انتصار عبدالمنعم: أكتب محبةً في الكتابة

«أخوض انتخابات اتحاد الكتّاب لحلّ مشكلات الصحة والمعاشات والكرامة»

نشر في 05-04-2020
آخر تحديث 05-04-2020 | 00:03
تكتب انتصار عبدالمنعم الرواية والنقد الأدبي والقصة القصيرة وأدب الأطفال، واستطاعت أن تخطّ لنفسها مساراً مميزاً بين بنات جيلها، وهي عضوة في كثير من المشاريع العربية الثقافية، كثيرة الترحال والمشاركة في المحافل الأدبية العربية والدولية، لكن العزلة الإجبارية بسبب فيروس كورونا فرضت عليها البقاء في المنزل راهناً، لتعكف على استكمال مشاريعها المؤجلة، وفي حوارها لـ "الجريدة"، تتحدث عبدالمنعم عن كيفية قضاء وقتها بالمنزل، وما تقرأه في عزلتها، وأحدث مشروعاتها الإبداعية، وأبرز المحطات في مسيرتها الأدبية، وإلى نص الحوار.
• فرضت الأحداث العالمية أخيرا حالة من العزل الجماعي بسبب فيروس كورونا، مما جعل العديد من الأدباء والكتاب والشعراء يلتزمون منازلهم، كيف تقضين عزلتك؟

- أرى ما يحدث نوعا من الجنون، فالعالم أصبح مجنونا، يتأرجح بين اللامبالاة والتجاهل إلى أن تحدث الكارثة فينتبه، الحكومة تحذّر، والناس في الشوارع لا يدرون حجم الكارثة... هذه الفكرة جعلتني أعود إلى القراءة عن مفهوم "الجنون"، فأقضي وقتي في قراءة ميشيل فوكو، خاصة كتابه "الجنون والحضارة"، وكتاب "موجز تاريخ الجنون" للبريطاني روي بورتر، و"تاريخ الجنون" للفرنسي كلود كيتيل، واستغرقتني القراءة، فعلا كي أصرف ذهني عن متابعة نشرات الأخبار و"فيسبوك" الذي أصبح خطرا على الصحة العقلية في هذه الفترة، كما حذّرت منظمة الصحة العالمية أخيرا. وبحكم ارتباطي بالكتابة شهريا، فأنا ملتزمة بقراءة وترجمة بعض الكتب والقصص لهذا الغرض.

• تخوضين انتخابات العضوية في التجديد النصفي لمجلس إدارة اتحاد كتّاب مصر، ماذا عن برنامجكم الانتخابي، وما صدى قرار التأجيل؟

- خضت الانتخابات لإيماني بأن العمل الجماعي هو السبيل لحلّ أزمة اتحاد كتاب مصر، فلا يمكن صنع المعجزات بمفردنا، مما دعا إلى تدشين جبهة الإصلاح، وهي المنوط بها العمل الجماعي التطوعي لمصلحة كتاب مصر جميعا، ولدينا جميعا رصيدنا الأدبي والمادي، مما يجعلنا نقف يدًا واحدة بعيدًا عن المصالح الشخصية، وتم التأكيد في البرنامج الانتخابي على حل مشكلات الاتحاد، التي تتعلق بثلاثة ملفات هي الصحة والمعاشات والكرامة... ثم جاء قرار التأجيل والعزلة في ظل مواجهة "كورونا".

• ما هي منطلقاتك في الكتابة؟

- كل كاتب لا ينشأ من فراغ، فهو نبتة تنمو داخل بيئة عامة، وظروف خاصة... ولربما لا أستطيع أن أتحدث عن علاقتي بالكتابة إلا إذا تحدثت عن أمرين؛ أولهما: أنا أكتب محبة في الكتابة، لا لتحقيق هدف ما أو مكسب ما، ولذلك أنا منشغلة بفعل الكتابة نفسه، وطوال الوقت أعمل على ذاتي، دون الدخول في صراعات جانبية تخرجني عن مسار الكلمة الذي أحب أن أسير فيه.

