مصر تعترض «أممياً» على اتفاق «السراج - إردوغان»

• أنقرة: مستعدون لدعم طرابلس عسكرياً في أي لحظة • «الكونغرس» يرفع حظر السلاح عن قبرص

نشر في 19-12-2019
آخر تحديث 19-12-2019 | 00:05
شاب يحمل علم اليونان في اكتوبر الماضي خلال احتفال باستقلال قبرص عن بريطانيا قبل 57 عاماً (أ ف ب)
شاب يحمل علم اليونان في اكتوبر الماضي خلال احتفال باستقلال قبرص عن بريطانيا قبل 57 عاماً (أ ف ب)
نقلت مصر معركتها الدبلوماسية والإعلامية مع تركيا حول المسألة الليبية إلى الأروقة الأممية برسالة رسمية إلى مجلس الأمن تطلب فيها توثيق عدم مشروعية الاتفاقيتين الموقّعتين بين أنقرة وطرابلس للتعاون الأمني والعسكري وترسيم الحدود البحرية.
مع إصرار تركيا على التدخل العسكري في ليبيا، وجّه مندوب مصر الدائم في الأمم المتحدة، السفير محمد إدريس، أمس الأول، رسالة إلى رئيسة مجلس الأمن الأميركية، كلي كرافت، اعتبر فيها أن مذكرتي التعاون الأمني والعسكري وترسيم الحدود البحرية الموقعتين بإسطنبول في 27 نوفمبر بحضور الرئيس رجب طيب إردوغان ورئيس حكومة الوفاق فايز السراج خرق لاتفاق الصخيرات الموقّع في 17 ديسمبر 2015، بين الأطراف الليبية".

واستند الرفض المصري للاتفاق الأمني والعسكري إلى أنه يسمح بتصدير السلاح من تركيا إلى حكومة السراج، بما يخالف اتفاقية الصخيرات التي تمنع تقديم الدعم العسكري للأطراف الليبية قبل التوصل إلى حل دائم للأزمة. كما أشارت الرسالة إلى أن الاتفاق ينتهك قرارات مجلس الأمن بشأن ليبيا، وخاصة القرار 1970 لعام 2011، ويسمح بنقل الأسلحة إلى ميليشيات الغرب الليبي.

أما الاتفاق الثاني المتعلّق بترسيم الحدود البحرية، فاستند الاحتجاج المصري إلى تجاوز السراج لصلاحياته وفق "الصخيرات"، حيث لا يمكنه توقيع معاهدات إلا بموافقة البرلمان، الذي يرفض المذكرة، بل يعتبر أن حكومته صارت غير شرعية بعد انتهاء مدة صلاحيتها دون إجراء انتخابات جديدة.

وطالبت مصر، في الرسالة، الأمم المتحدة بعدم الاعتراف بتبعات التحديد البحري بين أنقرة وطرابلس، مشددة بكل وضوح على رفضها وعدم اعترافها بمذكرتي التفاهم، اللتين نصتا على تحديد الصلاحيات في البحر المتوسط وطبيعة التعاون العسكري.

وفي ظل مساعي القاهرة لبناء موقف دولي متماسك يرفض التدخل التركي في ليبيا، ويتبنى حلاً شاملاً يتم قبل مؤتمر برلين، تصدّر الملف الليبي محادثات مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، في القاهرة التي يوجد فيها حالياً في زيارة تستمر حتى غد الجمعة.

السيسي وإردوغان

وغداة تأكيد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أن لن يسمح لأحد بالسيطرة على ليبيا، ولن يتخلى عن "الجيش الوطني" بقيادة المشير خليفة حفتر، تعهّد نظيره التركي رجب طيب إردوغان، أمس، بتسريع وتعزيز التعاون مع حكومة طرابلس برئاسة السراج واستعداده لتقديم الدعم العسكري لها في أي لحظة.

وخلال اتصال هاتفي، بحث الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي التصعيد العسكري في ليبيا، وأعربا عن استعدادهما للمساعدة في إقامة اتصالات بين الأطراف المتنازعة، ودعمهما لوساطة الأمم المتحدة وألمانيا لوقف النزاع المسلح واستئناف الحوار السلمي.

وأكد إردوغان أن تركيا تلقّت الدعوة للمشاركة في مؤتمر ليبيا الدولي في برلين في يناير المقبل، مؤكدا أنه سيتخذ قرار تلبية الدعوة بناء على المشاركين فيه.

