لبنان: «سلسلة بشرية» تضاعف أزمة السلطة

• الدولار ممنوع من السفر وعون والحريري يتفقان على «معايير موحدة» لأي حكومة جديدة

نشر في 28-10-2019
آخر تحديث 28-10-2019 | 00:04
جزء من السلسلة البشرية في بيروت أمس (رويترز)
جزء من السلسلة البشرية في بيروت أمس (رويترز)
شكل آلاف اللبنانيين، أمس، سلسلة بشرية من شمال البلاد إلى جنوبها، الأمر الذي ضاعف أزمة السلطة التي باتت عالقة بين التناقضات الداخلية لأطرافها وبين عجزها عن إخراج الناس من الشارع.
دخلت الانتفاضة الشعبية أسبوعها الثاني الخميس الفائت بزخم كبير، وإن اختلفت المطالبات بين منطقة وأخرى في بعض الأحيان حيال إسقاط الحكومة والعهد والنظام الطائفي وإجراء انتخابات نيابية مبكرة وفق قانون انتخابي جديد.

ونفذ عشرات آلاف اللبنانيين، أمس، سلسلة بشرية لتغطية مسافة تمتد على 170 كيلومتراً من صور جنوباً إلى طرابلس شمالاً، مروراً بساحة الشهداء في وسط بيروت. ويفترض أن تشمل السلسة البشرية كل الساحات التي شهدت تظاهرات منذ انطلاقة الحراك في 17 أكتوبر. وانتشر المتظاهرون، حاملين الأعلام اللبنانية والورود ومرتدين السترات البيضاء، على الطرقات، شباناً وشابات، كباراً وصغاراً، وشبكوا الأيدي في مشهد منظم وراقٍ، بدءاً من مدينة صور في الجنوب، وصولاً إلى الشمال، مروراً بعاصمة الجنوب صيدا، والعاصمة بيروت وزوق مصبح وجل الديب وجبيل والشيفروليه في رسالة وحدة وطنية وسلام، مرددين الهتافات المطالبة بإسقاط النظام ومحاسبة الفاسدين.

وتميزت التظاهرة بشمولها مختلف الأراضي اللبنانية ومختلف الطوائف. وقالت جولي تيغو بو ناصيف (31 عاماً)، وهي من منظمي المبادرة، لوكالة "فرانس برس" أمس: "كل شيء بات جاهزاً، لدينا متطوعون على الدراجات النارية يساعدوننا في ملء الفراغات في السلسلة". وأضافت: "الفكرة خلف هذه السلسلة البشرية هي أن نظهر أن لبنان من شماله إلى جنوبه يرفض الطائفية".

ويأتي ذلك في وقت لا تزال الطرق الحيويّة في لبنان، مُغلقة لليوم الحادي عشر من الاحتجاجات الشعبيّة، على الرغم من القرار الأمني، الذي اتُخذ السبت الماضي بتسهيل حركة مرور المواطنين. وتوافد المتظاهرون إلى الساحات كافة من رياض الصلح في بيروت إلى ساحة النور في طربلس والنبطية وصور والبترون وجل الديب وصيدا.

اتصالات سياسية

تدخل السلطة بقواها السياسية الأساسية في حالة تأهب عبر اتصالات ولقاءات تجريها لإيجاد حل يخرج اللبنانيين من الشوارع والساحات وينهي الحراك، خصوصاً أن المتظاهرين لم يكترثوا على الإطلاق للورقة الإصلاحية التي أعلنها الرئيس الحريري ورسالة الرئيس عون، وللاطلالة الأخيرة للأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله الذي انسحب محازبوه ومناصروه من الساحات.

وأكدت مصادر متابعة أن "الاتصالات بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري مستمرة، للتوصل إلى حل سياسي للأزمة"، مشيرة الى أن "هناك إتفاقاً بينهما على تفادي أي فراغ حكومي وإذا تم الاتفاق على حكومة جديدة، فتصريف الأعمال يجب ألا يتخطى الساعات".

