العراق: سفارة واشنطن بعهدة «المارينز» و«الحشد» يتراجع

القواعد الأميركية تتأهب وخامنئي يندد بضرباتها وفصائل تلوح بحصارها... وتوجه دبلوماسي لكردستان

نشر في 02-01-2020
آخر تحديث 02-01-2020 | 00:05
قوات أمن عراقية أمام مبنى السفارة الأميركية في بغداد أمس (ا ف ب)
قوات أمن عراقية أمام مبنى السفارة الأميركية في بغداد أمس (ا ف ب)
بعد يوم طويل من الحصار والاقتحام، تسلمت مشاة البحرية (المارينز) السفارة الأميركية في بغداد، في وقت خفف "الحشد الشعبي" حدة التوتر بمحيطها، وطالب عناصره وأنصاره بالابتعاد، في أوامر رفضتها كتائب "حزب الله"، التي نددت طهران بضربها من قبل واشنطن.
مع وصول عناصر من "المارينز" إلى مقر السفارة الأميركية، المحاصر من أنصار وعناصر "الحشد الشعبي" العراقي في بغداد بواسطة مروحية، أمرت قيادة هيئة "الحشد" أنصارها بالانسحاب من أمام المقر شديد التحصين في المنطقة الخضراء، بعد يوم من الاعتصام، لكن كتائب "حزب الله"، الموالية لإيران، رفضت المغادرة.

وبعد حصار السفارة وإحراق بواباتها وأحد أبراج حمايتها ورشقها بالحجارة، وسط غياب شبه تام للقوات النظامية العراقية، هبطت مروحية عسكرية أميركية داخل مجمع السفارة، ونقلت عناصر من "المارينز" للمساندة في حمايتها حال تعرضها للاقتحام، فيما حلَّقت طائرتا "أباتشي" فوق المنطقة الخضراء.

ودعا "الحشد"، في بيان إلى أنصاره، أمس، إلى "الانسحاب، احتراماً لقرار الحكومة العراقية، التي أمرت بذلك، وحفاظاً على هيبة الدولة"، مضيفاً أنه "يقول للجماهير الموجودة هناك إن رسالتكم وصلت". لكن مسؤولاً رفيعاً في "حزب الله"، الذي تعرض لضربات أميركية أودت بحياة 25 وإصابة 55 من عناصره، ردا على مقتل متعاقد مدني أميركي في قصف صاروخي على قاعدة مشتركة بكركوك يوم الجمعة الماضي، أكد رفضه الانسحاب والاستمرار في الاعتصام، للمطالبة بإغلاق المقر الدبلوماسي وطرد السفير وإنهاء الاتفاقية الأمنية وخروج القوات الأميركية من البلاد.

وأكد شهود أن "المئات من أنصار حزب الله قضوا داخل سرادق، ولا يزالون مرابطين، دون وقوع أي مصادمات مع القوات الأمنية العراقية".

ورغم الهجوم غير المسبوق على مقر السفارة شديد التحصين، أفاد الشهود بأن مواكب جديدة توافدت على ساحة الاعتصام، وسط انتشار أمني كبير، لمنع الاقتراب من سور السفارة، الذي امتلأ بالشعارات المنددة بالإدارة الأميركية.

وكان الرئيس العراقي برهم صالح وصف اقتحام حرم السفارة، بأنه تجاوز للسياقات والاتفاقات الدولية الملزمة للحكومة العراقية، واستهدافا لسيادة البلد، قبل أن يكون استهدافا لأي طرف آخر.

وعيد وهجرة

وفي وقت توعد أبوآلاء الولائي، الأمين العام لكتائب "سيد الشهداء"، بحصار كل معسكرات القوات الأميركية في العراق قريباً، دعت كتائب "حزب الله" في بيان، مجلس النواب إلى ضرورة إقرار قانون يطالب بإخراج القوات الأميركية المتورطة في سفك دماء العراقيين.

