واشنطن تحصّن قواعدها بالعراق وتتوعد بـ «مزيد من الردع»

• ارتفاع قتلى الضربات الأميركية إلى 25 و«الحشد» يهدّد بـ«انتقام قاسٍ»
• البحرين تؤيد وموسكو تنفي إبلاغها... وإيران و«حزب الله» يندّدان

نشر في 31-12-2019
آخر تحديث 31-12-2019 | 00:05
بعد شنها ضربات على مواقع «حزب الله» العراقي رداً على مقتل متعاقد مدني أميركي في قصف صاروخي على قاعدة مشتركة قرب بغداد، لوحت الولايات المتحدة بإجراءات إضافية لردع إيران، في حين هدد «الحشد الشعبي» برد قاسٍ على تلك الضربات التي ارتفع عدد قتلاها إلى 25 أمس.
توعد وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر بالمزيد من الإجراءات الإضافية الضرورية لردع ما وصفه بـ"السلوك السيئ" من قبل مجموعات الميليشيات العراقية وإيران بعد شن القوات الأميركية ضربات على مواقع لـ"كتائب حزب الله العراقي"، في العراق وسورية رداً على مقتل متعاقد أميركي مدني في قصف صاروخي على قاعدة قرب بغداد الجمعة الماضية.

وقال اسبر، في تصريح مساء أمس الأول، عقب لقائه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إن "الضربات كانت ناجحة وعاد الطيارون والطائرات إلى القاعدة بأمان"، مشيراً إلى أن الطائرات قصفت خمسة أهداف، ثلاثة في غرب العراق واثنان في شرق سورية، لافتاً إلى أنها كانت إما منشآت قيادة وسيطرة أو مخازن أسلحة.

وشدد على أن الضربات التي شنت بطائرات "إف 15" جاءت لتأكيد "أننا سنتصرف في إطار دفاعنا عن النفس".

في موازاة ذلك، أوضح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن الولايات المتحدة شنت غارات جوية على خمس قواعد تستخدمها ميليشيات حزب الله العراقي المدعوم من إيران، والمنضوية ضمن فصائل "الحشد الشعبي"، رداً على الهجمات المتكررة ضد القواعد المشتركة لـ"قوات التحالف" الذي يحارب عناصر "داعش".

وقال بومبيو: "ما فعلناه كان القيام برد حاسم يجعل ما قاله الرئيس ترامب منذ شهور كثيرة واضحا، وهو أننا لن نقف مكتوفي الأيدي أمام ما تقوم به إيران من إجراءات تعرض الرجال والنساء الأميركيين للخطر".

وتابع: "لم يكن هذا أول هجوم على منشأة عراقية بعينها أو غيرها يعرض حياة أميركيين للخطر" في إشارة إلى القصف الذي شن بـ30 صاروخاً واستهدف قاعدة عسكرية في كركوك شمالي العراق وأدى إلى إصابة عدد من عناصر الخدمة الأميركيين وأفراد عراقيين.

في غضون ذلك، أفادت مصادر أمنية عراقية، أمس، بأن القوات الأميركية في محافظة نينوى بشمال العراق عززت إجراءات الأمن خلال الليل حيث حلقت مقاتلات لـ"التحالف" الذي تقوده واشنطن في محيط قواعدها العسكرية بالموصل والقيارة.

تهديد وغضب

في المقابل، حذر رئيس أركان هيئة "الحشد الشعبي" العراقية القيادي البارز، أبومهدي المهندس، من رد قوي على القوات الأميركية في العراق بعد الضربات التي تسببت بسقوط عشرات القتلى والجرحى.

وقال المهندس، ليل الأحد ـ الاثنين: "دماء الشهداء لن تذهب سدى وردنا سيكون قاسياً جداً".

ودانت قوى وتيارات وفصائل عراقية القصف الأميركي، حيث قال نائب رئيس البرلمان حسن الكعبي: "إن تكرار القصف الأميركي لمعسكرات الحشد خطة ممنهجة ومكشوفة لإضعاف القوات البطلة على الحدود".

وأكد أن "تكرار خرق السيادة العراقية من قبل أميركا وعدم الالتزام بالاتفاقية الأمنية المبرمة بين البلدين يضعان السلطات الثلاث أمام مسؤولية الوقوف بحزم واتخاذ القرارات المناسبة التي من شأنها الحفاظ على أرواح المواطنين".

وطالب "ائتلاف النصر" بزعامة حيدر العبادي الحكومة بـ"إلزام القوات الأميركية المتواجدة على الأراضي العراقية ببنود الاتفاقات الموقعة بين البلدين، وتأكيد أن اعتداءات كهذه ستضر بالأمن والاستقرار والعلاقات الثنائية".

وشدد على "ضرورة إلزام جميع الوحدات العسكرية العراقية بأوامر القيادة العامة وعدم جر البلاد لأتون الصراعات الإقليمية الدولية لصالح أي دولة"، في إشارة إلى إيران.

وأكد فصيل "عصائب أهل الحق" بزعامة قيس الخزعلي أن "الوجود العسكري الأميركي صار عبئاً على الدولة العراقية بل صار مصدراً لتهديد واعتداء على قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية، وأصبح لزاماً علينا جميعاً التصدي لإخراجه بكل الطرق المشروعة قبل أن يتمادى أكثر في تهديده لأمن واستقرار البلاد". ووصف حزب "الدعوة الاسلامية" بزعامة نوري المالكي الضربة الأميركي بأنها "انتهاك لسيادة العراق"، معرباً عن رفضه أن يكون العراق ساحة لتصفية الحسابات مع إيران.

