خسائر حادة لأسعار النفط مع تداعيات «كورونا» وحرب الأسعار

• سجلت أكبر تراجعات يومية منذ حرب تحرير الكويت عام 1991
• شركات آسيوية سترفع مشترياتها من نفط الشرق الأوسط في أبريل إلى الحد الأقصى

نشر في 10-03-2020
آخر تحديث 10-03-2020 | 00:03
خسائر حادة لأسعار النفط مع تداعيات «كورونا» وحرب الأسعار
خسائر حادة لأسعار النفط مع تداعيات «كورونا» وحرب الأسعار
تراجعت العقود الآجلة لخام برنت 22 في المئة عند 37.05 دولارا للبرميل، بعد أن نزلت في وقت سابق 31 في المئة إلى 31.02 دولارا، وهو أدنى مستوى منذ 12 فبراير 2016.
فقدت أسعار النفط ما يصل إلى ثلث قيمتها، أمس، في أكبر خسائرها اليومية منذ حرب تحرير الكويت عام 1991، بعد أن أشارت السعودية إلى أنها سترفع الإنتاج لزيادة الحصة السوقية، في حين يتسبب تفشي فيروس كورونا بالفعل في فائض بالإمدادات في السوق.

وخفضت السعودية أسعار البيع الرسمية ووضعت خططا لزيادة الإنتاج الشهر المقبل، بعد إحجام روسيا عن القيام بخفض كبير آخر اقترحته منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط.

وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت 22 في المئة عند 37.05 دولارا للبرميل، بعد أن نزلت في وقت سابق 31 في المئة إلى 31.02 دولارا، وهو أدنى مستوى منذ 12 فبراير 2016.

وتراجع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي أكثر من 24 في المئة إلى 33.20 دولارا للبرميل، بعد أن هوى في البداية 33 في المئة إلى 27.34 دولارا، وهو أيضا أدنى مستوى منذ 12 فبراير 2016.

وكان أكبر تراجع يسجله الخام القياسي الأميركي على الإطلاق في عام 1991 عندما انخفض بمقدار الثلث أيضا.

ويُنهي تفكك المجموعة المعرفة باسم "أوبك+"، التي تضم أوبك علاوة على منتجين مستقلين من بينهم روسيا، تعاونا استمر لما يزيد على ثلاث سنوات لدعم السوق.

وقال مصدران لـ "رويترز" إن السعودية تخطط لزيادة إنتاجها لما يزيد على عشرة ملايين برميل يوميا في أبريل، بعد انتهاء الاتفاق الحالي لكبح الإنتاج في نهاية مارس.

ودأبت المملكة على إنتاج نحو 9.7 ملايين برميل يوميا في الشهور القليلة الماضية.

وفي مطلع الأسبوع، خفضت السعودية أسعار البيع الرسمية لشهر أبريل لكل درجات الخام إلى كل الوجهات بين ستة وثمانية دولارات للبرميل.

وقلصت بنوك كبرى توقعاتها لنمو الطلب. وتوقع بنك مورغان ستانلي أن يسجل نمو الطلب في الصين صفرا في 2020، كما توقع "غولدمان ساكس" انكماشا قدره 150 ألف برميل يوميا في الطلب العالمي.

روسيا: يمكننا التكيف 10 سنوات مع سعر 25 دولاراً للبرميل

قالت وزارة المالية الروسية إن البلاد يمكنها التكيف مع أسعار للنفط بين 25 دولارا و30 دولارا للبرميل لفترة من ست إلى عشر سنوات مقبلة، وذلك بعد تهاوي الأسعار بأكبر وتيرة يومية منذ 1991.

وذكرت الوزارة أنها قد تلجأ إلى صندوق الثروة الوطني للبلاد لضمان الاستقرار على صعيد الاقتصاد الكلي إذا استمر نزول أسعار النفط، موضحة أنه حتى الأول من مارس، حوى الصندوق أكثر من 150 مليار دولار أو 9.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لروسيا.

توقعات "غولدمان ساكس"

من ناحيته، خفض "غولدمان ساكس" توقعاته لسعر برنت في الربعين الثاني والثالث إلى 30 دولارا للبرميل، مستندا لحرب الأسعار بين روسيا والسعودية وانهيار كبير للطلب بسبب فيروس كورونا، الذي أودي بحياة أكثر من 3500 شخص حول العالم.

وقال البنك في مذكرة بتاريخ الثامن من مارس

إن "الخفض الكبير لسعر البيع الرسمي للخام السعودي وإحجام روسيا عن إبرام صفقة يوم الجمعة يشير لضعف إمكانية التوصل لاتفاق لـ(أوبك+) على الفور".

