفاتيحها معه وعلقها في رقبته، فبينما هو يوماً من الأيام في المدينة إذ خرج ابن ملك تلك المدينة يتنزه خارجها ويتفرج على الفضاء فنظر ذلك الخلاء وصار يتأمل فيه زماناً طويلاً لعينه ذلك القصر فنظر فيه جارية عظيمة تطل من بعض طيقان القصر، فلما نظرها صار متحيرا في حسنها وجمالها وأراد الوصول إليها فلم يمكنه ذلك، فدعا بغلام من غلمانه فأتاه بدواية وورقة وكتب عليها شرح حاله من المحبة وجعلها في سنان نشابة ثم رمى النشابة داخل القصر فنزلت عليها وهي تمشي في بستان فقالت لجارية من جواريها أسرعي إلى هذه الورقة وناولين إياها وصارت تقرأ الخط.

فلما قرأتها وعرفت ما ذكره لها من الذي أصابه من المحبة والشوق والغرام كتبت له جواب ورقته وذكرت له أنه قد وقع عندها من المحبة أكثر مما عنده ثم أطلت عليه من طاقة القصر فرأته فألقت إليه الجواب واشتد بها الشوق، فلما نظر إليها جاء تحت القصر وقال لها: ارم من عندك خيطاً لأربط فيه هذا المفتاح حتى تأخذيه عندك، فرمت له خيطاً وربط فيه المفتاح ثم انصرف إلى وزرائه فشكا إليهم محبة تلك الجارية وأنه قد عجز عن الصبر عنها، فقال له بعضهم وما التدبير الذي تأمرني له ابن الملك أريد منك رأن تجعلني في صندوق وتودعه عند هذا التاجر في قصره وتجعل أن ذلك الصندوق لك حتى أرى تلك الجارية، ثم تسترجع ذلك الصندوق فقال له الوزير حباً وكرامة. ثم إن ابن الملك لما توجه إلى منزله جعل نفسه داخل صندوق كان عنده وأغلق الوزير عليه وأتى به إلى قصر التاجر، فلما حضر التاجر بين يدي الوزير قبل يديه، وقال له التاجر لعل لمولانا الوزير خدمة أو حاجة نفوز بقضائها فقال له الوزير أريد منك أن تجعل هذا الصندوق في أعز مكان عندك فقال التاجر للحاملين احملوه فحملوه، ثم أدخله التاجر في القصر ووضعه في خزانة عنده ثم بعد ذلك خرج إلى بعض أشغاله فقامت الجارية إلى الصندوق وفتحته بالمفتاح الذي معها فخرج منه شاب مثل القمر فلما رأته لبست أحسن ملبوسها وذهبت به إلى قاعة الجلوس وقعدت معه في أكل وشرب مدة سبعة أيام وكلما يحضر زوجها تجعله في الصندوق وتقفل عليه. فلما كان في بعض الأيام سأل الملك ولده، فخرج الوزير مسرعاً إلى بيت التاجر وطلب منه الصندوق. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

غطاء الصندوق

وفي الليلة الثانية والخمسين بعد الخمسمئة قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الوزير لما حضر إلى منزل التاجر طلب الصندوق، فجاء التاجر إلى قصره على خلاف العادة وهو مستعجل فطرق الباب فأحست به الجارية، فأخذت ابن الملك وأدخلته في الصندوق وذهلت عن قفله، فلما وصل التاجر إلى المنزل هو والحاملون حملوا الصندوق من غطائه فانفتح وكان فيه ابن الملك راقداً فلما رآه التاجر وعرفه خرج إلى الوزير وقال له ادخل أنت وخذ ابن الملك فلا يستطيع أحد منا أن يمسكه فدخل الوزير وأخذه ثم انصرفوا جميعاً، فلما انصرفوا أطلق التاجر الجارية، وأقسم على نفسه ألا يتزوج أبداً.

السيدة والغلام

وبلغني أيضاً أيها الملك أن رجلاً من الظرفاء دخل السوق فوجد غلاماً ينادي عليه للبيع فاشتراه، وجاء به إلى منزله وقال لزوجته استوصي به فأقام الغلام مدة من الزمان فلما كان في بعض الأيام قال الرجل لزوجته اخرجي غداً إلى البستان ووتنزهي وانشرحي، فقالت حباً وكرامة فلما سمع الغلام ذلك عمد إلى طعام وجهزه في تلك الليلة وإلى شراب ونقل وفاكهة ثم توجه إلى البستان وجعل ذلك الطعام تحت شجرة وجعل ذلك الشراب تحت شجرة والفواكه والنقل تحت شجرة في طريق زوجة سيده.

فلما أصبح أمر الرجل الغلام أن يتوجه مع سيدته إلى ذلك البستان وأمر بما يحتاجون إليه من المأكل والمشرب والفواكه، ثم طلعت الجارية وركبت فرساً والغلام معها حتى وصلوا إلى ذلك البستان، فلما دخلوا نعق غراب فقال له الغلام صدقت فقالت له سيدته هل أنت تعرف ما يقول الغراب فقال لها نعم يا سيدتي قالت له فما يقول قال لها يا سيدتي يقول إن تحت هذه الشجرة طعاماً تعالوا كلوه فقالت له أراك تعرف لغات الطير، فقال لها نعم فتقدمت الجارية إلى تلك الشجرة فوجدت طعاماً مجهزاً، فلما أكلوه تعجبت منه غاية العجب واعتقدت أنه يعرف لغات الطير.

