اتهامات بين أنقرة وأثينا وإردوغان يوقف الهجرة بحراً

الطائرات تغيب عن سماء إدلب لأول مرة منذ 3 أشهر... وواشنطن عرقلت اتفاق موسكو أممياً

نشر في 08-03-2020
آخر تحديث 08-03-2020 | 00:05
مهاجرون يواجهون قوات مكافحة الشغب اليونانية على حدود تركيا أمس (رويترز)
مهاجرون يواجهون قوات مكافحة الشغب اليونانية على حدود تركيا أمس (رويترز)
قبل توجهه إلى بروكسل، قرر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان منع المهاجرين من عبور بحر إيجة للوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي، في حين نعت اليونان الاتفاق الموقع في 2016 بسبب إصراره على فتح الحدود أمامهم.
على وقع استمرار تدفق قوافل المهاجرين نحو المعابر البرية المحاذية لليونان، أمر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وزير داخليته سليمان صويلو بمنع المهاجرين من عبور بحر إيجه.

وكتب جهاز خفر السواحل في تغريدة أمس الأول: "بأمر من الرئيس وإشراف وزير الداخلية لن يُعطى أي إذن للمهاجرين بعبور بحر إيجه بسبب ما يتضمنه ذلك من مخاطر"، مؤكداً أن "المقاربة المتمثلة بعدم التدخل لمنعهم من مغادرة تركيا لا تزال معتمدة، باستثناء أولئك الراغبين في المغادرة عبر البحر بسبب المخاطر".

وفي ظل تزايد الأعباء على تركيا مع هجوم الجيش السوري منذ ديسمبر على محافظة إدلب وتسببه في كارثة إنسانية ونزوح قرابة مليون شخص، أعلن خفر السواحل يوم الخميس إنقاذ 97 مهاجراً كانوا في خطر، متهماً اليونان بأنها "أفرغت قواربهم الثلاثة من الهواء وتركتهم ينحرفون، على شفير الغرق مع استمرارها في انتهاك حقوق الإنسان والقانون الدولي".

وأكدت اليونان، التي اتهمت السلطات التركية بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الدخانية لدفع المهاجرين لاختراق الحدودـ، وتوزيع أدوات لقطع الأسلاك الشائكة، أن حفر سواحلها انتشل جثة طفل، وأنقذ 47 مهاجراً انقلب قاربهم خلال محاولتهم الوصول إلى جزيرة ليسبوس.

توجيه العلاقات

وفي أوج التوترات، يعتزم إردوغان، الذي فتح الحدود أمام اللاجئين في 27 فبرير الماضي رداً على خسارته 36 جندياً في قصف للجيش السوري على مواقعهم في إدلب، التوجه غدا الاثنين إلى بروكسل، بحسب مصادر دبلوماسية رفيعة، أوضحت أن الهدف من الزيارة هو التوصل إلى حل لأزمة المهاجرين الحالية على الحدود التركية- اليونانية، وإعادة توجيه العلاقات مع الاتحاد الأوروبي على نحو مبدئي.

وبحسب محطة "تي آر تي" التركية الرسمية وصحيفة "فيلت" الألمانية، فإن زيارة إردوغان المرتقبة تأتي بناء على دعوة من رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي شارل ميشيل، الذي التقاه في أنقرة الأربعاء الماضي.

واستقبلت تركيا 3.6 ملايين لاجئ سوري، وتعهدت في اتفاق مع الاتحاد الأوروبي في مارس 2016 على التصدي للهجرة غير الشرعية مقابل دعم مالي من الاتحاد الأوروبي وتوفير إمدادات للاجئين.

وأجرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي قادت مفاوضات الاتفاق، اتصالاً بإردوغان أمس الأول، تناول الوضع على حدود اليونان، واتفاقه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين على هدنة إدلب، وتقديم المساعدات لسكانها في أسرع وقت.

اتفاق الهجرة

وإذ أكد إردوغان لميركل أن "آليات الهجرة مع الاتحاد الأوروبي لا تعمل ويجب إعادة النظر فيها"، اعتبر رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس أن الاتفاق المثير للجدل "صار ميتاً الآن، لأن تركيا خرقته بالكامل".

وقال ميتسوتاكيس، لشبكة "سي إن إن" في وقت متأخر من أمس الأول: "لنكن صرحاء، الاتفاق مات، لأنه يلزم تركيا بمنع الأشخاص من الوصول إلى الخط الساحلي، وكذلك بالقيام بما في وسعها لاحتواء المهربين ومنع الأشخاص من العبور بشكل غير قانوني إلى اليونان، لكنها تفعل العكس، وساعدت بشكل ممنهج محاولاتهم في البر والبحر للوصول إلى الحدود ومحاولة عبورها بشكل غير قانوني".