وأضاف: "بينما لا يمكننا أن نستبعد اتفاقا لـ(أوبك+) في الأشهر المقبلة، نعتقد أيضا أن الاتفاق غير متوازن في الأساس، في حين تفتقر التخفيضات لمبررات اقتصادية"، مبينا أن التصور الأساسي له حاليا هو عدم التوصل إلى اتفاق مماثل.

وأضاف أن انخفاض الأسعار سيبدأ في خلق ضغط مالي حاد، وتراجع في إنتاج النفط الصخري ومنتجين آخرين يتحملون تكلفة مرتفعة.

وبافتراض عدم تغير سياسة الإنتاج، يتوقع "غولدمان ساكس" ظهور عجز في الإمدادات في الربع الرابع من 2020، وهو ما قد يقلص فائض المخزونات حتى 2021.

وقال البنك إن احتمال السحب من المخزونات قد يساعد الأسعار على الانتعاش إلى 40 دولارا للبرميل بحلول نهاية العام الحالي.

شركات آسيا

على صعيد متصل، قالت أربعة مصادر لـ "رويترز"، أمس، إن ما لا يقل عن أربع شركات تكرير آسيوية، من بينها هندوستان بتروليوم وبهارات بتروليوم في الهند، تعتزم زيادة مشترياتها من نفط الشرق الأوسط تحميل أبريل، إلى الحد الأقصى بعد أن خفضت السعودية بشكل كبير الأسعار للمشترين بعقود محددة الأجل.

وقالت المصادر إنها ما زالت تنتظر إعلان بقية منتجي الشرق الأوسط، كالكويت والعراق، للأسعار الرسمية لبيع الخام المقررة بحلول العاشر من كل شهر.

ومن المتوقع أن يخفض المنتجون الآخرون في الشرق الأوسط أسعار البيع الرسمية للخام لشهر أبريل، سيرا على نهج السعودية أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).

وقالت المصادر إن شركات التكرير الأربع تتطلع لشراء أكبر قدر ممكن من الخام بسعر بخس بموجب عقودها طويلة الأجل مع منتجي الشرق الأوسط، حتى في الوقت الذي خفضت فيه بعض شركات التكرير الآسيوية معدلات معالجة الخام بسبب أعمال صيانة موسمية للمصافي وتفشي فيروس كورونا، الذي قلص الطلب العالمي على الوقود.

وقال م.ك. سورانا رئيس مجلس إدارة هندوستان بتروليوم الهندية: "بالتأكيد سيكون هناك ضعف كبير في (أسعار) الخام الشرق أوسطي، سنسعى‭ ‬إلى تحقيق الحد الأقصى بأقصى قدر ممكن".

وقال اثنان من المصادر إنهما سيطلبان الحد الأقصى لكمية الخام التي يمكنهما الحصول عليها من السعودية في أبريل، بسبب أسعار البيع الرسمية المنخفضة بشدة.

وقال أحد المصدرين إن شركته تطلب مليوني برميل إضافيين تحميل أبريل، علاوة على الكمية القصوى التي عادة ما تحصل عليها بموجب عقدها طويل الأجل مع السعودية. وأضاف أن من المخطط تخزين هذا الخام في صهريج عائم.

وقال المصدر الثاني في شركة تكرير تسعى لطلب الحد الأقصى من مشتريات الخام السعودية إن المملكة أبلغت بعض المشترين أن بإمكانها تلبية احتياجات العملاء لتحميل أبريل.

وأضاف: "أوبك بها طاقة إنتاجية فائضة. وكذلك روسيا. الآن هي حرب أسعار".

وقال مصدر خامس، وهو مسؤول في فريق شراء النفط لدى شركة تكرير يابانية، إن الشركة تدرس إمكانية زيادة الواردات من السعودية، اعتبارا من مايو بالنظر إلى خفض الأسعار. ووضعت شركة التكرير بالفعل خطتها للحصول على النفط في أبريل نيسان ولديها قدرة محدودة على التخزين.

وقال كيه. واي المتحدث باسم فورموزا بتروكيميكال التايوانية لـ "رويترز" إن الشركة ربما تدرس شراء المزيد من الكميات الفورية، بينما تزيد مخصصاتها المحددة بعقود.

