إردوغان يستعجل ذخيرة ترامب ويسعى لهدنة مع بوتين

أنقرة تربط حل أزمة الهجرة بدعمها في سورية... وباريس تتعهد بإبقاء حدود أوروبا مغلقة

نشر في 05-03-2020
آخر تحديث 05-03-2020 | 00:05
مقاتلون موالون لتركيا يجهِّزون قاذفة صواريخ  في إدلب أمس	(أ ف ب)
مقاتلون موالون لتركيا يجهِّزون قاذفة صواريخ في إدلب أمس (أ ف ب)
قبل محاولتها الأخيرة لتفادي مواجهة مباشرة مع روسيا في سورية، طلبت تركيا رسمياً من الولايات المتحدة، شريكتها بحلف شمال الأطلسي، مساندتها بالذخيرة في المعركة الدائرة بإدلب.
كشف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس، عن طلب من نظيره الأميركي دونالد ترامب دعماً بالذخيرة في عمليته العسكرية الأولى ضد الجيش السوري، مؤكداً أنه ينتظر من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم، تحقيق وقف لإطلاق النار في إدلب بأقرب وقت ممكن.

وبعد زيارة غير مسبوقة لمعبر باب الهوى السوري، أكد خلالها استعداد واشنطن لتزويد تركيا بالذخيرة والمساعدات الإنسانية وأنها تنظر تسليحها بمنظومة «باتريوت»، تحدث المبعوث الأميركي لسورية جيمس جيفري، أمس، عن دراسة إجراءات جديدة ضد موسكو ودمشق، رداً على «هجمات إدلب الشيطانية وغير الأخلاقية الهادفة لإجبار المدنيين على المغادرة».

واستبق الجيش الروسي قمة بوتين - إردوغان، وكال الاتهامات لتركيا، مؤكداً أنها فشلت في إنشاء منطقة منزوعة السلاح في إدلب، وانتهكت القانون الدولي بإدخال قوة عسكرية ضاربة بحجم فرقة بالآليات إلى المحافظة، فضلاً عن اندماج نقاط المراقبة التابعة لقواتها مع الجماعات المسلحة، مما أدى إلى هجمات يومية على قاعدة حميميم الجوية.

وفي حين أشار المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف إلى محاولة تفجير حاويات سامة في مدينة سراقب، التي نشر فها شرطته العسكرية، أمل الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن يتوصل بوتين وإردوغان إلى فهم مشترك لأزمة إدلب وأسبابها وخطورة تداعياتها، وصولاً إلى حزمة من الإجراءات الضرورية المشتركة لمنع استمرارها.

«درع الربيع»

ومع تأكيده أن هدف قمة إدلب هو إيجاد حل سلمي وسياسي، شدد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار على أن عملية «درع الربيع» تسير وفقاً للخطة المرسومة، وتمكنت من «تحييد» 3138 عنصراً من الجيش السوري وإسقاط 3 مقاتلات و8 مروحيات و3 طائرات بدون طيار وتدمير 151 دبابة و52 راجمة صواريخ و47 مدفعية و8 منصات دفاع جوي تابعة للقوات الحكومية السورية.

وبعد الإعلان عن مقتل جنديين جديدين، وإصابة 6 آخرين بهجوم جديد للجيش السوري في إدلب، ارتفعت حصيلة قتلى القوات التركية إلى 39 خلال أسبوع واحد وما لا يقل عن 50 بشهر واحد.

وإذ أكدت وزارة الدفاع التركية أنها ردت فوراً ولا تزال على الهجوم الجديد للقوات السورية، أفاد المرصد السوري بأن طائراتها المسيرة والمدفعية تواصل قصفها للمواقع الحكومية في سراقب، تزامناً مع قصف تنفذه طائرات حربية روسية على ريفها ومدينة سرمين.

وقال القيادي المعارض العميد فاتح حسون إن الطائرات التركية المسيرة استهدفت موقعين للقوات الحكومية في سراقب وقتلت أكثر من 20 عنصراً بينهم ضابط برتبة لواء، وهو قائد الفرقة التاسعة، كما دمرت موقعاً في بلدة الدوير شرق المدينة، ما تسبب بمقتل أكثر من 30 عنصراً.

