الحريري يستقيل: «ما في حدا أكبر من بلدو»

• احتفالات بالشارع بعد ساعات من هجوم «أمل» و«حزب الله» على متظاهري وسط بيروت
• جعجع: الخطوة الثانية حكومة اختصاصيين مستقلين
• جنبلاط يدعو إلى الحوار والهدوء

نشر في 30-10-2019
آخر تحديث 30-10-2019 | 00:05
استجاب رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، أمس، لمطالب المحتجين الموجودين في الشوارع منذ 13 يوماً، وأعلن استقالة حكومته، في خطوة تفتح المشهد السياسي على سيناريوهات متنوعة.
في اليوم الثالث عشر من انتفاضة اللبنانيين ضد السلطة، أعلن رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري استقالته من رئاسة الحكومة.

وقال في كلمة من بيت الوسط أمس: «حاولت إيجاد مخرج نستمع من خلاله الى صوت الناس ولحماية البلد من المخاطر الأمنية والاقتصادية والمعيشية، واليوم وصلت الى طريق مسدود، ويجب أن تكون هناك صدمة كبيرة لمواجهة الأزمة»، مضيفا: «سأتوجه الى قصر بعبدا لتقديم استقالتي الى الرئيس عون».

وتابع الحريري: «أتوجه الى الجميع لتقديم مصلحة لبنان وسلامته، ومنع التدهور الاقتصادي على أي أمر آخر، وأقول للشركاء في الحياة السياسية إن مسؤوليتنا اليوم هي كيفية حماية لبنان وكيفية النهوض بالاقتصاد، وهناك فرصة جدية لا يجب إضاعتها».

وقال: «أضع استقالتي بتصرف رئيس الجمهورية، والمناصب بتروح وبتيجي، والمهم كرامة وسلامة البلد، وما في حدا أكبر من بلدو».

ونشر الحريري كلامه عبر حسابه الرسمي على «تويتر» مرفقا بهاشتاغ: #لبنان_ أولاً، و#لبنان_ينتفض.

وفور إعلان الحريري استقالته، عمت الاحتفالات المناطق اللبنانية التي يوجد فيها المتظاهرون. ومن الشمال الى الجنوب، وصولا الى البقاع، ومرورا بوسط العاصمة، أعرب المتظاهرون الموجودون في الطرق والساحات، عن فرحهم بما تحقق، معتبرين أنه أول إنجاز للثورة.

جنبلاط

وفي أول تعليق سياسي على خطوة الحريري، غرّد رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط في حسابه على «تويتر»، أمس، قائلا: «منذ اللحظة الأولى دعوت الى الحوار، وعندما رفضت الاستقالة ساد موقف من التململ والانزعاج في صفوف الحزب الاشتراكي. وتحملت الكثير. لكن في هذه اللحظة المصيرية، وبعد إعلان الشيخ سعد الحريري استقالة الحكومة، بعد أن حاول جاهدا الوصول الى تسوية وحاولنا معه، فإنني أدعو مجددا إلى الحوار والهدوء».

جعجع

واعتبر رئيس حزب «القوات اللبنانية» ​سمير جعجع​ أنه «حسنا فعل رئيس ​الحكومة​ ​سعد الحريري​ بتقديم استقالته والحكومة تجاوبا مع المطلب الشعبي العارم بذلك»، مشيرا إلى أن «المهمّ الآن الذهاب نحو الخطوة الثانية والأساسية والفعلية المطلوبة للخروج من أزمتنا الحالية، ألا وهي تشكيل حكومة جديدة من اختصاصيين مشهود لهم بنظافة أكفّهم واستقامتهم ونجاحهم، والأهم اختصاصيين مستقلين تماما عن القوى السياسية».

وفي تصريح له، دعا جعجع المؤسسات الأمنية المعنية إلى «الحفاظ على سلامة المتظاهرين حيثما وجدوا في لبنان بعد الاعتداءات الشنيعة التي تعرضوا لها اليوم (أمس) في ​وسط بيروت​«.

