آمال: الذاكرة وأنا

نشر في 28-04-2020
آخر تحديث 28-04-2020 | 00:25
 محمد الوشيحي هي تتمنع عني وتنظر إلي بأنفةِ فتاةٍ فائقة الحسن، فاحشة الثراء، اعتادت الدلع في أحضان والديها اللذين أكسباها ثقل دم يرجح بالموازين ويُرى من على بعد ذهول.

أتحرش بها وأغازلها بما لذ وطاب من المواقف، علها تجالسني وتفتح "شليلها" لي، ولو "ببعض بعض" ما عندها. علماً أنني السبب، لا الرئيسي فحسب، بل الوحيد، في امتلائها حد التخمة. أنا الذي صِعت وضِعت وغامرت بحياتي وقامرت بمستقبلي، فامتلأت هي بالأحداث والمواقف وخيبات الأمل أحياناً وأصالة معادن الأصدقاء أحياناً أخرى أكثر.

فعلت لها ما لم يفعله عاشق لمعشوقته، قدّمتها على نفسي، حتى في عنوان هذه المقالة، ولا فائدة! لم أرَ تمنعاً كتمنعها إلا في خلافات العرب فيما بينهم.

يسألني أحد المعارف، عند لقاء صدفة، بعد ترحيب حار: "هل تتذكر الموقف الفلاني هاهاها؟"، فألتفت إلى ذاكرتي مستجدياً، وأنا الذي يقتل المستجدين لو جمعه معهم طريق أو مكان، فتتمنع بنت أبيها، بل تمعن أكثر في نذالتها وثقل دمها فلا تسعفني حتى باسمه. فأضطر إلى الرد على الـ"هاهاها" بـ"هاهاها" مثلها تعادلها في القوة وتسايرها بذات الاتجاه.

ويستفسر أحد الأصدقاء، ذات جلسة سمر: "ما الذي حدث في الموضوع الفلاني، ما الذي أدى بك إلى اتخاذ هذا الموقف؟"، فألتفت، غاضباً هذه المرة، إلى الدلوعة، فتجزع وتنثر في حضني أربع حكايات، وتهرب، فأجمع الحكايات الأربع وألقيها بدوري على مسامع صديقي، رأس هذه الحكاية في ذيل تلك، وكبد الحكاية الثالثة في فخذ الرابعة، فيفغر فمه دهشةً وهو يتساءل: "ما دخل كذا في كذا؟"، فأستعير منه فغر الفم، لكن مع شد الشعر، فينتبه ويتمتم: "ذاكرتك لم تتعبك وحدك، هي أتعبتنا معك". فأرد عليه بكل ما أوتيت من يأس وأسى: "هل تعرف محامياً يحسم هذا الأمر؟".

لم يبق غذاء يساعد في تحريك الذاكرة لم أتناوله. لم يبق تمرين رياضي ينشط الذاكرة لم أمارسه. والنتيجة: كلما ازدادت هي تخمة ونشاطاً؛ جازتني بالجفاء والنكران المبين.

back to top