في هذه الأثناء، قال مصدر عراقي مسؤول إن "بعض السفارات تتجه إلى نقل أنشطتها إلى أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، بدلا من بغداد، على اعتبار أن المنطقة الخضراء لم تعد آمنة، ويمكن إعادة اقتحامها في أي وقت"، مبيناً أن "هناك مخاوف من إقدام الولايات المتحدة على خطوات تصعيدية أكبر".

وكشف مصدر عسكري عراقي، أن "عدة قواعد تستضيف قوات أميركية دخلت حالة تأهب، تحسباً لاعتداءات بعد الأحداث التي شهدتها السفارة".

تنديد خامنئي

وفي هذه الأثناء، ندد المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي بشدة بـ"الهجمات الأميركية" على فصائل "الحشد"، المتحالفة مع طهران، واتهم واشنطن بالمسؤولية عن العنف في العراق.

ونقل التلفزيون عن خامنئي، قوله: "الحكومة الإيرانية والأمة وأنا نندد بشدة بالهجمات". ورد خامنئي على اتهام الرئيس الأميركي دونالد ترامب لطهران بتدبير الاعتداء على المقر الدبلوماسي، قائلا عبر "تويتر": "يغرّد ذلك الشخص على (تويتر)، بأن إيران مذنبة! بداية أنتم تتفوهون بالهراء! لا دخل لإيران بهذا. ثانياً، ليكن الأميركيون منطقيين، وهم ليسوا كذلك. الشعوب في سورية والعراق وأفغانستان مستاءة من الأميركيين، وهذا الاستياء سوف يتجلّى في مكان ما".

وجاء ذلك بالتزامن مع تحذير المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيراني عباس موسوي واشنطن من "أي رد فعل سيئ أو سوء تقدير من المسؤولين الأميركيين". ونفى موسوي أي صلة لبلاده بالاعتداء على السفارة، داعيا "البيت الأبيض" إلى "إعادة التفكير في سياساته المدمرة بالمنطقة".

ترامب وبومبيو

وفي وقت سابق، استبعد الرئيس الأميركي نشوب حرب مع طهران، بعد اتهامه لها بتدبير الاعتداء، مؤكدا: "أنا أحب السلام".

وكان ترامب أكد أن "إيران ستتحمل المسؤولية الكاملة عن أي خسائر بالأرواح أو أضرار لحقت بمرافقنا"، وشاكراً للقادة العراقيين "استجابتهم السريعة" لحماية السفارة.

وتابع ترامب، من منتجع مارالاغو، حيث يقضي عطلته، "سيدفعون ثمناً باهظاً! هذا ليس تحذيراً، إنه تهديد. عام سعيد!".

ولاحقاً، قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إن الهجوم الذي استهدف السفارة كان من تدبير "إرهابيين مدعومين من إيران".

وأضاف بومبيو: "أولويتنا هي سلامة وأمن الموظفين الأميركيين. لقد تصرفت الولايات المتحدة بسرعة وحكمة وحزم، واتخذت تدابير أمنية إضافية للتصدي للتهديدات ضد الدبلوماسيين والمرافق الأميركية في بغداد".

ولفت بومبيو إلى أنه "لا ينبغي الخلط" بين الهجوم على السفارة الأميركية و"الجهود المشروعة للمتظاهرين العراقيين الذين كانوا في الشوارع منذ أكتوبر الماضي يعملون لمصلحة الشعب العراقي لإنهاء الفساد الذي يصدره إليه النظام الإيراني".

وكشف أن "أكثر من 100 من مشاة البحرية الأميركية توجهوا إلى السفارة، لضمان أن يكون لدينا الموارد المتاحة لمكافحة أي شيء يمكن أن يحدث فيها"، موضحاً أن "دورهم هناك هو الردع وحفظ الأمن".

تعزيزات وإدانة

في موازاة ذلك، أعلن وزير الدفاع الأميركي مارك اسبر، أن "البنتاغون" سترسل فوراً 750 جندياً إضافياً إلى الشرق الأوسط، "رداً على الأحداث الأخيرة في العراق".

وعلى صعيد ردود الفعل الدولية، أعلنت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي، أن فرنسا "تدين بشدة" الهجوم على السفارة الأميركية، معربة عن "تضامنها التام" مع الولايات المتحدة.

back to top