كيف تُؤثر الأوبئة على الاقتصاد العالمي؟

نشر في 10-02-2020
آخر تحديث 10-02-2020 | 00:00
No Image Caption
مع المخاوف الاقتصادية الجمة المتعلقة بتفشي فيروس «كورونا» الجديد، يُثار تساؤلٌ منطقي حول تأثير الأوبئة على الاقتصاد بشكل عام، لاسيما مع التحذيرات من عدم إمكانية تصنيع لقاح مضاد للفيروس قبل عدة أشهر.

تكلفة سنوية

يقدر مؤشر تقدير المخاطر أن الأوبئة تكلف الاقتصاد العالمي قرابة 60 مليار دولار سنوياً، وذلك في الأعوام «العادية» التي لا تشهد انتشاراً لفيروس على نطاق واسع، إنما وجود أوبئة على نطاق «طبيعي»، لا يشمل حالات الذعر أو الطوارئ الدولية.

وبلغت تكلفة فيروس «سارس» الذي انتشر بين عامي 2002-2004 على الاقتصاد العالمي قرابة نصف تريليون دولار، بما في ذلك النفقات التي استلزمتها مكافحته، والإجراءات المشددة في المنافذ الحدودية والمستهلك من المواد الطبية للوقاية منه أو لمكافحته.

ولا يقتصر الأمر على توجيه الإنفاق في اتجاه الفيروس، بل إن «سارس» على سبيل المثال تسبب في انخفاض الناتج العالمي بنسبة 0.1 إلى 0.3 في المئة عام 2003 وفقاً لتقديرات «غولدمان ساكس» خصوصاً مع تفشيه في الصين، وهي إحدى القوى التقليدية التي تقود النمو الاقتصادي عالمياً.

ولا يقتصر تأثير الأوبئة فقط على الحد من حركة الأفراد أو السلع عبر الحدود، بل يمتد ليشمل ارتفاع تكلفة التأمين على الحياة، والتي ارتفعت بفعل «سارس» على سبيل المثال بنسبة 30 في المئة في الصين، وارتفعت عالمياً بنسبة 7 في المئة بين عامي 2002-2004.

تكلفة فورية

وتُقدر «سي إن إن» أن فيروس «كورونا» سيكلف الاقتصاد الصيني قرابة 60 مليار دولار في الربع الأول من عام 2020 فحسب، وذلك إذا ظل على نفس مستويات الانتشار دون زيادة، وقد ترتفع التكلفة بشكل لافت إذا اضطرت الحكومة لاتخاذ المزيد من الإجراءات المتعلقة بعزل بعض المناطق.

أما «بلومبرغ» فتشير تقديراتها إلى أن الاقتصاد الصيني قد ينمو بنصف المعدل المتوقع للربع الأول (5.5 في المئة) فقط، مع إمكانية تراجع هذا المعدل إذا استمرت إجراءات إغلاق مدن رئيسية مثل ووهان على سبيل المثال.

وسيكون لذلك الأمر تأثير مضاعف على الاقتصاد العالمي بسبب مساهمة الصين بنحو 17 في المئة من الناتج الإجمالي العالمي من جهة، وبسبب مساهمتها المباشرة في الإنتاج الصناعي العالمي بنسبة تفوق تلك النسبة كثيراً من جهة أخرى.

ومنذ أن بدأ الفيروس في الانتشار تراجعت أسعار النفط جزئياً وارتفع سعر الذهب بشكل نسبي أيضاً، لكن هذا الارتفاع والانخفاض ربما يكون مؤقتاً.

فمع استقرار فيروس «سارس» وتراجع معدلات انتشاره (وليس اختفاؤه كلياً) عادت أسعار الذهب والنفط إلى نفس مستويات ما قبل الفيروس.

وعلى الرغم من توقعات وزير التجارة الأميركي بمساهمة فيروس كورونا في عودة المزيد من الوظائف إلى الولايات المتحدة فإن «غولدمان ساكس» يرجح انخفاض النمو الأميركي بنسبة 0.4 في المئة خلال الربع الأول من العام الحالي، على أن تزيد تلك النسبة إذا زاد انتشار الفيروس وتتراجع بتراجعه.

السياحة أيضاً

وتشير شركة «ماكنزي» إلى أن الإجراءات المتخذة ضد السياحة الصينية ستتسبب في ضرر بالغ للسياحة العالمية مع مساهمة الصينيين بقرابة 277 مليار دولار في هذا السوق عالمياً (2018)، وتصديرها لقرابة 150 مليون سائح سنوياً لخارج الحدود، بما يؤشر لضربة قوية سيتلقاها القطاع السياحي.

بل إن تقريراً لـ»تايم» الأميركية يشير إلى تراجع حركة الطيران العالمية بنسبة 7 في المئة خلال الشهر الماضي مع توقعات بارتفاع تلك النسبة مع إصرار الحكومات على تجنب «السفر غير الضروري» وحالة الذعر الدولية المرتبطة بانتشار الفيروس في أكثر من دولة.

وحذر رئيس شركة «آبل» من أن استمرار الفيروس سيؤثر سلباً على خطوط إنتاج الشركة وقد يحد من توافر منتجاتها في الأسواق في ظل اعتمادها على المصانع الصينية، والوضع نفسه بالنسبة لعشرات الشركات التي أصدرت تحذيرات مماثلة.

هذا على مستوى الاقتصاد عموماً، أما على مستوى الأسواق المالية فتأتي التأثيرات متناقضة، فيظهر هناك فائزون وخاسرون. فعلى سبيل المثال أدى سارس لارتفاع أسهم شركات الأدوية والصيدلة بنسبة 14 في المئة في الصين، بينما تراجعت أسهم شركات الطيران بنسبة 4 في المئة عالمياً بسبب القلق حول قيود السفر وتراجع الحركة عبر الحدود.

وعلى الرغم من أن الكثير من التأثيرات الاقتصادية تبدو مؤقتة، فإن توقيت انتشار الأوبئة إذا ترافق مع فترة من التباطؤ فإن آثاره تكون مدمرة على الاقتصاد في ظل ميل المواطنين للادخار على حساب الاستهلاك بما يزيد من احتمالات الركود، لاسيما إذا لم يكن بالأفق حل واضح للفيروس يطمئن الاقتصاد والأسواق.

back to top