ترامب يهدد بضرب 52 هدفاً إيرانياً بـ «أسلحة جميلة»

• مئات الآلاف من الإيرانيين يشيّعون سليماني • مستشار خامنئي: استهداف مواقع عسكرية أميركية بشكل مباشر
• غواصة نووية بريطانية جاهزة ولندن تعيد المرافقة العسكرية لسفنها بـ «هرمز»
• «الخارجية» الإيرانية: سنسعى ألا يتسبب الرد على «عملية بغداد» بحرب • ظريف: نهاية أميركا في غرب آسيا بدأت

نشر في 06-01-2020
آخر تحديث 06-01-2020 | 00:05
توعّد الرئيس الأميركي بضرب إيران ضربة غير مسبوقة تشمل مواقع ثقافية، في حال قامت بردّ انتقامي على اغتيال واشنطن قائد فيلق القدس قاسم سليماني، في حين وصفت طهران ترامب بـ «إرهابي»، وتعهّدت بثأر لا يُدخل البلاد في حرب.
في حين يصعب توقّع طبيعة وحجم الرد الإيراني على الضربة غير المسبوقة، هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشنّ ضربات على 52 هدفا داخل إيران إذا تعرضت القوات أو المنشآت الأميركية إلى أي هجوم انتقامي ثأرا لاغتيال واشنطن قائد فيلق القدس قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد أبومهدي المهندس بواسطة طائرة مسيّرة (درون).

وفي سلسلة من التغريدات قال ترامب إن إيران "تتحدث بجرأة كبيرة عن استهداف أصول أميركية بعينها" للانتقام. وكتب عبر "تويتر" مساء أمس الأول: "إذا قاموا بهجوم آخر، وأنصحهم بشدة بألا يفعلوا ذلك، فسنضربهم بشكل أقوى مما ضربوا يوما من قبل". وأضاف: "الولايات المتحدة ستستخدم معداتها العسكرية الجديدة الجميلة، بلا تردد"، إذا ردّ الإيرانيون.

ودافع ترامب عن قرار اغتيال سليماني في بغداد، قائلا إن "رقم 52 هو عدد الأميركيين الذين احتجزوا رهائن في السفارة الأميركية في طهران عام 1979 لأكثر من عام"، بعد احتلالها من قبل طلاب إبان الثورة الإسلامية.

وأوضح أن "بعض المواقع يكتسب أهمية كبيرة بالنسبة لإيران وفي الثقافة الإيرانية. وستتعرض هذه المواقع وإيران إلى ضربات سريعة وقوية. الولايات المتحدة لا تريد المزيد من التهديد".

ولجأ الرئيس الأميركي إلى "تويتر" بعدما رفعت ميليشيات موالية لإيران تهديدات لواشنطن وتعرّضت قوات ومنشآت أميركية في العراق إلى هجمات بالقذائف، في ظل التهديد بالانتقام لمقتل سليماني، الذي كان يعد الرجل الثاني في الجمهورية الإسلامية.

وجاء تصريح ترامب في وقت وصلت تعزيزات عسكرية أميركية قوامها 3000 جندي إلى المنطقة، ونصحت واشنطن مواطنيها بمغادرة العراق.

انتقاد وإشادة

في السياق، انتقدت رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي، في بيان، المعلومات التي قدّمها ترامب لـ "الكونغرس" بشأن عملية الاغتيال، وقالت إن المعلومات تثير تساؤلات جدية وعاجلة حول توقيت وطريقة وتبرير الضربة.

وأضافت بيلوسي أن "الأعمال الاستفزازية والتصعيدية وغير المتكافئة لإدارة ترامب تواصل تعريض أفراد جيش ودبلوماسيي ومواطني أميركا وحلفائها للخطر".

إسرائيل

من جهته، أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بحزم الرئيس الأميركي. وقال نتيناهو في مستهل الاجتماع الأسبوعي لحكومته أمس: "الرئيس ترامب يستحق كل التقدير على عمله الحازم والقوي والسريع".

وشدد من جديد على أن "إسرائيل تقف بشكل كامل إلى جانب واشنطن في كفاحها العادل الذي يهدف إلى تحقيق الأمان والسلام".

وعقد مجلس الوزراء الإسرائيلي للشؤون الأمنية اجتماعا أمس لمناقشة تداعيات الضربة الأميركية واحتمال وقوع هجوم صاروخي إيراني على أهداف إسرائيلية.

استبعاد إيراني

في المقابل، اتسمت التصريحات الإيرانية بالحذر، ورأى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن تهديد ترامب بضرب "52 موقعاً" بينها أماكن تاريخية "جريمة حرب"، مؤكدا أن "نهاية الوجود الأميركي في غرب آسيا قد بدأت".

وردّ الجيش الإيراني على التهديد الأخير الذي أطلقه ترامب قائلا إن الولايات المتحدة لا تملك "الشجاعة" للقيام بذلك.

وأكد قائد الجيش الإيراني عبدالرحيم موسوي أن الأميركيين "يقولون أموراً من هذا النوع لتحويل اهتمام الرأي العام العالمي عن عملهم الشنيع وغير المبرر".

وتابع: "في أي صراع محتمل في المستقبل، وهو ما أعتقد أنهم (الأميركيون) لا يملكون شجاعة خوضه، سيتضح أين سيكون الرقمان خمسة واثنان".

