هل يدفع الفيروس أزمة الديون إلى الانفجار؟

نشر في 20-03-2020
آخر تحديث 20-03-2020 | 00:00
No Image Caption
أصبحت أزمة فيروس «كوفيد-19» والتكاليف الاقتصادية الناتجة عنها هي الشغل الشاغل للجميع. حتى إذا تم احتواء الأثر الاقتصادي للوباء، فسوف يكون قد مهد بالفعل الطريق أمام انهيار الاقتصادات القائمة على الديون، وخاصة الاقتصادات الآسيوية النامية التي كانت في الصفوف الأمامية لمواجهة المرض.

وللأزمة العديد من الآثار الاقتصادية الشديدة الفورية التي يمكنها دفع الاقتصاد العالمي إلى الركود. فتعطل سلاسل التوريد، وإغلاق المصانع، ووضع مناطق بأكملها تحت الحجر الصحي، ومكافحة عدد متزايد من العمال لتوفير سُبل العيش... كلها تطورات ستؤدي إلى خسائر اقتصادية متزايدة.

فالاقتصاد العالمي الذي يعاني بالفعل تناقص الطلب (نتيجة تراكم الثروات وعدم المساواة في مستويات الدخول)، أصبح الآن عُرضة لصدمة ضخمة من جانب العرض.

ومن النتائج الأخرى المحتملة للوباء، والتي لم ندركها بعد، لكنها أكثر أهمية، هي الهشاشة المالية، والتي تعني احتمالية حدوث أزمة ديون أو حتى انهيار مالي على مستوى أوسع.

بعد احتواء آثار الوباء ستعود سلاسل التوريد للعمل، وسيعود الناس لحياتهم الطبيعية، آملين تعويض الدخول التي فقدوها بسبب الوباء، لكن الانتعاش الاقتصادي الحقيقي سيكون مكبلاً بأزمات مالية وأزمات ديون عالقة لم يتم حلها.

الأزمة الحقيقية

الهشاشة المالية التي تعانيها الكثير من الاقتصادات اليوم تسبق بكثير «كوفيد-19». فإذا نظرنا إلى الكم الهائل من الديون المتراكمة على الدول النامية والمتقدمة، على حد سواء، منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، فسنجد أنه من الواضح قابلية استقرار تلك الاقتصادات للتزعزع، حتى من أحداث تبدو بسيطة.

وإلى وقت قريب كانت الارتفاعات التي شهدتها أسعار الأصول تخفي مدى ارتفاع مستوى الدين. لكن في ظل الخوف الذي يعتري الأسواق الآن لن تستمر فقاعة الأصول طويلاً. فدون تدخل الدول بإجراءات وسياسات صارمة لن تنكمش الديون من تلقاء نفسها.

في عام 2018 بلغ إجمالي الديون (الخاصة والعامة والمحلية والخارجية) لدى البلدان النامية ما يساوي تقريبا ضعف الناتج المحلي الإجمالي المشترك، وهو أعلى مستوى لها على الإطلاق.

وما يثير القلق بشكل خاص هو حجم الديون الخاصة بالشركات غير المالية، والتي تصل الآن إلى ما يقرب من ثلاثة أرباع إجمالي ديون البلدان النامية (وهي نسبة أعلى بكثير مقارنة مع نظريتها لدى الاقتصادات المتقدمة).

الأسواق الآسيوية ضعيفة بالأساس حتى قبل الأزمة الحالية، نتيجة هوامش الربح المنخفضة، ومستوى المخاطر المرتفع، والاعتماد المفرط على البنوك ونظام الظل المصرفي، على حد سواء، وهي مشكلة ظهرت بالفعل في الهند.

والأسوأ من ذلك، فإن حصة الديون الأكبر متمركزة لدى شركات الطاقة والصناعة والمرافق العامة، وجميعها تتأثر بمستويات الإنتاج، وخاصة مع الانخفاض الأخير في أسعار النفط.

ولا يمكن حل تلك المشكلات بالاعتماد على سياسات فردية، بل يحتاج المجتمع العالمي أكثر من أي وقت مضى إلى تجميع القوى في مواجهة الآثار الاقتصادية لـ«كورونا».

back to top