ثانيا، بدأت الكتابة منذ زمن بعيد في أثناء المرحلة الثانوية، كنت أكتب القصص والأشعار وأنشر في مجلة المدرسة، وكانت أول جائزة في القصة وأنا في الصف الأول الثانوي. ثم غبت طويلا عن المشهد الثقافي كتابة ومتابعة منذ عام 1990 تقريبا، وعندما عدت في 2007 كان كل همي تعويض ما فاتني، وكانت العودة من خلال "عندما تستيقظ الأنثى" في نهاية عام 2008 وفزت بها بإحدى جوائز اتحاد كتّاب مصر، وهي جائزة د. عبدالغفار مكاوي، وكانت المجموعة نفسها موضوعا لرسالة ماجستير من الباحثة الصينية XU TIANJIA بعنوان (عن بنية السرد في "عندما تستيقظ الأنثى" للروائية المصرية انتصار عبدالمنعم)، و"الأبدية بعيدا جدا" للروائية الصينية TIA NINJ تيه ننج.

ثم توالت الإصدارات بين الرواية، والقصة، وأدب الطفل، وعندما تقدمت لمسابقة سلسلة الكتب الثقافية للأطفال، لمكتب التربية العربي لدول الخليج، كانت المفاجأة بحصولي على جائزة المرحلة الخامسة للمسابقة عن قصة "الأميرة الصلعاء"، وكنت سعيدة الحظ بأن تطبع مجموعة "نوبة رجوع" خارج مصر، في مدينة الدمام، وتنفد نسخها المعروضة في معرض الرياض الدولي للكتاب، وكذلك كل عمل صدر لي، نلت به بعض المحبة من القراء.

• هل نستطيع القول إن القصة القصيرة الأقرب إلى رؤاك؟

- المتابع لكتاباتي يبدو له الأمر على أنني أنحاز إلى القصة القصيرة، خاصة أنني بدأت بالقصة، وكان باكورة إنتاجي المجموعة القصصية "عندما تستيقظ الأنثى"، تلتها "نوبة رجوع"، في مقابل رواياتي "لم تذكرهم نشرة الأخبار/ وقائع سنوات التية"، و"كبرياء الموج"، و"جامعة المشير"، وأنا شخصيا أعتمد السرد وفق ترتيب سلس للوقائع والأفكار، وأميل إلى القصة المكثفة التي تتمركز على الحدث أو المشهد نفسه لا على الشخوص والحوارات.

• كيف نستطيع بناء وعي الطفل في ظل هذا الصراع التكنولوجي الذي يشهده العالم؟

- الكتابة للطفل عملية معقّدة وليست بالسهولة التي يظنها البعض، فعلى الكاتب أن يكتب بروح طفل مخاطبا عقل طفل في مرحلة عمرية يحددها قبل أن يبدأ الكتابة،

لا بدّ لكاتب أدب الطفل أن يستوعب أن الطفل لم يعد هذا الذي يرتضي الجلوس ليسمع قصة ما وهو عاقد ذراعيه أو وهو يستعد للنوم، بل يجب عليه أن يقدّم للطفل ما يجذبه إلى قراءة كتاب يغنيه عن متابعة برامج الفضائيات التي لا تراعي خصوصية المرحلة، ولا بدّ أن تكون القصة ذاتها عالمًا ديناميكيًا بها قدر من التشويق والمغامرة، جنبا إلى جنب مع القيمة أو المعلومة التي يريد إيصالها له، وفي كل أعمالي للطفل "تائهون في الغابة" و"عندما كنت فراشة"، و"لوني أسود"، و"مغامرة بطل من ذوي الاحتياجات الخاصة" أريد دومًا إيصال فكرة التعايش مع الطبيعة من حولنا وقيمة مفهوم الحرية من خلال التعامل مع الآخر المختلف، فكان (خالد) بطل "مغامرة بطل" معاقًا، و"مانويل" إفريقيا، كذلك من خلال علاقتنا مع الحيوانات، وكي أقوم بذلك قرأت كثيرًا عن أنواع الفراشات، وحياة الفيل الهندي وكيف يختلف عن مثيله الإفريقي.

