قمة بين بوتين وإردوغان لتفادي مواجهة في سورية

تركيا ترسل 1000 شرطي لمنع اليونان من ردّ المهاجرين... والأوروبيون مستعدون لحماية حدودهم

نشر في 06-03-2020
آخر تحديث 06-03-2020 | 00:05
في خطوة مهمة لتهدئة توتّر يهدد باندلاع نزاع مباشر بينهما في سورية، التقى الرئيسان الروسي بوتين والتركي إردوغان وجهاً لوجه في موسكو أمس، لبحث وقف إطلاق النار في محافظة إدلب، تزامناً مع توسّع موجة هجرة جديدة تثير في أوروبا الخشية من تكرار أزمة 2015.
في نهاية ماراثون طويل من المباحثات، قرر الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان اتخاذ تدابير لتفادي تدهور العلاقات والانجرار إلى مواجهة عسكرية مباشرة في سورية، خصوصاً في إدلب.

وفي مستهل لقائهما الأول أمام وسائل الإعلام، أعرب بوتين لإردوغان عن تعازيه بمقتل الجنود الأتراك، مشيراً إلى أن "الجيش السوري قد مُني أيضاً بخسائر كبيرة" في الأسابيع الماضية.

وقال بوتين لإردوغان: "الوضع في إدلب بات خطيراً جداً، لدرجة تتطلب منّا أن نجري محادثة شخصية تتناول كل شيء، حتى لا تتكرر أمور كهذه من جديد، ولكي لا تتدهور العلاقات التي أعلم أننا نقدّرها".

أما إردوغان فقد توجّه لنظيره الروسي بالقول: "عيون العالم أجمع شاخصة إلينا"، مضيفا أن "التدابير والقرارات الملائمة التي نتخذها هنا ستؤدي إلى تهدئة في المنطقة وبين بلدينا".

حشد روسي

وفي ظل تبادل الاتهامات بخرق اتفاق سوتشي، الذي سمح لتركيا بإقامة منطقة عازلة ونشر 12 نقطة مراقبة، أظهرت بيانات الرحلات الجوية ومراقبة حركة السفن أن روسيا تسارع الخطى لتعزيز قواتها في سورية عن طريق البحر والجو بأكبر معدل لها منذ الانسحاب الأميركي الجزئي في أكتوبر الماضي، مشيرة إلى أنها بدأت في زيادة الشحنات منذ 28 فبراير، أي بعد يوم من مقتل 34 جندياً تركيا في ضربة جوية لدمشق.

دعم أطلسي

ومع إشارته إلى عدم وجود إجماع أميركي على دعمها في إدلب، بسبب شراء أنظمة الدفاع الصاروخي المتطورة S400، طالب مبعوث واشنطن لسورية جيمس جيفري، أمس، الأوروبيين بتقديم دعم أكبر لتركيا.

وقال جيفري خلال مؤتمر بإسطنبول خصص للوضع في إدلب، "هناك خطوات دبلوماسية عديدة اتخذناها أو يمكن أن نتخذها، بما في ذلك تحرّك الأوروبيين" لمساعدة تركيا، ومن المبادئ التي أيدها الرئيس دونالد ترامب والكونغرس هو ضرورة بذل جهد جماعي ليس فقط من قبل تركيا والولايات المتحدة، بل أيضا من حلفائنا في الأطلسي أساساً، الأوروبيين".

وأضاف: "ندفع بالأوروبيين للمساهمة بشكل كبير. على سبيل المثال صواريخ باتريوت الدفاعية الإسبانية المنتشرة حالياً في تركيا على قاعدة إنجرليك. نريد أن نرى خطوات أخرى مشابهة من قبل الأطلسي".

قصف ومعارك

وعلى الأرض، أفاد المرصد السوري أمس بمقتل 15 مدنياً وإصابة 18 في غارات روسية استهدفت "تجمّعا للنازحين" ببلدة معرّة مصرين في ريف إدلب، التي تشهد هجوماً واسعاً للجيش السوري أسفر عن مقتل نحو 500 مدني بينهم نحو 140 طفلاً، ودفع، وفق الأمم المتحدة، بـ948 ألفاً إلى النزوح وتحديداً للحدود التركية.

وأفادت وكالة الإعلام الروسية بأن فصائل المعارضة الموالية لتركيا حاولت دخول سراقب، لكن جرى صدّها، مؤكدة أنها استأنفت قصف المدينة الاستراتيجية وطريق M5 السريع الواصل بين دمشق وحلب.