كما هنأ النائب شامل روكز الرئيس الحريري على «خطوته الجريئة بالاستقالة ولو جاءت متأخرة»، وأضاف: «أوافق معه إنو ما حدا أكبر من بلده، وآمل أن تكون الوقفة النوعية بداية لحلحلة الوضع».

وأكد روكز في حديث تلفزيوني، أمس، أن «الرئيس عون عزيز عليه صوت الناس، ومؤسف ومعيب ما حصل اليوم، وأدعو الجيش الى ضبط الشارع».

وأضاف «ما حصل اليوم في الشارع لا يتوجّه الى الحريري، وأشدّ على يده وأعرف معاناته خلال هذه الفترة»، مشددا على أن «صوت الشعب مقدس، وعلى المسؤولين السياسيين الاستماع الى صوت الناس».

حرق الخيم

وقبل كلمة الحريري بساعات، تجمّع عدد كبير من المعترضين من سكان خندق الغميق (ذات الأغلبية الشيعية الموالية لـ «حزب الله» وحركة «أمل») بحضور وسائل الإعلام لفتح الطريق عند جسر «الرينغ»، في حين ردد المعتصمون شعار «سلمية سلمية»، في إشارة منهم إلى رفضهم مبدأ العنف الذي يحاول البعض اعتماده لفتح الطريق، مؤكدين أن الطرق الفرعية سالكة في العاصمة، ومن يريد الوصول الى عمله فيمكنه ذلك بسهولة.

وارتفع عدد المعترضين المحتشدين في محاولة منهم لفتح الطريق بالقوة، واستقدمت القوى الأمنية تعزيزات الى الرينغ، في محاولة منها لفض الاعتصام، وقد أطلقت هتافات مؤيّدة لرئيس مجلس النواب نبيه برّي والأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله. وحاول مناصرو الثنائي الشيعي، فتح الطريق بالقوة، وحصل تضارب بالحجارة والعصي، أسفر عن إصابة ستة أشخاص، عمل الصليب الأحمر على إسعافهم.

ومن الرينغ، انتقل الحزبيون الى ساحة رياض الصلح وساحة الشهداء، حيث أقدموا على تحطيم خيم المتظاهرين. وعمدوا إلى تكسير الموجودات في الساحتين، مطلقين العديد من الهتافات المؤيدة لنصرالله وبري، ومرتدين قمصانا سودا، ومعتدين على المتظاهرين وكل من وجدوه في المكان، ولم يسلم منهم حتى النساء. وقد أضرموا النار في مجسم اليد التي تمثّل الثورة. كما تعرّض الحزبيون لفريق قناة الـ «إم. تي. في»، عند جسر الرينغ، موجهين اليه كلمات نابية وتم الاعتداء على المصور ايلي راشد الذي كسرت يده ونقل الى المستشفى.

قطع طرقات

وواصل المتظاهرون أمس قطع الطرق، عبر تعزيز العوائق وركن السيارات وسط الطرق الرئيسية، احتجاجاً على الوضع المعيشي والفساد المستشري، وللمطالبة برحيل الطبقة السياسية.

وعلى رغم النداءات التي وجّهها المسؤولون السياسيون لفتح الطرق، فإن المحتجّين يعمدون إلى إبقائها مقطوعة، لا سيما الطريق السريع الرئيسي الذي يربط الشمال بالجنوب، وذلك لممارسة أقصى ضغط ممكن على السلطة السياسية.

وكما في كل يوم، بدت الطرقات الرئيسية مقطوعة في وقت شهدت الطريق الساحلية الداخلية الموازية للأوتوستراد زحمة سير خانقة بين جونيه وبيروت.

تيمور

من جانبه، غرّد رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط عبر حسابه على «تويتر»، أمس، قائلا: «الاعتداء على المتظاهرين والاعتصام في ساحتي الشهداء ورياض الصلح، مرفوض ومُدان بالكامل، وعلى القوى الأمنية حماية المتظاهرين وحقهم بالتعبير عن الرأي. الحياد في هذه اللحظة مشبوه ضد حقوق الناس».

