إردوغان لبوتين: ابتعد عن طريقي في سورية

• مقتل 48 في ضربات تركية و14 من «حزب الله»... و«الناتو» يتجاهل «حظر» أنقرة
• تركيا تواصل فتح الحدود مع أوروبا لليوم الثاني... واليونان تمنع دخول 4 آلاف مهاجر

نشر في 01-03-2020
آخر تحديث 01-03-2020 | 00:05
مهاجرون يواجهون الشرطة اليونانية على حدود تركيا أمس (أ ف ب)
مهاجرون يواجهون الشرطة اليونانية على حدود تركيا أمس (أ ف ب)
في خضم تصعيد لا سابق له مع دمشق، طلبت تركيا من روسيا التنحي جانباً، وتعهدت بإبقاء حدودها مع أوروبا مفتوحة للسماح للمهاجرين بالعبور، مع تأكيدها أنها لم تعد قادرة على التعامل مع موجات جديدة من الهاربين من الحرب في سورية.
بعد تلقيه أكبر ضربة في هجوم واحد منذ بدء تدخله العسكري في سورية عام 2016، شدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس، على أنه سيبقي حدوده مع أوروبا مفتوحة للسماح للمهاجرين بالعبور، آخذاً على دول الاتحاد الأوروبي عدم مساعدته بما يكفي لتحمل هذا العبء.

وسمح إردوغان للاجئين السوريين بعبور تركيا نحو اليونان كوسيلة للضغط على الحكومات الأوروبية بعد خسارته 36 جندياً في ضربات لقوات الرئيس السوري بشار الأسد.

وإذ أكد إردوغان عبور 18 ألف مهاجر الحدود التركية نحو أوروبا منذ الجمعة، احتشد المئات، غالبيّتهم أفغان، في محطّة باصات إسطنبول وركبوا حافلات وسيّارات أجرة باتّجاه حدود اليونان، وسار آخرون في طابور طويل على جانب الطريق.

وبعد اجتماع أزمة برئاسة رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس، منعت اليونان 4 آلاف مهاجر من دخول أراضيها "بشكل غير قانوني"، واعتقلت العديد منهم، بحسب زير الدفاع نيكوس باناجيوتوبولوس.

وأكد المتحدث باسم الحكومة اليونانية ستيليوس بيستاس، أمس، مواجهة قوات الأمن محاولة منظمة وغير قانونية لخرق الحدود بأعداد كبيرة، وتمكنت من التغلب عليها وحماية أوروبا.

ومع استمرار التوتر عند الحدود مع تركيا، التي أغلقتها بلغاريا أيضاً، قال وزير الشحن وسياسات الجزر، ايوانيس بلاكيوتاكيس، المسؤول أيضا عن خفر السواحل إن اليونان عززت عمليات الفحص في المضايق بين الجزر، وبحر ايجه الشرقي والساحل التركي.

واستخدمت شرطة الحدود والوحدات الخاصة لشرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت لمنع المهاجرين من دخول اليونان عبر المعبر الحدودي المغلق في كاستانيز- بازاركوله، لكن بعضهم تمكن من عبور النهر الحدودي في قوارب مطاطية، طبقاً للتلفزيون الرسمي.

إردوغان وبوتين

وفي خطابه بإسطنبول، توعد إردوغان بالانتقام لمقتل 36 جندياً تركياً بشكل إجمالي في غارات جوية في إدلب الخميس، مؤكداً أنه طلب من نظيره الروسي فلاديمير بوتين "الابتعاد عن طريقه وتركه مع نظام الأسد بمفرده".

وتحدث إردوغان عن "ضرب العديد من المواقع، من بينها مطارات ومستودعات ذخيرة وأنظمة دفاع جوي و7 منشآت لإنتاج أسلحة كيماوية حتى مساء أمس"، إضافة إلى تحييد أكثر من 2100 جندي سوري وتدمير 300 مركبة عسكرية من بينها 94 دبابة.

وأضاف أن القوات السورية "ستدفع ثمن" هجماتها، موضحا: "لا نريد أن تصل الأمور إلى هذه النقطة لكن يرغموننا على ذلك، سوف يدفعون الثمن".

ضربات تركية

وتمسك إردوغان بأهمية استمرار العمليات في سورية لضمان أمن تركيا القومي وقطع "الممر الإرهابي"، معتبراً أن الأزمة في إدلب حُبكت للتضييق عليها وتطويقها.

وأكد المرصد السوري أن الضربات الجوية والبرية التركية على القوات الحكومية السورية وحلفائها في إدلب أسفرت عن مقتل 48 مسلحاً خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، إضافة إلى 14 عنصراً من "حزب الله" قرب سراقب، التي يواصل سلاح الجو الروسي استهدافها.

وأكد قائد عسكري موال لدمشق أن قذائف ذكية وطائرات مسيرة تركية استهدفت مقراً للحزب اللبناني قرب سراقب، التي تمثل بؤرة القتال المتصاعد وأدت إلى مقتل 10 وإصابة 30 آخرين.

وأوضح مسؤول تركي أنه تم تدمير "مستودع للأسلحة الكيماوية على بعد 13 كيلومتراً جنوب حلب وعدد كبير من الأهداف الحكومية".

وقال قيادي بفصائل المعارضة إن صواريخ أرض- أرض قصفت معامل الدفاع ومركز البحوث العلمية في منطقة سفير جنوب شرق مدينة حلب مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى أغلبهم من الحرس الثوري الإيراني، وتدمير الكثير من المباني.