مصالح وعقوبات

في المقابل، نفى الرئيس بشار الأسد ارتكاب أي أعمال عدائية كبيرة أو صغيرة ضد تركيا، مؤكداً أن الخلافات الحالية غير منطقية، لوجود مصالح مشتركة حيوية وتداخل ثقافي تاريخي متبادل.

وبحث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، عملية التسوية السورية، في إطار اتفاقات الدول الضامنة لمسار أستانة.

وبعد اتهام وزير خارجية فرنسا جان إيف لو دريان دمشق وموسكو بارتكاب جرائم حرب يجري توثيقها، اعتبرت وزيرة الدفاع الألمانية أنيغريت كارنباور أن الوضع في إدلب يسمح بفرض عقوبات ضد روسيا، على غرار ما حدث بسبب أوكرانيا، معربة عن دعمها لطرح وتأييد المستشارة أنجيلا ميركل لإقامة منطقة آمنة في شمال سورية ومناقشتها مع جميع الأطراف المعنية.

وبينما قدم مبعوث الأمم المتحدة غير بيدرسون في مستهل زيارة لمصر، تقريراً خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب عن آخر التطورات في سورية، تحدثت ثلاث جهات غير حكومية، أمس، عن تحويل القتال لأجزاء واسعة فيها إلى مناطق غير صالحة لسكن المدنيين الذين تضيّق المعارك الخناق عليهم، في ظل ظروف معيشية بائسة.

واستند التقرير الصادر عن منظمتي «سيف ذي تشيلدرن» (أنقذوا الأطفال) و«الرؤية العالمية»، وجامعة هارفارد إلى تحليل صور ملتقطة بالأقمار الاصطناعية لمدن ومخيمات في محافظة إدلب أجراه برنامج تابع لمبادرة هارفارد الإنسانية، مشيراً إلى أن نحو ثلث المباني تعرّضت لأضرار كبيرة أو دُمّرت.

أزمة الهجرة

من جهة ثانية، طالب الرئيس التركي الاتحاد الأوروبي بدعم تحركاته لحل النزاع السوري، إذا أراد وضع حد لأزمة الهجرة، متهماً دوله وبينها اليونان بـ«الدوس» على حقوق الإنسان واستخدام كل الوسائل من «ضرب وإغراق زوارق وحتى إطلاق النار» لمنع المهاجرين من الوصول إلى أوروبا.

وفي أقوى رد، شدد وزير خارجية فرنسا على أن «الاتحاد الأوروبي لن يخضع لهذا الابتزاز، وحدود اليونان ومنطقة شنغن ستظل مغلقة، وسنضمن بقاءها مغلقة، لتكن الأمور واضحة!».

بدوره، حذر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوسيب بوريل، بعد يومين من محادثاته مع وزراء الخارجية والدفاع والداخلية الأتراك، من أن قرار أنقرة بفتح حدودها مع أوروبا يقوّض الثقة.

وأكد وزير الداخلية سليمان صويلو أن السلطات اليونانية تواصل انتهاك حقوق الإنسان والقواعد الدولية في ردها على تدفق المهاجرين، مشيراً إلى مقتل لاجئ آخر، أمس، وإصابة 5 آخرين على حدود تركيا.

وفي ظل تواصل الصدامات، حيث أطلق مهاجرون الحجارة في اتجاه شرطيين يطلقون القنابل المسيلة للدموع، نفى المتحدث باسم الحكومة ستيليوس بيتساس اتهامات تركيا بإطلاق الذخيرة على المهاجرين وإصابة العديد منهم بجروح والتسبب بوفاة أحدهم في وقت لاحق.

ابتزاز ومال

وقالت مصادر دبلوماسية إن سفراء الاتحاد الأوروبي أبدوا غضبهم، خلال اجتماعهم في بروكسل يوم الاثنين، من محاولة إردوغان «لابتزازهم» بالسماح للمهاجرين بالتجمع على حدود اليونان.

غير أن بعض المبعوثين أقروا بأن الاتحاد الأوروبي في موقف صعب، فدوله الأعضاء غير قادرة على الاتفاق على كيفية التعامل مع اللاجئين، ومن أجل تجنب تكرار أزمة الهجرة في 2015 و2016 يعتقدون أنه ربما يضطر لضخ المزيد من المال لتركيا كي تواصل منع دخول اللاجئين إلى أوروبا.

الأسد: سورية لم ترتكب أي أعمال عدائية ضد الأتراك والخلافات الحالية غير منطقية
back to top