بيرول: تقلُّص الطلب لدى الصين أثّر على الإجمالي

قال المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية الدكتور فاتح بيرول، في بيان، ان "هذا صحيح بشكل خاص بالنسبة للصين معقل اندلاع الفيروس، بالاضافة الى انها شكلت 80 في المئة من نمو الطلب على النفط خلال عام 2019، مما ادى الى ان يؤثر تقلص الطلب لديها بشكل كبير على الارقام الاجمالية".

ويعتقد ان الفيروس ظهر للمرة الاولى اواخر العام الماضي في سوق للمأكولات البحرية بمدينة ووهان، وسط الصين، كانت تبيع حيوانات برية بشكل غير قانوني، وذلك قبل أن يتسع نطاق تفشيه وينتشر في نحو 80 دولة حتى الآن.

توقعات الطاقة الدولية

من ناحيتها، توقعت وكالة الطاقة الدولية أن يشهد الطلب العالمي على النفط "انخفاضا كبيرا" هذا العام بسبب تأثير فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) الذي القى بظلاله على قطاع السفر والنشاط الاقتصادي العالمي.

وقدرت الوكالة، في تقرير لها، ان يبلغ انخفاض الطلب على النفط 90 الف برميل في اليوم، مقارنة بالمستويات التي كان عليها عام 2019، الامر الذي من شأنه أن يجعل الطلب العالمي أقل بقليل من 100 مليون برميل يوميا، ليصل الى متوسط 99.9 مليون برميل في اليوم هذا العام.

وأكدت انها المرة الاولى منذ 11 عاما، ومنذ الأزمة المالية التي شهدها العالم خلال عام 2008، يحدث فيها انخفاض في الطلب، محذرة من أن "الوضع لا يزال يتطور وأن التأثير الكامل على الاسواق لن يكون معروفا لبعض الوقت".

وأضافت أن "الوضع عائم، ومع حالة عدم اليقين بشأن ماهية التأثير العالمي الكامل للفيروس، فإن الطلب سينخفض هذا العام للمرة الأولى منذ عام 2009 من جراء الانكماش العميق في استهلاك الصين للنفط والانقطاعات الكبيرة في السفر والتجارة العالمية".

وذكرت الوكالة في السياق ذاته أن "كل اسواق الطاقة تأثرت بالأزمة، إلا ان تأثيرها على أسواق النفط كان أقوى بشكل خاص، لأنه يمنع الناس والبضائع من التحرك، مما يشكل ضربة قوية للطلب على وقود النقل".

تراجع حاد للروبل مقابل الدولار

سجلت أسعار صرف الروبل في بورصة موسكو، أمس، تراجعاً حاداً بعدما انخفضت أسعار النفط إلى 34 دولارا للبرميل في الأسواق العالمية.

وذكرت وكالة أنباء "تاس" الروسية أن سعر صرف الدولار في بورصة موسكو بلغ 75 روبل في حين بلغ صرف اليورو 85 روبل علماً بأنها بلغت أمس 64 و70 روبل على التوالي.

وكانت روسيا رفضت خلال الاجتماع الذي عقد قبل يومين في فيينا في إطار اتفاقية "أوبك بلس" مواصلة العمل على اساس تخفيض حصص الإنتاج.

يذكر أن الميزانية الروسية لعام 2020 وضعت على أساس 42 دولاراً للبرميل الواحد، علما بأن روسيا تعتبر من اكبر الدول المنتجة للنفط، حيث يبلغ انتاجها 11 مليون برميل يوميا.

وعلى نفس الصعيد، أعلن بنك روسيا الحكومي توقفه عن شراء العملات الصعبة في البورصة وهو الاجراء الذي دأب على اتخاذه من اجل دعم العملة الوطنية.

وذكر الموقع الالكتروني لبنك روسيا ان هذا القرار سيظل ساري المفعول مدة شهر، وأن العودة لشراء العملات الصعبة سترتبط بتطورات الوضع في الأسواق المالية خلال الشهر الجاري.

ونسبت "تاس" الى مصادر في وزارة المالية قولها ان "موجودات صندوق الازدهار القومي التي تزيد على عشرة بلايين روبل (الدولار يعادل 75 روبل) تكفي تماما لتغطية الخسائر التي تنجم عن انخفاض اسعار النفط".

وقال وزير المالية انطون سيلوانوف إن الميزانية قادرة على تمويل النفقات والالتزامات حتى لو وصل سعر برميل النفط إلى 30 دولاراً.

«غولدمان ساكس» خفّض توقعاته لسعر برنت في الربعين الثاني والثالث إلى 30 دولاراً

الطلب العالمي على النفط سيشهد «انخفاضاً كبيراً» هذا العام بسبب تأثير الفيروس «الطاقة الدولية»
back to top