وفي وقت سابق، تبادل نواب داخل البرلمان التركي اللكمات، أمس الأول، في عراك اندلع إثر اتهام عضو حزب الشعب الجمهوري المعارض انجين أوزكوك لإردوغان في وقت سابق على "تويتر" بعدم احترام الجنود الأتراك الذين قتلوا في سورية، وعدم التحلي بالمسؤولية لإرسالهم إلى صراع دون غطاء جوي.

موقف هولندي

وعلى غرار دعوة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أعرب وزير الخارجية الهولندي، ستيف بلوك، أمس الأول، عن تأييد فكرة إقامة منطقة حظر الطيران فوق محافظة إدلب، وعرضها على نظرائه الأوروبيين أثناء اجتماع مجلس الشؤون الخارجية اليوم، محذراً من أن خطر اندلاع مواجهة عسكرية مباشرة بين تركيا، عضو حلف شمال الأطلسي، وروسيا أصبح واقعياً بعد مقتل مقتل الجنود الأتراك.

وأعرب بلوك عن تفهّم هولندا لإصرار تركيا على أنها ليست قادرة على استقبال موجة جديدة من اللاجئين السوريين الفارين من القتال في إدلب، مشدداً على ضرورة أن "تتلقى رسالة واضحة بأننا نسمع مخاوفها الأمنية المشروعة، ونأخذها على محمل الجد".

جاء الموقف هولندا في أعقاب إبلاغ ميركل لأعضاء البرلمان تأييدها لخطط إردوغان لإقامة "منطقة آمنة" في سورية، وانتقادها رفض بوتين المشاركة في اجتماع يجمعهم مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لوقف التصعيد.

ردّ المهاجرين

إلى ذلك، شدد وزير داخلية تركيا سليمان صويلو، أمس، على أن تركيا لن تسمح لليونان بإساءة معاملة المهاجرين، مشيراً إلى نشر 1000 عنصر من الشرطة بكامل معداتهم لمنعها من ردّ الراغبين في الهجرة لأوروبا.

وأعلنت الحكومة اليونانية أن قوة حرس الحدود منعت قرابة 7 آلاف محاولة دخول في الساعات الـ24 الماضية، وقرابة 35 ألف محاولة منذ فتح تركيا حدودها في الأيام الخمسة الأخيرة، متعهدة بترحيل مئات آخرين نجحوا في الدخول.

وذكر موقع "بيلينغكات" للتحقيقات الاستقصائية، أمس، أن شرطة مكافحة الشغب اليونانية تستخدم قنابل غاز مسيل للدموع تسبب الموت، بعد العثور على عبوات فارغة ذات رأس حاد، بجوار مكان يتظاهر فيه طالبو اللجوء على الحدود.

تدابير أوروبية

وفي بروكسل، اتهم وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي أنقرة، أمس الأول، بالمساومة في ملف المهاجرين، وتعهدوا اتخاذ "كل التدابير الضرورية".

ورغم إقرارهم بـ "الجهود التركية الكبيرة" لاستقبال 3.7 ملايين لاجئ سوري، أعرب وزراء الداخلية، عقب اجتماعهم الاستثنائي عن "الرفض الشديد لاستخدام تركيا الضغط الناتج من المهاجرين لأغراض سياسية"، وهو ما رفضه إبراهيم كالن، المتحدث باسم الرئيس التركي.

وإذ جددوا دعمهم لليونان وبلغاريا وقبرص، أبدى الوزراء الأوروبيون الاستعداد لـ "تعزيز الدعم" في إطار تدخل سريع من قبل الوكالة الأوروبية لمراقبة وحماية الحدود الخارجية (فرونتكس)، معتبرين أن "الوضع على الحدود الخارجية للاتحاد غير مقبول ولا يجب التساهل" مع العبور غير القانوني للحدود.

وقال وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستنير "قد نكون في مواجهة لحظة تاريخية بشأن مسؤوليتنا عن ضمان احترام حدودنا أمام المواطنين الأوروبيين".

من جانبهم، أشاد رؤساء وزراء مجموعة فيشغراد (تشيكيا، المجر، بولندا وسلوفاكيا) الرافضين لأي إجراء بما يخص توزيع الأعباء، بجهود اليونان في وقف تدفق المهاجرين.

وذكّرت فرنسا بأنّها التزمت بالتكفّل بـ 400 طالب لجوء في اليونان. وكانت فنلندا قررت أيضا التكفل بـ 175. أما النمسا، فقد استبعدت فكرة استقبال مهاجرين جدد.

back to top