ووصف تحالف "الفتح"، الضربات بأنها هجوم على السيادة والكرامة الوطنية.

وجاءت الضربات الجوية في وقت مضطرب يشهد احتجاجات غير مسبوقة بالعراق وفراغا دستوريا وسط نزاع بين كتلة "الفتح" البرلمانية، الشديدة الصلة بطهران، وكتلة "سائرون" التي يرعاها رجل الدين البارز مقتدى الصدر حول تسمية شخصية مستقلة لخلافة رئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي.

ارتفاع القتلى

من جانب آخر، ارتفع عدد قتلى الضربات وذكر بيان رسمي من "الحشد الشعبي" أن "حصيلة الاعتداء الغاشم على مقرات اللواءين 45 و46 بلغت 25 شهيداً و51 جريحاً".

وأشار إلى احتمال زيادة عدد القتلى "نظراً لوجود جرحى في حالة حرجة وإصابات بليغة".

من جانبه، دعا رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، إلى ضرورة ضبط النفس والالتزام بتوفير الحماية للبعثات الدبلوماسية وقوات التحالف الدولي التي تتواجد على الأراضي العراقية.

تأييد وتنديد

وعلى صعيد ردود الفعل الدولية، أعربت مملكة البحرين عن تأييدها للقصف الأميركي، لافتة، وفقا لما نقلته وكالة أنباء البحرين (بنا) إلى أن الضربات تأتي "رداً على الأعمال الإجرامية المتكررة التي تقوم بها الكتائب الإرهابية".

وأشادت بـ"الدور الاستراتيجي المهم الذي تقوم به الولايات المتحدة في التصدي للجماعات الإرهابية في المنطقة".

في المقابل، حذر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي، واشنطن من عواقب الضربات "غير القانونية".

وندد موسوي بالضربات وقال: "لقد أظهرت الولايات المتحدة بشكل علني دعمها للإرهاب وأظهرت إهمالها لاستقلال الدول وسيادتها الوطنية".

ودان "حزب الله" اللبناني بشدة الغارات، وأعرب عن استنكاره لما وصفه بـ"عدوان أميركي وحشي وغادر".

وفي موسكو، نفى المتحدث باسم الرئاسة الروسية "الكرملين" دميتري بيسكوف، أن تكون الولايات المتحدة قد أبلغت بلاده بقصف مواقع "حزب الله" في العراق وسورية.

مقتل «مهندس الإمداد» الإيراني

أفادت صفحة "الحشد الشعبي" على "فيسبوك" بأن الغارات الأميركية التي استهدفت مواقع لميليشيات "حزب الله" العراقي، مساء أمس الأول، أدت إلى مقتل آمر الفوج الأول في اللواء 45 بالقائم أبوعلي الخزعلي الذي يعرف بأنه مهندس تأمين خطوط الإمداد الإيراني بين العراق وسورية.

وأبوعلي هو الاسم الحركي للقيادي مرتضى جبار غيلان الذي يعد من أبرز المقربين لقائد "فيلق القدس" الإيراني قاسم سليماني، وللقيادي البارز في "الحشد" ومؤسس ميليشيا "حزب الله العراقي"، أبو مهدي المهندس.

ويتهم الخزعلي بأنه أدى دوراً بارزاً في عمليات تهجير السنة من غربي العراق ومناطق جرف الصخر شمال غرب بغداد خلال المعارك ضد تنظيم "داعش".

وحظي الراحل بعلاقات وثيقة مع "ميليشيات بدر"، و"الخراساني"، و"عصائب أهل الحق" في العراق.

«سائرون» يرد على اتهامات«حلب الدولة»

رد تحالف "سائرون"، الذي يرعاه رجل الدين البارز مقتدى الصدر، على رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، بشأن اتهام التحالف بـ"حلب الدولة".

وذكر "سائرون"، في بيان أمس: "استمعنا لتصريحات العبادي المؤسفة وغير المسؤولة، بخصوص تشكيل الحكومة الجديدة، واتهامنا بما لا يليق به".

وأضاف أن "ما ذكره العبادي مجانب للواقع وبعيد عن الصواب، ومحاولة منه لتضليل الرأي العام لتزييف الحقائق، وقد بان على الرجل أنه يعيش عقدة خسارة منصب رئيس مجلس الوزراء، مما انعكس على طريقة حديثه".

وتابع البيان: "كنا ننتظر من العبادي أن يحدثنا عن الخمس عشرة سنة الماضية من عمر الوطن، وما هي الجهة التي حلبت الدولة وتغوّلت في جميع مفاصلها، وكانت سببا في تفشي الفساد والفقر وانعدام الخدمات رغم الموازنات الانفجارية حتى وصل العراق إلى حافة الهاوية، إن لم يكن قد وقع فيها".

وجاء ذلك بعد أن قال العبادي، أمس الأول، إن "سائرون حلب الحكومة أكثر مما ساندها، وكان له دور أساسي في اختيار الوزراء"، متهماً التحالف الذي يسعى لتكليف رئيس وزارء مستقل خلافاً للمستقيل عادل عبدالمهدي بأنه "لا يريد المحاصصة في الحكومة لكنه يريدها في الدولة".

والعام الماضي، كان العبادي على مقربة من الظفر بولاية ثانية لرئاسة الحكومة، لكن سحب الصدر الدعم عنه حال دون ذلك.

back to top