وشددت على أن "الرئيس عون منفتح على طروحات الحريري ضمن الأطر الدستورية"، جازمة بأن "المعايير الموحدة يجب أن تسري على الجميع في حال كان هناك اتفاق على تشكيل حكومة جديدة"، لافتة الى أن "الاتفاق بينهما قائم على فتح دائم للطرقات ويجب ألا يكون ظرفياً".

علوش

في السياق، أشار عضو المجلس السياسي في "تيار المستقبل" مصطفى علوش، أمس، إلى أن "التعديل الحكومي المطلوب يجب أن يشمل وزير الخارجية جبران باسيل وإلا الناس لن تستوعبه، والخيار الآخر الذي يسعى إليه رئيس الحكومة سعد الحريري بحسب نبض الموجودين في الشارع الاستقالة مع تأمين انتقال سلس لحكومة تكنوقراط متفق عليها سابقاً، والحريري لا يريد الفراغ الذي يؤدي إلى التدهور".

وأوضح علوش أنه "بحال لم يستطع الحريري القيام بشيء ولم يستطع سحب الناس من الشارع فقلت رأيي الشخصي أن يستقيل وهذا ليس قرار الحريري".

ولفت إلى أن هناك رفضاً كاملاً من الرئيس عون أن يخرج وزير الخارجية باسيل ككبش محرقة للأزمة، رغم أن خروج باسيل يعني إنقاذ العهد الذي بقي منه 3 سنوات". واعتبر أن أي "تسوية يقوم بها الحريري يجب أن يدخل بها رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط كي تركب الأمور، لاننا بحاجة الى تغير 5 وزراء مسلمين مقابل الوزراء المسيحيين الخمسة (4 قوات + باسيل)".

الدولار

في موازاة ذلك، أمر النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، أمس، "بمنع عمليات إخراج الدولارت النقدية دفعة واحدة في حقائب صيارفة وتجار عبر مطار بيروت الدولي والمعابر الحدودية والتي تتم بتصريح عادي معتمد لدى الجمارك اللبنانية، وقد تم التنسيق مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بحيث ستعمد مديرية الجمارك إلى إخضاع عمليات نقل الأموال هذه إلى أنظمة يعمد مصرف لبنان المركزي إلى تحديدها".

وقالت مصادر مصرفية لـ"الجريدة"، أمس، إن "الأمر مرتبط بالأزمة المالية التي تمر بها البلاد وليس بالحراك الشعبي ويدخل في إطار الخشية من خروج منظم للأموال من لبنان".

كما أوضح مصرف لبنان في بيان، أمس، أنّ "ثلاثة صيارفة في حوزتهم عملات عربية مختلفة دخلوا الأراضي اللبنانية بعد الإعلان عنها، وقد تمّ تبديلها بالدولارات الأميركية في أسواق بيروت ليتمّ شحنها إلى تركيا".

ودعا الصيارفة وشركات الصيرفة إلى أن "يكونوا مرخصين بشحن الأموال من قبل مصرف لبنان أو أن يتم شحن هذه الأموال عبر الشركات المرخص لها من المصرف أو التقدم بطلب الترخيص من مصرف لبنان حسب التعاميم الصادرة عنه للقيام بأعمال الصيرفة وشحن الأموال مع تحرير رأس المال المطلوب للحصول على هذا الترخيص، وعندها لا قيود على المبالغ المشحونة، ولا حاجة لطلب إذن مسبق تبعا لتعاميم مصرف لبنان القائمة".

وأضاف البيان: "الكل يعلم أنه عند دخول الأسواق اللبنانية عملات عربية ورقية يعاد شحن هذه الأوراق إلى الدول المنشأ للعملة حيث تستبدل بالدولار الأميركي ويعاد شحنها إلى لبنان. إن سوق القطع اللبناني سيبقى سوقاً حراً في التعامل تبعاً لقوانين وتعاميم مصرف لبنان الحالية. لن يصدر مصرف لبنان أي تعميم جديد في هذا الموضوع".

يذكر أن جمعية المصارف أعلنت أمس، إقفال المصارف اليوم أيضاً نظراً إلى الأوضاع السياسية المستجدة.

back to top