نعيق الغراب

فلما أكلوا ذلك الطعام تفرجوا في البستان فنعق الغراب فقال له الغلام صدقت، فقالت له سيدته أي شيء يقول، قال يا سيدتي يقول إن تحت الشجرة الفلانية كوز ماء ممسك فضلا عن شراب فريد فذهبت هي وإياه فوجدا ذلك فتزايدت عجباً وعظم الغلام عندها فقعدت مع الغلام يشربان، فلما شربا مشيا في ناحية البستان فنعق الغراب فقال له الغلام صدقت، فقالت له سيدته أي شيء يقول هذا الغراب، قال يقول إن تحت الشجرة الفلانية فواكه ونقلاً فذهبا إلى تلك الشجرة فوجدا ذلك فأكلا من تلك الفواكه والنقل، ثم مشيا في البستان فنعق الغراب، فأخذ الغلام حجراً ورماه به فقالت مالك تضربه وما الذي قاله، قال يا سيدتي إنه يقول كلاماً ما أقدر أن أقوله قالت قل ولا تستح مني أنا ما بيني وبينك شيء فصار يقول... وإذا بسيده خلفه ينظر إليه فناداه وقال له يا غلام ما لسيدتك راقدة هناك تبكي، فقال يا سيدي وقعت من فوق شجرة فماتت وما ردها عليك الله سبحانه وتعالى فرقدت هاهنا ساعة لتستريح.

حيل الرجال

فلما رأت الجارية زوجها فوق رأسها قامت وهي متمردة تتوجع وتقول آه يا ظهري يا جنبي تعالوا إليّ يا أحبائي ما بقيت أعيش، فصار زوجها مبهوتاً ثم نادى الغلام وقال له هات لسيدتك الفرس واركبها، فلما ركبت أخذ الزوج بركابها والغلام بركابها الثاني ويقول لها الله يعافيك ويشفيك، وهذا أيها الملك من جملة حيل الرجال ومكرهم، فلا يرد وزراؤك عن نصرتي والأخذ بحقي ثم بكيت، فلما رأى الملك بكاءها وهي عنده أعز جواريه أمر بقتل ولده. فدخل عليه الوزير السادس وقبل الأرض بين يديه وقال له أعز الله تعالى الملك إني ناصحك ومشير عليك بالتمهل في أمر ولدك. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

الوالي والقاضي والنجار

في الليلة الثالثة والخمسين بعد الخمسمئة قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد، أن الوزير السادس قال له أيها الملك تمهل في أمر ولدك فإن الباطل كالدخان، والحق مشيد الأركان، ونور الحق يذهب ظلام الباطل، واعلم أن مكر النساء عظيم، وقد قال الله في كتابه العزيز «إن كيدهن عظيم»، وقد بلغني حديث امرأة فعلت مع أرباب الدولة مكيدة ما سبقها بمثلها أحد قط فقال الملك وكيف كان ذلك قال الوزير، بلغني أيها الملك أن امرأة من بنات التجار كان لها زوج كثير الأسفار فسافر زوجها إلى بلاد بعيدة وأطال الغيبة فزاد عليها الحال فعشقت غلاماً ظريفاً من أولاد التجار وكانت تحبه ويحبها محبة عظيمة، ففي بعض الأيام تنازع الغلام مع رجل فشكا الرجل إلى والي تلك البلد فسجنه فبلغ خبره زوجة التاجر معشوقته فطار عقلها عليه، فقامت ولبست أفخر ملبوسها ومضت إلى منزل الوالي فسلمت عليه ودفعت له ورقة تذكر فيها أن الذي سجنته وحبسته هو أخي فلان الذي تنازع مع فلان، والجماعة الذين شهدوا عليه قد شهدوا باطلاً وقد سجن في سجنك وهو مظلوم، وليس عندي من يدخل علي ويقوم بحالي غيره واسأل من فضل مولانا إطلاقه من السجن. فلما قرأ الوالي الورقة ثم نظر إليها فعشقها وقال لها ادخلي المنزل حتى أحضره بين يدي ثم أرسله إليك فتأخذينه، فقالت له يا مولانا ليس لي أحد إلا الله تعالى وأنا امرأة غريبة لا أقدر على دخول منزل أحد، فقال لها الوالي لا أطلقه لك حتى تدخلي المنزل، فقالت له وإن أردت ذلك فلابد أن تحضر عندي في منزلي، فقال لها وأين منزلك، فقالت له في الموضع الفلاني ثم خرجت من عنده وقد اشتعل قلب الوالي. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وإلى اللقاء في حلقة الغد

جيش من النساء يحيط بابن الملك... والخدم والعساكر تحت تصرفه

زوجة التاجر تعشق غلاماً فتدبر حيلة لاستقباله بالقصر

الوزير للملك: اعلَم أن العجلة لا تورث إلا الندم

الجارية تحكي للملك قصة التاجر الغيور

الوزير السادس يحذر الملك من كيد النساء
back to top