وشدد الزعيم المحافظ، الذي يتولى السلطة منذ يوليو الماضي، على أنه يقر بالعبء الذي تتحمله تركيا باستضافة ملايين من اللاجئين السوريين، ويدعم المساعدة لذلك، لكنه اعتبر أن "هذا لن يحدث في حالة وضع يتم فيه اللجوء إلى ابتزاز أوروبا بسبب هذه المشكلة".

صدامات حدودية

ومع تأكيد وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، بعد اجتماع في زغرب، أن الأبواب ستظل مغلقة، تبادلت قوات الأمن التركي واليوناني إطلاق الغاز المسيل للدموع، وقنابل الدخان عبر الحدود، أمس، في تصعيد جديد للتوتر، تزامن مع اندلاع صدامات مع المهاجرين، الذين تجمع مئات المهاجرين أمام مركز بازاركولي الحدودي وهم يهتفون "حرية" و"سلام"، و"افتحوا البوابات"، و"نريد أن نعيش بسلام".

هدنة إدلب

وفي سورية، شهدت محافظة إدلب غياباً تاماً للطائرات الحربية عن أجوائها منذ دخول وقف لإطلاق النار أعلنه الرئيسان الروسي والتركي إثر لقاء استمر ست ساعات في الكرملين ليل الخميس- الجمعة حيز التنفيذ، في هدوء نادر يعقب ثلاثة أشهر من التصعيد العسكري للجيش السوري.

وبينما أعرب الرئيس السوري بشار الأسد، خلال اتصال مع بوتين، عن "ارتياحه" لوقف إطلاق النار"، أكد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار عدم وجود أي انتهاك له، وبدء العمل على إرساء قواعد الممر الآمن حول طريق M4 بمسافة 6 كلم من جانبيه، مما يعني ضمنياً منطقة عازلة بطول 12 كيلومتراً، مشيراً إلى استقباله وفداً عسكرياً روسياً هذا الأسبوع وسيتم تسيير دوريات مشتركة بإدلب انطلاقاً من 15 مارس الجاري.

اشتباكات متقطعة

وفي حين وثقت وزارة الدفاع الروسية 3 وقائع لإطلاق نار في إدلب و7 حالات أخرى في اللاذقية و9 في حلب، تحدّث المرصد السوري عن "اشتباكات متقطعة في الساعات الثلاث الأولى من يوم الجمعة، ثم توقفت لاحقاً"، تسببت في مقتل ستة عناصر من القوات الحكومية مقابل 9 من الحزب التركستاني الإسلامي، الذي يضم أغلبية من المقاتلين الصينيين من أقلية الأويغور، ويقاتل إلى جانب جبهة النصرة سابقاً.

إلى ذلك، أعلنت وكالة "فارس" الإيرانية أمس اغتيال العميد فرهاد دبيريان في منطقة السيدة زينب في دمشق، ليل الجمعة، مؤكدة أنه كان "مسؤول الحرس الثوري عن مقام السيدة زينب وأحد المدافعين عنه" وتولى قيادة العمليات العسكرية في مدينة تدمر إبان استعادتها من تنظيم "داعش".

واشنطن وباريس

ورغم وصفها وقف إطلاق النار في إدلب بأنه "بارقة أمل"، عرقلت واشنطن أمس الأول تبني مجلس الأمن إعلاناً يدعم الاتفاق، الذي تعهد بوتين وإردوغان بأن يكون "مستداماً وأساساً صلباً لوضع حد للمعارك ووقف معاناة المدنيين ومنع تفاقم الأزمة الإنسانية.

وبعد اجتماع مغلق، أفاد دبلوماسيون بأنه عندما طلب السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا من شركائه الـ 14 في مجلس الأمن تبني إعلان مشترك بشأن الاتفاق، قالت واشنطن "إنه لأمر سابق لأوانه".

وانتقدت الرئاسة الفرنسية الاتفاق باعتباره لا يزال هشاً ويتضمن نقاطًا غامضة يصعب التعامل معها بما في ذلك، الانسحاب من الطريقين الدوليين M4 وM5 والحديث عن دعم سياسي وإنساني لا وضوح بشأن ترتيباته، مؤكدة أنه لم يرسخ وقف إطلاق النار، ولم يوقف التحركات الميدانية رغم خفض التصعيد.

ارتياح في دمشق والحرس الثوري يخسر مسؤول مقام السيدة زينب في ضواحيها
back to top