«التمييز»: القضاء العادي مختص بمنازعات الاحتراف الرياضي... وقانون 2017 لم يحظر نظرها

• المحكمة أكدت أن اختصاص هيئة التحكيم الرياضي لا يمنع من نظرها للمنازعة
• إلزام نادي النصر دفع 17 ألف دينار لأحد اللاعبين للاحتراف الجزئي

نشر في 05-11-2019
آخر تحديث 05-11-2019 | 00:05
مبنى الهيئة العامة للشباب والرياضة وفي إطار الصورة المستشار فؤاد الزويد
مبنى الهيئة العامة للشباب والرياضة وفي إطار الصورة المستشار فؤاد الزويد
أكدت «التمييز» أن قانون الرياضة الصادر عام 2017 لم يسلب القضاء العادي الاختصاص بنظر المنازعات التي تخص الاحتراف الرياضي، في حين رفضت الطعن المقام من نادي النصر الرياضي وألزمته دفع 17 ألف دينار لمصلحة أحد اللاعبين.
في حكم قضائي بارز أكدت محكمة التمييز المدنية برئاسة المستشار فؤاد الزويد اختصاص القضاء الرياضي بنظر المنازعات التي تخص الاحتراف الرياضي، وأن قانون الرياضة الصادر عام 2017 لم يسلب القضاء العادي الاختصاص بنظر هذا النوع من القضايا.

وأكدت «التمييز»، في حيثيات حكمها، الذي رفضت فيه الطعن المقام من نادي النصر الرياضي وإلزامه دفع مبلغ 17 ألف دينار لمصلحة أحد اللاعبين الذي وكل المحامي مطلق الجدعي، أن قانون الرياضة الذي قرر إنشاء هيئة التحكيم الرياضي التي تتولى تسوية المنازعات الرياضية في الدولة، والتي يكون أحد أطرافها أيا من الهيئات الرياضية أو أعضائها أو منتسبيها، لم يرد بين نصوصه ما يشير إلى أن هيئة التحكيم الرياضية المشار إليها هي المختصة دون غيرها بنظر هذه المنازعات، ومن ثم يكون القانون رقم 77 لسنة 2017 بهذه المثابة لم يسلب الاختصاص بنظر المنازعة موضوع الدعوى الراهنة من ولاية المحاكم العادية.

تحكيم

ورداً على الطعن المقام من نادي النصر الرياضي، أشارت المحكمة في حيثيات حكمها، إلى أن اللاعب الذي حصل على تعويضات للاحتراف لم يسدد الرسوم القانونية نتيجة تعديل طلباته أمام محكمة الاستئناف، بأن القانون لم يرتب البطلان كجزاء لعدم سداد الرسوم القضائية.

وشددت على أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن القاضي مطالب أساسا بالرجوع الى نص القانون ذاته وإعماله على واقعة الدعوى في حدود عبارة النص، فإذا كانت واضحة الدلالة فلا يجوز الاخذ بما يخالفها أو يقيدها لما في ذلك من استحداث لحكم مغاير لمراد المشرع عن طريق التأويل.

ولفتت إلى أن النص في المادة 44 من القانون رقم 87 لسنة 2017 بشأن الرياضة، أن تنشأ هيئة تحكيم رياضي مستقلة ذات شخصية اعتبارية تسمى الهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي تتولى تسوية المنازعات الرياضية في الدولة، والتي يكون أحد أطرافها أيا من الهيئات الرياضية أو أعضائها أو منتسبيها، وذلك من خلال الوساطة او التوفيق او التحكيم، كما نصت المادة 68 من ذات القانون على أن يلغي كل من المرسوم بقانون رقم 42 لسنة 1978، وكل من التعديلات التي أجريت عليه، والقانون رقم 49 لسنة 2005، كما يلغي كل حكم ورد في أي قانون سار آخر يخالف أو يتعارض مع أحكام هذا القانون.

وقالت المحكمة، إنه لما كان ذلك، ولئن كانت المنازعات الرياضية وفقاً للقانون رقم 42 لسنة 1978 في شأن الهيئات الرياضية وتعديلاته تدخل في اختصاص دائرة خاصة تختص دون غيرها بالفصل في المنازعات ذات الصلة بالنشاط الرياضي والقوانين الرياضية وتستأنف أحكامها أمام دائرة خاصة تشكل لهذا الغرض بمحكمة الاستئناف، إلا أن هذا القانون قد أُلغي بموجب القانون رقم 87 لسنة 2017 بشأن الرياضة منذ العمل بأحكامه في تاريخ 4/12/2017 والذي أدرك الدعوى أثناء نظرها أمام محكمة التمييز.

