مرجية: الكتابة للطفل الفلسطيني ذات طابع خاص

«الرسومات والألوان والصور تنمي خيال الأطفال وأحاسيسهم»

نشر في 29-01-2020
آخر تحديث 29-01-2020 | 00:02
يعد الأديب الفلسطيني الكبير د. بشارة مرجية، أحد أهم المتخصصين في الأدب العربي والكتابة للطفل في عالمنا العربي، وأصدر حتى الآن 70 كتاباً.
وفي حوار أجرته معه «الجريدة» يقول مرجية، إن الخيال هو الخطوة الأولى نحو الإبداع، وأن كل نص يُقدم للأطفال يجب أن يغذي خبراتهم ويبني مداركهم، مشدداً على ضرورة الاهتمام باللعب باعتباره من الوسائل الرئيسية التي تساعد على نمو الطفل السليم... وفيما يلي نص الحوار:
• حدثنا عن سنوات نشأتك الأولى؟ وإلى أي مدى انعكست أصداؤها على كتاباتك الإبداعية؟

- وُلدت داخل عائلة مباركة بالإخوة والأخوات (عدد أفراد عائلتي: 10 اخوة واختان، ووالدان حنونان فوق رؤوسنا)، ترعرعنا في أجواء أسرية دافئة، محبة، مضحية، مخلصة، وكبرنا محافظين على هذه البذور التي زرعت فينا، ومحاولين أن نغرسها في نفوس أولادنا وأحفادنا، فانعكست أصداء هذه الأجواء في كتاباتي ومؤلفاتي، والأمر الثاني الذي انعكس في كتاباتي ما قرأته من قصص وروايات ومسرحيات وسير الفلاسفة والشعراء والكتاب، بالإضافة إلى العوامل الدينية، والاجتماعية، والسياسية، والثقافية، والاقتصادية، التي عشتها في سنوات نشأتي الأولى، أما مشواري التعليمي فكان له الدور البارز في حثي على الكتابة والإبداع والتأليف.

الشعور الآمن

• برأيك، ما المواصفات التي يجب توافرها في النص المقدم للأطفال؟

- كل نص يقدم للأطفال يجب أن يغذي خبراتهم، ويبني مداركهم، ويشجع إبداعهم، ويؤكد ذواتهم، ويبني مستقبلهم. ومن هذا المنطلق فالمواصفات التي يجب توافرها في النص المقدم للطفل، أحصرها فيما يلي: أن تبعث في نفوس أطفالنا الشعور الآمن، وترشدهم إلى الطريق الصحيح والتفكير السليم، وتحثهم على الخير والقيم والفضائل، وتثير فيهم المتعة وتريح أنفسهم، وتدفعهم لمساعدة الآخرين، وتزودهم بالمعارف والعلوم والمعلومات، وتحوي المضمون المعبر والفكرة الواضحة والغذاء الروحي، أما إذا أردنا أن نختار كتاباً للأطفال، فعلينا أن نعتمد على أمرين، الأول مضمون الكتاب (الفحوى، واللغة، والأسلوب)، والثاني شكل الكتاب (الغلاف، والرسومات، ونوع الورق، والطباعة، والحجم، والتصميم والتخطيط).

الرسومات والصور

• ما أهمية الصور (الرسوم) التي ترافق القصة الموجهة للصغار؟

- القصة الموجهة للأطفال ترتكز كثيراً على الرسومات والصور والألوان، لعلاقتها القوية مع النص المكتوب من ناحية (حيث تثريها بالجمال والفن والمعنى)، ولتأثيرها على الأطفال من الناحية الأخرى، حيث إنها تجذب الصغار إلى القصة، وحتى تقوم الرسومات والصور والألوان بهذا الدور، يجب أن تكون فنية، وإبداعية، ومعبرة، وموحية، وواضحة، ومتناسقة، ومناسبة، وزاهية، وموصلة، فالرسومات والصور والألوان تفتح خيال الطفل كثيراً، وتنمي إحساسه وشعوره ليتذوق هذا الجمال الفني وينمي خياله، وعندما تبدأ عملية التخيل عند الأطفال (التي تعتبر من أرقى العمليات العقلية)، فإنهم يستطيعون تخيل صور إضافية في أذهانهم، وهكذا فالتخيل ينمي التفكير لديهم، وبواسطة التفكير يستطيعون أن يفرقوا بين الخيال والمحسوس، والخيال يعد الخطوة الأولى نحو الإبداع عند الأطفال.