ونفى التلفزيون السوري ووكالة الأنباء الرسمية "سانا" وجود هذه المنشأة أو أي استهداف لأي مقر عسكري، واعتبرا أن الرئيس التركي "يمارس سياسة التضليل، ولو كانت ادعاءاته صحيحة، لقتلت أعداد كبيرة في المناطق المحيطة.

البيت الأبيض

في غضون ذلك، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قدم التعازي لنظيره التركي، مؤكداً أنهما اتفقا في اتصال هاتفي على مطالبة روسيا وسورية وإيران بـ "وقف" الهجوم العسكري ومنع قتل وتشريد مزيد من المدنيين الأبرياء.

من جانبه، قدّم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف "التعازي" لأنقرة، مؤكداً أنّ موسكو "تبذل كل الجهود لضمان أمن الجنود الأتراك" المنتشرين في سورية.

وأجرى موفد الكرملين ألكسندر لافرنتييف ونائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين وممثلون عن وزارة الدفاع لقاءات الأربعاء والخميس مع وفد تركي برئاسة نائب وزير الخارجية سادات اونال أعربوا خلالها عن أملهم "خفض التصعيد على الأرض مع مواصلة مكافحة الإرهاب وحماية المدنيين وتوفير المساعدة الإنسانية العاجلة لهم"، بحسب "الخارجية" الروسية.

وعقد حلف شمال الأطلسي (الناتو) اجتماعا طارئاً حض فيه تركيا على إقامة منطقة حظر جوي في شمال غرب سورية، غير أنّ أعضاءه اكتفوا بالإعراب عن التضامن، من دون اتخاذ إجراءات ملموسة.

مجلس الأمن

وخلال الاجتماع السادس لمجلس الأمن منذ بداية فبراير، أفاد السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، أمس الأول، بأن "الوفد الروسي يعمل في أنقرة من أجل تهدئة الوضع"، مبدياً الاستعداد للعمل على خفضٍ للتصعيد في منطقة إدلب "مع جميع الراغبين بذلك".

وغداة اعتباره أنّ مجلس الأمن يعقد الكثير من الاجتماعات المتعلّقة بسورية، أقرّ نيبينزيا بأنّ "الوضع ساء وتوتّر بشدّة" في إدلب، مجدّداً التأكيد أنّ موسكو "لم تُشارك في الهجمات" التي نُسِبَت إلى دمشق الخميس وقُتِل فيها بحسب أنقرة 34 جنديًا تركيًا.

وأشار السفير الروسي إلى أنّ "الأتراك يُعلمون الروس بمواقعهم بشكل مستمرّ، ويتمّ نقل (هذه الإحداثيّات) إلى الجيش السوري من أجل ضمان أمن" الجنود الأتراك، مضيفاً أنّ "إحداثيّات" المواقع التركيّة التي استهدفتها غارات الخميس "لم تُسَلَّم" إلى الجانب الروسي.

وقف النار

ودعت الأغلبية العظمى من أعضاء مجلس الأمن إلى وقف عاجل لإطلاق النار. وقال الأعضاء الأوروبّيون إنّ "التصعيد العسكري في إدلب يجب أن يتوقّف. يجب أن يتوقّف الآن".

واعتبروا، في الاجتماع الذي عقد بناءً على طلب المملكة المتحدة والولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبلجيكا وإستونيا وجمهورية الدومينيكان، أنّ "هذه الهجمات تظهر أنّ النظام السوري، بمساعدة ودعم سياسي من روسيا، يواصل استراتيجيته العسكرية بأيّ ثمن، متجاهلًا عواقب أفعاله ضدّ المدنيّين".

وقالت السفيرة الأميركية كيلي كرافت: "نطالب روسيا بوقف إطلاق طائراتها الحربيّة فوراً، وندعو جميع القوّات السوريّة ومؤيّديها الروس للانسحاب إلى خطوط وقف إطلاق النار التي تمّ تحديدها عام 2018".

وخلال افتتاح الجلسة، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس أنّ "النزاع قد تغيّرت طبيعته"، مشيراً إلى التصعيد الكبير الذي شهدته إدلب خلال الأيام الأخيرة.

الجامعة العربية

بدوره، دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، أمس، إلى وقف فوري لإطلاق النار، مؤكدا أن اللجوء إلى الحل العسكري "لن يجلب سوى مزيد من الدمار والتشريد وإراقة الدماء".

وحذر أبوالغيط من "خطورة تصاعد المواجهات العسكرية المترتبة على التدخلات الإقليمية والدولية على الساحة السورية والتي ساهمت في تفاقم الوضع الميداني وتقويض فرص الحل السلمي للازمة السورية وتداعيات هذا الوضع المضطرب على أمن واستقرار سورية ومن ثم المنطقة".

واعتبر أن "التصعيد العسكري في سورية شكل نموذجا صارخا لانتهاك القانون الدولي الإنساني، وتسبب في كارثة إنسانية غير مسبوقة بتشريد ما يزيد على مليون نازح سوري ومواصلة استهداف المنشآت المدنية من مدارس ومستشفيات".

وشدد على أهمية التزام جميع الأطراف بقرارات واتفاقات وقف إطلاق النار، مؤكدا مسؤولية مجلس الأمن في "إقرار هدنة إنسانية فورية وتوفير المساعدة العاجلة لأكثر من ثلاثة ملايين سوري".

ودعا أبوالغيط في الوقت ذاته إلى "إطلاق مفاوضات جدية تحت رعاية الأمم المتحدة بهدف تفعيل المسار السياسي والدفع في اتجاه تنفيذ العملية السياسية وفقا لقرار مجلس الأمن (2254)".

back to top