الهيئات

وبينت المحكمة أنه لما كان هذا القانون الأخير قد نصّ على أن الهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي هي التي تتولى تسوية المنازعات الرياضية في الدولة والتي يكون أحد أطرافها أياً من الهيئات الرياضية أو أعضائها أو منتسبيها لكن لم يرد بين نصوصه ما يشير إلى أن هيئة التحكيم الرياضية المشار إليها سلفاً هي المختصة دون غيرها بنظر هذه المنازعات، ومن ثم فإن القانون رقم 87 لسنة 2017 سالف البيان بهذه المثابة لم يسلب الاختصاص بنظر المنازعة موضوع الدعوى الراهنة من ولاية المحاكم العادية، وترتيباً على ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ مضي في نظر هذه الدعوى والفصل في موضوعها فيها فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويضحى النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.

وقالت المحكمة، إن نادي النصر يقول في الدعوى المبتدأة أقيمت من المطعون ضده الأول بطلب ندب خبير ثم قام بتعديل طلباته أمام محكمة الاستئناف إلى طلب الحكم بإلزام الطاعن بصفته بمبلغ 19220 ديناراً (تسعة عشر ألفاً ومائتان وعشرون ديناراً) مما كان يتعين أن تتقيد المحكمة المطعون في حكمها بالطلبات الختامية دون غيرها وبحث سداد الرسوم المستحقة إلا أن الحكوم المطعون فيه لم يقض باستبعاد الدعوى من الرول لعدم سداد الرسوم المقررة وفقاً للقانون رقم 17 لسنة 1973 في شأن الرسوم القضائية بما يعيبه ويستوجب تمييزه.

ولفتت المحكمة إلى أن هذا النعي غير سديد ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المخالفة المالية في القيام بعمل إجرائي لا يترتب عليها بطلان هذا العمل ما لم ينص القانون على البطلان وأن المادة 22 من القانون رقم 17 لسنة 1973 في شأن الرسوم القضائية لم ترتب البطلان جزاء عدم الوفاء بالرسم المستحق مقدماً.

طلبات

وأوضحت أن المطالبة القضائية هي إجراء يوجه إلى المحكمة في مواجهة المدعي عليه ويتحدد بها نطاق الدعوى وتدور الخصومة فيها وأن طلب الحكم بندب خبير تمهيداً للإلزام بما يسفر عنه التقرير يتسع للقول، إن المدعي قد طلب فعلاً الحكم بما يسفر عنه تقرير الخبرة.

وأنه لا يعتبر طلباً جديداً ما يندرج في مضمون الطلب الأصلي السابق إبداؤه أمام محكمة أول درجة أو ما يقصد به بيان هذا الطلب أو تصحيحه دون أن يغايره في عناصره أو ما يقصد به النتائج القانونية للطلب الأصلي، أو ما يرد بعبارة أخرى غير تلك التي ذكر بها أمام محكمة الدرجة الأولى إذ العبرة في الطلب بحقيقته ومرماه لا بالألفاظ التي صيغ بها.

الرسوم

وأشارت المحكمة إلى أنه ولما كانت طلبات المطعون ضده الأول اللاعب في صحيفة الدعوى المبتدأة هي الحكم له بندب خبير لبيان المبالغ التي تخصم منه شهرياً وسندها وحساب الرواتب المتأخرة المستحقة له وإلزام الطاعن بصفته بسدادها له، ومن ثم فإن هذه الطلبات لم تقف عند حد طلب ندب خبير وإنما اشتملت على طلب موضوعي بطلب الحكم بالمبالغ التي ينتهي إليه تقرير الخبير المندوب في الدعوى، وترتيباً على ذلك، فإن تحديد المطعون ضده الأول لطلباته الختامية أمام محكمة الاستئناف بأداء المبالغ التي أسفر عنها هذا التقرير لا يعد تعديلاً منه لطلباته الأصلية وإذ التزم الحكم فيه هذا النظر ومضي في نظر موضوع الدعوى رغم عدم سداد الرسوم المقررة، فإنه لا يكون قد خالف القانون باعتبار أن المشرع لم يترتب البطلان جزاء عدم الوفاء بالرسم المستحق مقدماً ومن ثم يضحي النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.

