فنزويلا... قنبلة موقوتة!

نشر في 06-05-2020
آخر تحديث 06-05-2020 | 00:00
 ميامي هيرالد اتهمت الولايات المتحدة رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو ومسؤولين آخرين رفيعي المستوى في نظامه بالتآمر مع الجماعة الإرهابية الكولومبية "فارك"، أو "القوات المسلحة الثورية الكولومبية"، لتصدير آلاف كيلوغرامات الكوكايين من فنزويلا إلى الولايات المتحدة.

وفق الإحصاءات الرسمية في فنزويلا، يسجّل البلد واحداً من أدنى معدلات الوفاة بسبب وباء "كوفيد-19" في العالم، لكن على أرض الواقع، قد تواجه فنزويلا أخطر كارثة غير معلنة بسبب فيروس كورونا، إنها قنبلة موقوتة وقد تنفجر في أي لحظة!

في مقابلة مع رئيس "الجمعية الوطنية" في فنزويلا خوان غوايدو الذي تعترف به الولايات المتحدة وأكثر من 50 بلداً آخر كرئيس شرعي لبلده، صرّح بأن فنزويلا أصبحت "على عتبة كارثة حقيقية"، حيث يفتقر معظم الناس هناك إلى الصابون لغسل أيديهم، وتخلو مستشفيات كثيرة من المياه الجارية بحسب قوله.

وفق مصادر نظام الرئيس نيكولاس مادورو، سجّلت فنزويلا 10 وفيات مرتبطة بفيروس كورونا فقط حتى تاريخ 27 أبريل في المقابل، بلغ هذا العدد 4205 حالات وفيات في البرازيل خلال الفترة نفسها، و1351 في المكسيك، و728 في البيرو، و576 في الإكوادور، و243 في كولومبيا، و198 في تشيلي، و186 في الأرجنتين، و54 في كوبا بحسب موقع Ourworldindata.org التابع لجامعة "أكسفورد".

على أساس حصة الفرد الواحد، يزعم النظام في فنزويلا أن متوسط الوفيات بسبب "كوفيد-19" يقتصر محلياً على 0.35 في المليون، ويبلغ هذا المتوسط 21 في البرازيل، و11 في المكسيك، و4.3 في الأرجنتين وفق موقع "أكسفورد" نفسه، ويجمع هذا الموقع الأرقام الرسمية لمختلف البلدان.

عندما سُئل غوايدو عن أرقام الوفيات التي أعلنها النظام بسبب "كوفيد-19"، أجاب: "هم يفتقرون إلى المصداقية"! وعلى غرار كوريا الشمالية أو كوبا، يعترف غوايدو بأن فنزويلا استفادت نسبياً من انعزالها عن بقية دول العالم حين بدأ الوباء ينتشر في وقتٍ سابق من هذه السنة، وقبل ظهور الفيروس، كانت الرحلات الدولية إلى فنزويلا قد تراجعت بدرجة كبيرة واقتصرت على 10% من الأرقام المسجلة قبل سنتين أو ثلاث سنوات.

كذلك، يعترف غوايدو بأن نقص البنزين في فنزويلا أدى إلى وقف رحلات السفر الداخلية بشكلٍ شبه تام، وربما ساهم هذا الوضع في إبطاء مسار تناقل الفيروس، وما يثير العجب هو أن فنزويلا تملك أكبر احتياطي نفطي في العالم، لكن أدى عهد هوغو تشافيز طوال عقدَين إلى تدمير الإنتاج النفطي وبقية صناعات البلد، وبغض النظر عن أرقام الوفيات الحقيقية بسبب "كوفيد-19"، تتعدد الأسباب التي تثبت أن فنزويلا توشك على مواجهة كارثة إنسانية هائلة كما قال غوايدو:

أولاً، يفتقر معظم سكان فنزويلا إلى الصابون والمياه الجارية، وهما عاملان أساسيان لغسل اليدين ومنع انتشار الفيروس، وبحسب استطلاع جرى في 26 أبريل بطلبٍ من "الجمعية الوطنية"، لا تصل المياه بشكلٍ منتظم إلى 78% من سكان فنزويلا، ولم يتلقَ 20% منهم المياه في آخر سبعة آيام.

ثانياً، استُنزِفت موارد المستشفيات، إذ يفتقر نحو 50% من مستشفيات فنزويلا إلى المياه الجارية، ولا يملك 80% منها كميات كافية من الصابون، وتنقطع الكهرباء في عدد كبير منها، ويضيف غوايدو: "بقي مستشفى "جي إم دي لوس ريوس" في كاراكاس، وهو أكبر مستشفى للأطفال في فنزويلا، بلا كهرباء طوال تسع ساعات حديثاً، ولا يستطيع الممرضون الوصول إلى أماكن عملهم بسبب نقص البنزين أو غياب وسائل النقل العامة، وهم يجنون نحو 4 دولارات شهرياً فقط".

ثالثاً، تكتفي فنزويلا بإجراء 100 فحص للكورونا يومياً، وهو معدل ضئيل جداً.

رابعاً، تملك فنزويلا نحو 300 جهاز تنفس فقط في البلد كله، ويقتصر العدد الموجود في المستشفيات الحكومية على 83، ويقول غوايدو: "إذا بدأ فيروس "كوفيد-19" ينتشر في فنزويلا، فسيتعطل نظام المستشفيات بشكلٍ شبه فوري".

اليوم أكثر من أي وقت مضى، تحتاج فنزويلا إلى حكومة انتقالية لتجديد الحكم الديمقراطي وفتح البلد أمام المساعدات الدولية الهائلة لأن معظم البلدان الكبرى لن ترغب في إرسال الأموال أو المعدات الطبية إلى بلد دكتاتوري فاسد.

بعد التكلم مع غوايدو وفنزويليين مطّلعين آخرين، يبدو أن الحكم الدكتاتوري في عهد مادورو يخفي أعداد الوفيات الحقيقية بسبب فيروس "كوفيد-19" عبر تصنيفها كجزءٍ من الحالات المرتبطة بالالتهاب الرئوي وأمراض أخرى، كذلك وصل الوباء على الأرجح بوتيرة بطيئة إلى فنزويلا مقارنةً بالبلدان الأخرى، كما قال غوايدو، بسبب انعزال البلد عن بقية دول العالم وعزلته الداخلية.

أخيراً، تشير تقديرات "منظمة الصحة للبلدان الأميركية" إلى تأخّر انتشار "كوفيد-19" في أميركا اللاتينية بمعدل ستة أسابيع مقارنةً بأوروبا، لكن في هذه الحالة، قد تواجه فنزويلا قريباً أسوأ كارثة في نصف الأرض الغربي بسبب فيروس كورونا.

* «أندريس أوبنهايمر »

back to top