ولاحقاً، بحث السيسي مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون «التدخلات الخارجية في ليبيا والحد من تداعياتها السلبية، وتوافقا على ضرورة تكثيف الجهود المشتركة من أجل التوصل لحل سياسي يحقق الاستقرار والأمن ويكافح الجماعات الإرهابية، ويستعيد مفهوم الدولة».

بدورها، أعربت الخارجية الروسية عن استغرابها الشديد من عمل الكونغرس على إعداد تشريع يقضي بفرض عقوبات على روسيا بسبب ما وصف بـ «تدخلها في ليبيا»، مؤكدة أن هذا الإجراء «عدواني».

وساطة أوروبية

إلى ذلك، اقترح وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو، أمس، تشكيل بعثة وساطة أوروبية إلى ليبيا لوقف الاقتتال الدائر هناك بمشاركة الممثل السامي الجديد للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، مشددا على أنه "لا يوجد سوى حل دبلوماسي للأزمة".

وأكد مايو، للتلفزيون الإيطالي، أن لقاءاته السريعة أمس الأول مع السراج في طرابلس وحفتر في بنغازي ورئيس البرلمان عقيلة صالح في طبرق "مثمرة ومهمة"، مبينا أنه في إطار جهوده الدبلوماسية سيواصل مشاوراته و"سيحيط البرلمان بنتائجها".

وأوضح مايو أن إيطاليا تسعى إلى استعادة دورها الطبيعي بوصفها المحاور الرئيس والصديق الدائم للشعب الليبي، معلنا تسمية مبعوث خاص لليبيا يتبع وزارة الخارجية كي يمكن "إقامة علاقة سياسية رفيعة المستوى ومتصلة ومكثفة مع جميع الأطراف الليبية".

تحدٍّ أميركي

وفي خطوة تنطوي على تحدٍّ لتركيا وسط التوتر المتصاعد بينهما وبين واشنطن، أقرّ "الكونغرس" الأميركي، أمس الأول، رفع الحظر المفروض منذ عقود على تزويد قبرص بالأسلحة.

ووافق مجلس الشيوخ على القرار كبند من ميزانية الدفاع الهائلة، التي أقرت بـ86 صوتاً مقابل 8 أصوات، بعد أن كانت قد حظيت بموافقة مجلس النواب أيضاً.

وقاد جهود رفع حظر الأسلحة، الذي فرضته واشنطن على الجزيرة بأكملها عام 1987، بهدف منع حصول سباق تسلّح فيها وتشجيع الغالبية اليونانية والأقلية التركية على التوصل إلى تسوية سلمية، السيناتوران الديمقراطي روبرت ميندينيز والجمهوري ماركو روبيو، اللذان قالا إنّهما يريدان أيضاً تشجيع التعاون المتنامي بين قبرص واليونان وإسرائيل.

وفي حين أحرز القبارصة اليونانيون والأتراك في الجزيرة المنقسمة تقدّماً على صعيد تحسين العلاقات بينهما، تصاعد التوتر بعد توقيع تركيا وليبيا مذكرة تفاهم حول احتياطيات غاز مكتشفة حديثا في شرق المتوسط تقف حائلاً أمام مطالب اليونان وجمهورية قبرص المعترف بها دوليا في هذه المنطقة.

وعلى الفور حذّرت وزارة الخارجية التركية من أن التحرّك الأميركي سيشكّل "تصعيداً خطيراً"، معتبرة أن تصويت "الكونغرس" "لن تكون له نتائج سوى عرقلة الجهود الرامية لتسوية النزاع في الجزيرة".

وتعهّدت وزارة الخارجية بالرد على "المبادرات المناهضة لتركيا" قائلة إن "لغة التهديد والعقوبات لن تثنيها قط عن اتخاذ خطوات حازمة للمحافظة على أمنها القومي". وقبيل عيد الميلاد (الكريسماس)، توجهت وزيرة الدفاع الألمانية أنيغريت - كرامب كارنباور أمس إلى قبرص لتتفقد قواتها المنتشرة في الجزيرة ضمن مهمة الأمم المتحدة (يونيفيل)، التي تدعم الحكومة اللبنانية في تأمين الحدود البحرية والحيلولة دون تهريب الأسلحة عبر البحر.

السيسي وجونسون يبحثان التدخل الخارجي في ليبيا
back to top