تقرير الخبرة

وقالت المحكمة ان الحكم المطعون فيه الصادر من محكمة الاستئناف اقام قضاءه بالزام الطاعن، نادي النصر الرياضي بصفته، بأن يؤدي للمطعون ضده الاول مبلغ 17100 دينار على ما استخلصه واطمأن اليه من تقرير الخبير المندوب فيها لسلامة ابحاثه بأن ذمة الطاعن، بصفته، مشغولة لصالح المطعون ضده الاول بالمبالغ السالفة، والتي تتمثل في مبلغ 8400 دينار عن عدد 21 راتبا لم يتم صرفها من قبل الطاعن بصفته عن الفترة من 1/4/2007 الى تاريخ 30/6/2014، اضافة الى مبلغ 8700 دينار مستحقة للمطعون ضده الأول عن قيمة ما تم خصمه لصندوق اللاعبين في الفترة من 1/4/2007 إلى تاريخ 30/6/2014 بواقع مئة دينار شهريا عن الرواتب المصروفة للمطعون ضده الأول وغير المصروفة له.

وأضافت المحكمة أنه ولما كان هذا الذي خلص اليه الحكم المطعون فيه سائغا وله أصله الثابت بالأوراق وكافيا لحمل قضائه ويتضمن الرد الضمني المسقط لما اثاره الطاعن بصفته من دفاع على خلافه، فإن النعي عليه في هذا الخصوص ينحل إلى جدل في سلطة محكمة الموضوع التقديرية، مما لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة ولا ينال من ذلك تحدي الطاعن بصفته بأن الهيئة العامة للشباب والرياضة لم تصرف له رواتب للاعبين، اذ انها وشأنها مع تلك الهيئة، ومن ثم فإن النعي عليه بهذا السبب غير مقبول.

تفويض هيئة الرياضة بضوابط الاحتراف

أكدت المحكمة في حيثيات حكمها أنه إذا كان قرار السلطة التنفيذية المستمد من تفويض القانون من قبيل القرارات الإدارية فإنه ينبغي ان تكون القواعد والضوابط التي ينظمها في حدود نطاق التفويض ولا يجوز للقرار ان يتناول نصوص القانون الصادر تنفيذا له بالنسخ او التعديل او ان يزيد عليها شيئا فإذا خرج القرار عن نطاق التفويض يكون للقضاء العادي الا يعتد به في مقام تطبيق القانون الذي صدر تنفيذا له.

ولفتت الى ان الثابت من نصوص القانون رقم 49 لسنة 2005 بشان تنظيم الاحتراف في المجال الرياضي، المنطبق على واقعة التداعي، ان المشرع قد فوض رئيس مجلس ادارة الهيئة العامة للشباب والرياضة المدير العام في إصدار اللائحة الخاصة بانتقالات اللاعبين وأن تتضمن تلك اللائحة شروط وقواعد انتقالات اللاعبين والمدد التي يحق بعدها للاعب الانتقال من ناديه والحقوق المالية المترتبة على الانتقال سواء لناديه الاصلي او للاعب دون ان يفوضه في خصم اية مبالغ خاصة برواتب اللاعبين وإذا أصدرت الهيئة السالفة (المطعون ضده الثاني بصفته) في الطعن رقم 28 لسنة 2017 مدني تنفيذا لأحكام هذا القانون التعميم رقم 547 لسنة 2007، والذي تضمن في بنده الخامس النص على ان اللاعبين الذين يتقاضون راتبا شهريا مقداره 500 دينار يصرف منها للاعب مبلغ 400 ويخصص الفرق لحساب خاص يتم فتحه من قبل النادي باسم حساب المكافآت التشجيعية وتحفيز اللاعبين، مما يكون معه مصدر هذا التعميم قد تجاوز حدود التفويض، وفقا لنص المادة 3 من القانون السالف، بأن أضاف حكماً جديداً لم يتطرق له المشرع في القانون، ولا يتسع له هذا التفويض، ومن ثم فإن للقضاء العادي في مقام تطبيق القانون رقم 49 لسنة 2005 عدم الاعتداد به، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى احقية المطعون ضده الاول في المبالغ المقضي بها دون ان يعتد بالتعميم رقم 547 لسنة 2007 فانه لا يكون قد خالف القانون ويضحى النعي عليه في هذا الخصوص على غير اساس.

عدم سداد رسوم الدعوى لا يرتب جزاء عليها أو بطلانها من قبل المحكمة

يجوز تعديل الطلبات أمام «الاستئناف» طالما كان الطلب الأساسي ندب الخبير
back to top