الفيروس يحرم الموتى في إيطاليا من الوداع الأخير

لا يمكن إلباسهم وتصفيف شعورهم وتزيين وجوههم

نشر في 27-03-2020
آخر تحديث 27-03-2020 | 00:00
كاهن يصلي على أحد ضحايا الفيروس في إيطاليا
كاهن يصلي على أحد ضحايا الفيروس في إيطاليا
حظرت الحكومة الإيطالية إقامة الجنائز نتيجة تفشي وباء «كورونا»، وهو ما يعني بالنسبة إلى الكثيرين حرمانهم من فرصة وداع أحبائهم وأقاربهم.

ويقول أندريا كيراتو، الذي يعمل في مكتب يشرف على تنظيم الجنائز في مدينة ميلانو: «يقتل هذا الوباء مرتين. ففي المرة الأولى، يعزلك عن أحبائك قبل أن تموت، ومن ثم لا يسمح لك أن تجري الشعائر الضرورية بعد الموت».

وأضاف «إن الأسر تشعر بأسى عميق ولا تستطيع تقبل هذا الوضع».

يموت الكثيرون من المصابين بفيروس كوفيد- 19 في إيطاليا، وهم معزولون في المستشفيات من دون أن يسمح لأقاربهم وأصدقائهم برؤيتهم. فقد منعت الزيارات لأن مخاطر العدوى كبيرة جدا.

وبينما تقول السلطات إن العدوى بالفيروس لا تنتقل من المتوفين إلى الأحياء، يمكن للفيروس أن يظل فعالا على ملابس الموتى لساعات. ويعني هذا أنه يجب عزل جثث الموتى فور وفاتهم.

ويقول ماسيمو مانكاستروبا، متعهد دفن الموتى في مدينة كريمونا: «تطلب العديد من الأسر أن تلقي نظرة أخيرة على موتاها، لكن ذلك أمر ممنوع».

ولا يمكن دفن جثث الموتى وهي ترتدي أفضل وأحبّ ما لديها من ملابس، بل تدفن وهي ترتدي أردية المستشفيات الكئيبة العادية.

ملابس فوق الجثث

ويضيف مانكاستروبا: «نضع الملابس التي تأتي بها الأسر فوق الجثث، لتبدو وكأنها ترتديها. قميص على النصف العلوي من الجسم وتنورة على الجزء السفلي».

في هذا الوضع الاستثنائي، يجد متعهدو عمليات الدفن أنفسهم فجأة مجبرين على أداء أدوار الأصدقاء وحتى الكهنة.

فأولئك المقربون من الموتى يكونون في أغلب الأحوال خاضعون للعزل.

ويقول كيراتو: «نتولى كل مسؤولياتهم، فنبعث صوراً للنعش الذي سيستخدم إلى أهالي الموتى، ثم نستلم الجثث من المستشفيات ونقوم بدفنها أو حرقها. ليس لأهالي الموتى أي خيار غير الوثوق بنا والاعتماد علينا».

الأمر الأصعب بالنسبة لأندريا يتلخص في عدم إمكانية التخفيف من أسى أسر الموتى. فبدل أن يخبر هذه الأسر بما يمكن فعله، يضطر الآن إلى إخبارهم بما لا يمكن لهم القيام به.

ويقول: «لا يمكننا إلباسهم، ولا يمكننا تصفيف شعورهم، ولا يمكننا تزيين وجوههم. لا يمكننا جعلهم يبدون وكأنهم في أفضل حال، وهذا أمر محزن حقا».

يعمل أندريا في قطاع دفن الموتى منذ 30 سنة، كما عمل والده من قبله، ويقول إن ثمة أمورا صغيرة مهمة جدا بالنسبة لأسر الموتى. ويقول: «لمس الوجه للمرة الأخيرة، ومسك أيادي الموتى ومشاهدتهم وهم في وضع يتسم بالكرامة. العجز عن فعل ذلك هو أمر مؤذ إلى أبعد الحدود».

back to top