الأجواء الحياتية

• الظروف التي نشأ فيها الطفل الفلسطيني والمبادئ التي يجب غرسها في وجدانه... هل تستلزم أجواء أو مواصفات خاصة في النصوص الموجهة إليه؟

- لاشك أن الظروف التي يعيشها الأطفال الفلسطينيون صعبة ومريرة من جميع النواحي، ولاشك أيضاً أن الكتاب والشعراء الفلسطينيين عندما يكتبون للأطفال يختارون ما يتلاءم مع الأجواء الحياتية التي يعيشها الطفل الفلسطيني، فالموضوعات لها طابعها الخاص، وكذلك الأسلوب والمضمون والمكان والزمان لهما دور أساس في حبكة القصص. وأما المبادئ التي يجب غرسها، فيمكن تقسيمها إلى عامة وخاصة، فالعامة هي التي نجدها في جميع النصوص المقدمة للأطفال العرب، والخاصة التي يحاول الكتاب والشعراء الفلسطينيون غرسها في نفوس الأطفال الفلسطينيين، ومنها: التضحية والفداء، والتمسك بالأرض وعدم التنازل عنها، والمقاومة والصمود، والدفاع عن البيت والوطن وغير ذلك هذه المبادئ الخاصة التي تنقل تدريجياً للطفل الفلسطيني حسب عمره.

متنوعة وكثيرة

• يذهب كثير من علماء النفس العرب إلى عدم مناسبة أفلام الكرتون الغربية لأطفالنا... هل تتفق معهم؟

- أعلم الحساسية الكامنة في هذا الموضوع، وقد تطرقت إليه في كتابي "الترجمة للأطفال تثقيف واتصال"، وأقول إن أفلام الكرتون الغربية متنوعة وكثيرة، منها ما له فوائد، ومنها ما له مضار، ومنها ما يناسب أطفالنا، ومنها ما لا يناسبهم، فالحضارة الغربية لها فوائدها ولها مضارها، لأنها تختلف عن الحضارة العربية في عدة اتجاهات، لكن الأفلام الكرتونية التي تنادي وتؤكد على التصرفات الحسنة، والسلوكيات البناءة، والقيم الخيرة، والمعارف والعلوم، والتطورات والتكنولوجيات، يجب بثها وتشجيعها، لأن جميع الشعوب والحضارات البشرية تنادي بهذه الخصال، وعلى هذا الأساس، فقبل أن نمنع، علينا أن نتفحص هذه الأفلام، ونسأل أنفسنا، إن كانت تناسب أطفالنا، ونختار منها الأمثل والأحسن والأروع والأجمل، لأن أطفالنا سيستفيدون منها كثيراً، وأما الحكم عليها حكماً قاطعاً فهذا غير صحيح، لكنني أعارض بشدة بث أفلام الكرتون الغربية التي لا تتلاءم مع أجواء الأطفال العرب وقيم مجتمعاتنا، لأن أطفالنا لن يجنون منها إلا الخراب والدمار والانحطاط.

حاجة الطفل

• أشرت في أحد كتبك إلى أهمية اللعب بالنسبة إلى الطفل، حدثنا عن ذلك؟

- اللعب نشاط حركي يعبر عن حاجة الطفل للفرح والسرور والاستمتاع، وإلى إشباع ميوله الفطرية، وهو ضرورة بيولوجية في بناء ونمو الشخصية، فاللعب إصطلاح شامل قائم على قواعد وأسس، تابع لنظريات وأحكام، له أشكال وأنواع، وتؤثر عليه عدة عوامل، منها: الجسدي، والعقلي، والاجتماعي، والثقافي، والقومي، والاقتصادي وغيرها واللعب عملية دينامية تنمو مع نمو الطفل، وتتطور مع تطوره، ويعد جزءاً مهماً من كيانه، وعلينا أن ننمي هذا الجزء، وقد أثبت الباحثون والمختصون في التربية وصحة الطفل النفسية، أن اللعب من الوسائل الرئيسة التي تساعد على نمو الطفل السليم، وعلى تطوره الطبيعي، بالإضافة لتأثيره الكبير في تكوين شخصيته، فمن خلال اللعب يكتسب الأطفال خبرات كثيرة بواسطتها ينمون وينضجون، ومن النضج ينمي الأطفال حواسهم ومهاراتهم، ويعززون علاقاتهم بالآخرين، ومن هذا التعزيز يحضرون أنفسهم للحياة المستقبلية، ولذا علينا تزويد الأطفال بالألعاب واللعب والدمى.

حياة أطفالنا

• ما الذي تكتبه راهناً؟

- أكتب عملاً أدبياً بعنوان "الإنترنت للأطفال تعليم وامتثال"، فلهذا الموضوع أهمية في حياة أطفالنا، ولإسداء النصائح والإرشادات للأهالي في كيفية التعامل بهذا الموضوع مع أبنائهم وقسمت الكتاب إلى ثمانية فصول، عالجت فيها عدة موضوعات، منها تاريخ الإنترنت ووسائل الإعلام، وفوائد الإنترنت ومضاره، والإنترنت داخل البيت وخارجه، وتعليم الأطفال كيفية استخدامه، واستغلال الأطفال عبر الإنترنت، حماية الأطفال من مخاطره، وسأنهي الكتاب في فبراير المقبل، وستصدره دار الفتى العربي في يونيو 2020.

أرفض بث أفلام الكرتون الغربية المتعارضة مع قيم مجتمعاتنا

الألعاب من الوسائل الرئيسية المساعدة على نمو الطفل السليم
back to top