واستدعى مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، عباس عراقجي، السفير السويسري الراعي للمصالح الأميركية في طهران، إلى وزارة الخارجية الإيرانية، وأبلغه أن تصريحات ترامب العدائية تشكّل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية ومثالاً صارخاً على جرائم الحرب. وفي إشارة إلى تهديد الرئيس الأميركي بمهاجمة المراكز الثقافية، قال عراقجي، إن "التهديد يذكّرنا بالغزو المغولي أو الأفعال الإرهابية والإجرامية في تدمير المواقع الثقافية والتاريخية".

من جهته، صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي بأن "إيران سترد على اغتيال سيلماني، وستسعى ألا يسبب الرد حرباً على الشعب الإيراني".

ووصف وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات محمد جواد آذري ترامب بأنه "إرهابي يرتدي بذلة".

وقال إن ترامب: "إرهابي يرتدي بذلة. شأنه شأن داعش وهتلر وجنكيز خان. سيتعلّم من التاريخ قريبا أن أحدا لا يستطيع هزيمة الأمة والثقافة الإيرانية العظيمة".

وعقد مجلس "الشورى" اجتماعات لمناقشة التطورات، ودان رئيس البرلمان علي لاريجاني ارتكب ترامب "جريمة كبيرة"، قائلا إن اغتياله قلب موازين المنطقة والعالم.

ضربة مساوية

وبيّن حسن دهقان، المستشار العسكري للمرشد الأعلى لإيران علي خامنئي، أن ردّ بلاده "سيكون عسكريا بالتأكيد، وضد مواقع عسكرية".

واتّهم دهقان واشنطن بـ "بدء الحرب" ودعاها إلى "قبول ردود الفعل المناسبة على أعمالهم".

وتابع: "الأمر الوحيد الذي يمكنه إنهاء هذه المرحلة من الحرب هو أن يتلقى الأميركيون ضربة مساوية للضربة التي قاموا بها، وبعدها عليهم ألا يسعوا إلى تجديد الدورة".

حزن وتشييع

من جانب آخر، تظاهر إيرانيون كثيرون خلال الأيام القليلة الماضية تعبيرا عن الحزن على مقتل سليماني الذي يعد ثاني أقوى شخصية في البلاد بعد المرشد الأعلى، لكنّ آخرين عبّروا عن مخاوفهم من أن يؤدي مقتله إلى الزج بالبلاد في أتون حرب مدمرة مع دولة عظمى. ونُقل جثمان سليماني بالطائرة من العراق إلى مدينة الأهواز في جنوب غرب إيران أمس.

وأظهرت لقطات مصوّرة عرضها التلفزيون الرسمي على الهواء مباشرة أن آلاف المشيعين المتشحين بالسواد نزلوا إلى شوارع مدينة الأهواز للمشاركة في الجنازة بالمدينة ذات الغالبية العربية.

من جهة أخرى، كشف مسؤول وصف بالمهم في "الحرس الثوري"، احتمال أن يكون هناك مدسوسون في فريق حراسة سليماني، وأن التحقيق في الأمر بدأ.

أوروبا وبريطانيا

وعلى صعيد ردود الفعل الدولية، دعا الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل طهران إلى تجنّب المزيد من التصعيد.

ودفع تصاعد التوتّر بين إيران والولايات المتحدة ببريطانيا إلى تعزيز أمنها في الشرق الأوسط، وطلبت من قواتها في المنطقة الاستعداد لهجمات انتقامية رداً على مقتل سليماني.

وأوضحت صحيفة "ديلي ميل" أن لندن أوعزت لـ 400 جندي يدربون قوات محلية بالتخلي عن مهامهم الحالية لحماية القوات والدبلوماسيين والأصول البريطانية، مشيرة الى أن الجنود البريطانيين سيتم تسليمهم أسلحة ثقيلة، وتم إبلاغهم بالانتقال من 8 قواعد صغيرة في العراق إلى مواقع كبيرة تحت سيطرة واشنطن، رغم وجود مخاطر من أن تكون عرضة لأهداف إيرانية.

وقال وزير الدفاع البريطاني بن والاس: "أصدرت توجيهات بالاستعدادات لعودة السفينتين الحربيتين الفرقاطة "إتش إم إس مونتروز"، والمدمرة "إتش إم إس ديفندر" لمواكبة السفن التجارية التي ترفع علم بريطانيا في "هرمز".

وأكد أن "الحكومة ستقوم بكل الخطوات اللازمة لحماية سفننا ومواطنينا في هذا الوقت". ورأى الوزير أن الضربة الأميركية جاءت بعد تعرّض قواتها لعدة هجمات من جانب ميليشيات موالية لإيران في العراق، بينما أكد وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب أن واشنطن تحرّكت دفاعا عن نفسها، مضيفا أن بلاده بدأت تحركات لخفض التوتر.

وكشفت وسائل إعلام بريطانية عن مرابطة غواصة تابعة للبحرية الملكية وتعمل بالطاقة النووية، متأهبة لاستهداف إيران بصواريخ "توماهوك"، في حال نشوب حرب في المنطقة.

ونقلت صحيفة "ذي صن" عن مصدر عسكري قوله إن القوات البريطانية لن تكون السبّاقة في توجيه الضربات، "لكن يتم اتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية، وهذا يعتمد على الكيفية التي سترد بها إيران على مقتل سليماني".

وأضاف: "إذا تدهورت الأمور بسرعة، فإن المملكة المتحدة ستقف جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة"، مؤكدا أن البحرية البريطانية تمتلك أكثر الغواصات تطورا وفتكا، "كما أن إحدى هذه الغواصات موجودة في نطاق إيران".

back to top