«ذاكرة لا تُمحى»... جرائم حرب توثقها ريشة سيروان باران

لوحاته ترصد المعاناة تحت وطأة حاكم مستبد ومحتل

نشر في 10-02-2020
آخر تحديث 10-02-2020 | 00:01
يكاد المتابع لمعرض الفنان التشكيلي العراقي سيروان باران المقيم حالياً في القاهرة تحت عنوان «ذاكرة لا تُمحى»، أن يرصد بكل حواسه المعاناة الكبرى التي مر بها الشعب العراقي.
كشف الفنان سيروان باران خفايا كثيرة عن بلاده العراق في زمن الطغيان والاحتلال من خلال معرضه "ذاكرة لا تمحى"، إذ لم يكن الديكتاتور صدام حسين سوى شوكة في حلق شعبه، وطاغية يهدد جيرانه، لكن ما جاء بعد عام 2003 لم يكن أقل سوءاً منه.

فمثلما لا يمكن أن يمحو الزمن جرائم الطاغية تجاه شعبه وجيرانه، لا تنسى الذهنية العربية تلك الصور البشعة التي خرجت إلى العلن ونشرتها صحف ووكالات أنباء عالمية عن عمليات تعذيب في سجون كان أشدها فظاعة "أبو غريب" على يد جنود وجنرالات الولايات المتحدة، وهي جرائم أيضاً ترفضها الإنسانية ولا تسقط بالتقادم.

نظرة سريعة إلى مجموعة اللوحات الفنية التي رسمها بريشته الفنان سيروان باران في معرضه الجديد الذي افتتح أخيراً في القاهرة ويستمر أمام الجمهور حتى 20 فبراير الجاري، تعيد هذه المشاهد المؤلمة إلى الذاكرة. تلك المشاهد التي لا تمحى من الذاكرة الإنسانية عموماً، وهذا هو المعنى المستوحى منه عنوان المعرض.

الشخصيات العامة

وشهد افتتاح المعرض في الثاني من فبراير الجاري حضوراً مكثفاً من التشكيليين والنقاد والشخصيات العامة إلى جانب الجمهور المتذوق للفن التشكيلي، في حين قال مدير "غاليري مصر" الفنان محمد طلعت، إن "هذا العرض من أهم العروض البصرية في هذا الموسم لقيمة الفنان سيروان باران وأهمية عرض أُطروحاته وأعماله المتميزة على الجمهور المصري، لما تحمله من مستوى إبداعي رفيع وتناولها قضايا إنسانية تمس الوجدان في صورة مشاهد مرعبة للمعاناة الإنسانية التي عايشها والتي يطرحها في قوالب فنية جريئة وصادمة أحياناً مثلما تركت أثارها في ذاكرته التي اختزلتها صور مفزعة للظلم والألم".

مصير الإنسان

ويتابع "تثير هذه الأعمال التساؤل عن مصير الإنسان في هذا العصر الذي نشعر بتوقعاته عنه عبر زحف العتمة تدريجياً كسياج يُحيط بالمشهد المصور، وكأنه حريص على تأريخ هذه الأحداث خوفاً من أن تدهسها عجلة الزمن ولتبقى تسرد للأجيال قصة فنان أصر أن تكون لوحاته الناطق الرسمي عن آهاته وآلام... سيروان باران رجل شجاع قبل أن يكون فناناً مبدعاً".

وفي دراسة أعدها الناقد الفني محمد كمال تحت عنوان "تجسيد القهر واستنفار الروح بفرشاة غاضبة" تناول فيها أعمال التشكيلي العراقي صاحب المعرض، يقول إن تجربة سيروان الغنية استلهمها من بين ثنايا الظلم والطغيان للحاكم المستبد، علاوة على جرائم الاحتلال الأميركي في العراق بداية من عام 2003، وذلك بفرشاة رشيقة غاضبة تحولت فيها ألوان الأكريلك إلى نيران حارقة، ومسطحات اللوحة إلى مساحة للطغيان، بينما تحول باران نفسه إلى عاصفة استنفارية للروح في مواجهة كل أعاصير التجبر.

يُشار إلى أن سيروان باران عارف وُلد في بغداد عام 1968، وحصل على بكالوريوس الفنون الجميلة من جامعة بابل، وهو عضو في نقابة الفنانين العراقيين، وعضو اللجنة الوطنية للفنون التشكيلية، وعضو الرابطة الدولية AIAP، وأقام العديد من المعارض الخاصة والمشاركات الجماعية الدولية والمحلية.

كما حاز عدداً من الجوائز، منها جائزة الشباب الأولى عام 1990، والجائزة الذهبية "مهرجان الفن العراقي المعاصر" عام 1995، ووسام تقديري "بينالي القاهرة الدولي" عام 1999، والجائزة التقديرية من بينالي بغداد العالمي الثالث عام 2002، والوسام الذهبي من مهرجان المحرس الدولي في تونس عام 2002.

«غاليري مصر» يحتضن المعرض التشكيلي حتى 20 فبراير الجاري

محمد كمال: فرشاة رشيقة غاضبة حولت الألوان إلى نيران حارقة
back to top