كما غرد رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل، أمس، قائلا: «ها هو الراعي الرسمي للحكومة يستخدم الوسائل التي يبرع بها من تكسير وترهيب وبلطجة بوجه أرقى انتفاضة شهدها لبنان في تاريخه... إنما إرادة الشعب اللبناني ستبقى الأقوى».

جبق

وأعلن وزير الصحة جميل جبق، أن «الواقع الاستشفائي في خطر نتيجة قطع الطرقات، الأمر الذي قد يؤدي إلى كارثة اجتماعية طبية، في حال استمر الوضع». وأشار في مؤتمر صحافي، أمس، إلى أن «مناشدات تصل إلى وزارة الصحة لإيجاد آلية لتوصيل المازوت والأوكسجين إلى المستشفيات، ومن المعروف أنّ نقل الأوكسجين من منطقة إلى أخرى يجب أن يتمّ بشروط محددة».

وأوضح جبق أنّ «تخليص الأدوية من الجمارك في المطار لا يتمّ، لأنّ التواصل صعب، وهذه مشكلة»، كاشفا أنّه «يحصل تكسير لسيارات تنقل أدوية من مستودعات في بيروت إلى مناطق نائية، كما أن موظفي المستشفيات لا يتمكنون من الوصول إلى عملهم».

وقال جبق إن «خوّات (إتاوة) يتم طلبها من الأطباء من أجل المرور للذهاب إلى مراكز عملهم، تتراوح بين الـ 5 آلاف ليرة والـ 50 دولارا».

تظاهرة أمام منزل شقير

تجمع عدد من المتظاهرين، أمس، أمام منزل وزير الاتصالات محمد شقير في شارع بلس. وأشار المعتصمون إلى أن «التحرك سيشمل كل منازل الوزراء والمسؤولين في خطوة تصعيدية». وأطلقوا ضمن الوقفة، الهتافات المختلفة وحملوا اللافتات، وسط مؤازرة أمنية واسعة. وكان اقتراح شقير فرض ضريبة على الاتصالات من تطبيق «واتساب» أثارت موجة الاحتجاجات الحالية.

المصارف تمدد الإغلاق

أعلنت جمعية مصارف لبنان إبقاء أبواب المصارف مقفلة اليوم، في انتظار عودة الاستقرار إلى البلاد. وطمأنت الجمعية، بعد اجتماع موسع لمواكبة التطورات والبحث في تسيير شؤون القطاع في الظروف الراهنة المواطنين، أمس، إلى «استمرار أعمال الصيرفة الإلكترونية»، مكرّرةً حرص «المصارف على تأمين رواتب موظفي القطاعين العام والخاص، وتوفير السيولة اللازمة لهذا الغرض».

فرنسا: الأزمة خطيرة جداً

دعا وزير الخارجية الفرنسي​ جان إيف لودريان أمس، السلطات اللبنانية إلى المساعدة في ضمان وحدة البلاد، واعتبر أن «لبنان يمز بأزمة خطيرة جداً».

الحسن: الاستقالة جنبتنا الاقتتال

قالت وزيرة الداخلية اللبنانية ريا الحسن، التي تنتمي الى تيار المستقبل، أمس، إن استقالة الرئيس سعد الحريري من رئاسة الحكومة كانت ضرورية لتفادي اقتتال أهلي، مشيرة إلى ما جرى، أمس، من اعتداء على المتظاهرين في وسط بيروت.

وهّاب: دخلنا مرحلة فوضى

انتشر تسجيل صوتي لرئيس حزب «التوحيد العربي»، الوزير السابق وئام وهّاب، يتوجه فيه لمناصريه داعياً إياهم ليكونوا واعين «لأننا نمر بمرحلة دقيقة جداً». ودعا وهاب مناصريه إلى «عدم الاختلاف مع أحد»، مشدّداً على «ضرورة التنسيق مع مختلف القوى والأحزاب والجيش والحراك في الجبل». وأكد ضرورة حفظ «الأمن وراحة الناس وإبقاء العيون مفتوحة لأننا في مرحلة خطيرة»، مرجّحاً أن «يكون لبنان دخل في مرحلة فوضى طويلة».

back to top