• استطاعت كتاباتك الإبداعية أن تشد إليها أنظار القراء والنقاد والدارسين داخل مصر وخارجها، فحظيت بعديد القراءات والدراسات، فما الذي أضافته هذه الدراسات؟

- من منبركم هذا، "الجريدة" الغراء، أحيي أولئك الطلبة الباحثين والأساتذة الدارسين الذين اهتموا بقراءة أعمالي وتدارسها، سواء في الدرس الأكاديمي أو غيره، وأخص بالذكر د. محمد القضاة بالجامعة الأردنية الذي كلّف طلبته دراسة أعمالي لمناقشتها ضمن حلقات البحث هناك.

وتعد رواية "كبرياء الموج" الصادرة عن دار الهلال المصرية محطة مهمة جدا بالنسبة لي، وعلامة فارقة في مسيرتي الابداعية، لما حظيت من اهتمام، حيث عقد الكثير من الندوات في الإسكندرية والقاهرة لمناقشتها والدراسات التي عنيت بها، لأنها جاءت مغايرة مخاتلة حيّرت النقاد، فأنا فيها باسمي الحقيقي وفيها من حياتي رفقة أولياء الله الصالحين، مثل سيدي أبو العباس المرسي والشاذلي والجو الصوفي الذي أنتمي إليه، وجاءت بمحتوى غير معتاد في مزيج واحد يتكئ على ثقافة تجمع بين ديانات ومذاهب مختلفة في معناها العلوي، ورغم ذلك هي ليست سيرة ذاتية، كل هذا جذب النقاد أكثر لها عن أعمالي السابقة، وشجع الكثيرين على قراءتها والاهتمام بها، كلها مؤشرات برهنت على نجاح الرواية وعلى أني كتبت شيئا جيدا. وهكذا كانت أصداء "جامعة المشير" داخل وخارج مصر، بسبب موضوعها، وجرأة التناول. أما الضجة التي حدثت سواء بالثناء أو بالهجوم لكتاب "حكايتي مع الإخوان" فقد كادت تقضي على سمت "الكاتبة" الذي عرفني به الوسط الأدبي، وذلك عندما انهالت عليَّ العروض المغرية، سواء باللقاءات، أو بالعمل في أماكن بعينها، وغيرها، تداركت الأمر، وأعلنت رفضي التام لأي لقاء أو برنامج يخص الكتاب، واشترطت أن تكون الحوارات أو اللقاءات عن كل الأعمال وليس هذا الكتاب فقط، وبالفعل هناك من احترم رغبتي هذه، وهناك من اعتبر الأمر تعاليًا.

الترجمة

• ترجمت بعض أعمالك إلى لغات أجنبية، كيف تنظرين إلى كتاباتك المترجمة؟

- من أجمل الأشياء التي تحدث للكاتب هو أن تتاح لأعماله فرصة الترجمة إلى لغة أخرى، والمدهش أن يحدث هذا لرواية "لم تذكرهم نشرة الأخبار/ وقائع سنوات التيه"، وترجمها إلى الإسبانية الأستاذ سليمان طايع، ونشرتها دار نشر "أرانيا ايديتوريال" الإسبانية، وبالطبع هذا يفتح آفاقًا أكبر أمام الكاتب، ليعرفه قارئ جديد، وأخيرًا كنت في مهرجان شعري بمدريد، وكان من دواعي السرور أن أقدّم الترجمة للزملاء من إسبانيا ودول أميركا اللاتينية، كبطاقة تعريف لي.. فنلت معارف ثرية وصداقات حقيقية ومحبات مستمرة هي الأغلى في مسيرتي الأدبية.

العالم أصبح مجنوناً يتأرجح بين اللامبالاة والتجاهل

خضت الانتخابات لأن العمل الجماعي السبيل لحل الأزمة
back to top