لا داعي للقلق من أول اختبار صاروخي كوري شمالي في 2020!

نشر في 08-03-2020
آخر تحديث 08-03-2020 | 00:00
 ذي دبلومات أصدر زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، يوم الاثنين 2 مارس، أمراً بإطلاق اختبار جديد بصاروخ بالستي قصير المدى، انطلق الصاروخ بالقرب من بلدة "ونسون" على الساحل الغربي لكوريا الشمالية، وقطع 149 ميلاً نحو الشمال الشرقي قبل أن يسقط في المياه مقابل شبه الجزيرة الكورية، وشكّلت هذه العملية أول اختبار صاروخي كوري شمالي في 2020، بعد سنة على إطلاق بيونغ يانغ أكثر من 12 صاروخاً بعيارات متنوعة.

يتبع هذا النوع من الأحداث نمطاً متوقعاً دوماً، تعلن بيونغ يانغ اختبارا صاروخيا خاصا بها، فتسارع واشنطن وسيول وطوكيو إلى إدانة العملية واعتبارها انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن، وتشدد على حرص البلدان الثلاثة على مراقبة الوضع عن كثب، لكن يُفترض ألا تشعر الولايات المتحدة بالهلع وألا تبدي ردة فعل مبالغاً فيها.

تتعدد البلدان التي تسعى إلى تحسين أنظمة أسلحتها من حيث الكمية والنوعية والمتانة والقوة التدميرية. لا شك أن كيم يبقى أكثر وحشية من رؤساء الدول النموذجيين، لكن لا شيء خلال عهده القائم منذ عشر سنوات تقريباً يشير إلى نيّته استعمال الأسلحة النووية والصواريخ البالستية بطريقة هجومية. على غرار جميع الحكام المستبدين، تتعلق أهم أولويات كيم بضمان استمرارية السلالة التي بناها جده ووالده والحفاظ على مكانته فيها، وبالتالي سيتجنب كيم طبعاً أي قرار يُعرّض سلطته للخطر خوفاً من خسارة أبسط سيطرة على النظام القائم، ومن المعروف طبعاً أن استعمال سلاح واحد من الأسلحة النووية الستين التي تملكها بيونغ يانغ سيطلق سلسلة من الأحداث التي لا يجرؤ كيم على تخيّلها: سيؤدي أي رد أميركي إلى تدمير نظامه على أقل تقدير، وقد يموت هو شخصياً مع عائلته على الأرجح، وستنهار كوريا الشمالية كدولة سيّدة ومستقلة. بما أن كيم يُركّز على صمود نظامه بأي ثمن، فمن الأسهل على واشنطن إذاً أن تتحكم بطريقة ردع كوريا الشمالية.

لا يعني ذلك أن بيونغ يانغ لن تفكر بالاستفادة من رؤوسها الحربية النووية في ظروف معينة. حين يظن كيم مثلاً أن كوريا الشمالية تواجه تهديداً عسكرياً وشيكاً من الولايات المتحدة أو شركائها في شرق آسيا، قد يصبح استعمال الأسلحة النووية من جانب بيونغ يانغ خياراً وارداً.

لكنّ هذا السيناريو مبرّر إضافي كي تحافظ واشنطن على خطوط التواصل مع بيونغ يانغ وتتكل عليها لتوجيه الرسائل مباشرةً، وتبادل التطمينات حول نوايا كل طرف، وتقليص الحوادث المؤسفة المحتملة سريعاً، ومنعها من التحوّل إلى صراع مقلق قد يصبح قاتلاً بقدر الحرب الكورية التي استمرت بين 1950 و1953، وأسفرت عن مقتل نحو 3 ملايين شخص. ما لم تبرز الحاجة إلى إحداث تغيير ضروري في الموقف الأميركي على طاولة المفاوضات، ستبقى المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية عقيمة هذه السنة على الأرجح، لكن يُفترض أن يصبح الحوار حول الاستقرار الاستراتيجي وإدارة الأزمات عنصراً محورياً في العلاقة بين الطرفين، بغض النظر عن مسار تلك المفاوضات النووية.

ستتابع كوريا الشمالية اختبار الصواريخ هذه السنة، وستستمر اختبارات الأسلحة النووية والصواريخ البالستية وعمليات إنتاجها طالما لا تتخذ واشنطن خطوات صائبة، فتتفاوض حول تدابير ملموسة للحد من انتشار الأسلحة، وتُحدد سقفاً لمخزون كوريا الشمالية، وتقيم معها علاقة ثنائية مستقرة وبنّاءة. يجب أن تحافظ واشنطن على هدوئها في جميع الظروف، فهي تتمتع بالنفوذ والإرادة والقدرات اللازمة لردع كوريا الشمالية إلى ما لا نهاية، مثلما ردعتها منذ أن تحوّلت إلى دولة نووية قبل أكثر من 13 سنة.

*«دان ديبتريس»

back to top